بيروت: يعيش اللبنانيون منذ بداية فصل الصيف في عتمة شبه شاملة، بسبب صعوبات في توفير الكميات اللازمة من الوقود لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء. إضافة إلى إطفاء المولدات بسبب أزمة المحروقات التي شهدتها البلاد الصيف الفائت. ومنذ ذلك الوقت، مناطق عدة بالكاد تستطيع أن تؤمن المؤسسة الرسمية التغذية بالتيار الكهربائي ساعة واحدة في اليوم، وسط برنامج تقنين صارم، كما أن مخزون الوقود الذي تحتاج إليه المولدات الخاصة بدأ ينفد.
وفي خضم هذه الأزمة التي تعيشها البلاد توصّل لبنان إلى اتفاق لاستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر إلى البلاد عبر سوريا، وشهدت وزارة الطاقة في بيروت، يوم الأربعاء 26 كانون الثاني، توقيع عقد استجرار الكهرباء واتفاقية عبورها من سوريا إلى لبنان. وتوقَّعَ وزير الطاقة الأردني، صالح الخرابشة، أن العقد «سيعزز التعاون بين دولنا»، معتبراً أنه يأتي «في ظرف حسّاس وصعب يواجهه اللبنانيون، وهذا ما يُكسبه أهمية إضافية». وأمِلَ الخرابشة أن «يتحسّن مستوى الخدمة في مجال الكهرباء وأن يفتح العقد مجال التعاون في مجالات أخرى». على أن التوقيع ستتبعه «ترتيبات»، على أمل «بدء التبادل في أسرع وقت».
وبتوقيع العقد تصبح الأردن جاهزة لتوريد الكهرباء نحو سوريا، التي أعلن وزير طاقتها غسان الزامل أنها جاهزة «في أي وقت للربط الكهربائي». وعليه، تبقى الجهوزية اللبنانية هي بيت القصيد.
العقدة تكمن في التمويل
نحو 3 أشهر من البحث الجدّي في قضية استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري، لم تكن كافية لحسم مسألة موافقة البنك الدولي على تمويل العملية. ولم يحصل لبنان سوى على حضور المدير الإقليمي للبنك الدولي، ساروج كومار جاه، بعض جلسات التشاور حيال ملف الطاقة، سواء مع رئيس الجمهورية ميشال عون أو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
إلاّ أنّ كومار جاه لم يعط كلمة حاسمة تجاه موافقة البنك على التمويل. لذلك أعلن فيّاض خلال توقيع الاتفاقية أن «سريان الاتفاقية يحتاج بعض الوقت». ووعد بـ «العمل على موضوع التمويل في أسرع وقت، وستظهر تفاصيله في الشهرين المقبلين، لتدخل الاتفاقية حيّز التنفيذ»، وذلك بعدما وعد اللبنانيون من قبل على تأمين الكهرباء فورا.
وبحسب المعلومات البنك الدولي أبدى استعداده لتولّي عملية تمويل استجرار الكهرباء والغاز، ولكنّه بالمقابل اشترط تحقيق مجموعة مطالب، أبرزها تخفيض الهدر التقني وغير التقني، تأليف الهيئة الناظمة للقطاع، رفع التعرفة، وغيرها من الشروط. انطلاقًا من هنا يضع البنك الدولي آليّة للتمويل على دفعات المدّة الفاصلة بين الدفعة الأولى والثانية هي ستة أشهر.
وبحسب الاتفاقية مع مصر فهي تسمح بالحصول على 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً، لتوفير أربع ساعات من التغذية بالتيار الكهربائي يومياً، وفي حال زيادة الكميّة إلى مليار متر مكعب سترتفع التغذية إلى ست ساعات، الكهرباء الأردنية توفّر ساعتي تغذية يوميًا بمتوسط 200 ميغاواط، والفيول العراقي يوفّر ثلاث ساعات تغذية. بالتالي نكون أمام زيادة في ساعات التغذية ما بين 10 و12 ساعة يوميًّا.
خط الغاز العربي
نفذ مشروع خط الغاز العربي على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى من العريش إلى العقبة بطول 265 كيلومترا وقطر 36 بوصة وباستطاعة 10 مليارات متر مكعبة في السنة، وتم البدء بتوريد الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن بموجب هذه المرحلة في يوليو 2003.
أما المرحلة الثانية فقد امتدت من العقبة لمنطقة رحاب في شمال الأردن وبطول 393 كيلومترا، وتم البدء بتزويد الغاز لمحطات توليد الكهرباء في شمال المملكة في فبراير 2006، في حين تم استكمال المرحلة الثانية لخط الغاز العربي من رحاب ولغاية الحدود الأردنية السورية بطول 30 كيلومترا وقطر 36 بوصة في مارس من عام 2008.
وتم الانتهاء من تنفيذ الجزء الجنوبي من المرحلة الثالثة لخط الغاز العربي داخل الأراضي السورية والممتدة من الحدود الأردنية السورية إلى مدينة حمص بطول 320 كيلومترا وقطر 36 بوصة، وتشغيلها في شهر يوليو من عام 2008، وتم البدء بتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن في شهر ديسمبر 2009، إلى أن توقف في عام 2011.