بينما ينشغل العالم بمتابعة مجريات الحرب الروسية على أوكرانيا وتهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المبطنة باستخدام السلاح النووي، أصدر مجلس الأمن قرارا صنف ميليشيا الحوثي «جماعة إرهابية»، وفرض حظر الأسلحة عليهم.
والقرار، الذي اقترحته الإمارات، وسع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على العديد من قادة الحوثيين، ليشمل الحركة بأكملها.
وإن كان الخبر هو تصنيف الجماعة كجماعة إرهابية، فالخبر المهم أيضا هو الانتظار إلى اليوم كي تصنف.
فما الذي كان ينتظره مجلس الأمن ليصنف جماعة ارتكبت وفقا لتقرير فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، والمقدم لمجلس الأمن الدولي، انتهاكات واعتداءات خطيرة، ونفذت هجمات داخلية وخارجية وهددت الملاحة ونفذت اعتداءات بحرية، إرهابية؟
وإن كان تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية تم من خلال مقايضة بالموقف السياسي أقله بما يتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا، فإن ذلك إن دل على شيء فهو يدل على فشل هذه المؤسسة بأن تلعب الدور الذي تنص ديباجة ميثاقها التأسيسي عليه، وهو «إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف»، وأن تبين «الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي».
ونصت المادة الأولى من الفصل الأول «مقاصد الهيئة ومبادئها» على «حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها».
فأين يمكن أن نرى الترجمة الفعلية لهذا الكلام خلال الأعوام منذ تأسيسها إلى يومنا هذا؟
فعدا عن انتظارها كل هذه السنين لتصنف جماعة كالحوثيين كجماعة إرهابية، وهي نفسها، أي الأمم المتحدة، تحدثت عن ارتكاب الجماعة جرائم وتجنيد أطفال وممارسة العنف الجنسي ضد النساء والكثير الكثير من جرائم الحرب، فلا يمكن إلا أن نتذكر فضائح الفساد المتعلقة بعمل المنظمة في سوريا.
الأمم المتحدة التي فشلت خلال سنوات عمرها من إيجاد آلية عملية لتطبيق قراراتها، وفشلت بوضع حد لمآسي السوريين خلال أكثر من عشرة أعوام، ولا تزال تعترف بنظام بشار الأسد كنظام شرعي وهو الذي خالف جميع الالتزامات وارتكب مئات الجرائم، منها استخدام السلاح الكيماوي، وأيضا وفقا للأمم المتحدة، لم تكتف بهذا الفشل، بل تورطت من خلال فساد الكثير من مؤسساتها بدعم نظام الأسد ماديا
فقد كشفت عدة دراسات عن أن برامج المساعدات الدولية التي تقدمها منظمة الأمم المتحدة لسكان مناطق سيطرة النظام السوري، تقدم في معظمها عن طريق منظمة الأمانة السورية للتنمية التي تديرها أسماء الأسد، زوجة بشار. وليس مفاجئا بالتالي كيف يتلاعب نظام الأسد بهذه المساعدات حيث يوجهها فقط إلى الموالين والمؤيدين له.
وفي الوقت نفسه، وفي كل مرة يصوت مجلس الأمن على قرار إدخال مساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يخضع الأمر لابتزاز بين الدول الأعضاء ولا يتم إدخال الحد الأدنى من المساعدات للسوريين دون مقايضة تقبض ثمنها روسيا في ملفات أخرى ويدفع الأبرياء ثمنها في سوريا وغيرها.
عندما قال الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن الحكومة البريطانية منفتحة على «طرد روسيا من مجلس الأمن الدولي»، فقد يكون أول اقتراح عملي يقدم ولو كفكرة لإيجاد حل لما يعانيه العالم الحر من دولة تعطي لنفسها الحق بدعم نظام إرهابي وتساعده في قتل شعبه، وتسمح لنفسها بغزو دولة جارة لأنها لا تتوافق مع توجهاتها، وتبتز المجتمع الدولي لإدخال مساعدات إنسانية، وتمنع ملاحقة مجرمي الحرب، ولكنه بالتأكيد ليس الحل الوحيد، فمنظمة الأمم المتحدة تحولت شيئا فشيئا إلى معرقل للعدالة، إن كان بسبب آليات اتخاذ القرار فيها أو بسبب الفساد المستشري في مؤسساتها.