القاهرة: قال الخبراء إن مجلة «المجلة» ساهمت على مدار أكثر من 40 عاما في تنمية المجتمع العربي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا من خلال طرحها للعديد من القضايا العربية ومناقشتها في إطار مهني وبموضوعية شديدة بعيدا عن السطحية، وشكلت خلال السنوات الماضية وجدان القراء العرب وساعدت من خلال الموضوعات إلى محاربة التطرف وفضح الإرهاب عن طريق مناقشة القضايا الجدلية والفلسفية وعرض الأفكار الوسطية ولم يقف الأمر عند ذلك ولكن استقطبت العديد من الكتاب العرب لعرض آرائهم بحرية تامة مما أثرى المجتمع العربي في العديد من المجالات خاصة الاستثمار.
وقد اعتبر الدكتور محمد شومان عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية بالقاهرة أن مجلة «المجلة» قامت بدورها على أكمل وجه خلال 40 عاما منذ تأسيسها عام 1980 ومنذ العدد الأول لها ظهرت بثوب جديد في الموضوعات والمضمون، فقد قدمت خطابا معتدلا إلى حد كبير، كما التزمت بالقواعد المهنية ومثلت في ذلك الوقت نقلة كبيرة في عالم الصحافة الورقية خصوصا المجلات. وأعتقد أن استمرارها حتى اليوم رغم إغلاق الكثير من المجلات والصحف العربية والأجنبية الأطول منها عمرا أبوابها في السنوات الأخيرة يعتبر تحديا كبيرا ولا بد لها من الحفاظ على الاستمرارية بهذا الشكل مع ضرورة التواكب مع ثورة الاتصال واستخدام التكنولوجيا لأن المنصات الإلكترونية ستكون أكثر نجاحا في نقل خطاب مجلة عابرة للحدود وذات طابع دولي إقليمي وخارجي مع ضرورة الاهتمام بالمحتوي الرقمي الذي يتطلب بذل مجهود أكثر خصوصا في صحافة الفيديو.
الموقع الإلكتروني
وأكد شومان على ضرورة التوسع وتطوير الموقع الإلكتروني الخاص بـ«المجلة» والاعتماد عليه أكثر من الورقي ليصل إلى أكبر عدد من القراء في العالم لتكون تجربة فريدة كما كانت في الإصدار الورقي لنشاهد «المجلة أونلاين» وأعتقد وفي ضوء التكنولوجيا أنه من الأفضل الاعتماد على الموقع الإلكتروني لأنه يصل إلى أكبر عدد من الجماهير العربية خصوصا في دول المهجر في ظل التوسع الذي يحدث في الإصدارات الرقمية على الأجهزة المتحركة والهواتف المحمولة لأنه من الصعب تحقيق السبق في الصحف والمجلات الورقية وهذا هو التطور الطبيعي لأي إصدار في ظل أن الذي يتغير هو شكل الإصدار لأن الصحافة لن تموت ولا تنتهي ومن هنا لا بد من الإشادة بموقع «المجلة» الإلكتروني المتعدد اللغات الذي ساهم في سد نقص كبير في توجيه خطاب عربي إلى دول الجوار ودول لها علاقات بالمنطقة العربية وهذا هو التطور الطبيعي لدور الصحافة العربية العابرة للحدود وليس المحلية.
وطالب شومان إدارة «المجلة» بتيسير التصفح الإلكتروني لأعدادها القديمة حتى نحافظ على ذاكرة «المجلة» التي تعتبر جزءا من ذاكرة العرب والمنطقة العربية.
ومن جانبه، قدم السفير نبيل فهمي وزير الخارجية المصري السابق التهاني لأسرة تحرير «المجلة» بمناسبة مرور 42 عاما على صدورها، معتبرا أنها قامت بتزويد المنطقة العربية بالمعلومات والآراء المختلفة والمتنوعة والتي اهتمت اهتماما كاملا بالموضوعات النقدية وقدمت محتوى ومضمونا جيدا ولها مكانه خاصة مع القراء، ليس فيما يخص القضايا المعاصرة فقط ولكن على مستوى قراءة الحدث السياسي قراءة موضوعية وتحليلا واقعيا، وساهمت في وضع حلول للعديد من القضايا والأزمات التي واجهت المنطقة العربية، ومن ثم لا بد من الاستمرار في الفترة القادمة كما عودتنا «المجلة» من اقتحام القضايا بجرأة إعلامية في تناول قضايا المستقبل خاصة أن 65 في المائة من العالم العربي من الشباب ومن ثم طرح قضاياهم ومتابعتها والمساهمة في مناقشتها أمر بالغ الأهمية.
مناقشة قضايا الإرهاب
واعتبر عمرو فاروق الخبير المصري في شؤون الحركات المتطرفة أن «المجلة» علامة بارزة من علامات الصحافة العربية ومن خلال متابعة لها خلال السنوات الماضية قامت بمناقشة العديد من القضايا الفكرية والتي ساهمت إلى حد كبير في محاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة ونقلت آراء عدة مما شكل وعيا عاما لدى قراء ومتابعي «المجلة» من خلال موضوعات رصينة وقوية تمتاز بالموضوعية في طرح الآراء من خلال أفكار مستنيرة تعتمد على الوسطية التي يدعو إليها الدين الإسلامي، ومن هنا قامت «المجلة» من خلال موضوعات عدة ناقشت فيها الأفكار المتطرفة والعمل على طرح حلول لها وفضح أكاذيب التنظيمات الإرهابية واستغلال الشباب، كما قامت من خلال متخصصين بوضع حلول للقضاء على الإرهاب.
