زخم «الرباعي العربي» يقلّص نفوذ قطر في منطقة الشرق الأوسط

زخم «الرباعي العربي» يقلّص نفوذ قطر في منطقة الشرق الأوسط

إغلاق مكاتب لجماعة الإخوان... وجمعيات أهلية تتخلص من أموال مشبوهة



[caption id="attachment_55260206" align="aligncenter" width="1707"]وزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير ووزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد آل نهيان ونظيريه المصري سامح شكري والبحريني خالد بن أحمد آل خليفة خلال اجتماع عقد بالقاهرة 5 يوليو الحالي لمناقشة أزمة قطر (غيتي) وزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير ووزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد آل نهيان ونظيريه المصري سامح شكري والبحريني خالد بن أحمد آل خليفة خلال اجتماع عقد بالقاهرة 5 يوليو الحالي لمناقشة أزمة قطر (غيتي)[/caption]

* استقبل الرأي العام العربي قرار المقاطعة بارتياح وترقب، لكن التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية أثارت مخاوف وتساؤلات عن سبب تمسك قطر بمواقفها، ومحاولتها الاستقواء بدول على خلاف جذري مع العالم العربي مثل إيران.
* على الصعيد الدولي بعث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رسائل غير مباشرة لقطر، مفادها أنه لن يتدخل للحيلولة دون تنفيذ الإجراءات العقابية بحقها.
* يمكن للخطوات المصرية الساعية لبناء الثقة بين الأطراف الليبية، أن تزيد من عزلة جماعة الإخوان في ليبيا والتي اتخذت من مصراتة مقراً لها في السنتين الأخيرتين، بعد تضييق الخناق عليها شعبياً داخل طرابلس.



القاهرة: عبد الستار حتيتة

في وسط القاهرة يستعد عبد الحميد المهندس في إحدى الشركات القطرية، للعودة إلى الدوحة لاستئناف عمله، بعد أن أمضى إجازة عيد الفطر مع أسرته، لكن صوت والدته ما زال يرن في أذنيه بأن ينهي تعاقده ويعود. ويقول وهو يستعد للتوجه إلى مطار القاهرة الدولي، للسفر إلى قطر عن طريق تركيا: أفكر في تنفيذ وصية أمي. الوضع لم يعد مستقراً في قطر. ولم أتمكن من الحصول على يومين إجازة إلا بصعوبة بالغة. الشركة في اضطراب كبير.
ويعمل عبد الحميد البالغ من العمر 37 عاماً في شركة غاز رئيسية في الدوحة. وكان يتردد على الدوحة عبر خطوط الطيران القطرية، لكنه يقول إن هذا لم يعد ممكنا. ويبدو من خلال قلقه من مستقبله في قطر، أنه يعيش في حالة الزخم نفسها التي تزايدت في الأوساط الشعبية في الأيام الأخيرة على خلفية موقف «الرباعي العربي»، ضد سياسات قطر. ويضم هذا الرباعي السعودية ومصر والإمارات والبحرين.

تطورات الأزمة القطرية



وبينما اكتظت صفحات التواصل الاجتماعي بانتقادات شعبية لقطر وسياساتها في المنطقة، منعت السلطات في موريتانيا أي نشاط يمكن أن يلجأ إليه ناشطون لديها للتضامن مع الدوحة. وتزامن ذلك مع إغلاق قيادات شعبية ليبية مكاتب لجماعة الإخوان في عدة مدن، كانت على علاقة بقطر. وأفادت مصادر أمنية في طرابلس الغرب أن جمعيات أهلية، يشتبه في صلتها بقطر بدأت في التخلص من أموال مشبوهة، وأنه جرى بالفعل سحب ملايين الدولارات من حساباتها خوفاً من مصادرتها أو إدراج هذه الجمعيات ضمن لائحة جديدة للإرهاب.

وقال مسؤول أمني في العاصمة المصرية، وهو يشرف على ترتيب لقاء لوزراء خارجية الدول الأربع الذي عقد يوم الأربعاء 5 يوليو الحالي في القاهرة، لبحث تطورات الأزمة القطرية، إن الدول الأربع لم تلجأ إلى القرارات التي اتخذتها تجاه الدوحة إلا بعد أن نفد صبرها، على مدى سنوات، من تدخل قطر في شؤون الدول العربية، وإيواء قيادات محكوم عليها من القضاء المصري، في قضايا دعم وتمويل الإرهاب. وأضاف أن «معاقبة الدوحة يؤدي حتى الآن إلى تقليص نفوذها في منطقة الشرق الأوسط بشكل حثيث».

