بيروت: لا تزال تداعيات إعلان رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون أنّ خط لبنان التفاوضي هو الخط 23، معلنا التراجع عن خط 29، في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
هذا الإعلان لعون أثار موجة من الانتقادات طالت رئيس الجمهورية، إذ اعتبر المنتقدون أن عون تنازل بشكل واضح عن حقوق الشعب اللبناني وبحره وغازه وثرواته الطبيعية، وخسارته لمساحة 1430 كلم مربّع، فيما اعتبر آخرون أن هذا التنازل هو مقايضة مع الجانب الأميركي لإزالة العقوبات عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وفي أول تعليق رسمي عن موجة الانتقادات وبعد إشارة رئيس الوفد اللبناني المفاوض، العميد المتقاعد باسم ياسين، إلى حذف رسالة لبنان إلى الأمم المتحدة، التي تؤكد مطالبة لبنان بالخط 29، علّق وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب مشيراً إلى إمكانية «أن يكون هاكر قد عمل على إزالة الرسالة». وشدد حبيب على أنّ لبنان «لم يطلب سحب الرسالة المرسلة إلى الأمم المتحدة حول الترسيم وكلّفنا سفيرتنا بمتابعة الموضوع». إلا أنّ بو حبيب أضاف: «لبنان لم يتبنّ أبداً الخط 29 وحكومة العام 2011 حددت الخط 23 والحكومة الحالية مستمرة بالتفاوض على الخط 23».
وفي بداية فبراير/ شباط وصل آموس هوكشتاين، موفد واشنطن لملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، إلى بيروت، بعد أن كان زار إسرائيل قبل أسبوعين من زيارته إلى بيروت والتقى وزيرة الطاقة الإسرائيلية.
وبحسب المعلومات حملت الزيارة خطوة للأمام فيما قدمه الوسيط، ولكن لا شيء نهائيا بانتظار تبلور النتائج، خصوصا أنّه لم يصدر عن الجانب الإسرائيلي أي رد أو موقف يعلن فيه استعداده إعطاء لبنان حقه من الخط 23، بعد إعلان لبنان عن تنازله عن الخط 29. حتى الجانب الأميركي لم يعلق على القرار الذي شكل صدمة لدى الرأي العام اللبناني خصوصا بعدما كان عون متمسكا بما يسمى الخط 29 ومتحمسا لتسميته بخط «ميشال عون».
وكانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد أعلنت في أواخر يناير أن المحادثات بشأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، «ستستأنف الأسبوع المقبل بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية».
هل ستفتح المفاوضات أمام لبنان باب احتياطيات غاز ضخمة؟
كان من المفترض أن تقتصر المفاوضات على مساحة بحرية من نحو 860 كيلومترا مربعا، بناء على خريطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة، لكن لبنان اعتبرها خريطة مستندة إلى تقديرات خاطئة، وطالب بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومترا مربعا، تشمل أجزاء من حقل «كاريش» الذي تعمل فيه شركة يونانية لصالح إسرائيل.
ولبنان وإسرائيل على خلاف حول ترسيم حدود المياه الإقليمية في البحر المتوسط، ويمكن أن تفتح المفاوضات أمام لبنان باب احتياطيات غاز ضخمة وسط أسوأ أزمة مالية يمر بها في تاريخه.
وأجرى لبنان وإسرائيل عدة جولات من المحادثات منذ أكتوبر 2020، استضافتها الأمم المتحدة في قاعدة لقوات حفظ السلام في جنوب لبنان. وجاءت المحادثات تتويجا لجهود دبلوماسية أميركية استمرت ثلاث سنوات.
لكن الخلافات بين الجانبين ظلت كبيرة بعد أن عرض كل طرف خرائط مختلفة عما عرضه الطرف الآخر للحدود المقترحة مما زاد فعليا من مساحة المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي أدى إلى توقف المحادثات منذ حوالى سبعة أشهر في 4 مايو/ أيار الماضي.
ويدور الخلاف حول منطقة مثلثة من البحر الأبيض المتوسط تبدأ عند الحدود البرية للدولتين، والتي يبلغ عرضها خمسة إلى ستة كيلومترات (3.1-3.7 ميل) في المتوسط وتشكل حوالي 2 في المائة من المياه الاقتصادية لإسرائيل، بحسب الصحيفة. ومنذ تعثر المحادثات، وافقت الحكومة اللبنانية على مسودة مرسوم يوسع مطالبة لبنان بإضافة نحو 1400 كيلومتر مربع للمنطقة الاقتصادية الخاصة به.
وقال مكتب وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، حينها إن إسرائيل تدرس استئناف المحادثات لكن «استنادا إلى المنطقة المعروفة المتنازع عليها».
وتضخ إسرائيل بالفعل الغاز من حقول بحرية ضخمة، لكن لبنان لم يكتشف بعد احتياطيات غاز بكميات تجارية في مياهه.