بون: اتخذ الناتو والدول الغربية قرارا بتقديم الدعم إلى أوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي، محاولة منها لتجنب المواجهة المباشرة مع روسيا. أرسلت الدول الغربية منذ بدء الحرب يوم 24 فبراير (شباط) 2022 آلاف الصواريخ المضادة للدبابات ومئات من صواريخ الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى الذخيرة.
والأمر لم يقتصرعلى الولايات المتحدة، بل شمل دول الاتحاد الأوروبي على توريد أسلحة إلى أوكرانيا بقيمة 450 مليون يورو (503 ملايين دولار) ومعدات واقية بقيمة 50 مليون يورو 55 مليون دولار. وكان هناك قرار للاتحاد الأوروبي هو دعم الجيش الأوكراني بطائرات مقاتلة ووقود بـ350 مليون دولار من الإمدادات بالأسلحة، بما في ذلك الأسلحة المضادة للدبابات. وفقا لتقرير وكالة الأناضول الصادر باللغة الإنجليزية يوم 28 فبراير 2022 بعنوان: الناتو والغرب بدأ يزود أوكرانيا بالأسلحة.
تشمل المساعدة الأميركية الجديدة لأوكرانيا مجموعة واسعة من المعدات العسكرية، تتراوح من 25000 مجموعة من الدروع الواقية للبدن والخوذ إلى البنادق وقاذفات القنابل اليدوية، وآلاف الأسلحة الأخرى المضادة للدبابات وأكثر من 20 مليون طلقة من الذخيرة. إلى جانب صواريخ جافلين، تشمل أقوى الأسلحة 800 نظام ستينغر المضاد للطائرات، التي اشتهرت في السابق بإسقاط الطائرات السوفياتية في أفغانستان. أرسلت واشنطن 100 نظام جوي تكتيكي دون طيار- طائرات صغيرة دون طيار- غالبًا ما يتم إطلاقها يدويًا وتكون صغيرة بما يكفي لتناسب حقائب الظهر.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد تجاوزت مساعداتها العسكرية إلى أوكرانيا العام الماضي 2021، المليار دولار، أما بريطانيا فقد سلمت أوكرانيا صواريخ مضادة للدبابات في يناير (كانون الثاني) 2022، وتقديم حزمة دعم عسكري إضافية تغطي الأسلحة الدفاعية الفتاكة وغير الفتاكة. وقالت جمهورية التشيك إنها تبرعت بشحنة من ذخيرة المدفعية 152 ملم.
شحنات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية
وفقًا لحلف الناتو، فإن بلجيكا وكندا وجمهورية التشيك وأستونيا وفرنسا وألمانيا واليونان ولاتفيا وليتوانيا وهولندا وبولندا والبرتغال ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وبريطانيا والولايات المتحدة قد أرسلت بالفعل شحنات كبيرة من المعدات العسكرية إلى أوكرانيا، بالإضافة إلى ملايين الدولارات، بينما تقدم الدول الأعضاء الأخرى مساعدات إنسانية وترحب باللاجئين.
وقررت السويد من جانبها تزويد أوكرانيا بالأسلحة: 5000 سلاح مضاد للدبابات من طراز AT4 و5000 سترة فولاذية و5000 خوذة عسكرية وطعام لـ135000 جندي. وأظهرت ألمانيا دعمها العسكري لأوكرانيا من خلال توفير 5000 صاروخ مضاد للدبابات و500 صاروخ ستينغر، بالإضافة إلى 5000 خوذة. وأرسلت هولندا قاذفات صواريخ للدفاع الجوي، وأرسلت أستونيا صواريخ جافلين المضادة للدبابات وأرسلت بولندا واللاتفيون صواريخ ستينغر أرض جو وأرسلت التشيك رشاشات وبنادق قنص ومسدسات وذخيرة، حتى الدول المحايدة سابقًا مثل السويد وفنلندا أرسلت الأسلحة إلى أوكرانيا. قدمت بريطانيا ما تردد عن 2000 صاروخ مضاد للدبابات قصير المدى وأرسلت متخصصين بريطانيين لتقديم التدريب وقدمت أيضا عربات مدرعة سكسونية. وقدمت فرنسا مساعدات الوقود لأوكرانيا بالإضافة إلى دعم المعدات العسكرية، وكجزء من الناتو، وأرسلت فرنسا 500 جندي وعربة مدرعة إلى رومانيا المجاورة لأوكرانيا، وأربع طائرات حربية طراز ميراج 2000 إلى أستونيا كما أرسلت ما بين 200 و250 جنديًا إلى أستونيا. وصدرت تركيا لأوكرانيا عدة دفعات من طائرات بيرقدار تي بي-2 دون طيار التي نشرتها ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة دونباس الشرقية، مما أثار حفيظة موسكو.
أنواع الأسلحة
زودت الدول الغربية أوكرانيا بأنواع من الأسلحة والمعدات، أبرزها: سلاح خفيف مضاد للدبابات من طراز M-72 (LAW) أستراليا، بلجيكا (200)، الدنمارك (2700)، فنلندا (1500)، اليونان، النرويج (2000) تم تطوير سلاح M-72 الخفيف المضاد للدبابات (LAW) في الأصل في الستينات كسلاح أميركي لهزيمة درع العدو في ساحة المعركة. وهو عبارة عن أنبوب إطلاق من الألياف الزجاجية مزود بآلية رؤية صاروخ 66 ملم مضاد للدبابات مغلق داخل المصنع، بمجرد إطلاقه، يتم التخلص من أنبوب الإطلاق.
