هل يفسد القذافي العلاقة بين طرابلس و واشنطن؟ دانا موس مجلس العلاقات الخارجية 10 سبتمبر أيلول 2009 كيف تبدد امكانيات دولة؟ صحيفة "الإيكونوميست" 20 أغسطس آب 2009

هل يفسد القذافي العلاقة بين طرابلس و واشنطن؟
دانا موس
مجلس العلاقات الخارجية
10 سبتمبر أيلول 2009
كيف تبدد امكانيات دولة؟
صحيفة "الإيكونوميست"
20 أغسطس آب 2009

[escenic_image id="5510020"]

في 23 سبتمبر أيلول، تحدث العقيد القذافي للمرة الأولى في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وألقى زعيم ليبيا، الذي اشتهر بسلوكه غريب الأطوار، خطبة لاذعة مدتها 90 دقيقة، وطالب فيها بمقعد لإفريقيا في مجلس الأمن. ومما أثار فزع جمهور المستمعين أنه لم ينه خطابه عند هذا الأمر.

فبعد أن مزق ميثاق الأمم المتحدة واقترح تسمية مجلس الأمن بمجلس الإرهاب، اقترح القذافي أيضا محاكمة أولئك الذين تسببوا في القتل الجماعي في العراق. وضمن توصيات أخرى كثيرة، دافع القذافي عن حق حركة طالبان في إقامة إمارة إسلامية، وأشار إلى أن وباء أنفلونزا الخنازير كان سلاحاً بيولوجياً، واقترح تجميع الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية معاً ليكونا دولة واحدة تسمى (إسراطين).

ومن المثير للاهتمام، أنه تم تفسير تلك الفرصة التي أتيحت للقذافي كي يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنها إشارة إلى التحسن الذي نال علاقاته الدبلوماسية مع الغرب. ومع ذلك، منذ حملة الحرب على الإرهاب، أصبحت ليبيا أكثر تعاوناً مع الولايات المتحدة. ولم يغب هذا السلوك الجيد عن الحكومة الأمريكية، والتي رفعت ليبيا من قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 2006. ووفقا لعرض قدمته مجلة "الإيكونوميست" عن تأثير القذافي على ليبيا، قاده هذا الشعور بتحسن العلاقات إلى اتخاذ موقف أكثر حزما على المسرح العالمي، مع بعض التأثير على قدرة ليبيا على أن تصبح حليفا أقرب للدول الغربية.

إذن ما هو مستقبل ليبيا مع الغرب؟ وبوضوح أكثر، إلى أي مدى تتحدد علاقات ليبيا الدبلوماسية عن طريق القذافي نفسه، مع غرابة أطواره وقلة مسئولية أساليب حكمه في بعض الأحيان؟ دانا موس، وهى زميلة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تناولت مستقبل علاقة ليبيا والغرب في لقاء من داخل مجلس العلاقات الخارجية. ورأت أنه على المدى القصير، قد تتـأثر العلاقات بين ليبيا والغرب بسلوك القذافي في الجمعية العامة. ولكن على المدى الطويل، يجمع بين ليبيا والولايات المتحدة مصلحة مشتركة في تنمية واستمرارية علاقة إيجابية بينهما. ومن المرجح أن تكون هذه المصلحة المتبادلة القوة الدافعة للعلاقات بين ليبيا والغرب.

وأشارت موس على نحو خاص إلى أن البلدين تجمعهما مصالح تجارية وأهداف مشتركة لمكافحة الإرهاب. وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر الولايات المتحدة مسألة تخلي ليبيا عن برنامجها النووي مثالاً يحتذى به في التعامل مع إيران وكوريا الشمالية. لكن الكاتبة تبزر ثمة اختلافات بين ليبيا وغيرها من الدول التي يدور الجدل حول برامجها النووية. فبرنامج ليبيا النووي في المقام الأول كان أقل تطوراً من برامج الدول الأخرى "المارقة"، والأهم من ذلك أن التقارب بين واشنطون وطرابلس جاء نتيجة لمبادرة ليبية.

وتشير موس إلى شيء يثير الاهتمام وهو تزايد الأدلة على أن سلوك ليبيا في السنوات الأخيرة يدل على أن التقارب بشأن قضايا محددة ليس قوياً بالقدر الكافي خصوصاً إذا ظل النظام الليبي مناهضاً للديمقراطية. وتعتقد أنه بالرغم من أن العلاقة الأمريكية الليبية لن تصبح حميمة أبداً ما دام القذافي في سدة الحكم، إلا أنها ستصبح وثيقة وإن كانت درجة وثاقة العلاقات مسألة نسبية.

