بيروت: للمرة الأولى اعتمد مجلس الأمن القرار 2624 تحت البند السابع، الذي قضى بتجديد نظام العقوبات على اليمن، ووصف جماعة الحوثيين- المعروفة بجماعة أنصار الله- في إحدى فقراته بـ«جماعة إرهابية». كما أدرج القرار الحوثيين ككيان تحت حظر السلاح المستهدف.
بالإضافة إلى ذلك أدان القرار هجمات جماعة الحوثيين عبر الحدود على المدنيين والبنية التحتية المدنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وطالب الجماعة بالوقف الفوري للأعمال العدائية.
ويوسع القرار، الذي اقترحته الإمارات، حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على العديد من قادة الحوثيين ليشمل الحركة بأكملها. وأقر المجلس القرار بعد موافقة 11 صوتا عليه، بينما امتنع أعضاء المجلس الأربعة الباقون (آيرلندا والمكسيك والبرازيل والنرويج) عن التصويت.
كما أدان القرار الهجمات العابرة للحدود التي تشنها ميليشيات الحوثي الإرهابية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية في السعودية والإمارات، وطالب الميليشيات بالوقف الفوري للأعمال العدائية.
أبرز النقاط التي شملها قرار 2624
تصنيف الحوثيين على أنهم «جماعة إرهابية»لأول مرة، وإدانة هجماتهم الإرهابية العابرة للحدود على المدنيين والبنية التحتية المدنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والمطالبة بالوقف الفوري لمثل هذه الهجمات.
إضافة إلى إدراج الحوثيين، ككيان، على قائمة عقوبات اليمن بموجب حظر الأسلحة. وتشمل أسباب التصنيف مجموعة واسعة من الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون ضد السكان اليمنيين والمجتمع الدولي، بما في ذلك:
- الهجمات على المدنيين، واستخدام العنف الجنسي، وتجنيد الأطفال واستغلالهم، واستخدام الألغام الأرضية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
- اعتداءات الحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر.
- الهجمات الإرهابية المتكررة التي نفذوها عبر الحدود، والتي تستهدف المدنيين والبنية التحتية في السعودية والإمارات.
ودعا القرار الدول الأعضاء إلى تكثيف الجهود لمكافحة تهريب الأسلحة ومكوناتها عبر الطرق البرية والبحرية.
كما أدان بأشد العبارات تزايد عدد الهجمات على السفن المدنية والتجارية، وكذلك الاستيلاء على السفن التجارية قبالة سواحل اليمن، ويوضح أن الهجمات على السفن التجارية تخضع للعقوبات، ويطالب بالإفراج عن طاقم سفينة «روابي».
ويعيد قرار مجلس الأمن تأكيده على محتوى بيانه الصحافي الصادر في 21 يناير (كانون الثاني) 2022 بشأن الهجمات الإرهابية الحوثية على أبوظبي، ويعرب عن قلقه البالغ إزاء نية الحوثيين المعلنة لشن هجمات إضافية على أهداف مدنية.
يطالب القرار بوقف فوري للتحريض على عنف الحوثيين ضد أي جماعة أو جنسية.
تصنيف الحوثيين كجماعة يفرض عقوبات فقط تتعلق بحظر الأسلحة، مما يعني أنه ليس له تأثير إنساني، فالقرار يأخذ بعين الاعتبار الوضع الإنساني.
ويوضح أن تدابير العقوبات لا يُقصد بها أن يكون لها عواقب إنسانية ضارة بالمدنيين والمساعدات الإنسانية والواردات والتحويلات.
