بيروت:على الرغم من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرّ بها اللبنانيين، إلاّ أنّ نهاية 2021 وبداية عام جديد 2022، حملت في قلوبهم أمل جديد أن يكون هذا العام نهاية للمأساة التي يمرّون بها، فعام 2022 يحمل استحقاقين لشعب تبدّلت أحواله خلال عامين، الأولى الانتخابات النيابية التي يعوّل عليها كثيرون بأن تحمل التغيير ومحاسبة المسؤولين عن الأزمة الاقتصادية عبر صناديق الاقتراع، أمّا الهدية الثانية فهي الانتخابات الرئاسية، فالاستحقاق الرئاسي يشعل حماس اللبنانيون كثيرا خصوصا بعدما عاشوا في عهد الرئيس الحالي ميشال عون أسوأ أيام حياتهم، أمام طوابير «الذل» والانقطاع الشبه تام للتيار الكهربائي، والارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، والغلاء المعيشي، وفقدان قيمة رواتب الموظفين، وفقدان الدواء والاستشفاء وغيرها من المشاكل التي حلّت على اللبنانيين منذ بداية عام 2020.
ولكن كيف تبدو التحضيرات للانتخابات النيابية المرتقبة؟
تختلف آراء المحللين في لبنان حول الرابحين والخاسرين من القانون الانتخابي الذي سينظم الانتخابات النيابية القادمة، ويرى البعض عدم جاهزية الأحزاب، ماديا ومعنويا، بعد تدهور الأوضاع، وتحميلهم مسؤولية الكوارث التي حلت باللبنانيين أمام الرأي العام محليا ودوليا.
على الرغم من تأكيد المراقبين أنّ جميع الأحزاب السياسية أمام معركة ليست سهلة خصوصا بعد النقمة عليهم منذ انتفاضة 17 أكتوبر إلاّ أنّ حصولهم على مقاعد في المجلس النيابي أمر محسوم، ويبقى أبرز الخاسرين بحسب المحللين هو التيار الوطني الحرّ بسبب النقمة الشعبية الكبيرة التي تطال التيار في السنوات الأخيرة بسبب ممارساته والفضائح التي برزت في عدد من الملفات أبرزها ملف الكهرباء. ولكن تبقى الخسائر بمقاعد محدودة أمر محسوم، والأكيد أنّ الصورة ستتبلور في الأسابيع القادمة.
أما فيما يتعلّق بـ «انتفاضة» 17 أكتوبر والمجموعات التي تنطوي تحت مظلتها، بدأوا باكرا التحضير لخوض المعركة الانتخابية على الرغم من أنّ التوقعات تؤكد أنّهم لن يستطيعوا الحصول سوى على مقاعد محدودة ربما لن تتعدّى العشرة مقاعد، خصوصا بسبب التشرذم وعدم التوافق بين المجموعات التي تتحدّث باسم «الثورة»، رغم الدعوات الكثيرة لتوحيد الجهود وخوض الانتخابات بلوائح موحدة لعدم تشرذم الأصوات، وهذا ما لم يحصل.
لا يزال باكرا قراءة وتحديد النتائج للانتخابات النيابية المقبلة، في حال سلّمنا جدلا أنّها ستحصل في موعدها. لكنّ الأكيد أنّ النقمة الشعبيّة الواسعة على الأوضاع الراهنة لا تزال غير كافية لقلب الطاولة على رؤوس جميع القوى الحزبيّة الحاليّة، خاصة وأنّ الشخصيّات المُرشّحة البديلة التي تتمتّع بالوزن وبالمصداقيّة لا تتعدّى عدد أصابع اليد الواحدة. لذلك يؤكد مراقبون أنّ الانتخابات المقبلة لن تحمل تغييرا جذريا كما يتمنى عدد لا بأس به من الشعب اللبناني الذي اختنق من الأزمة التي يمرّ بها، وبالتالي برلمان 2022 سيكون شبيهًا إلى حدّ كبير ببرلمان العام 2018، مع بعض التغييرات هنا أو هناك، والتي لا تُقدّم أو تؤخّر في الوضع السياسي العام، ما لم يتمكّن «المُجتمع المدني» من توحيد صفوفه ولوائحه.
هل ستشهد 2022 فراغا جديدا في بعبدا؟
في الأشهر الأخيرة من عام 2021 أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون أكثر من مرة عزمه على رفض تسليم البلاد للفراغ، عند انتهاء ولايته الرئاسية في الحادي والثلاثين من اكتوبر المقبل، وفي الوقت نفسه وضع مواصفات للشخص الذي يمكن أن يقبل به خليفة له، إضافة إلى محاولة إخافة اللبنانيين من الفراغ إذا لم يتم الاتفاق على رئيس خلف له.
هذه التصريحات التي خرج بها عون أثارت مخاوف اللبنانيين من سيناريوهات يخطط لها عون وفريقه السياسي بعدم تخليه عن السلطة، وبدأ الحديث الجدي عن التمديد أو التجديد أو البحث عن البديل. ولكن إلى حين بلورت الصورة خصوصا مع بدء العدّ العكسي للانتخابات النيابية، ولكن من هم المرشحون المحتملون لخلافة عون؟
على الساحة المسيحية تبرز أسماء محدودة حتى الآن ممن يتمتعون بحيثية سياسية وشعبية، ويعتبرون في الأدبيات السياسية اللبنانية «مرشحون طبيعيون» لهذا المنصب، أبرزهم زعيم حزب المردة سليمان فرنجية سليل عائلة سياسية مارونية تاريخية، والذي يحظى بدعم من الثنائي الشيعي، ووعد من حزب الله بأنّه هو من سيخلف عون في رئاسة البلاد، ولكنه لا يحظى بدعم مسيحي كما حصل في الدورة الانتخابية الماضية حيث رفض كلّ من عون وجعجع تأييد وصوله إلى بعبدا. المرشح الثاني زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وهو من أبرز زعماء الأحزاب المسيحية الذي يحظى بتأييد شعبي وازن، وهو سبق وأن ترشح في الدورة الماضية ولكنه لم يستطع حشد التأييد اللازم لنجاحه في المعركة الرئاسية والوصول إلى بعبدا، فهل سينجح في الدورة المرتقبة؟
أمّا المرشح الثالث الأقل شعبية، هو الوزير السابق جبران باسيل وصهر رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، الذي يسوّق نفسه على أنّه حامي حقوق المسيحيين ورئيس أكبر كتلة مسيحية برلمانية، ولكن الانتخابات النيابية المقبلة ستحدّد بالتأكيد حظوظ المرشحين الثلاث وخصوصا حظوظ جبران باسيل إذ تكثر التوقعات حول خسارة تياره لعدد من مقاعدهم في الانتخابات المقبلة خصوصا بعد فشل هذا الفريق في إدارة الأزمة التي تمرّ بها البلاد.