القاهرة: أدوار محورية عربية وإقليمية ودولية مهمة تلعبها كل من المملكة العربية السعودية، ومصر في ظل ما تموج به المنطقة العربية، والشرق أوسطية، والعالم من أحداث مهمة، تلقي بظلالها على الجميع، ما يستلزم تنسيقا جوهريا، وتوافقا بين البلدين الشقيقين على كافة الأصعدة، خاصة في ظل تأثيرات الأحداث الدراماتيكية التي ألقت بظلالها، وخيمت على العالم جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تبعه من موقف غربي وفرض عقوبات اقتصادية، ومالية قاسية على روسيا، وخلق حالة فريدة من حالات الاستقطاب الدولي لم يشهدها العالم منذ الحرب الباردة، وهو ما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للقيام بزيارة وصفت بـ«المهمة للغاية» إلى المملكة العربية السعودية، التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ما دفع للتساؤلات حول دلالات الزيارة وأهدافها، في ظل هذا التوقيت، خاصة في ظل حالة الاستقطاب الدولي، وممارسة الإدارة الأميركية للضغوط على كافة دول المنطقة للسير في ركابها، لتنفيذ حزمة العقوبات المفروضة على روسيا، وهو ما قد يتعارض، والمصالح المصرية والسعودية، واللتين تربطهما علاقات متشعبة بروسيا، سواء كانت علاقات سياسية، أو اقتصادية؟ إضافة إلى العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين، والمنطقة العربية بوجه عام بالولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعقد المشهد، خاصة بعد تصويت البلدين لصالح قرار أممي يدين الغزو الروسي على أوكرانيا، إلا أن مصر رفضت طلبا أميركيا بإغلاق المجرى الملاحي لقناة السويس في وجه الملاحة الروسية، مؤكدة دوام حيادية القناة طبقا للمعاهدات الدولية.
كما يبرز الدور المهم للمملكة، في ظل تداعيات العقوبات الغربية على روسيا، والتي أسهمت في ارتفاع أسعار البترول بشكل غير مسبوق، في ظل مخاوف كبيرة بعدم قدرة الأسواق على تحمل الأزمة وعدم وجود بدائل فورية للنفط والغاز الروسيين الذي يمثل ما يزيد على 40 في المائة من حاجة أوروبا، وهو ما لا يمكن تعويضه بسهولة، ما قد يدفع الغرب لحث المملكة على زيادة المعروض لتعويض النقص في الإمدادات، ما يضيف مسؤولية أكبر عليها.
كما تثور التساؤلات حول الزيارة وقدرة المملكة العربية السعودية ومصر على سحب البساط من تحت أقدام كل من تركيا وإسرائيل اللتين عرضتا الوساطة على طرفي الأزمة (روسيا، وأوكرانيا) وما يمثله نجاحهما في ذلك من تحقيق مكاسب عديدة على حساب المصالح العربية، إضافة إلى ضرورة تنسيق المواقف فيما يتعلق بالهواجس السعودية، بوجه خاصة، والخليجية بوجه عام، من الدور الإيراني، وتأثيراته على الأمن القومي العربي، في ظل ما قد تحققه طهران من مكاسب على خلفية الأزمة الأوكرانية، وحدوث تقارب إيراني- روسي، إضافة إلى تنامي العلاقات الإيرانية الصينية، وهو ما قد يشكلا حلفا ثلاثيا له تأثيراته على المنطقة العربية برمتها، ما يدفع للتساؤلات حول أهمية الزيارة في التأكيد على أهمية أمن البحر الأحمر، بالنسبة للبلدين خاصة بعد أنباء تفيد بموافقة السودان على إقامة القاعدة البحرية الروسية في بورسودان، وما يمثله ذلك من تخوفات بتحول البحر الأحمر إلى بؤرة جديدة للصراع الدولي وهو ما يلقي بأعباء إضافية على القاهرة والرياض المعنيتين الرئيسيتين بأمن البحر الأحمر، إضافة إلى تنسيق المواقف المصرية السعودية الهادفة للبعد عن الانخراط في الصراع الروسي الأوكراني الغربي، والوقوف على الحياد الإيجابي والذي يرجح الوصول إلى حلول دبلوماسية لهذا الصراع وهو ما يعطي زيارة السيسي أبعادا مهمة تتعلق بتوقيت الزيارة، والتي تسبق التحضيرات الخاصة بالقمة العربية القادمة في العاصمة الجزائرية، والتي تتطلب تنسيقا مصريا سعوديا حول عودة سوريا لمقعدها في الجامعة، وإعادة صياغة العلاقات العربية العربية لمواجهة تأثيرات الأزمة الروسية الأوكرانية.
