أكّدت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، أنّ اليمين المتطرف أصبح أقرب أكثر من أي وقت مضى من الحكم في فرنسا.
فقد حملت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد 10 أبريل (نيسان)، على غرار استحقاق 2017، مارين لوبان وإيمانويل ماكرون إلى المرحلة المقبلة والحاسمة في المعركة الانتخابية.
هذه المرة النتائج ليست محسومة سلفا. الكثير من المؤشرات تشير إلى إمكانية فوز لوبان في هذه الانتخابات.
فمن هما مرشحا الرئاسة الفرنسية، وكيف هي نظرتهما إلى العرب والمسلمين؟ وهل سيكون الناخبون من أبناء الجاليات المسلمة عامل ترجيح فوز أحدهما على الآخر؟
مارين لوبان
- ولدت مارين في 5 أغسطس (آب) عام 1968 في مدينة نويي في إقليم هوت دو سن، غربي العاصمة باريس، وهي ابنة جان ماري لوبان الذي أسس حزب التجمع الوطني المتطرف.
- حاصلة على شهادة الماجستير في القانون، وبدأت حياتها المهنية كمحامية، وشغلت مناصب قضائية عدة في الفترة من 1992 وحتى 1998.
- تزوجت عام 1995 من فرانك تشوفروي، وهو مدير أعمال عمل في الجبهة الوطنية.
- لديها ثلاثة أبناء من فرانك تشوفروي، (جيهان، لويس، وماتيلد). وبعد طلاقها من تشوفروي في عام 2000، تزوجت من إريك لوريو في عام 2002، الأمين الوطني السابق للجبهة الوطنية والمستشار السابق للانتخابات الإقليمية في نور باس دي كاليه، ثم تطلقت منه في عام 2006.
- منذ عام 2009 حتى الآن، ترتبط مارين لوبان بعلاقة مع لويس أليوت، الذي هو من عرقية الأقدام السوداء الفرنسية وإرث اليهود الجزائريين. كان الأمين العام للجبهة الوطنية في الفترة من 2005 إلى 2010، ثم نائب الرئيس الوطني الذي كان مسؤولا عن المشروع.
- تقضي لوبان معظم وقتها في سانت كلاود، وقد أقامت في لا سيل- سانت كلاود مع أبنائها الثلاثة منذ سبتمبر (أيلول) 2014، ولديها شقة في هينان بومونت. كما أنها اشترت مع إليوت منزلا في ميلاس، عام 2010.
- ذكرت في تجمع حزبي في انتخابات 2017 أن لها أصولا مصرية، مشيرة إلى أن والدة جدتها كانت تدعى بولين، وهي قبطية ولدت في مصر.
- بدأت حياتها السياسية مبكرا، وتحديدا في عام 1986، عندما التحقت بحزب التجمع الوطني المتطرف، الذي أسسه والدها جان ماري لوبان.
- انتخبت في عام 2004 عضوا في البرلمان الأوروبي وظلت محتفظة بمنصبها هذا حتى عام 2017.
- تركز لوبان في حملتها الانتخابية على الأوضاع الداخلية في فرنسا، مع تعهد بضخ مزيد من الأموال في جيوب الفرنسيين، وسط مخاوف من التضخم وارتفاع تكاليف مستوى المعيشة، إثر الحرب في أوكرانيا.
- يرى منتقدو لوبان أن حزبها مناهض للهجرة والأجانب، لكن النظرة السلبية تجاهها تراجعت كثيرا، حيث أصبحت الشخصية السياسية الثالثة الأكثر شعبية في فرنسا، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
- خسرت لوبان في انتخابات الرئاسة عام 2017، في الجولة الثانية حين حصلت على 34 في المائة من أصوات الناخبين، مقارنة بالوافد الجديد إلى السياسة الفرنسية إيمانويل ماكرون.
- لم يؤد الموقف الإيجابي لمرشحة اليمين المتطرف في فرنسا تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى إضعاف شعبيتها.
- أبدت لوبان إعجابها ببوتين، بوصفه قوميا محافظا، لكنها نأت بنفسها عنه مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، ويخشى الغرب أن يؤدي وصولها إلى الإليزيه إلى تصدع التحالف المناهض لبوتين على خلفية حرب أوكرانيا.
- تحاول لوبان إظهار إرادة حديدية في مواجهة الخصوم، واصفة نفسها بـ«طائر الفينيق الذي ينهض من بين الركام»، في إشارة إلى أن الخسائر المتتالية لا تثنيها عن مواصلة العمل بكل قوة صوب رئاسة فرنسا.
- وُصفت بأنها أكثر ديمقراطية وجمهوريّة من والدها القومي جان ماري لوبان، القائد السابق لحزب الجبهة الوطنية، إذ حاولت تحسين صورة الحزب بإعادة صياغة المواقف السياسية، وطرد الأعضاء المتهمين بالعنصرية أو معاداة السامية أو التواطؤ مع العدو النازي، ومن ضمنهم والدها.
