بيروت: على بعد أيام مفصلية، ينتظر اللبنانيّون ببالغ القلق فرصتهم في التغيير، إذ إن استحقاق الانتخابات النيابية في 15 مايو (أيار) هو الأول منذ أن عرف لبنان انهياراً اقتصادياً قاتلاً، بدءاً من أواخر عام 2019.
وبعيداً عن الشعارات التي بات اللبناني يحفظها عن ظهر قلب لكثرة ما جرى تكرارها، بدا من الواضح أن الاعتبارات الحزبية والمناطقية والعائلية والطائفية والمذهبية تحديداً ما زالت تتمتّع بتأثير كبير في قرار الناخب لتحديد ممثليه.
وبين قناعات سائدة بأن تلك الدائرة عصيّة على التغيير انتخابياً، وأخرى تعايش ناخبوها مع واقع الأمور فيها، يراقب العالم مزاج اللبنانيين قبل الانتخابات ويترقب النتائج ليبني على الشيء مقتضاه.
«المجلة» حاورت المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك الهرمل رئيس لائحة «بناء الدولة» الشيخ عباس الجوهري الذي ترشح في وجه لائحة الثنائي، الأمر الذي أدّى إلى محاولة ترهيبه وترهيب مناصريه عبر إطلاق النار والقذائف خلال عقدهم اللقاءات، وهذا نص الحوار:
* ما قراءتكم للاعتداء في بلدة الخضر البقاعية خلال زيارتكم الانتخابية، وما الرسالة منه؟
- القاصي والداني بدأ يتلمّس حجم الضغوط الهائلة التي يمارسها حزب الله على الناخب وعلى المرشح من خلال عملية الإكراه، ومن خلال التواصل مع كل من يدعونا إلى لقاء في بلداته، والتعرّض له معنوياً ومادياً وبشتّى أنواع الترهيب والترغيب وآخرها استعمال أزيز الرصاص لإرهاب الناس وتخويفهم في بلدة الخضر البقاعية. والحادث يؤكد أن هناك منطقا لا يقبل الشراكة والتنافس الديمقراطي، ويريد أن يمارس سطوته الأمنية والعسكرية.
* كيف تؤثر أحداث كهذه على شعبية حزب الله؟
- أصبحوا هم اليوم الأقلية في القرى، وهناك فارق طبقي بدأ يظهر في العامين الأخيرين بين منتسبي الحزب الذين يقبضون بالدولار والناس العاديين، وهذا ما دفع بأهل القرى للابتعاد عن كل من له علاقة بالحزب باعتبار أنّه كان قادراً على تأمين المازوت والتدفئة وحاجاته في وقت يعاني البلد أزمة معيشية. والصراع الطبقي هو المحفز للصراعات. هم من ابتعدوا عن أهلهم إذ إن نوابهم يواجهون سيلاً من الاتهامات بالتقصير عن خدمة المواطنين وهذا ما نراه عبر الفيديوهات والصور المنتشرة خلال اللقاءات الانتخابية.
* هل ما زال حزب الله يحافظ على صورته في ذهن بيئته؟
- صورة حزب الله تغيّرت ولم تعد صورة المقاوم. فصورة المترف المقززة الذي اغتنى تزامناً مع معاناة أهل قريته، هي نقطة هامّة، ومراكز الدراسات والإحصاءات لم تحص بعد حجم التغيّر الاجتماعي الذي حصل. كما أن سلطته انتقلت إلى الجيل الثالث والرابع، وهناك استحقاق مقبل سيصوّت من خلاله الناس ضدّ هذا الحزب.
