بيروت: ما إن بدأ الغزو الروسي على أوكرانيا حتى بدأت تعلو صرخات الطلاب اللبنانيين العالقين في أوكرانيا، خصوصا مع شعورهم أنّهم متروكون من قبل الدولة اللبنانية، التي اعتادت أن لا تهتم بمواطنيها القاطنين في البلاد أو المغتربين. فالطلاب اللبنانيون يعيشون اليوم خطرا بالغا خصوصا أنّهم يتمركزون في خاركيف وكييف المدينتين الأكثر تعرضا للقصف العنيف.
ونشر أحد الطلاب ويدعى عبد الله الشّامي، بنشر ما يعايشونه عبر صفحته على «الفايسبوك» قائلاً أن الطلاب اللبنانيين انقسموا إلى قسمين: الأول منهم في شرق أوكرانيا، أي على الحدود مع روسيا، لا حيلة لهم سوى التوجّه إلى الملاجئ ومحطّات المترو والقطار.
أمّا المتواجدون في القسم الغربي، أي على الحدود البولندية، فلم يسلموا من المعاناة. صحيحٌ أن الهرب نحو بولندا متاح، الاّ أنهم يصطدمون بعراقيل تهدّد حياتهم.
أمّا الذي نجحوا في الخروج من أوكرانيا إلى بولندا على سوء أحوالهم حتى بعد عبور الحدود. إضافة إلى الساعات العصيبة التي عاشوها على مدى أيام لحين التمكّن من دخول الأراضي البولندية، وصل هؤلاء إلى منطقة جيشوف حيث انقطعت بهم السبل بشكل كامل. من دون مال ولا إمكانية للاتصال والتواصل، ولا قدرة على حجز فنادق أو حتى البحث عن إيواء مؤقت، بانتظار خطة الدولة اللبنانية لنقل الهاربين من أوكرانيا إلى بيروت، لم يجد شبان وشابات لبنانيون بعد أي إرشادات أو حلول.
حتى الاهالي الذين يناشدون السلطات للإسراع بنقل أبنائهم، لا يستطيعون مساعدتهم بسبب عدم قدرتهم تحويل الأموال بسبب تضييق المصارف، إذ أكّد الأهالي أنّ أبنائهم يعيشون حالات ضياع في بولندا ورومانيا مع غياب تام للبعثة الدبلوماسية اللبنانية التي كان من المفترض أن تستقبل الطلاب الهاربين من القصف.
وقبل ساعات أكد رئيس الهيئة العليا للإغاثة، اللّواء الرّكن محمد خير، على أنّ الموعد المبدئي لبدء إجلاء اللبنانيين الهاربين من أوكرانيا عبر بولندا ورومانيا سيبدأ في الرابع من آذار المقبل. وشدد خير على أنه «عندما يتمكّن اللبنانيون من الوصول إلى الحدود البولندية أو الرومانية فهم في أمان، ومن ثم تقوم المنظمات الإنسانية بمساعدتهم للوصول إلى مراكز التجمّع». ولفت خير في حديث إذاعي إلى أنّ «هناك 450 لبنانياً سجّلوا أسماءهم حتى الآن في العاصمة البولندية وارسو»، نافياً وجود أي مبادرة فردية من رجل أعمال لبناني لإجلاء اللبنانيين على نفقته.
في السياق، نفّذ عددٌ من أهالي الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا، الجمعة، وقفة احتجاجية في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس، شمال لبنان، طالبوا فيها المجتمع الدولي بالتحرّك وإنقاذ أولادهم بعدما لم يلمسوا أي جدية في تعاطي السلطات اللبنانية مع القضية.
وطالب الأهالي بإجلاء أولادهم فوراً في ظلّ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال فادي ملحم، المتحدث باسم الأهالي، إنّ السفير اللبناني في أوكرانيا لا يرد على الاتصالات، والطلاب تُركوا لمصيرهم يواجهون خطر الموت، وبعضهم ترك مدينة خاركيف حيث يدرسون وتوجّه مشياً على الأقدام لأكثر من 19 ساعة حتى الحدود معرّضين حياتهم للخطر في ظلّ القصف المتواصل.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان قد دعت في بيان، جميع الرعايا اللبنانيين المقيمين في أوكرانيا إلى توخي أقصى درجات الحيطة والحذر والبقاء حالياً في أماكن آمنة.
وأكّدت أنها تتابع اتصالاتها السياسية مع جميع الدول المعنية والصديقة بما فيها دول الجوار لتأمين الممرات الآمنة وتسهيل مغادرة الرعايا اللبنانيين الراغبين بذلك وفقاً لتطور الحالة الأمنية.
ولاحقا أكّدت وزارة الخارجية على أنّها توصّلت إلى اتفاق مع السلطات البولنديّة يسمح للطلاب اللبنانيين الهاربين من أوكرانيا بعبور حدودها والمكوث في أراضيها مدّة لا تتجاوز الأسبوع، شرط أن يكون بحوزة الطلاّب تذكرة عودة إلى بلدهم.
كما أنّ «الخارجية» تواصلت مع السلطات الفرنسية للبحث في إمكانية نقل اللبنانيين برفقة الرعايا الفرنسيين من أوكرانيا إلى بولندا.
وإلى حين الوصول إلى حلّ وجواب من الطرف الفرنسي، يبقى الطلاب اللبنانيون في خطر. اذ تنتظرهم ساعات من السير على الأقدام للوصول إلى برّ الأمان.