القاهرة: أكدت الدكتورة غادة موسي أستاذة الاقتصاد السياسي والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، على ضرورة أن تضع مصر خطة محددة الزمان مع تنفيذها كاملا لحل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها، وليس الاعتماد على رفع أسعار البنزين والمازوت من أجل تخفيض عجز ميزان المدفوعات، حيث إنها لن تتأثر فيما يخص النفط بأزمة الحرب الروسية الأوكرانية لأنه لا تعتمد عليهما في البترول.
* ما أسباب ارتفاع أسعار البنزين والمازوت في مصر؟
- الارتفاع في أسعار البنزين والمازوت في مصر له أسبابه الداخلية، لكن جاءت الأسباب الخارجية فاقمت من الأزمة، ولأن مصر ليست عضوا في منظمة «أوبك» ولكن الحكومة المصرية تحاول استثمار مخاطر هذه الأزمة في زيادة الصادرات أكثر، مع الوضع في الاعتبار أن السياسات الاقتصادية في مصر تحتاج إلى إعادة النظر فهي لا تمشي في منهجية واحدة مع العلم أن الحكومة تقوم بامتصاص الصدمات الاقتصادية لكننا نحتاج إلى سياسات استدامة تأخذ شكل الاستمرارية في فترة زمنية محددة وليست سياسة صدمات داخلية أو خارجية (رد فعل) مع الأخذ في الاعتبار أن العالم كله لديه سياسات رد الفعل، ولكن ليس بشكل مستمر وبالتحديد في الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها الحرب الأوكرانية الروسية والتي أثرت على دول العالم وخاصة في أوروبا التي تعتمد الصناعة أساسا على ما يأتي من روسيا وأوكرانيا، ولكن هناك تحالفات سوف تحدث لحل هذه الأزمة وعلى سبيل المثال ما قامت به أميركا مؤخرا في طلب النفط من فنزويلا وهي عضو في أوبك وتنحي الخلاقات السياسية التي بين البلدان جانبا ثم يتم الضغط من جهة الاتحاد الأوروبي على النرويج وهي دولة نفطية، والاتجاه إلى دول الخليج دون المساس بسعر البترول، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستوفي منظمة أوبك أو أوبك بلس، باحتياجات العالم للنفط ؟
بشكل عام الإمدادات التي تضخ البترول ومشتقاته في العالم قلة بشكل كبير وفي نفس الوقت فإن مصر تعتبر دولة مصدرة للنفط ولكن نحن لدينا معدلات استهلاك مرتفعة عما نصدره مع وجود شكل من أشكال التبادل كتصدير نوع واستبداله باستيراد نوع أخرى لسد العجز الموجود في المحروقات بصفة عامة مع الوضع في الاعتبار أننا نصدر جزءا مما يتم استخراجه، وهذه السياسة مستمرة في مصر وموجودة من قبل الحرب الروسية الأوكرانية ومع هذه الحرب يعاني العالم كله من ارتفاع الأسعار ليس في مشتقات البترول فقط ولكن هناك أزمة في الطاقة بصفة عامة. وفي ظل الأزمة التي يعيشها العالم جراء الحرب، فإن مصر تحتاج إلى زيادة نظام المبادلة بتصدير نسبة من البترول لدينا لاستيراد ما لدى الآخرين من مشتقات هناك لدى القاهرة عجز فيها، ومن ثم فإن الأزمة لا تعيشها مصر وحدها. الآن الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وغيرهما من الدول تعاني من ارتفاع تلك الأسعار والسبب في ذلك أن الطلب على النفط أصبح كبيرا نتيجة قلة المعروض بعد العقوبات التي فرضتها أميركا والاتحاد الأوروبي على روسيا، الأمر الذي أصاب العالم بحالة من الذعر نتيجة ارتفاع الطلب وقلة المعروض، في نفس الوقت سياسات منظمة أوبك والتي لا تستطيع زيادة المستخرج مع رفع سعر برميل النفط إلى حد معين وهذه هي اللعبة التي كانت الولايات المتحدة الأميركية تنتوي القيام بها خلال الفترة الماضية وهي عن طريق الضغط على أعضاء منظمة أوبك لرفع زيادة الإنتاج وبالتالي رفع سعر النفط لكن المنظمة رفضت هذا العرض والسبب وراء ذلك هو الضغط على روسيا من خلال توفير النفط للعالم خاصة أوروبا.