مواقف موحدة ومحايدة تجاه الصراع
هناك دلالات مهمة لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمملكة العربية السعودية، والتي التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وذلك حسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الدكتور عبد الله الأشعل، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»، حيث قال: الدلالة الأولى أن الموقف الحالي في المنطقة يحتاج إلى تشاور وتنسيق بين البلدين باعتبارهما بلدين كبيرين ومؤثرين في المنطقة العربية، ولا بد أن يكون بينهما تنسيق في المواقف. والدلالة الثانية أن الموقف دقيق بمعنى أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أجرى اتصالين هاتفيين مع كل من الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما أن الرئيس السيسي ينسق معهما أيضا، وبالتالي فإن من مصلحة مصر والسعودية اتخاذ موقف موحد ومحايد تجاه الصراع الروسي الأوكراني، وحتى لا تتناقض المواقف العربية، وهناك اتفاق على هامش الاختلاف بين البلدين. فمصر والسعودية قد صوتتا على قرار الجمعية العامة فيما يخص الغزو الروسي لأوكرانيا، والموقف يحتاج للتنسيق بين البلدين على أعلى مستوى، ومهمة هذه الزيارة تأتي من مناقشة هذه الأوضاع. كما أن كلا من تركيا وإسرائيل قد عرضتا الوساطة بين روسيا وأوكرانيا من أجل لعب دور في الأزمة، والدول العربية أولى بالوساطة فمن الممكن أن يكون قد تم التباحث في هذه النقطة. لأنه يوجد صراع أجنحة مكتوم في المنطقة الشرق أوسطية.
وقال الأشعل: هناك هواجس سعودية من الدور الإيراني في المنطقة، وهناك ملفات كثيرة تحتاج معالجتها في مثل هذا اللقاء الشخصي، والمشكلة العاجلة الآن هي الحرب الأوكرانية، والمملكة ومصر يهمهما أن لا تكون «تركيا، أو إسرائيل» وسيطا ناجحا وأن لا تكسبا نقاطا جديدة، أو مكاسب سياسية على حساب الدول العربية.
ويضاف إلى ذلك المشكلات الاقتصادية الملحة، مثل زيادة أسعار النفط، حيث إن المملكة هي المنتج الأكبر، وثاني أكبر احتياطي عالمي من البترول، كما أن مصر هي أحد أعضاء منظمة أوبك، ويهمهما التنسيق في هذا الموضوع خاصة فيما يتعلق بالآثار الاقتصادية المترتبة على العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي على روسيا، وهل ستنضم مصر والسعودية لمنفذي هذه العقوبات؟ أم إنهما سوف تقفان على الحياد؟ خاصة أن الدول السبع الكبار وجهوا نداء مباشرا لمصر، بالانضمام للدول الأوروبية في مناهضة روسيا، وإغلاق قناة السويس في وجه الملاحة الروسية. ورفضت مصر ذلك بسبب أن قناة السويس لها وضع دولي خاص، كما أن مصر لا تستطيع التعاطي مع ذلك الطرح، لأن موقف القناة سوف يتأرجح في كل أزمة، وأتذكر عندما تم فرض حظر على السفن العراقية بعدم مرورها في القنوات الدولية، قدمت مذكرة للرئيس الأسبق حسني مبارك بوصفي مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والمعاهدات، وأكدت أنه لا يمكن لمصر المساعدة في تطبيق قرار مجلس الأمن ومنع السفن العراقية من المرور في القناة لأن ذلك يتناقض مع اتفاقية القسطنطينية التي تنظم الوضع القانوني لقناة السويس.