تمهيد لتصنيف الحوثي تنظيما إرهابيا
رأى السفير اليمني في المغرب عز الدين سعيد الأصبحي في حديث مع «المجلة»أنّ «القرار الأخير لمجلس الأمن هو تأكيد على مسار القرارات السابقة الخاصة بحظر الأسلحة واستبقاء العقوبات، وقد عمل على إضافة أساسية وجادة من وجهة نظري هي أن يتم شمل الحوثيين ككيان في عملية الحظر، فجماعة الحوثي لم تكن مشمولة بالقرارات السابقة، والنقطة الثانية هي سياق القرار الذي عمل على توصيف الحوثيين كجماعة إرهابية من حيث السلوك والممارسة مستندا بذلك للمرة الأولى على إدانة هجمات الحوثي العابرة للحدود ضدّ المدنيين والبنى التحتية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة».
وأضاف الأصبحي: «إدراج الحوثيين ككيان له مسببات أدت إلى اتخاذ هذا القرار وهي مجموعة واسعة من الانتهاكات، مثل هجوم الحوثي على المدنيين، واستخدام العنف الجنسي وتجريد الأطفال، واستخدام الألغام الأرضية، وأيضا عرقلة المساعدات الإنسانية، وكذلك تهديد الملاحة البحرية والهجوم على السفن التجارية بالإضافة إلى الهجمات العابرة للحدود، ومجمل هذه الممارسات دفعت إلى اتخاذ القرار بإدراج الحوثيين أولا ككيان في قائمة العقوبات دون ممانعة من قبل الدول الكبرى وهذا يعزز مسألة ملاحقة الجهات الدولية والإقليمية ويمهد لهم الطريق لتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية، خاصة عندما رأينا بعض التردد في الدوائر الأميركية وغيرها بإعادة تصنيف الجماعة الحوثية جماعة إرهابية، وبالطبع هذا سيكون ممهدا لتصنيف الجماعة على مستوى الدول كمنظمة إرهابية، وهذا برأيي الأهم لأن اتخاذ دول معينة خاصة الولايات المتحدة الأميركية تصنيف الحوثي منظمة إرهابية سيكون أثره المباشر سريعا ونافذا، لأن قرارات الأمم المتحدة تكون نافذة عندما تتبناها الدول بشكل مباشر، وإلا تصبح بحاجة إلى قرار لتفعيلها بشكل جدي وفعلي».
وتابع الأصبحي: «على صعيد البنية الآيديولوجية لجماعة الحوثي من وجهة نظري التأثير لن يكون كبيرا، الجماعة لديها اعتقاد آيديولوجي عميق في مسألة إلغاء الآخر، فهم لديهم نظرة إيمانية عميقة بأن ما يقومون به من قتل الآخرين هو تكليف ديني، وهذه مسألة خطيرة، بالتالي عندما يرتبط الأمر بآيديولوجيا، يتجاوز الموضوع موضوع قرارات سياسية أو دولية، ويحتاج إلى معالجة على الأرض وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة القانونية لتحجيم هذه الآيديولوجيا ومحاولة تغيير بنية الجماعة وتراجعها في معتقداتها».
ولكن هل سيساهم هذا القرار في ردع ميليشيا الحوثي وهل حصولها على الأسلحة سيزداد صعوبة عما قبل القرار؟ قال الأصبحي: «إلى حد كبير الموضوع بحاجة إلى تفعيل على مستوى الأرض، القرار سيلقي بظلاله على بعض المؤسسات حتما، الآن هناك الكثير من الجهات، ستكون أمام حرج وخوف وخشية أن تتعامل مع الحوثيين بالبساطة التي كانت قبل القرار، ولكن تبقى الأمور مرتبطة بمدى جدية التنفيذ من قبل الدول التي يجب أن تعزز رقابتها في مسألة المتابعة والملاحقة. لأن القرارات الدولية عندما تصل إلى التنفيذ تصبح دائما حبرا على ورق، ولكن عندما تجد ما يسمى الإرادة السياسية للدول تصبح فاعلة وقوية ونافذة. إذن هذا القرار يعطي دول الجوار والدول العظمى أحقية أكبر في ممارسة أكثر جدية على الأرض وأعتقد سيكون له أثر إيجابي حتما لأنه بالتأكيد الكثير من الدول والكيانات ستجد نفسها في موقف حرج لن تستطيع التعامل بأريحية مع جماعة الحوثي المصنفة إرهابية أو توصف ممارساتها كممارسات إرهابية. وبالتالي سيكون على الحوثيين دفع كلفة أكبر، وحصولهم على السلاح سيكون بكلفة أكثر وبمشقة أكبر، ولكن مثل أي جماعة إرهابية ستجد طرقا غير شرعية للحصول على الأسلحة».