وأرسلت الدنمارك أسلحة مضادة للدبابات تتألف من M-72ECs. وأرسلت فنلندا 1500 صاروخ خفيف مضاد للدبابات، تشمل الصواريخ M-72 LAWs أو الجيل التالي من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات (NLAWs) أو صواريخ أبيلاس الفرنسية الصنع الأقدم. وإن أحد أكثر الأسلحة نجاحًا في ساحة المعركة الأوكرانية هو سلاح الجيل التالي المضاد للدبابات NLAW هو الأخ الأكبر لـ M-72 LAW .
وارسلت اليونان إلى أوكرانيا «قاذفات صواريخ محمولة» وأرسلت إيطاليا أسلحة مضادة للدبابات يمكن أن تشمل صواريخ ميلان متوسطة المدى مضادة للدبابات من طراز Panzerfaust 3 أو أقدم ويعتبر ميلان صاروخا مضادا للدبابات من حقبة الحرب الباردة ويبلغ مداه 2000 متر يمكن تزويده بمشهد التصوير الليلي الحراري. ورغم ذلك طلبت أوكرانيا من الناتو تزويدها بمقاتلات MiG-29 التي لا تزال في الخدمة في بلغاريا وبولند، تتعلق هذه الطلبات في المقام الأول بحماية المجال الجوي الأوكراني من القاذفات الروسية. يمكن للقوات الجوية الأوكرانية الاستفادة من طائرة هجومية أميركية من طراز A-10.
هل تحولت أوكرانيا إلى مستنقع للقوات الروسية؟
تخوض روسيا الآن حربا ربما لا تستطيع أن تربحها بغض النظر عن كيفية سير الأحداث في ساحة المعركة. يبدو أن القوات الأوكرانية نجحت بالصمود أمام التوغل الروسي الروسية وقد تفاقمت خسائر روسيا، مع انتقال الحرب إلى مرحلة أكثر عنفًا، حيث تحاول القوات الروسية الاستيلاء على المدن الأوكرانية الكبرى، حيث من المحتمل أن تواجه مقاومة هائلة، رغم أن بعض الخبراء العسكريين فسروا ذلك بإعادة تموضع للقوات الروسية أكثر من الخسارة.
لكن رغم هذه الخسائر، ترى روسيا أن أمنها القومي أولا وأن المواجهة الآن في أوكرانيا، هي أفضل من ترك أوكرانيا الانضمام إلى الناتو، ليكون عند الحدود الروسية وهذا ما ترفضه موسكو، لذا ما تقدمه الآن من خسائر، ربما لا يساوي تهديدات الناتو عند حدودها من داخل الأراضي الأوكرانية.
أثبت أن التقييمات العسكرية والاستخباراتية الغربية التي اعتقدت أن روسيا ستسقط كييف بسرعة وتسيطر على جزء كبير من أوكرانيا غير صحيحة، حيث أظهرت القوات الأوكرانية، المدعومة بأسلحة الناتو، مقاومة مفاجئة. وقد عانى الجيش الروسي من خسائر غير عادية في القوات والمعدات وربما هذا كان وراء انسحابه من مواقعه حول العاصمة الأوكرانية.
حرب الاستنزاف
هي استراتيجية عسكرية يحاول من خلالها أحد الأطراف إنزال العدو إلى نقطة الانهيار من خلال الخسائر المستمرة في الأفراد والمعدات. تأتي كلمة «استنزاف» من الكلمة اللاتينية «أتريري»، والتي تعني «الاحتكاك»، لذا في هذا السياق يعكس كيف يحاول الجيش القضاء على معارضته. تميل حرب الاستنزاف إلى أن تكون أقل استراتيجية وأقل استهدافًا في نقاط التفتيش الرئيسية. غالبًا ما تتضمن المزيد من حرب العصابات: كمائن، تخريب، غارات، وما شابه ذلك، من قبل مجموعات صغيرة من المهاجمين وأحيانًا تستهدف المدنيين عمدًا. يتعلق الأمر بتقليل موارد العدو إلى مستويات غير مستدامة أكثر من محاولة الاستيلاء على المدن أو القواعد العسكرية، مع الحفاظ على إمكانية التحكم في الخسائر. يبدو أن القوات الروسية في أوكرانيا تتجه نحو حرب استنزاف ذات تأثير مدمر على المدنيين.
إن حرب أوكرانيا يمكن وصفها بحرب استنزاف ضد روسيا، وكذلك أوروبا، وهذا يمكن أن يصب في صالح الإدارة الأميركية، التي تهدف إلى تصعيد أوروبا من إنفاقها العسكري، وكذلك جر روسيا إلى أوكرانيا، وإضعافها عسكريا واقتصاديا، من خلال استمرار إمدادات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا وتصعيد حزم العقوبات الاقتصادية ضد موسكو.