الإسكندرية: تشهد مصر نقلة حضارية ومشروعات نوعية كبرى تشمل كافة المجالات وتولي بناء الإنسان أهمية وأولوية خاصة، وتسعى إلى إثراء الحياة الثقافية والإبداعية والفكرية وتحقيق التطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي.
وتضطلع مكتبة الأسكندرية «الصرح الثقافي والتنويري» بدور فعال وقوي في تحقيق تلك النهضة الفكرية كمنارة ثقافية وحضارية عالمية، وتنظم العديد من الفعاليات والمبادرات الهامة التي تركز على التطور في كافة المجالات ومنها لقاء نظمته بمشاركة نخبة من الخبراء في مختلف المجالات بعنوان «مصر... رؤية 2022».
ويقول الدكتور الحسين عبد البصير مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية والمشرف على مركز زاهي حواس للمصريات لـ«المجلة»، إنّ المكتبة تحت رئاسة الدكتور مصطفي الفقي «تولي اهتماما كبيرا بكافة القطاعات كما أنها تقدم كل ما هو متميز وجديد ويخدم المجتمع، سواء في الجوانب الاجتماعية أو الاقتصادية أو العلمية».
وتحدّث عن متحف الآثار في المكتبة، مشيرا إلى أنّه يضم مجموعات من القطع الأُثرية النادرة والمميزة التي تقدم للزائر التاريخ والحضارة المصرية بكافة مراحلها الهامة ومنها الفرعوني والإسلامي واليوناني، ويستطيع الزائر من خلالها التعرف على تلك الحقب الزمنية الهامة في الحضارة المصرية.
كما لفت إلى أنّ تنظيم العديد من الندوات واللقاءات التي يشارك فيها الخبراء التي تركز على تاريخ الحضارة المصرية الإسلامية، والقبطية، اللغة الهيروغليفية لتعليم النشء حضارتهم العريقية بالإضافة إلى نشر العلم والمعرفة بالفنون والآثار والتاريخ.
وانطلاقا من حرص مكتبة الإسكندرية على نشر العلوم والمعرفة وتقديم كل ما هو جديد في فروع العلوم والثقافة والمعرفة وقعت مكتبة الإسكندرية، اتفاقية تعاون مع مكتبة العاصمة في مدينة الفنون والثقافة في العاصمة الإدارية، وستقوم مكتبة الإسكندرية بتوفير نسخة عرض إلكترونية للتصفح خاصة بكتاب وصف مصر في آخر إصدار له، مع تحديد مواصفات الأجهزة التي تتناسب مع ذلك، وكذلك تقدم الدعم الفني لمكتبة العاصمة «مدينة الفنون والثقافة» في وضع مواصفات خاصة بوحدات عرض كتاب «وصف مصر» مع مواصفات الضبط البيني، ويتم التعاون بين الطرفين في مجال النشر والتوزيع، وكذلك في مجال إقامة العروض الثقافية والفنية ويشمل ذلك معارض الكتب المشتركة واستضافة المؤلفين والكتاب العالميين وإقامة معارض فنية للصور والأفلام.
وأكد الدكتور أحمد قنديل، رئيس وحدة الدراسات الدولية وبرنامج الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حواره مع «المجلة» أن مصر تشهد نهضة حضارية كبرى في كافة المجالات، وهناك العديد من المبادرات والمشروعات التي ستنفذ خلال عام 2022.
وأضاف أن مصر لديها خطط طموحة وفعالة لتصبح مركزا إقليميا للطاقة وإنتاجها وتصديرها، كما أن هناك مبادرات وصفها بالتاريخية وغير المسبوقة في هذا الصدد.
وأوضح قنديل أن مصر غنية بمصادر الطاقة المتجددة، ولديها طموح كبير في مشروعات كبرى لإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما أن مصر تسعى لأن تكون مركزا إقليميا من حيث الإنتاج والتصدير، مسلطا الضوء على مشروعات الربط الكهربائي بين مصر والعديد من الدول في أوروبا والعديد من الدول العربية والأفريقية.
كما تحدث عن أهمية استضافة مصر لقمة المناخ 2022 في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مشيرا إلى أهمية هذا الحدث على المستوى العالمي وارتباطه بالحفاظ على مستقبل الكرة الأرضية وحماية حق الأجيال القادمة في الحياة.
وأشار قنديل إلى أن استضافة مصر لتلك القمة الهامة يأتي في مرحلة فاصلة في إنقاذ الكوكب من ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، حيث لا بد من تعاون الدول وتكاتفها لخفض الانبعاثات التي تهدد مستقبلنا.
وأوضح أن أهمية عقد القمة تنبع من ضرورة التوصل إلى اتفاقيات بشأن القضايا المختلف عليها بين الدول النامية والمتقدمة فيما يتعلق بتغير المناخ وتنفيذ اتفاقية باريس، التي تنص على أن الدول المتقدمة تقدم مساعدات إلى الدول النامية ولكن الكثير من الدول لم تلتزم بشكل كامل بذلك.