وتضرر الاقتصاد القطري بشكل متسارع منذ قرار الدول الأربع، الشهر الماضي، قطع علاقاتها مع الدوحة لإجبارها على التخلي عن الارتباط بالشخصيات والمنظمات التي لها صلة بالإرهاب، وبينما استقبل الرأي العام في الكثير من البلدان العربية، موقف الدول الأربع، بالارتياح والترقب، على أمل أن تغير قطر من سياساتها، أثارت التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية بشأن الأزمة مع قطر، مخاوف وتساؤلات عن سبب تمسك هذه الدولة الصغيرة الواقعة على الخليج، بمواقفها، ومحاولتها الاستقواء بدول على خلاف جذري مع العالم العربي مثل إيران.

زيادة إنتاج الدوحة من الغاز الطبيعي



ووفقا لمصادر في نواكشوط، حاول ناشطون موريتانيون مرتبطون بجماعة الإخوان التي تحظى برعاية قطرية، بث مزاعم تدافع عن الموقف القطري، إلا أن السلطات وقفت لمثل هذه المحاولات بالمرصاد، وأصدرت أوامر بمنع أي تحركات مشبوهة. وكانت الحكومة الموريتانية، أعلنت يوم السادس من الشهر الماضي قطع جميع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، واتهمت الدوحة برعاية الإرهاب، لتصبح ثامن دولة تقدم على قطع العلاقات مع الدوحة، بعد السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، واليمن، والمالديف، وموريشيوس.

وفي تصريحات له أخيراً، اتهم وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد، قطر مجدداً بالضلوع في الإرهاب وأكد أثناء مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني زيغمار غابرييل، في أبوظبي، بقوله: «للأسف؛ اكتشفنا أن قطر سمحت وآوت وحثت على الإرهاب». لكنه أعرب عن أمله في أن يساعد الألمان في أن «تعود القيادة القطرية إلى الحكمة والعقل».

وإذا لم تستجب قطر لمطالب الدول الأربع، فإن الأزمة يمكن أن تدخل في منعطفات جديدة، على رأسها تضييق الخناق على قطر، وبالتالي توقعات بأن تحاول قطر الإعلان عن إجراءات أكثر عدائية تجاه الدول العربية المشار إليها. وهددت شركة قطر للبترول التي تقوم بتصدير الغاز الطبيعي إلى الإمارات عبر خط أنابيب دولفين باتخاذ إجراءات قانونية رداً على ما قالت إنه اتخاذ الجانب الإماراتي إجراءات بشأن شحنات مكثفات.
وصرح سعد الكعبي، الرئيس التنفيذي لـ«قطر للبترول»، في مؤتمر صحافي، أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) مارست بند «القوة القاهرة» في شحنات مكثفات بشكل مخالف للقانون. وأضاف أن «قطر للبترول» لن تغلق خط دولفين لكن إذا تصاعدت الأزمة القائمة مع دول في الخليج فإن السلطات القطرية سيكون لها الحق في ذلك.

ويعمل المهندس المصري عبد الحميد في الشركة القطرية المشار إليها، وقال إنه منذ قطع الدول الأربع للعلاقة مع قطر، اضطربت الأوضاع إلى حد كبير، وجرى منع مئات من المهندسين العرب والأجانب من الحصول على إجازات... «أعتقد أن آلاف العاملين في الشركات القطرية يعانون في الوقت الراهن». وتعتزم قطر زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 100 مليون طن سنوياً.

وعلى الصعيد الدولي بعث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رسائل غير مباشرة لقطر، مفادها أنه لن يتدخل للحيلولة دون تنفيذ الإجراءات العقابية بحقها، وأن حل المشكلة لا بد أن يكون بالحوار والتشاور. وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، بيو جيي، الذي تتولى بلاده رئاسة المجلس للشهر الحالي، إن الطريقة المثلى للخروج من الأزمة الخليجية الراهنة «يكون بتوصل الدول المعنية إلى حل عن طريق الحوار والتشاور في ما بينها».
وجاء موقف مجلس الأمن في أعقاب زيارة قام بها لعدد من أعضائه وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لبحث مشكلة بلاده مع الدول الأربع، حيث طلب من مجلس الأمن دعوة السعودية وحلفائها إلى رفع العقوبات التي فرضتها على بلاده في مجالي النقل الجوي والبري.

