حزب الله وأيادي إيران الكثيرة

حزب الله وأيادي إيران الكثيرة

وكما توقع الكثيرون، جاء الرد اللبناني على المبادرة الكويتية بنعم ولا في آن، وفق مقولة «لعم»الشهيرة وتدوير زوايا. فمن يعرف لبنان جيدا يعرف استحالةتطبيق المبادرة كما هي ويستطيع أن يتوقع الرد على أي مبادرة تجاه لبنان تتعلق بشكل أو بآخر بحزب الله وسلاحه، وخصوصا إن كان المطلوب من لبنان أن يطبقها بنفسه.

لبنان المحكوم بالتسويات، منذ تسوية اتفاق الطائف التي أنهت الحرب الأهلية وصولا إلى تسوية انتخاب ميشال عون، حاول مرة الخروج عن نهج التسويات وبدعة الديمقراطية التوافقية، فكان سلاح حزب الله بالمرصاد للدولة واللبنانيين، وكان 7 أيار يوم اجتاحت ميليشيات حزب الله وشركائه بيروت وجبل لبنان وقتلت أبرياء وأرهبت المدنيين، ولكن 7 أيار لم يأت فقط بعد قرارات 5 أيار التي اتخذتها آنذاك حكومة فؤاد النسيورة وتراجعت عنها بعد ساعات تحت تهديد السلاح، بل جاء أيضا بعد سلسلة طويلة من الاغتيالات والتفجيرات المسؤول الأول عنها كان حزب الله ونظام بشار الأسد، من محاولة اغتيال النائب مروان حمادة إلى اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري، وكل ما تبع ذلك من اغتيالات وتفجيرات عدا التهديد الصريح لمن نجا من آلة القتل.

وجاء اتفاق الدوحة الذي نص على وقف استخدام السلاح في الداخل اللبناني مقابل إعطاء حزب الله ومن معه الثلث المعطل في الحكم والحكومة، ولم يكن ذلك لمرة واحدة بل ما زالت مفاعيل تسوية الدوحة هي التي تتحكم بمفاصل الحكم في لبنان، كما يتحكم 7 أيار وسلاح الحزب بالحياة السياسية، هي السارية حتى هذه اللحظة. وبعدما نكص الحزب عن تعهداته والتزاماته بالدوحة رغم كل الدعم والأموال التي تلقاها حينها، فاستقال وزراؤه ووزراء التيار الوطني الحر وحركة أمل ومن معهم وأسقطوا حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى أثناء اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما يومها، إلا أنهم لم يسمحوا لخصومهم حتى بالتصويت ديمقراطيا لاحقا لإعادة تسمية الحريري رئيسا للحكومة، فكانت غزوة «القمصان السود».

بادرت الكويت وهي الساعية دوما إلى المبادرة وحل الخلافات وتقريب وجهات النظر منذ عهد أميرها الراحل صباح الأحمد الصباح، بادرت تجاه لبنان علها تنجح بالتخفيف من الأزمات التي تكاد تطيح به أو أطاحت بلبنان الذي يعرفه الجميع، وتقرب بينه وبين باقي الدول العربية وتحديدا الخليجية بعد القطيعة التي تسبب بها حزب الله وإرهابه العابر للحدود.

وإن كانت المبادرة تشكل نقطة انطلاق لحل بعض من أزمات لبنان الكثيرة، إلا أن ما ينقص المبادرة، كما القرارات الدولية المذكورة بها وتحديدا القرار 1559 هو آلية التطبيق.

فكيف للبنان وحكومته إقناع أو إلزام حزب الله بتسليم سلاحه للدولة؟

فبعيدا عن خطابات أصحاب الشعارات الرنانة من الشمال إلى الجنوب، فإن الرغبة بالخلاص من هيمنة سلاح حزب الله وتبعيته لإيران وما لحق لبنان من ويلات بسببه شيء والقدرة على ذلك شيء آخر. وإن كان من حل ما لمعضلة سلاح حزب الله الإرهابي فهو بكل تأكيد ليس على طاولة مجلس الوزراء وليس باجتماع وزراء الخارجية العرب، بل على طاولة المفاوضات في فيينا، حيث تجلس إيران صاحبة القرار الأول والأخير بكل ما يتعلق بحزب الله وسلاحه.

ولكن على صعيد آخر، فإن التأخر في إيجاد حل لمسألة سلاح حزب الله منذ عام 2000 بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، أوصلنا إلى 14 فبراير (شباط) 2005 لحظة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بهذا السلاح، وإلى 7 مايو (أيار) 2008 لحظة اجتياح بيروت وجبل لبنان وقتل المدنيين، والأحداث كثيرة لا مجال لتعدادها، كذلك الحجج.

وهذا يأخذنا إلى مكان آخر، فإن كان تطبيق المبادرة الكويتية والقرار الدولي 1559 ووضع نهاية لهيمنة سلاح الحزب على لبنان وإرهابه داخليا وخارجيا وتهديده المستمر لأمن دول الجوار، فماذا عن «أحزاب الله»التي خلقتها إيران في المنطقة؟ هل ننتظر إلى أن تصبح جميعها بقوة حزب الله اللبناني لنجلس ونبحث عن حلول؟ لقد كان لإيران ذراع إرهابية فصار لها أذرع كثيرة من لبنان وسوريا إلى العراق واليمن وفلسطين، والحل يجب أن يكون بعودة إيران إلى إيران، وإلا ما الفائدة المرجوة من قطع يد إن استطعنا، وترك أيد كثيرة تعبث بأمن المنطقة؟

font change