كما أن هناك ما يتهدد أمن البحر الأحمر حاليا، حيث إن البحر الأحمر قد تشمله العقوبات المفروضة على روسيا، حيث يمكن أن تحمل السفن المارة في البحر الأحمر مواد مشمولة بالحظر، كما أن أمن البحر الأحمر موضوع قديم فمنذ العام 1983، أثير موضوع أمن البحر الأحمر بسبب بعض التفجيرات في البحر الأحمر إبان الحرب العراقية الإيرانية، والبحر الأحمر يعد هاجسا بالنسبة لمصر والسعودية خاصة أن جماعة الحوثي لها تواجد على البحر الأحمر. كما أنه ورغم اعتبار أن إيران دولة جارة وغير ضارة بالنسبة لمصر، إلا أن مصر تتعاطف جدا مع الموقف السعودي الذي لديه هواجس من الدعم الإيراني لجماعة الحوثي، ومساندة الحكومة العراقية والشيعة في المنطقة.
كما تكتسب الزيارة أهمية كبيرة حيث إنها تأتي قبيل انعقاد القمة العربية في الجزائر والتي يتم التحضير لها، ويجب التنسيق بينهما في المواقف في القضايا الموجودة على جدول أعمال القمة، والتي تأتي ضمنها عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية خاصة مع وجود حماسة مصرية لعودة سوريا مقابل فتور سعودي في هذا الشأن. كما أن الأزمة الروسية الأوكرانية قد تلقي بظلالها على مسألة ضرورة وجود توافقات وتفاهمات عربية عربية بغض النظر عن أي خلافات أخرى، وأنها ستلزم الدول العربية بوجوب التفاهمات للحماية من الآثار المدمرة لامتدادات الأزمة لأن الأزمة الأوكرانية هي في الأساس صراع عالمي.
والزيارة مهمة وجاءت في وقتها الصحيح حيث إلحاح الأزمة الروسية الأوكرانية وما تمثله، والضغط الأميركي على الدول العربية للمشاركة في تنفيذ العقوبات، إضافة إلى عقد القمة العربية القادمة، وأيضا وضع جماعة الحوثي على قائمة الإرهاب الأميركية لذا فقد تتم التهدئة مع إيران، وتقييم المحادثات الأولية في العراق بين السعودية وإيران وهل هي مبشرة بحوار جدي عربي إيراني؟ أم إن هناك عقبات؟ خاصة في ظل تحقيق إيران لعدة مكاسب من خلال الحرب الروسية الأوكرانية حيث إن نفس إيران أصبح أكثر حرارة بعد ضعف الولايات المتحدة الأميركية في المواجهة مع روسيا، إضافة إلى تقارب روسيا معها بعد غزو أوكرانيا، وبالتالي فإن ثقلها سيكون أكبر في الملف النووي، وهو ما قد يشكل تحالفا روسيا صينيا إيرانيا، وهو ما قد يمثل إعادة صياغة للمنطقة العربية من جديد بعد الحرب الروسية الأوكرانية، حيث إن الخطوط القديمة للعلاقات العربية لم تعد تصلح لمواجهة الموقف الحالي المتفجر بين روسيا والغرب، لذلك لا بد من التنسيق بينهما.
تأثيرات مباشرة على مصادر الطاقة
الزيارة تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين، ووجوب التنسيق الاستراتيجي بينهما، وذلك حسب الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي في تصريحات خاصة لـ«المجلة» والذي أكد على أن انعكاسات الحرب في أوكرانيا سواء فيما يتعلق بمجالات الطاقة، والغاز، والمواد الغذائية والصناعية، وخلفية الحرب وتأثيراتها على العالم العربي، وعلى مصر والمملكة العربية السعودية بشكل خاص كانت حاضرة في هذه الزيارة إضافة إلى بحث الملفات التقليدية مثل حرب اليمن، والأزمة الليبية، والسورية.
وأهمية الزيارة تأتي من ارتباطها بالتغيرات الحاصلة من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا بكل ما يمثله من تأثيرات على النظام العالمي، والأوضاع الاقتصادية والمالية وعلى مصادر الطاقة، والتوقيت هذه المرة مرتبط بتداعيات الحرب وتأثيراتها وبالذات على مصادر الطاقة والتي تعد المملكة العربية السعودية مصدرا رئيسيا فيه على مستوى العالم وهو من أكثر الأشياء التي أثرت فيها الحرب سواء بالنسبة لارتفاع سعر برميل البترول والحديث عن رؤية أميركية لبدائل للغاز الروسي وبالتالي هناك تداعيات كبيرة في حال إذا ما قررت أوروبا عدم استيراد الغاز والطاقة من روسيا، والذي يعد التحدي الرئيسي، وتوقيت الزيارة مرتبط بتداعيات الحرب وتأثيراتها على منطقة الشرق الأوسط خاصة في مجال الطاقة.