- ساهمت مارين لوبان أيضًا في تخفيف حدة بعض مواقف الحزب السياسية، إذ دافعت عن الاتحاد المدني للأزواج من نفس الجنس بدلًا من معارضة حزبها سابقًا للاعتراف القانوني بالشراكات من نفس الجنس، وقبلت الإجهاض غير المشروط وسحبت عقوبة الإعدام من منصتها.
- تعارض لوبان العولمة التي تجدها السبب في التوجهات الاقتصادية السلبية، وتعارض الاتحاد الأوروبي فوق الوطني والفيدرالية، وتفضل بدلًا منهما «أوروبا الأمم» المتحالفة بشكل فضفاض.
- دعت فرنسا إلى مغادرة منطقة اليورو، ومع ذلك ورد في مايو (أيار) 2019 أنها لم تعد ترغب في أن تترك فرنسا عملة اليورو.
- دعت إلى استفتاء على مغادرة فرنسا الاتحاد الأوروبي. كانت معارِضةً صريحةً لمعاهدة لشبونة، وتعارض انضمام تركيا وأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
- تعهّدت لوبان بإخراج فرنسا من الناتو ومنطقة نفوذ الولايات المتحدة. وتقترح استبدال منظمة التجارة العالمية، وإلغاء صندوق النقد الدولي.
- فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، تدعم لوبان إقامة شراكة متميزة مع روسيا، وتصرح بأن الولايات المتحدة «أخضعت» أوكرانيا. وهي ناقدة لاذعة لسياسة الناتو في المنطقة، والمشاعر المعادية لروسيا في أوروبا الشرقية، والتهديدات بفرض عقوبات اقتصادية.
إيمانويل ماكرون
- ولد إيمانويل جان ميشيل فريدريك ماكرون في 21 ديسمبر (كانون الأول) عام 1977 في بلدة أميان شمال فرنسا.
- هو الابن الأكبر من بين ثلاثة أشقاء، والداه طبيبان ولديهما آراء سياسية ليبرالية. وظهرت مواهب إيمانويل وقدراته العالية عندما كان طالباً في مدرسة ثانوية خاصة في أميان.
- في تلك المدرسة بدأت علاقته الطويلة مع مدرسة الدراما بريجيت ترونيو التي تكبره بـ24 عاما، ليتزوج الاثنان لاحقا عام 2007.
- في سن 16 عاما، غادر ماكرون مدينة أميان، لمتابعة دراسته في باريس، وقد تعهد لبريجيت بأنه سيعود ليتزوجا.
- كانت بريجيت ترونيو متزوجة ولديها ثلاثة أطفال، لكنها تركت زوجها وبدأت علاقة مع تلميذها السابق، وارتبطا رسميا حين كان عمر ماكرون 18 عاما.
- لم ينجب الزوجان أطفالا، والجدير بالذكر أن لورانس أوزيير جوردان، الابنة الوسطى لبريجيت من زوجها السابق، وهي طبيبة قلب من مواليد عام 1977، ساعدت ماكرون في حملته للانتخابات الرئاسية عام 2017.
- درس ماكرون البكالوريا في باريس، والتحق بعدها بمعهد العلوم السياسية بباريس، الذي يعتبر من أرقى المؤسسات التعليمية الفرنسية في مجال الدراسات السياسية والعلوم الإنسانية، وهناك درس السياسة الدولية والخدمة العامة، وكان في ذلك الوقت يعمل أيضا مساعد تحرير للفيلسوف والمؤرخ بول ريكور.
- في عام 2001، حصل على درجة الماجستير في السياسة العامة من معهد العلوم السياسية، إضافة إلى ماجستير في الفلسفة من جامعة غرب باريس نانتير لا ديفونس.
- في عام 2004 تخرج ماكرون بتفوق في المدرسة الوطنية للإدارة، وهي من أعرق المدارس العليا في فرنسا وأكثرها نخبوية، وتعد معبرا للوصول إلى أعلى المناصب السياسية والإدارية، ومن بين خريجيها الرؤساء الفرنسيون السابقون فاليري جيسكار ديستان، وجاك شيراك، وفرانسوا هولاند.
- بدأ ماكرون مسيرته المهنية عام 2004 بالعمل مفتشا ماليا في وزارة الاقتصاد والشؤون المالية الفرنسية، وبعدها بأربع سنوات ترك القطاع العام، وانتقل ليصبح مصرفيا استثماريا في بنك روتشيلد وشركاه، وهي خطوة حذره أصدقاؤه من أنها كفيلة بإنهاء أي طموح سياسي مستقبلي لديه.
- بحسب الموسوعة البريطانية، حصل ماكرون على 2.9 مليون يورو في عام 2012 لدوره في إحدى الصفقات.
- في عام 2014 أصبح وزيرا للاقتصاد والصناعة والشؤون الرقمية، في الحكومة التي كان يرأسها مانويل فالس.