السلام يحتاج إلى قوّة تحميه
وفيما اتخذ القرار في مجلس الأمن شهدت جبهات يمنية تصعيدا عسكريا خصوصا بعد الهجمات التي نفذتها ميليشيا الحوثي على الأراضي السعودية والإماراتية، ولكن هل سنشهد حسم المعركة عسكريا، بعدما شهدنا في الأشهر الماضية مبادرات سعودية للسلام في اليمن؟
وفي هذا السياق يؤكد الأصبحي أنّ «مسألة الواقع العسكري على الأرض هي ممهد للعملية السياسية، وحتى خطاب السلام الذي تطالب به الشرعية اليمنية ودول التحالف العربي والمجتمع الدولي يحتاج أيضا إلى قوّة تحميه، أي إن خطاب السلام دون ترجيح كفة الميزان العسكري إيجابيا لصالح الدول التي تطالب بالسلام، يكون نوعا من الاستسلام أو نوعا من الأمنيات، فإذا أردنا تحقيق السلام الملموس يحتاج ذلك إلى حماية فعلية على الأرض، وبالتالي عندما تصبح القوّة إيجابية من أجل السلام يكون الحسم إيجابيا، القوى العسكرية من دون خطاب السلام هي قوى قمعية ولكن السلام من دون قوّة تحميه يصبح مجرد أمنيات، إذن ما يجري من تصعيد عسكري يجب أن يكون حازما وسريعا لأجل إعادة الأمور إلى نصابها لكي تكون الدولة هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن حيازة السلاح، وتجريد الميليشيات من السلاح. دون ذلك لن تكون هناك جدوى لأي خطاب سلام ونحن لا نسيطر على الأرض عسكريا».
وختم السفير اليمني أنّ القرار ألقى الضوء على أمور منسية أهمها «تفعيل دور المرأة، وتعزيز دور المجتمع المدني، وأهمية مخرجات الحوار الوطني الشامل في اليمن، والذي يجب أن تكون ركيزة أساسية لأي حل شامل في اليمن، إذا أردنا أن نبحث عن حل سياسي ناجح في اليمن لا يجب أن نخترع العجلة مرة أخرى لدينا أرضية صلبة متمثلة في مخرجات الحوار الوطني يمكن أن نبني عليها، ومن إيجابيات هذا الحوار أن الحوثيين شاركوا فيه وبالتالي يحظى بإجماع وطني».
ترحيب بالقرار
لقد لقي القرار الذي صدر عن مجلس الأمن ترحيبا واسعا من قبل منظمة التعاون الإسلامي والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية، آملين أن يضع القرار حدا لأعمال الميليشيا وإيقاف تزويدها بالصواريخ والطائرات دون طيار والأسلحة النوعية والأموال التي استعملتها لاستهداف الشعب اليمني وتهديد الملاحة الدولية ودول الجوار. ووقف زعزعة استقرار اليمن والمنطقة وكبح الجماح الإرهابي للميليشيات الانقلابية وجرائم الحرب التي ترتكبها ضد المدنيين.
فيما أكد رئيس أركان الجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز، أن تصنيف ميليشيات الحوثي جماعة إرهابية: «خطوة متقدمة»لاجتثاث الإرهاب من البلاد.
القرار الجديد لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صنف تحت الفصل السابع، ميليشيات الحوثي «جماعة إرهابية»، وأدرجها كـ«كيان»على قائمة العقوبات المرتبطة بحظر السلاح في اليمن، ضمن ضغط للحد من قدراتها العسكرية.