وبحكم الواقع الجغرافي فإن الدور التركي الساعي للوساطة بين كل من روسيا، وأوكرانيا، هو دور مفهوم حيث حدث لقاء بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا، ولذلك مسألة الوساطة التركية ليس لها دور رئيسي في الزيارة، ولكن الأساس هو فيما يتعلق بتأثيرات هذه الحرب ووقعها على المنطقة.
كما أن الحذر مطلوب في مثل هذا التوقيت، وأن تكون هناك رؤية استراتيجية لتداعيات المسألة في المستقبل، وأمن البحر الأحمر بشكل مباشر هو منوط بمصر والسعودية، حتى لو لم يكن هناك تهديد مباشر في الوقت الآني، إلا أن التنسيق المصري السعودي في هذا الإطار يظل مطلوبا وأساسيا لضمان أمن البحر الأحمر.
تجاوب مع الأزمة انطلاقا من رؤية عربية
هناك عدة دلالات للزيارة من حيث التركيز على ماذا تنظر؟
أولا الأزمة الأوكرانية الروسية هي الشغل الشاغل للعالم الآن، وعلى الرغم من أن مجريات الأزمة تجري على الأرض الأوروبية إلا أن تأثيرات الأزمة تطال بلدانا عدة في مناطق جغرافية مختلفة، ومنها المنطقة العربية، وذلك حسب رؤية رئيس وحدة الدراسات العربية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور محمد عز العرب، وبالتالي فمن الأهمية أن تكون دولتان مثل مصر والسعودية وهما رمانة الميزان في المنطقة بحكم ما يمثله البلدان من عمق استراتيجي، فلا بد أن يكون هناك تباحث بشكل كبير، وخاصة أنه وعلى الرغم من تأثيرات الأزمة إلا أنها أوجدت فرصة للبلدان العربية النفطية من حيث ارتفاع أسعار النفط، ولمصر مصلحة أساسية في تأمين إمداداتها من جانب الدول الشقيقة سواء بمواصفات محددة، وبأسعار مناسبة. هذه الأزمة لها بعد مهم جدا، وأنه لا بد أن يكون هناك لدول المنطقة تجاوب معها من منطلق نابع من رؤيتها، ولذلك أحب أن أشير إلى دعوة مصر لمجلس جامعة الدول العربية لتحضير جلسة لإيضاح موقف الدول العربية تجاه تلك الأزمة، والتسوية السلمية لها، والبحث عن سبل للمفاوضات، لأن الخطورة الأساسية لتلك الأزمة أن بعض الدول، وتحديدا القوتين المركزيتين الولايات المتحدة، وروسيا يمكن أن يحاولا إيجاد حالة من الاستقطاب الدولي الشديد. والهدف في مصر والسعودية ليس الانحياز لطرف على حساب طرف آخر. وللدول العربية لها رأي آخر، من خلال القوة المركزية (مصر والسعودية) يتم التعبير عنه سواء في مجالس إقليمية، مثل جلسات جامعة الدول العربية، أو لقاء قمة بين قيادات سياسية لبلدين مركزيتين مثل مصر والسعودية، وبالتالي نحن نتحدث عن الملامح التي ترتبط بالتأثيرات الخاصة بالأزمة الروسية الأوكرانية. وهناك أيضا ملفات مختلفة سواء فيما يتعلق بالتأكيد على المواقف المشتركة بين البلدين فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف، وهنا نرى الرؤية السعودية قد صارت متطابقة مع الرؤية المصرية فيما يتعلق بملف الإرهاب، وتحديدا جماعة الإخوان، فعندما نرى تصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع مجلة «ذا أتلنتك» أن موجة التطرف أصبحت جماعة الإخوان وفروعها في المنطقة، وهذا تحول كبير، لأن الفارق بين رؤية مصر والسعودية في 2015، ورؤية 2022، كانت السعودية ترى أن الإخوان خطر يمكن احتواؤه، وكانت الرؤية المصرية أن الإخوان خطر لا يمكن احتواؤه، وأصبحت الرؤية السعودية الآن نسخة كربونية من الرؤية المصرية وهي أن الإخوان باعتبار أن لهم دورا رئيسيا في صناعة التطرف في الإقليم والعالم، خطر لا يمكن احتواؤه. وبالتالي يتطلب ذلك تضافر الجهود معا. وهناك أيضا ملفات ترتبط بالعلاقات الثنائية بدرجة كبيرة. كما أن مصر تتعامل مع ملف مشروع الربط الكهربائي كجزء من الدبلوماسية المصرية مع أشقائها، وأن هذا الأمر يمكن التعاون من خلاله مع كل من ليبيا والسودان والسعودية والعراق والأردن، ومن الممكن أن يكون لهذا الملف جانب من المشاورات المصرية السعودية، إضافة إلى مناقشة زيادة الاستثمارات بين البلدين.