وأشار قنديل إلى أن «من الجوانب الهامة في تلك القمة، رفع مستوى الطموح لخفض الانبعاثات، فالكثير من الدول تعهدت بخفض الانبعاثات والتي تعد مسألة في غاية الأهمية، وإلا فسوف نشهد ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة بما يهدد مستقبل الأجيال المقبلة».
وأضاف أن من الأمور الهامة في هذا الصدد أيضا وجود الإرادة السياسية لقادة العالم للتعامل مع القضايا الخلافية الملحة بشأن تغير المناخ، مشيرا إلى الدور الفعّال الذي ستلعبه القيادة المصرية في هذا الصدد، فمصر دولة عربية وأفريقية نامية ولها ثقل دولي.
وشدد قنديل على أن هناك فرصة لتعزيز التعاون وتشكيل تحالفات قمة لدفع مشروعات الطاقة المتجددة بما يخدم مستقبل الكرة الأرضية والأجيال القادمة ويعزز من استخدام الطاقة المتجددة.
وفي سياق متصل، قال الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية إن هناك فواصل زمنية يستطيع أن يتأمل فيها ما تم وما يطمح في تحقيقه وهو ما يحدث في نهاية كل عام.
وأضاف: «أستطيع أن أقول إننا في وقت غير ضائع، فلم تشهد مصر حركة دؤوبة ولا تحليقا للأعلى مثلما هو الآن، مشيرا إلى الإنجازات التي تتحقق على أرض الواقع كل شهر».
وتابع الفقي: «يحقق الشعب أحلامه كل شهر، هذا الشعب الذي يدفع فاتورة صعبة لبناء دولته بعد أن عشنا فترة صعبة على المعونات العربية والأجنبية ولكن الوضع الآن تغير».
وقال إن عام 2022 هو عام غير عادي وهام جدا في حياة مصر والمصريين، فهي أمام عدة أحداث كبرى منها استضافة قمة المناخ في العالم، وهو مؤتمر يبحث مستقبل البشرية، لافتا إلى أنه شعور عظيم أن يتوافق الجميع أن يكون عقد المؤتمر في مصر وهذا تكريم لها.
وأوضح أن مصر التي حاربت الإرهاب وانتصرت عليه وقضت على العشوائيات، تقوم بحلول جذرية لكل المشكلات فنستطيع أن نقول بكل ثقة إن مصر تحلق للأعلى.
وشارك في اللقاء وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني الذي أكد أن عام 2022 هو عام استثنائي لمصر فيما يتعلق بآثارها، ففي هذا العام سيكون قد مر 200 عام على فك رموز حجر رشيد، وسيكون قد مر 100 عام على اكتشاف أكبر مقبرة أثرية في التاريخ، وهي مقبرة توت عنخ آمون، وسيشهد أيضا افتتاح المتحف المصري الكبير.
وتطرق وزير السياحة والآثار إلى الحديث عن المشروعات التي افتتحت خلال العام 2021 والتي تضمنت ثلاث نقاط لمسار العائلة المقدسة وهي كنيسة العذراء في أبانوب في الشرقية، وكنيسة العذراء في سخا بكفر الشيخ، وكنيسة في تل بسطة في الشرقية، لافتا إلى أنه من المقرر أن يتم افتتاح نقاط أخرى في صعيد مصر خلال العام 2022.
وقال إن العام 2022 سيشهد انتهاء مشكلة منطقة دير أبو مينا الأثرية الموضوعة على القائمة الحمراء في سجلات اليونيسكو بعد الانتهاء من مشكلة المياه الجوفية.
وأوضح العناني أن العام المقبل سيشهد افتتاح متحف عواصم مصر، كما سيتم افتتاح المتحف اليوناني الروماني، لافتا إلى أنه على مستوى السياحة سيتم افتتاح مدينة العلمين الجديدة ومدينة الجلالة.
بدوره قال الدكتور خالد زكريا، الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن مصر تحقق توافقا وتكاملا كبيرا في مشروع «حياة كريمة» حيث تشمل مشاريع في مجالات البنية التحتية والتعليم والثقافة.
وأوضح أن «حياة كريمة» هو مشروع متكامل للتنمية وهو نوع من أنواع الإصلاح للسياسات العامة للمجتمع، فهو مبادرة تستهدف الفقراء خاصة في صعيد مصر، تلك المنطقة التي تعتبر الأكثر فقرا والأقل توليدا لفرص العمل والأقل إسهاما في الناتج المحلي لمصر.
وكشف زكريا أن المشروع يحمل رسالة أخرى، وهي قضية التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص، فهناك مشاريع ينفذها القطاع الخاص في مصر بين شركات كبرى وأخرى صغيرة، فضلا عن التكامل بين القطاع الحكومي والمجتمع المدني في تمويل بعض المشروعات.