* هل أنتم قادرون على إحداث فرق في دائرة يصفها البعض بـ«العصيّة على التغيير انتخابياً»؟
- أنا لست الزعيم التاريخي الذي يلجأ إليه الناس ولكن هم فرزوني بما يعرف بـ«الضد النوعي»، ولذلك كل من يريد أن يمارس قصاصاً على تقصير نواب حزب الله سيدلي بصوته لمصلحتي وليس لزعامة أمتلكها بل للخطاب الذي يلامس مشاعر الناس وتطلعاتها. كما أن ظروف وضرورة التغيير موجودة في الشارع الشيعي، وسببها العطب الذي أصاب خطاب حزب الله السياسي منذ 17 تشرين وكيف تعامل مع المعترضين على الطبقة السياسية وحمى هذه الطبقة، علماً أن مزاج الناس كان ضدّ تلك الطبقة والفساد ومن سرق المال العام. لذلك، حزب الله لم يكن موفقاً في توظيف الصرخات المطلبية.
* ماذا عن تحالفكم مع حزب القوات اللبنانية والذي ترفضه القوى المعارضة الأخرى؟
- أعتقد أن من يريد التغيير، يجب أن يتحلى بالواقعية خصوصاً في الوسط الشيعي ولا يمكن أن لا يعير اهتماماً لمكونات معارضة لحزب الله. ومن يريد إحداث خرق في الساحة الشيعية يجب أن يتعامل واقعياً مع الصوت السنّي الوازن والمسيحي الوازن الذي هو خارج قبضة حزب الله مهما اختلفت التسميات من حزب قوات لبنانية إلى تيار مستقبل أو مرجعيات سنيّة جديدة وغيرها ولكن في النهاية هناك ذوق مسيحي وسنّي ليس مع حزب الله. وعندما شكلت اللائحة جعلت من خلال هذين الصوتين أجنحة لإقلاع طائرتي بالتغيير بالوسط الشيعي. فواقعيتي تسمح لي بالتحالف مع نائب مارس عمله لمدّة 4 سنوات وهو أنطوان حبشي وحتى الآن لم أتحالف سياسياً مع حزب القوات اللبنانية بل تحالفت انتخابياً مع حبشي والذي بالمناسبة لم يكن مصدر توتر في المنطقة بل العكس. وكان مثالاً للنائب الذي يعتبر نفسه نائباً عن الجميع. كما أنّه ما يزال يحافظ على غالبية الأصوات المسيحية في بيئته. التقيت أكثر من 10 آلاف شخص ممن أيّدوا هذا التحالف وهم تجاوزوا ما حاولوا أن يوقظوه من فتنة خلال أحداث الطيونة ولا يعتبرون أن النائب أنطوان حبشي يمثّل هذا النوع من السياسة.
* حزب الله مأزوم بسؤال الناس، ماذا فعلتم؟ هل سيشكل هذا الأمر حافزاً لانتخابكم؟
- نعم حزب الله مأزوم بسؤال الناس، ماذا فعلتم وحققتم من واجبات كان يجب عليكم القيام بها؟ إذ إنّه يذهب للشعارات كالحرب الكونية ضدّة، الضغط الدولي والحصار والمفردات التي اعتادت عليها الأذن الشيعية التي تريد أفعالاً ولا تريد أقوالاً. وأنا من موقعي غير المشتبك مع من اشتبكت معه قوى حزب الله في المنطقة العربية، دعوت إلى أفضل العلاقات مع الدول العربية، وباركنا عودة السفراء العرب وطلبنا منهم تأمين حوالي 25 ألف فرصة عمل وسيكون لي لقاء مشترك مع سفير المملكة العربية السعودية ليؤكد أن أبواب الخليج مفتوحة للبنانيين سيّما الخريجين الجدد. وفرص العمل تتأمّن في دول الخليج.
* على بعد أيام من الاستحقاق، هل ترى إمكانية لتطييير هذه الانتخابات؟
- لا أحد في لبنان يستطيع أن يمنع حصول الانتخابات بل الجميع بحاجة إليها وتقصير النواب جعل الناس تبحث عن البديل. نحن نقدّم الأمان لمجتمعنا الشيعي من خلال إقناعه بأنّنا لا نريد عداوة إيران وكذلك نريد المحافظة على صداقتنا مع السعودية، ونحن لم نعد نحتمل حروب الكون وهذا ما يلاقي آذاناً صاغية عند الناخب الشيعي.