ومنذ التقارب، تتحدد علاقة ليبيا بالغرب على أساس تعاونها مع الولايات المتحدة أكثر من الدول الأخرى. وقد قدم القذافي معلومات استخباراتية وفتح جسراً لمرور المساعدات إلى السودان. ومع ذلك لم تخلُ العلاقة بين الولايات المتحدة وليبيا من المشكلات.

إن خطاب القذافي الذي ألقاه في الأمم المتحدة أظهر أنه لا يزال على استعداد لترويج الأفكار المناهضة للديمقراطية وتلك المناهضة لأمريكا على وجه الخصوص بالرغم من أن العلاقة بين البلدين أصبحت أكثر وثاقة. وتشير موس إلى أن القذافي أثار جدلاً عندما شكك في مزايا التحالف مع الولايات المتحدة. وبالمثل شكك في أن تكون الديمقراطية مفيدة لإفريقيا. 

وهناك مثال يؤكد اللهجة الانتقادية لحكومة القذافي وهو يتعلق بوقف البرنامج النووي الليبي. فقد زعمت الحكومة الليبية مؤخراً (مارس آذار 2009) أن الولايات المتحدة لم تحفظ جميل ليبيا عندما أوقفت برنامجها النووي. وبصورة أكثر دقة، رأت الحكومة الليبية أن "هذا هو السبب وراء تردد كوريا الشمالية وإيران حالياً في تحقيق تقدم يتعلق بمشروعيهما النوويين" كما جاء على لسان شلقم سفير ليبيا لدى الأمم المتحدة. وبالرغم من هذه التوترات التي تطفو على السطح من وقت لآخر، يبدو القذافي ملتزماً بالمثل بإقامة علاقة مع الغرب، بعد أن أشار في زيارته الأخيرة إلى نيويورك أن هذا الأمر بمثابة هدف من أهداف السياسة الخارجية الليبية.

وبالرغم من أن مجلس العلاقات الخارجية يقدم المشورة للولايات المتحدة بشأن الكيفية التي تتعامل بها مع علاقاتها بطرابلس، سلطت إصدارات أخرى الضوء على جوانب مختلفة تتعلق بالعوامل التي من شأنها أن تؤثر على علاقتها بالغرب. فقد أشارت صحيفة الإيكونوميست أنه بالإضافة إلى سلوك القذافي على الساحة الدولية، فإن أداءه داخل ليبيا كان له على الأقل قدر من التأثير على علاقته بالعالم الخارجي.

وأشارت الصحيفة على وجه التحديد إلى أن نجاح السياسة الوطنية التي ينتهجها القذافي غالباً ما انعكست إيجاباً على علاقات ليبيا بالغرب. فمثلاً أوضحت الصحيفة أنه في السنوات الأخيرة بلغ عدد أطفال المدارس في ليبيا معدلات تعليم عالمية، وزاد متوسط أعمار السكان الليبيين بنحو 20 عاماً إضافية.

ومع ذلك، فإن التطورات التي حدثت في التنمية الاجتماعية للبلاد تعتبر غير جديرة بالاهتمام إذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أن النفط يسهم بالنصيب الأكبر في دخل الفرد. بعبارة أخرى، بينما تحسن الموقف الداخلي والخارجي لليبيا، فمن الواضح أن القذافي سبب رئيسي في سوء الإدارة. وقد استطاعت ليبيا مؤخراً فقط، أن تتجاوز ولو بقدر محدود مسألة تصنيفها ضمن الدول المنبوذة، الأمر الذي كان يحد بشكل كبير من علاقتها بالغرب 

ويشير تحليل تلك الإصدارات المختلفة إلى أن القذافي شخصياً كان له تأثير على العلاقة التي تقيمها ليبيا مع الغرب وسيظل هذا التأثير قائماً. وتركز اللقاء الذي تم إجراؤه من داخل مجلس العلاقات الخارجية على الكيفية التي تعزز بها مصالح ليبيا إمكانية تنمية علاقات أوثق مع الغرب. ومع ذلك، فإن خصائص القيادة الليبية تحد من إمكانية أن تصبح طرابلس مثالاً يحتذى به في التقارب.

 

لمزيد من المعلومات عن اللقاء والتقرير، يرجى زيارة الموقع التالي:

font change