بيروت: تعيش الساحة اللبنانية الهشّة ما يسمّى «الوقت الضائع» وسط أوضاع مقلقة وضبابية على وقع عودة الارتفاع الهستيري لدولار السوق السوداء وكذلك أسعار المحروقات، بعد أن لامست شظايا الحرب على أوكرانيا رغيف الخبز، في أرض خصبة تتسّع بما يكفي للخوف من أن تتحول الانهيارات الاقتصادية والأمنية إلى فوضى عارمة.
وإذ «طارت»أسعار المحروقات والحبوب وسواهما، لم تفلح تطمينات وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام إلى أن«هناك كميات كافية من القمح»في تهدئة البلبلة الحاصلة، إذ أعلنت نقابات المخابز والأفران عدم قدرتها على الاستمرار بعد تكبّد القطاع خسائر فادحة، مما سيؤدي حتما إلى التوقف القسري عن إنتاج الرغيف.
ووسط كل هذا التخبط، تتصاعد المخاوف من السعي إلى إرجاء الانتخابات النيابية وربما تطييرها، إذا اتجهت الأنظار إلى ما سيفضي إليه الكباش السياسي في البلد، مع ترقّب عودة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت بعد أن زارها مؤخرا يرافقه الأمين العام المساعد للجامعة السفير حسام زكي، للمشاركة في حفل تكريمي لمنح الجائزة العربية في مجال القانون والقضاء، خلال انعقاد مؤتمر وزراء العدل العرب.
هذه العودة كشفت عن متابعة مستمرة للملف اللبناني ومحاولة ضبط العلاقة بين بيروت والرياض وسط مناخ دولي دقيق وأزمة أمن غذائي تلوح في الأفق.
وفي قراءة لآخر المستجدّات، كان لـ«المجلة»حوار خاص مع الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة، هذا نصّه:
* أفيد أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عائد إلى بيروت خلال الأيام المقبلة، هل هذه الزيارة مرتبطة بالمبادرة الكويتية؟
- لا يمكن فصل المبادرة الكويتية عن أي جهد عربي مشترك وبموافقة عربية، خليجية ومصرية تحديدا، كانت ثمرتها زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إلى بيروت وإعلان هذه المبادرة المؤلفة من بنود محدّدة أبرزها تطبيق القرارات الدولية واتفاق الطائف والدستور وكذلك إجراء الإصلاحات، ويمكن أن تكون زيارة أبو الغيط استكمالا لزيارة وزير الخارجية الكويتي إذ إن الموقف العربي أصبح واضحاً.
* تتزامن هذه الزيارة مع الحرب الطاحنة في أوكرانيا وتبعاتها سيّما الاقتصادية، ماذا سيحمل أبو الغيط معه بخصوصها؟
- بالتأكيد لن يغيب عن هذه الزيارة ملف الصراع الدائر في أوكرانيا، وبكل واقعية نقول إن لبنان في عين هذا الصراع على الرغم من البعد الجغرافي. فالتأثير الاقتصادي للحرب بين روسيا وأوكرانيا يطال العالم كلّه ولكن في لبنان هذا التأثير مضاعف نظرا للوضع الاقتصادي المنهار وبالتالي هناك تصوّر عربي معيّن للتعامل مع الأحداث في أوكرانيا يفترض أن يكون لبنان من ضمنه إلا إذا غرّد مرّة جديدة خارج السرب.
* هل سنشهد عودة لبنان إلى الحضن العربي بعد زيارة أبو الغيط أم سنكون أمام تصعيد آخر؟
- ترخي الأزمة في أوكرانيا بعبئها على الملف اللبناني تحديداً، من زاوية أن هذا الملف هو في آخر سلّم أولويات الاهتمام الدولي وبالكاد موجود على طاولة الاهتمام العربي وإذا أراد لبنان أن يعود إلى هذا الاهتمام فإن مبادرة وزير الخارجية الكويتي والمبادرة العربية هي معبر إلزامي نحو عودة لبنان إلى الحضن العربي وسوى ذلك فإن الأزمة اللبنانية مستمرّة بأفق مفتوح نحو التصعيد ونحو الأسوأ.