الإسكندرية: يشهد المتحف اليوناني الروماني الأثري في الاسكندرية، عملية ترميم وتطوير قبل افتتاحه المقرر العام الجاري.
ويعود تميّز المتحف إلى جوانب عدّة، منها موقعه في أحد أقدم الشوارع التاريخية (شارع فؤاد) الذي يعود تاريخه إلى العصر البطلمي، في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث كان يسمى طريق كانوب.
كما أن واجهة المتحف مسجلة أثرية، ومن المقرر أن يشمل مشروع التطوير والترميم الحفاظ على ملامح المتحف الذي تبلغ مقتنياته نحو 300 ألف قطعة أثرية، مع التطوير وزيادة قاعات متخصصة.
عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير، قال في تصريح خاص لـ«المجلة» إنّ المتحف يعد واحدًا من أهم وأعظم متاحف منطقة حوض البحر المتوسط بأسرها، ويتمركز في أقدم الشوارع الأثرية الأساسية لمدينة الإسكندرية، المدينة العالمية الطابع، والتي كانت تعد حلقة الوصل بين اليونان ومصر قديمًا.
ويوضح أن المتحف افتتح في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في يوم 26 سبتمبر (أيلول) عام 1895م، وقد بني المتحف على عدة مراحل، وفي المرحلة الأولى جُمعت المجموعة الأثرية الأولى في 1892م، وكان قوامها المتحف المصري، وفي المرحلة الثانية اكتمل بناء العشر قاعات الأولى عام 1895م، أما في المرحلة الثالثة فقد أضيفت قاعتان أخيرًا عام 1904م.
كان ذلك جنبًا إلى جنب مع تكوين الجمعية الأثرية في الإسكندرية في 1893 ميلادية كمؤسسة علمية داعمة تنظم البحث العلمي لدراسة الآثار ونشرها.
تأسيس المتحف نفذه نخبة من الخبراء بدءا من الإيطالي جوسيبي بوتي الذي عمل جنبًا إلى جنب مع جاستون ماسبيرو مدير مصلحة الآثار المصرية وأول مدير للمتحف المصري، ثم جاء من بعده إيفرستو بريشيا وأخيل أدرياني في إدارة المتحف، اللذان قاما بإثراء المتحف بحفائرهما التي تمّت داخل الإسكندرية وخارجها مثل حفائر الورديان والأنفوشي والفيوم.
ويلفت عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير إلى أنه تمت زيادة مقتنيات المتحف عبر العصور من خلال الإهداءات السخية من جامعي التحف الأثرية مثل جون أنطونيادس وجليمونوبولو ومنشا باشا وملوك مصر الملك فؤاد الأول والملك فاروق.
ويشير إلى أن مشروع التطوير والتحديث الخاص بالمتحف اليوناني الروماني يراعي الاحتفاظ بواجهة المتحف كلاسيكية الطابع، للتعبير عن الفترة اليونانية المليئة باتجاهات فكرية مختلفة، والتي تعايشت بجانب بعضها البعض، بالإضافة إلى طرح أقسام جديدة في المتحف لخدمة الفكر المتحفي الحديث حتى يكون مؤسسة علمية منافسة على مستوى عالمي، كما أن العرض المتحفي وموضوعات العرض الدائم لسيناريو المتحف الجديد تغطى مساحات تاريخية من تاريخ مصر القديمة بوجه عام، والإسكندرية بوجه خاص.
ويضيف أن العرض المتحفي سيتناول الدولة الحاكمة والحياة السياسية في مصر خلال العصرين البطلمي والروماني، بجانب عرض شكل الحياة اليومية اليونانية والرومانية بالإسكندرية (المجتمع السكندري)، وعرض فكرة الديانة والعبادات في العصرين اليوناني والروماني (العبادات والديانة) من خلال مجموعات المتحف اليوناني الروماني المعروفة والمميزة مثل مجموعة الرأس السوداء، ومجموعة أرض المحمرة، وعرض معبد التمساح- سوبك، والذي يرجع إلى عصر الملك البطلمي بطلميوس السابع.
وينوه إلى أنه سيتم التركيز على فكرة الإسكندرية والمعرفة والعلوم الفكرية حين كانت الإسكندرية منارة للعلوم والثقافات الحضارية المختلفة، وكانت قبلة يحج إليها جميع علماء وفلاسفة العالم القديم لما لها من تأثير ثقافي وحضاري والتعبير عن النشاط الفني بالإسكندرية من خلال المسرح، وطقوس ديونيسوس (راعي المسرح) في الإسكندرية. وسوف يتم عرض التطور العقائدي الجنائزي في العصرين اليوناني والروماني من خلال المومياوات والأواني الكانوبية والتمائم وشواهد القبور الجنائزية وبورتريهات الفيوم والتوابيت عبر العصور المختلفة، التي مرت بها الإسكندرية بوجه خاص ومصر بشكل عام.
كما تطرق إلى أن سيناريو العرض المتحفي سيتضمن عرض الفن البيزنطي والفن القبطي من خلال البقايا المعمارية المميزة (الأفاريز، وزخارف السقوف، وقواعد الأعمدة، والعوارض، والتيجان، والمعموديات، والنسيج، والعملات)، ومجموعة الراعي الصالح من جداريات ومنحوتات ومسارج وقنينات، وفي الطابق الأول المضاف للمتحف، سوف يتم عرض فكرة التجارة والتبادل التجاري والعلاقات الخارجية الاقتصادية والحربية والصناعات الصغيرة والحرف المصرية (العاج، والعظم المشغول، والحلي، والفيانس وورشه، والبرونز، والزجاج) المنتشرة في أرجاء مصر المعمورة في العصور القديمة، والتي كان يتم تبادلها مع بعض الدول الصديقة.
كما يشير إلى أن المتحف يزود بصالة لكبار الزوار، وقاعة للمؤتمرات، ومكتبة خاصة بالمتحف اليوناني الروماني، والتي تضم أندر الكتب في العالم، وقاعة للتربية المتحفية لجذب الأطفال إلى المتحف من خلال الورش والأنشطة المختلفة التي تهتم برفع الوعي الأثري لدى الأطفال، ويهدف تطوير المتحف اليوناني الروماني إلى تعزيز الرسالة العلمية والثقافية التنويرية للمتحف، كما أن التصور الجديد للمتحف طرح أقساما جديدة بالمتحف لخدمة الفكر المتحفي الحديث حتى يكون مؤسسة علمية منافسة على مستوى عالمي تليق بمكانة مدينة الإسكندرية ومكانة مصر الحضارية، ليكون المتحف فريدا من نوعه في منطقة المتوسط وعلى المستوي الدولي بما يضمه من قطع أثرية فريدة ومشروع تطويره ليكون صرحا عالميا ومنارة فكرية وثقافية دولية جديدة في مدينة الإسكندرية كمركز فكري وثقافي عبر عصور التاريخ.