بيروت:هذا العام لم تكن ذكرى اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري كما السنوات السابقة، بحضور رسمي وشعبي حاشد، وإلقاء كلمات ذات أبعاد سياسية من داخل قاعة مغلقة، هذا العام أحيا اللبنانيون هذه الذكرى الأليمة من أمام ضريح الشهيد رفيق الحريري، بـ «صمت» حمل رسائل كثيرة أهمّها، أنّ رفيق الحريري ورغم مرور 17 عشر عاما على اغتياله لا زال يعيش في وجدان اللبنانيين.
إذا غصّ محيط ضريح الحريري بالآلاف من أنصار تيار المستقبل الذين اعتادوا إحياء هذه الذكرى كل عام، لإيمانهم بالمشروع الوطني الذي حمله رفيق الحريري. وعند الواحدة إلا خمس دقائق، موعد اغتيال الرئيس الأب قبل 17 عاماً، وصل الحريري الابن إلى الضريح بصحبة أفراد من عائلته، التزم الحريري الصمت مكتفيا بإلقاء التحية على الناس الذين لم يخلفوا يوما الوعد لتذكير المجرمين الذين اغتالوا جسد رفيق الحريري أنّ مشروع وحلم وروح رفيق الحريري ستبقى حاضرة في الوطن الذي أحبه.
وكان زار ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة، وعدد من النواب والوزراء السابقين والحاليين في كتلة تيار المستقبل. كما حضر زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، يرافقه النائب تيمور جنبلاط وأعضاء كتلة اللقاء الديموقراطي. ومن أمام الضريح قال جنبلاط الأب «كتب علينا أن نقرأ الفاتحة في المختارة، وفي بيروت في ساحة الشهداء كل عام، وكتب علينا أن نصمد وسنصمد». كما زار الضريح وزير الداخلية بسام مولوي، الذي وضع إكليلاً من الزهر وقرأ الفاتحة، واعتبر أنّ «مشروع رفيق الحريري، كما مشروع الحكومة الحالية، بناء الدولة، وهناك إصرار على إجراء الانتخابات النيابية»، مشدداً على أن «لبنان عربي الهوية والانتماء وأن صورته لن تتغير، وعروبته مؤكدة في الدستور، وهو سيبقى عربياً».
واغتيل رفيق الحريري في 14 فبراير/ شباط 2005، جراء انفجار استخدمت فيه 1800 كيلو غرام من مادة "تي إن تي"، مع 21 شخصا آخرين، بينهم وزير الاقتصاد باسل فليحان، الذي كان برفقة الحريري في سيارته.
وعام 2020، أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان غيابيا، سليم عياش، وهو عضو في «حزب الله» (حليف إيران والنظام السوري) بعملية الاغتيال، بينما برأت 3 متهمين آخرين ينتمون للحزب، ورأت أنه لا دليل على أن "قيادة حزب الله" كان لها دور في عملية الاغتيال.
لا تراجع عن العزوف
وفي المقابل وبعد زيارته للضريح قال الرئيس سعد الحريري في دردشة مع الصحافيين، وفي أول تصريح له بعد تعليق عمله السياسي قبل أسابيع، إنّه اتّخذ قراره بالعزوف، وما زال مصرّاً عليه، مضيفاً: «لا يمكن الاستمرار بنهج السنوات السابقة، نأتي كي نشكّل الحكومة، فتتم عرقتلها، نضع برنامجاً للعمل، فتتم عرقلته».
وأشار الحريري إلى أنّ لنواب المستقبل الحرية بموضوع الترشّح للانتخابات النيابية، وكذلك الأمر بالنسبة للجمهور في موضوع الاقتراع، معلّقاً: «لن أفرض أيّ شيء على أحد، هذا موقفي، والله يساعد نجيب ميقاتي على التحديات الكبيرة».
وقال الحريري إنّ خلافه مع جعجع ليس شخصياً، وإنمّا يتعلق بمقاربة الأمور سياسياً ومعالجتها. وأكّد أنّه على خلاف مع حزب الله.
واعتبر الحريري أن الدول العربية باتت مقتنعة بأنّ لبنان ليس قادراً على القيام بشيء.
نصائح إلى نواب كتلته
وعشية إحياء الذكرى اجتمع الحريري بأعضاء كتلته النيابية في بيت الوسط، مكتفياً بتقديم النصيحة لأعضاء كتلته النيابية «كأخ وليس كرئيس للتيار بعدم الترشح نظراً لقناعته أن البلد مقدم على مزيد من التدهور وأن لا حل في الأفق»، تاركاً «الحرية لكل نائب بتقدير موقف الترشح من عدمه شرط ألا يكون ذلك تحت مظلة المستقبل»، داعياً «إلى عدم مقاطعة أي من جلسات مجلس النواب ومناقشة الموازنة أما في حال وصلت الأمور إلى طرح تمديد للمجلس النيابي مستقبلاً فالقرار هو الاستقالة من المجلس فورا».
وقبل قليل صدر المستقبل بيانا طلب فيه من كل منتسب أو منتسبة لا يريد الالتزام بتوجيهات الرئيس سعد الحريري تقديم استقالتهم من التيار. واستند القرار على مواد من النظام الداخلي للتيار، وشدد على «توجيه طلب استقالة من تيار المستقبل خطياً إلى الهيئة التي ينتمي إليها أو إلى هيئة الشؤون التنظيمية المركزية». إضافة إلى «الامتناع عن استخدام اسم تيار المستقبل أو أحد شعاراته أو رموزه في الحملات الانتخابية»، و«الامتناع عن أي ادعاء بتمثيل تيار المستقبل أو مشروعه خلال أي نشاط انتخابي».
وأشار البيان إلى أنّ هيئة الشؤون التنظيمية في التيار ستعلن في وقت لاحق عن قبول طلبات الاستقالة، آملاً التزام المستقبليين بـ«مقتضيات هذا التعميم، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة لتأمين حسن تنفيذ قرارات القيادة».