وأكدت الدكتورة أماني ألبرت، أستاذة الإعلام بجامعة بني سويف، وسط مصر، أن مجلة «المجلة» لها دور تنويري بتسليط الضوء على موضوعات تنمي الذوق العام وتساهم في تحرير العقول ومناقشة الأفكار في ضوء حرية الفكر وبالطبع ما كتب فيها على مر السنوات هو توثيق وذاكره للثقافة كإحدى أدوات القوة الناعمة التي تبني وتشكل الرأي العام. وفي المقابل يمكن أن نقول إنها كانت أداة لهدم كل الأفكار الخاطئة والمضللة مع مراعاة اختيار الموضوعات التي تعرضها، ويمكن القول إن موضوعاتها تميزت بالتعمق في جذور الموضوعات وفي نفس الوقت بالبساطة بحيث توضح المفاهيم والمصطلحات في إطار تنظيري سليم ولكنه بسيط يناسب الجمهور العام.
أهم الإصدارات العربية
أما الناقد السينمائي المصري أحمد السماحي فقال من خلال متابعته لـ«المجلة» خلال الفترات الأخيرة أنها تعتبر من أهم الإصدارات العربية في مجال السياسة، ولا يقل دورها عن دور المجلات العريقة مثل «روزاليوسف» و«الهلال» المصرية، أو أكبر المجلات العالمية التي لها تاريخ. ولقد تابعتها منذ سنوات عديدة حينما كانت توزع في القاهرة منذ أن كنا طلابا لأنها مجلة ذات طابع خاص لا تنشر موضوعات سطحية ولكن جميع الموضوعات التي تتناولها تطرح رؤى ذات أهمية في المضمون وتناقش الموضوعات بعمق شديد ومن خلال السنوات العديدة ناقشت موضوعات مهمة وقامت بإجراء حوارات مع كبار الشخصيات السياسية والفنية والثقافية في العالم العربي وعرفنا من خلالها نجوما كثرا في العالم العربي.
وأكد السماحي أن مجلة «المجلة» من المجلات القوية والرصينة خصوصا في تناولها للقضايا الفنية والتي طرحت من خلال رؤية جديدة لمفهوم الفن من خلال الحوارات التي أجرتها مع الفنانين، حيث تعرف المجتمع العربي على كبار النجوم من خلال هذه الحوارات مثل دريد لحام ومنى وصفي ورشيد عساف ومصطفى العقاد ومجموعة من الفنانين العرب في وقت ما، وما زالت تقوم بدورها في لعب دور تثقيفي لا يقل أهمية عن دور المجلات العريقة ولم يقف دورها على الدور الثقافي فقط ولكن قامت بدور تنموي حتى في الموضوعات الخاصة بالسينما العربية في إطار موضوعي مع نشر الآراء كاملة لذلك حافظت المطبوعة على سمعتها الكبيرة من خلال تحري الصدق ولم تقع في سقطة صحافية واحدة طوال أكثر من 40 سنة أو تبتعد عن العمق أو تناقش الموضوعات بسطحية، في نفس الوقت تقدم الجديد دائما من خلال أبوابها. وتعتبر «المجلة» مصباحا منيرا في عالم الصحافة العربية التي تعاني من مشاكل كثيرة خلال السنوات الأخيرة الماضية واستطاعت أن تتخطى كل الأزمات وتظل معبرة عن العالم العربي ولم تجامل دولة على حساب أخرى.
عودة التوزيع
وطالب السماحي بضرورة عودة توزيع «المجلة» في القاهرة لأن لديها رصيدا من القراء كبيرا في مصر يعلم جيدا قدرها والقضايا التي تناقشها بموضوعية، حيث إن القارئ المصري كان متابعا لـ«المجلة» على مدار سنوات عديدة لما تقدمه في طرح الموضوعات بطريقة بسيطة بعيدا عن التهويل في قالب مهني شديد الإتقان يعبر عن قضايا المجتمع العربي ويشكل منبرا ثقافيا واعدا.
وبينما أعرب عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة «الشروق» المصرية وعضو مجلس الشيوخ المصري عن تقديره الشديد لـ«المجلة» بمناسبة مرور أكثر من 40 عاما على تأسيسها متمنيا دوام التقدم والرقي في ظل التحديات التي تواجهها الصحافة بصفة عامة والورقية خاصة، وأن «المجلة» كان لها دور كبير في الصحافة العربية خصوصا التي تصدر في دول المهجر وقد استقطبت العديد من الكتاب العرب طوال هذه الفترة وأثرت من خلال المقالات التي نشرت الثقافة والقضايا العربية متمنيا لها أن تتجاوز كافة الأزمات التي تواجهها الصحافة والإعلام الرقمي وتتمكن من التعامل مع التطور الذي يحدث في عالم التكنولوجيا.