الأمين العام الجديد للأمم المتحدة البرتغالي أنطونيو غوتيريس يقول: لستُ ساحرًا

الأمين العام الجديد للأمم المتحدة البرتغالي أنطونيو غوتيريس يقول: لستُ ساحرًا

IMG_6521

منصف المزغني وعلي المندلاوي

1-


ما الذي يجعل رجلا في حجم أنطونيو غوتيريس يفوز بالإجماع بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، ودون اعتراض؟ هل لأنه أوروبي؟ أم لأنه يحسن الحديث بأربع لغات هي البرتغالية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية؟.
إنّ مسيرة أنطونيو غوتيريس تشير إلى أنه رجل من صنف الذرّة المتألفة من النواة التي تلتف حولها الإلكترونات، فقد استطاع أنطونيو الحصول على التفاف الناس حوله، وهذا منذ بواكير شبابه الأولى، ولعل مسيرته في مختلف مراحلها المتلاحقة والمتصاعدة هي التي أهلته مؤخرا إلى أن يكون الشخصية الأممية الفائزة بالمنصب. وحتى النشطاء الذين أرادوا لهذا المنصب أن تحتله امرأة، خاب سعيهم، ولم يستطيعوا الانتصار على هذا الرجل الناجح القادم من بلاد «فاسكو دي غاما».

2-


أنطونيو غوتيريس هو ابن لشبونة العاصمة البرتغالية، فيها ولد، 1949، ونشأ، وتربّى، ودرس الفيزياء والهندسة الكهربائية، وعمل أستاذا مساعدا، ولكن النشاط السياسي سوف يستهوي أنطونيو الشاب ويتقلد بعض المناصب المهمة، منها رئيس مكتب وزير ‏الدولة للصناعة وهو في الخامسة والعشرين.
وقاده أداؤه السياسي الحزبي بعد 20 سنة إلى منصب الأمين العام لهذا الحزب، وتمكن خلال 3 سنوات من تصدر نتائج الانتخابات التشريعية، والتدرج إلى منصب رئيس الوزراء، وعمل جاهدا على انضمام البرتغال إلى الاتحاد الأوروبي.
وعمل رئيسا للمجلس الأوروبي، وكان رئيسا لمنظمة «الاشتراكية الدولية»، كما كلف غوتيريس بمهمة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وطيلة 10 أعوام عمل على معالجة أزمة اللاجئين.

3-


ما الذي جعل أنطونيو ينجح، في المهمة الأممية التي أمضى فيها 10 سنوات وحقق فيها نجاحات لافتة؟
ليس هناك سر سوى أن الرجل اختار أن يفرغ المكاتب الإدارية من الموظفين، وأحب أن يطلق سراحهم، ويجعلهم منتشرين في مناطق اللاجئين، وهذا النشاط المباشر هو ما أعطى مصداقية للعمل الأممي، وجعل غوتيريس مديرا ناجحا في أسلوب معالجته أزمة اللاجئين.
وقام في إطار مهمته هذه، بإجراء اتصالات لإقناع البلدان الأكثر ثراء بالتدخل الإيجابي لحل مشكلات اللاجئين، فهو يرى أن «الهجرة لن تتوقف أبدا».

4-


لعل أبرز ما في غوتيريس هو هذا الأسلوب الذي يبدو أنه جبلّة فيه، وطبعٌ وليس تطبعًا وتكلفًا، فقد سبق أن مارسه وهو شاب، وكان عمله الحزبي في البرتغال متسما بالمسؤولية، وبالاتصال المباشر بالناس، في مواجهة البيروقراطية القاتلة، وشارك في العمل الإنساني متطوعا لخدمة الأحياء الفقيرة في لشبونة‏، وعمل على حل الأزمات الاجتماعية التي صاحبت حكم «سالازار» من خلال مسؤوليته بالحزب الاشتراكي.

5-


«في هذا اليوم الأول على رأس الأمم المتحدة، يراودني السؤال: كيف نساعد ملايين الأشخاص الذين تحاصرهم النزاعات؟».
هكذا كتب أنطونيو في اليوم الأول من تسلمه منصبه الأممي، فهو يحلم أن يكون رجل سلام.
وقال أيضا: «كل ما نقدره ونجله بصفتنا عائلة بشرية - الكرامة والأمل والتقدم والازدهار - رهن بالسلام. لكن السلام رهن بنا».
وأضاف: «قفوا إلى جانبي في خدمة السلام، يوما بعد يوم، ولنجعل من 2017 عاما للسلام».

6-


إن أنطونيو يعرف الكرة الأرضية بقاراتها الخمس ومشكلاتها الكثيرة والمستعصية، وهو الطالع حديثا من إدارة شؤون اللاجئين وشجون العالم الذي يتعقد يوما بعد آخر، فهو يعرف جسامة مسؤوليته الأممية، ولذلك طالب الآخرين بأن يكونوا معه وحذّرهم بأنه لا يملك عصا يضرب بها فتُحل المشكلات، ولذلك قال: «أنا لستُ ساحرًا».
font change