العلاقات الثنائية الوثيقة بين لندن والرياض



وأجرت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، يوم الاثنين الماضي، اتصالاً هاتفياً مع ولى العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، تناول العلاقات الثنائية الوثيقة والجهود الرامية لتسوية الأزمة مع قطر، بحسب المتحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية على الموقع الإلكتروني لرئاسة الوزراء. ونقل عن ماي تأكيدها على أنه يتعين على قطر أن تواصل العمل مع حلفائها الخليجيين للتصدي لخطر التطرف والإرهاب في المنطقة.
ومن جانبه شدد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أهمية مكافحة الإرهاب ووقف أي تمويل من أي مصدر أتى لمجموعات لديها صلات بأنشطة إرهابية. ووفقاً لبيان للرئاسة الفرنسية أعلن ماكرون استعداد بلاده لتقديم المساعدة في التوسط لحل الأزمة.

وتنفي الدوحة الاتهامات الموجهة إليها من الدول الأربع بشأن علاقتها بالإرهاب. لكن المسؤول الأمني المصري قال إن اللائحة التي أصدرتها تلك الدول، وتضم شخصيات ومنظمات إرهابية على صلة بقطر، جرى مراجعتها أكثر من مرة، ولم تخرج إلى العلن إلا بعد أن تم وضع ملف متكامل قرين كل شخصية ومنظمة إرهابية. وتضم القائمة أسماء لشخصيات ومنظمات من الخليج ومصر وليبيا وغيرها. ومن أبرزهم يوسف القرضاوي وعاصم عبد الماجد، من مصر. وعلي الصلابي وعبد الحكيم بلحاج، من ليبيا. وكان من بين أخطر المنظمات في شمال أفريقيا «سرايا الدفاع عن بنغازي».

وفور صدور لائحة الشخصيات والمنظمات الإرهابية التي أعدتها الدول الأربع، بادرت عدة منظمات متطرفة، حتى تلك التي لم يرد ذكرها في اللائحة، للإعلان عن حل نفسها، أو أنها بصدد حل نفسها، كما فعلت «سرايا الدفاع عن بنغازي» و«أنصار الشريعة»، بينما زادت الضغوط الشعبية والقبائلية على جماعة الإخوان في ليبيا، والتي يتخذ حزبها مقراً رئيسياً له في مدينة مصراتة. وعلى هذه الخلفية جرى توجيه إنذار بضرورة غلق مكاتب تابعة للإخوان في مصراتة وطرابلس وغيرهما، من جانب قيادات في جهاز الاستخبارات العسكرية الليبية، في إطار إبداء حسن النيات مع السعودية ومصر والإمارات والبحرين.
وتزامن مع هذا الموقف دخول عقلاء من مدينة مصراتة، على خط الجهود المصرية لرأب الصدع بين الليبيين، ما يمثل منعطفاً مهماً يمكن أن يسهم في محاصرة الجماعات المتطرفة في ليبيا وتسريع وتيرة المصالحة وإنهاء حالة الانقسام والاحتراب الأهلي، بالنظر إلى محاولات مستمرة من جانب أطراف قطرية لتخريب ما تقوم به القاهرة، وفقاً لما قاله أعضاء في الوفد الليبي الذي التقى قبل يومين برئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمود حجازي، الذي يرأس أيضاً لجنة مختصة بحل الأزمة الليبية.

وفد مصراتة الذي زار مصر في اليومين الماضيين لم يكن هو الأول، ولكنه يُعد الأكبر والأكثر اتساعاً. وكان من بين من حضروا إلى مصر، ضمن الوفد، رئيس مجلس الأمن القومي الليبي، فتحي باشاغا، وهو من أبناء مدينة مصراتة، وسياسي محنك ولديه علاقات واسعة مع أطراف ليبية فاعلة خاصة في طرابلس وما حولها. كما حضر مساعدون للدكتور عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة. من بينهم أبو القاسم اقزيط.
وقال مسؤول عسكري مصري على علاقة بالاجتماع مع وفد مصراتة، إن الخطوات المصرية الساعية لبناء الثقة بين الأطراف الليبية، يمكنها أن تزيد من عزلة جماعة الإخوان في ليبيا والتي اتخذت من مصراتة مقراً لها في السنتين الأخيرتين، بعد تضييق الخناق عليها شعبياً داخل طرابلس. كما يمكن للجهود المصرية أن تكبح جماح أي محاولة للتدخل القطري في شؤون ليبيا، وأي محاولة منها لاستغلال الأراضي الليبية لضرب الأمن والاستقرار في مصر. ومن جانبه، وفي اللقاء مع الفريق حجازي، أكد وفد مصراتة حرصه على مكافحة التطرف والإرهاب وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة، ورفض التدخلات الخارجية.
font change