- قام ماكرون بإصلاحات عديدة وأطلق حزمة إصلاحات صارت تعرف باسم «قانون ماكرون» لتنشيط الاقتصاد الفرنسي المتعثر حينها، الأمر الذي أثار احتجاجات من الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي، وكاد الأمر أن يصل إلى تعريض الحكومة إلى تصويت على سحب الثقة.
- تم تمرير حزمة الإصلاحات، لكنها كانت متواضعة نسبيا في بلد يكافح مع استمرار الارتفاع في معدلات البطالة وبطء النمو الاقتصادي، لكنها أثارت ردود فعل عنيفة من كل من اليسار واليمين.
- في تلك الفترة، تراجعت شعبية هولاند نتيجة الأداء الضعيف للاقتصاد الفرنسي وأزمة المهاجرين المستمرة. وهما عاملان من شأنهما تغذية صعود المنافسة مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف المناهض للهجرة.
- بدأ ماكرون بالابتعاد عن هولاند، رغم استمراره في العمل ضمن إدارته، وأدت الهجمات الإرهابية في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015 على مسرح باتاكلان في العاصمة الفرنسية، وملعب ستاد دو فرانس في ضاحية سان دوني، إلى تأخير إعلانه الانفصال عن الحكومة الاشتراكية.
-في أبريل/ نيسان عام 2016، أعلن ماكرون عن إنشاء حزب "إلى الأمام!"، الذي وصفه بأنه "ثورة ديمقراطية" ضد نظام سياسي متصلب، وأدى هذا إلى توتر علاقته بشكل كبير مع هولاند.
- في أغسطس (آب) من عام 2016 ، استقال ماكرون من منصبه، ليبدأ حملته الخاصة كمرشح في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي كان من المزمع إجراؤها عام 2017.
- في 16 نوفمبر، أعلن ترشحه رسميا للرئاسة تحت حزب «إلى الأمام!» حديث التأسيس، رغم أنه كان عضوا في الحزب الاشتراكي خلال الفترة ما بين 2006 و2009.
- في البداية لم تكن حظوظ ماكرون بالفوز عالية حسبما أظهرت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، لكن الحملة الانتخابية الرئاسية اتخذت منعطفا كان تأثيره إيجابيا لصالح ماكرون.
- كان رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون الذي اختاره حزب الجمهوريون، ذو التوجه اليميني الوسطي يعتبر الأوفر حظا بالفوز في السباق الرئاسي، لكن شعبيته تراجعت بشدة وسط اتهامات بأنه خلق وظائف وهمية لأفراد من عائلته، وقبل هدايا تتجاوز قيمتها عشرات الآلاف من اليوروات بطرق غير لائقة حين كان في منصبه.
- انحصرت المنافسة بين ماكرون ومارين لوبان، وجان لوك ميلينشون، وهو اشتراكي سابق ترشح للرئاسة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي.
- نظرا لكون لوبان من أقصى اليمين، وميلينشون من أقصى اليسار، فقد حظي توجه ماكرون الوسطي والخارج بنفس الوقت عن الخطوط الحزبية الفرنسية التقليدية، بدعم من قطاع عريض من الناخبين.
- كما كان ماكرون أيضا المرشح البارز الوحيد المؤيد للاتحاد الأوروبي في السباق الذي تميز بتيار قوي مناهض ومنتقد للاتحاد الأوروبي.
- تصدّر ماكرون الجولة الأولى من التصويت، وفي الجولة الثانية تمكن بسهولة من أن يهزم مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف، وانتخب رئيسا لفرنسا في 7 مايو (أيار) عام 2017 بعد فوزه بثلثي الأصوات. وقوبل هذا بترحيب أوروبي، ورافقه ارتفاع ملحوظ في سعر اليورو.
- تم تنصيب إيمانويل ماكرون رسمياً في 14 مايو 2017 في قصر الإليزيه، وقام في نفس اليوم بوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول عند قوس النصر. وفي نفس الوقت كانت أنظار الفرنسيين تتجه نحو رئيس الوزراء الفرنسي المستقبلي والذي يعتقد كثير من الناس أنه سيكون إدوار فيليب.
- في شهر أكتوبر من عام 2020 أطلق ماكرون تصريحا مسيئا للإسلام واصفا إياه بأنه يمر بأزمة في كل مكان في العالم، وأعلن دعمه للرسومات المسيئة للإسلام. مما أجج مشاعر المسلمين حول تلك التصريحات غير المسبوقة.
- شهدت وسائل التواصل الاجتماعي دعوات عدة لمقاطعة المنتجات الفرنسية والشركات الفرنسية وفروعها بالعالم الإسلامي وبدأت عدة جمعيات كويتية في المقاطعة على أرض الواقع.
- أدانت عدة جهات رسمية بالدول العربية تصريحات ماكرون واصفة إياها بتأجيج ثقافة الكراهية والصراع باسم الحرية، بالإضافة إلى ردود من شخصيات إسلامية عالمية تجاه هذا الخطاب العنصري.