* مصر دولة منتجة للنفط كما تحدثني، لماذا إذن يتم رفع أسعار البنزين وخلافه؟
- في رأيي، السبب وراء رفع أسعار البنزين والمازوت لتعويض العجز في ميزان المدفوعات وليس رفع الأسعار بسبب ارتفاع الأسعار عالميا، ومن هنا وجبت الإشارة إلى أن ارتفاع سعر أي سلعة نتيجة وجود ندرة فيها ومصر ليس لديها أزمة في البنزين تستدعي رفع الأسعار وما يتم إنتاجه يكفي بل إن هناك تصديرا، لكن الإشكالية هي سياسات صندوق النقد التي تريد تحرير سعر الطاقة في مصر والسبب في ذلك وجود عجز في الهيكل الاقتصادي والذي يحتم الاتجاه إلى الصندوق للحصول على شهادة ثقة في الاقتصاد وفقا لمنظور الصندوق.
* وهل الأزمة الاقتصادية العالمية سوف تزيد من التضخم والركود في مصر؟
- لأن مصر ليس لديها خط إنتاج في كافة الصناعات، فبالتالي لا بد أن يحدث التضخم، أضف إلى ذلك أن مصر تستورد نسبة كبيرة من استهلاكها وليس لديها صناعات ثقيلة، لذلك يضاف إليها التضخم الخارجي، وأن القرارات التي صدرت عن الحكومة بمنع شركات بعينها من تصدير أكثر من 170 سلعة لمصر للحفاظ على العملة الصعبة قد يكون سببا في خفض التضخم، في نفس الوقت لا بد من خلق بديل لهذه السلع وفتح خط إنتاج والحفاظ على جودة المنتج ومن ثم يتم تصدير هذه السلع لتوفير الدولار وهذا الأمر جيد، ومن هنا وجب التأكيد على أن إدارة الاقتصاد المصري تحتاج إلى تطوير من أجل امتصاص الصدمات الداخلية قبل الخارجية، أما بالنسبة للركود في السلع في مصر فإن هناك فقه الأولويات والذي يحدد احتياجات المواطن وأولها الطعام ثم التعليم لكن القطاع الذي سوف يحدث فيه ركود وهو العقارات والذي ظهر بوضوح فيما تقوم به الشركات من زيادة زمن التقسيط ورفع الفائدة.
* هل هناك رؤية واضحة للخروج من الأزمات الاقتصادية في مصر؟
- لا بد أن يكون هناك لدينا خطة محددة الزمان مع ضرورة تنفيذها كاملة وليس حل كافة الأزمات بأسرع وقت، هذه سياسات في الغالب ستفشل فلا يستطيع الإنسان حل المشاكل كلها في أسرع وقت، ومن ثم ضرورة التوجه لحل أزمة أو أزمتين فقط ثم بعدها الانتقال إلى حل الأزمات التالية، ومصر لا تستطيع أن تكون دولة خدمية لكن من الممكن تقديم بعض الخدمات اللوجستية في مشروع قناة السويس، ومن الجغرافيا نجد الحل ونحدد المشرعات التي يمكن أن نعتمد عليها مع تحديد الأولويات ومن ثم لا بد من تشجيع النشاط الزراعي، فألمانيا والصين ظهرتا هكذا، إذن التوسع في الزراعة وخصوصا السلع الاستراتيجية حل وبداية الطريق وما يقوم به الرئيس السيسي من استصلاح مليون ونصف المليون فدان لزراعة القمح والقطن أمر جيد، مع الاستمرار في ذلك مع إقامة مصانع تقوم على الإنتاج الزراعي ثم الاتجاه إلى الصناعات التكاملية.