بيروت: بدأت الحكومة اللبنانية رسميا، الاثنين، مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج للتعافي الاقتصادي في البلاد، تمهيدا للتوصّل إلى اتفاق بشأن خطة إنقاذ اقتصادي تضع حدا للتدهور غير المسبوق الذي تشهده البلاد منذ عام 2019. وكانت الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب عقدت عام 2020 جولات تفاوض مع صندوق النقد، بناء على خطة إنقاذ أعدتها، لكن الخلاف بين المفاوضين اللبنانيين على تقدير حجم الخسائر المالية أدى إلى تعليق المفاوضات. وبعد الاتفاق على تقدير حجم الخسائر المالية بـ69 مليار دولار، بدأت المرحلة الأولى من المفاوضات. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان يشهد منذ عامين انهيارا اقتصاديا وماليا غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. ومن أجل الاطلاع أكثر على تفاصيل هذه المفاوضات ومسارها، أجرت «المجلة»لقاء مع الخبيرة في الاقتصاد النقدي والمالي ليال منصور.
* هل ستشكل بداية التفاوض مع صندوق النقد الدولي بداية لحل الأزمة الاقتصادية؟
- ما يحدث الآن ليس بداية للمفاوضات وإنما محادثات للتمهيد لبداية المفاوضات، وبجميع الأحوال، فإن حاجة لبنان لصندوق النقد الدولي ضرورية جدا ولا غنى عنها. ولكن ثمة دراسة أجراها صندوق النقد الدولي تفسر سبب نجاح أو فشل المفاوضات معه، بيّنت أن النجاح والفشل مرتبط بمدى وجود بنية تحتية في الدولة التي تحتاج مساعدتها، وكذلك من أهم معايير نجاح التفاوض مع صندوق النقد هي أن تكون المفاوضات بشكل سريع جداً، وهذا الأمر غير متحقق في لبنان.
* ما رأيك في مشروع الموازنة التي طرحها وزير المال؟
- هذه الموازنة تأتي في اتجاه واحد، أي الحصول على الأموال دون تبيان طريقة إنفاقها، وهذا أمر قد يكون مفهوما نظرا لخطة التقشف التي تحتاجها البلاد في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تُعاني منها. والاقتصاد اللبناني دخل في انهيار سريع وخسر استثمارات، وبالتالي فإن الزيادة الضرائبية في مشروع الموازنة لن تؤثر كثيرا على المواطنين أو على الاقتصاد، إذ إن المواطن متأثر أساسا بغلاء الأسعار الكبير نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.
كما أن الموازنة أشارت إلى توزيع الضرائب بطريقة معينة بين الإنتاج المحلي والاستيراد، ولكن من المستبعد أن تتمكن الدولة من الحصول على ضرائب فعلية بسبب الانهيار الذي أصاب المواطن اللبناني وتراجع قدرته الشرائية بشكل كبير.
* قال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، إن بلاده تسعى للحصول على قرض من صندوق النقد بقيمة 3-4 مليارات دولار كمرحلة أولى، يمكن أن يتوسع لاحقا. فهل هذا المبلغ كاف لوقف الانهيار؟
- إذا دخل هذا المبلغ ضمن احتياطيات المصرف المركزي فيمكن له التأثير بنسبة بسيطة من خلال وقف الارتفاع في سعر الصرف لفترة معينة، ولكن إذا استخدم هذا المبلغ في مجال تحسين الكهرباء والبنية التحتية فذلك سيؤدي إلى تحسن وضع المواطن في مجال معيّن، مثل الكهرباء، بصرف النظر عن سعر الليرة. وبالتالي فإن الموضوع مرتبط بكيفية استثمار هذا المبلغ.
* كيف يتجه مستقبل الاقصاد اللبناني؟
- بالاستناد إلى مشروع الموازنة المطروح فإن البلاد تتجه لتحرير العملة، ويبدو أن السلطة ستفتقد القدرة على السيطرة على الدولار، والدليل أن الكثير من البنود في مشروع الموازنة تنص على الالتزام بسعر المنصة، وهو سعر غير ثابت، بالإضافة إلى إعطاء صلاحية واسعة لوزير المال بتحديد سعر المنصة. وهذا يُبين أن الانهيار الذي سيحدث في المستقبل يحتاج إلى أن يأخذ وزير المالية قرارات طارئة دون انتظار مجلس الوزراء أو مجلس النواب.