توافق في الخطط والاستراتيجيات
هذه الزيارة مهمة جدا، لتنظيم الاستراتيجية المصرية السعودية، وكيف تتلاءم مع المتغيرات في ظل الأزمة الأوكرانية، خاصة أن روسيا تربطها علاقات سياسية، واقتصادية قوية جدا مع المملكة العربية السعودية، حسب رؤية أستاذ العلوم السياسية جامعة حلوان الدكتور جهاد عودة، في تصريحات خاصة لـ«المجلة»، ولأن مصر والسعودية هما ركنا الأمن القومي العربي، فمن الضروري أن يتلاءما مع بعضهما البعض في الخطط والاستراتيجيات. والزيارة لها أهمية متعلقة بالتوقيت خاصة في ظل وجود محاولات تركية للتنسيق بين أطراف الأزمة الأوكرانية، وهو ما يستلزم تواجد الدور المصري والسعودي لأنهما ركنا الأمن القومي العربي لذا لا بد من تواجدهما على الساحة بفاعلية تتناسب مع مكانتهما الإقليمية.
كما أن هناك حديثا جديدا قديما عن أمن البحر الأحمر وهناك معضلة متعلقة بالقاعدة البحرية الروسية في السودان، لأنها قاعدة نووية، حسب عودة، تقبل سفنا نووية، ولا بد أن يحدث تنسيق بين مصر والمملكة، خاصة أن القرار السوداني جاء دون الرجوع للشركاء الإقليميين.
كما أن هناك ضرورة للتفاهم السعودي المصري الإيراني لأن المنطقة مشتعلة، وخصوصا أن هناك ملفا مهما متعلقا بلبنان. كما أن عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية لا بد أن يحدث حوله توافق مصري سعودي قطري، والمهم أن الزيارة جاءت في وقتها، ولها تأثير استراتيجي هام.
هناك اتصالات هاتفية دائمة بين الرئيس السيسي والعاهل السعودي، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولكن المطلوب الآن، حسب مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير جمال بيومي، إجراء لقاء مباشر لمناقشة العديد من الملفات والأزمات العاجلة، والملحة، والتي تأتي الأزمة الأوكرانية على رأسها، وما تمثلة من أزمة طاقة عالمية: (بترول، وغاز)، وتأثيرات الأزمة على المنطقة العربية، والشرق أوسطية، إضافة إلى المسألة السورية ومآلاتها، وهل تعود سوريا لمقعدها في الجامعة العربية ؟ أم لا ؟ إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. والمهم هو مناقشة الأزمة الأوكرانية وتأثيراتها، والقمة العربية القادمة، كما أنه لا يجب أن نغفل أعيننا عن أمن البحر الأحمر.
المملكة العربية السعودية ومصر أخوان لا يختلفان على مر التاريخ، وهناك تنسيق مصري سعودي سواء كانت هناك أحداث عالمية، أو أحداث إقليمية، وإذا كانت هناك أمور بينية فيكون التنسيق بينهما واردا، وذلك حسب تأكيدات رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بجدة، الدكتور أنور عشقي، والآن نحن نعرف أن هناك أحداثا دولية تحدث، وسوف تترك انعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط، وعلى الدول العربية، وأيضا هناك أحداث إقليمية نشاهدها وهذا يستلزم أن يكون هناك تنسيق في المواقف.
كما أن المستقبل لمنطقة الشرق الأوسط أصبح مشرقا نظرا لما تخطط له القاهرة والرياض، وينسقان معا من أجل هذا المستقبل، ونحن نرى أيضا أن المملكة لها رؤية 2030. وهذه الرؤية من شأنها أن لا تعتمد على البترول، وإنما تعتمد على الوسائل الأخرى، كما أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وضع رؤية بأن تكون منطقة الشرق الأوسط أوروبا جديدة.