باريس: أعلن رجل الأعمال الفرنسي من أصل أفريقي/ تونسي المهندس الابتكاري محمد العياشي العجرودي رئيس ومؤسس الحزب الجديد «الجميع من أجل فرنسا» عن انسحابه رسمياً من المنافسة على منصب رئاسة الجمهورية الفرنسية.
وبالرغم من توقعات النخب السياسية الفرنسية بإمكانية فوز العجرودي بمقعد الرئاسة في الانتخابات المقبلة، إضافة إلى دعم وتأييد الجماهير الفرنسية من أصول أفريقية له داخل وخارج فرنسا، إلا أنه قرر الانسحاب بهدوء من المعركة الانتخابية وذلك بعد اجتماعات ومشاورات أجريت على مدى شهر بين فريقه وفريق الرئيس ماكرون، اختتمت باجتماعه شخصيا مع غريغوار بوتون، منسّق حملة إيمانويل ماكرون، واتفق معه على تبنّي الرئيس الفرنسي برنامج العجرودي، خاصة فيما يتعلق بحقوق المهاجرين، وتفعيل العلاقات الفرنسية الأفريقية وحقوق الأقليات، والتشريعات المقترحة لمقاومة التيارات المتطرفة وقضايا الطاقة والبيئة وغيرها، وعقب الاجتماع أعلن العجرودي عن انسحابه من الترشح الرئاسي وتأييده لتولي ماكرون ولاية رئاسية ثانية، في الانتخابات الرئاسية المقررة في 10 أبريل (نيسان) الجاري، شريطة تبنيه أهم بنود برنامج حزبه «الجميع من أجل فرنسا».
وقال العجرودي في تصريحات خاصة لمجلة «المجلة»: «إن الرئيس الحالي ماكرون المرشح لولاية جديدة وعد بتبني الخطوط العريضة لبرنامجي الانتخابي، وأنه المرشح الأبرز من وجهة نظري لرئاسة فرنسا، كما أنّه الشخص الأكثر قدرة من بين المرشحين الـ12 على توحيد هذا الوطن- وليس فقط المعتدلين منهم أو حزبه الوسطي (الجمهورية إلى الأمام) بل كذلك اليساريون واليمينيون أيضا وكافة فئات المجتمع».
وأعلن العجرودي على مواقع التواصل الاجتماعي: «تسعدنا رؤية أن بعض المقترحات والقيم التي طورناها في برنامجنا مدرجة اليوم في برنامج الرئيس المرشح. العمل الجوهري الذي قمنا به حقق نجاحًا كبيرًا وتم استيفاء جميع الشروط لتعزيز الروابط بين فرنسا والقارة الأفريقية».
وأضاف أيضًا: «نودّ اليوم دعم إيمانويل ماكرون حتى تجدّد العلاقة بين فرنسا وأفريقيا مع بداية ولاية جديدة. بصفتي رجلًا فرنسيًا، ولكن أيضًا بصفتي أفريقيًا وقبل كل شيء كصناعي، يمكنني أن أؤكد لكم أن روابطنا بأفريقيا غنية جدًا، وأن صناعاتنا تدين بالكثير لهذه القارة، سواء بالنسبة لليورانيوم والليثيوم والبوكسيت والكوبالت والنفط والغاز والذهب والقطن والخشب والكاكاو وغيرها الكثير. من المهم أيضًا ملاحظة أن إفريقيا لديها الموارد اللازمة لتطوير قدرات إنتاج الطاقة الخضراء (الهيدروجين، والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية، وما إلى ذلك)، ولا يمكن لهذا التطور الاستراتيجي أن يمر إلا من خلال معاملة محترمة للشعب الأفريقي.
لهذا السبب، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أود أن ألتزم جنبًا إلى جنب مع حزب الجمهورية إلى الأمام، حتى تكون العلاقة بين فرنسا وأفريقيا صحية ودائمة ومحترمة».
وتواصل العجرودي مع بوتون، منسّق حملة ماكرون في رسالة حصلت «المجلة» على نسخة منها قائلاً له: «عزيزي غريغوار، أردت أن أشكركم مرة أخرى على التبادل الذي أجريناه في منتصف مارس/آذار، فقد سمح لفريقي المضي قدمًا ومواصلة العمل حول العلاقات الفرنسية الأفريقية. ولإبقائكم على اطلاع دائم بكل هذه المواضيع، أردت أن أخبركم أن الكثير من الصحفيين الفرنسيين بدأوا يتصلون بي لإجراء المقابلات، وأنا أخبرهم جميعًا عن الدعم الذي نقدمه لإيمانويل ماكرون. كما نواصل المضي قدمًا من أجل توطيد العلاقات الفرنسية الأفريقية. غدا سوف نخبركم بالمزيد. من دواعي سروري، محمد عياشي العجرودي».
وأجابه غريغوار قائلاً: «مساء الخير. وشكرا جزيلا لكم. أنتظر مكالمته غدا. أتمنى لكم نهاية أسبوع جيدة».
وعقب صدور بيان من المكتب الإعلامي لمؤسس حزب «الجميع من أجل فرنسا» المهندس الابتكاري العجرودي الذي أكد من خلاله انسحابه من السباق الرئاسي، أعلن المجلس الدستوري الفرنسي أن 12 مرشحاً سيتنافسون في الانتخابات الرئاسية في أبريل الحالي. وسيبقى اثنان منهم فقط بعد الجولة الأولى من الانتخابات المقرَّر إجراؤها يوم الأحد المقبل 10 أبريل. وسيتم إعلان الفائز في نهاية الجولة الثانية، المقررة في 24 من الشهر نفسه.
ويبدو أن الأكثر حظاً بين الـ12 مرشحا للفوز بالانتخابات الرئاسية والتربع على عرش الإليزيه، هو الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، وفق معظم استطلاعات الرأي في حين تشير الاستطلاعات أيضا، إلى أن المنافسين الأبرز له بعد انسحاب العجرودي خلال تلك الانتخابات المقبلة هما مارين لوبان (اليمين المتطرف)، وجان لوك ميلانشون (اليسار الراديكالي).
ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية فإن قضية الهجرة تعد أبرز القضايا التي يركز عليها المرشحون الاثنى عشر، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتبدو المقاربات بشأنها مختلفة بعض الشيء، بين مرشح وآخر، لكنها تتماهى في جوهرها بين معسكري اليمين واليسار، إذ تشير تقارير إلى أن الناخب الفرنسي، يجد نفسه أمام خيارين، بين معسكر يتعهد بتشديد القوانين ضد الهجرة، وآخر يطرح مقاربة اجتماعية إلى حد ما، تتوخى الإدماج دون أي حديث عن الترحيل، الذي يتنافس حوله اليمينان التقليدي والمتطرف.
وكالعادة في كل انتخابات، فإن نهج اليمين سواء كان تقليديا أم متطرفا، يبدو أكثر تشدداً حول الهجرة، باعتبار أنه الملف التقليدي، الذي يركز عليه في كل مرة وينهج فيه نهجا راديكاليا، في حين يستخدم اليسار نبرة إنسانية في معالجته له، وهو ما يعد سبباً من وجهة نظر مراقبين، لخسارة اليسار خلال السنوات الأخيرة، بفعل انتشار أفكار اليمين المتطرف في المجتمع الفرنسي.