إيران: إرادة الإصلاح في مواجهة العسكر و المتشددين

إيران: إرادة الإصلاح في مواجهة العسكر و المتشددين

[escenic_image id="556119"]

المجلة : ما الذي يحدث في زَهدَان؟

ابطحي: ما يحدث في زهدان له خلفيات متعددة وأعتقد أن هذه المسألة لها عقدة تاريخية، هذه حقيقة يجب أن نعترف بها، فقضية الشيعة والسنة في إيران قضية حساسة ومهمة، و على مدى التاريخ كنا شيعة وسنة نعيش معاً بسلام وأمان والعيش المشترك، ولكن بعد أحداث 11سبتمبر وبعد دخول عناصر القاعدة إلى المناطق الإيرانية في  سِسّتان المجاورة للحدود الباكستانية مع إيران، هذا طبعاً أثر في الطرفين السنة والشيعة وتسببت في أعمال عنف كبيرة، ومن جهة أخرى في عهد الرئيس أحمدي نجاد لقد رأينا تطرف شيعي في البلاد وخاصة في وسائل الإعلام وبقضايا العامة، هذا ما دفع بقائد الثورة السيد علي خامنئي حينما زار منطقة إقليم كردستان أن يعتبر أن هذا التطرف يشكل خطر كبير على إيران، ونحن نعتبر إن أي مجموعه دينية أو قومية  تتشدد في إيران تُعتبر تهديد للأمن الإيراني،  وطبعاً هذا يؤثر تأثيراً سلبياً على المجموعة السنية في إيران، وفي هذا الإطار أرى مجموعات غير موالية للشعب الإيراني لا للسنة ولو للشيعة يستفيدون من هذه الأجواء المتأثرة بقضايا دولية.

المجلة: ما سبب بروز التشدد الشيعي الذي تحدثت عنه؟ وهل هناك سلفية شيعية؟

ابطحي: الحكومة والرئيس كانوا يعملون على هذه القضايا ويتاجرون فيها في بعض الأحيان و سبب تبنيهم  لهذا الخطاب ودفع بهذه الحالة من التشدد، هو من أجل  الحصول على أصوات ومحابين داخل المجتمع الشيعي، لذلك أرى فيه خلفية سياسية وليس عقائدية، وبروز الـتأثير الشيعي في قضايا المنطقة كما في العراق ولبنان وأفغانستان وما يقال عن تدخل إيران في هذه القضايا  إضافة إلى إدعاء إيران بدور لها في هذه القضايا، أدى إلى التأثير سلبياً على علاقاتها مع دول المنطقة "فكما نشهد الآن" فعلاقات إيران غير جيدة مع دول الجوار وخاصة المملكة العربية السعودية، هذه الأجواء كلها تؤثر على الأجواء غير المستقرة في المناطق السنية الشيعية المختلطة في إيران وهذا ما استفاد منه الإرهابيون في منطقه زَهَدان.

المجلة: أنت إلى جانب الشيخ كروبي وهناك مرشح قريب من الإصلاحيين وهو السيد مير حسين موسوي، بمعنى آخر مرشحين من التيار الإصلاحي، ألا تخافون من تشتيت الأصوات الإصلاحية ؟

ابطحي: أنا أعتقد أننا كإصلاحيين بحاجة إلى مرشحين قويين أو حتى إلى أكثر من اثنين، والقانون الدستوري الإيراني يلزم  المرشح  بالحصول على خمسين بالمائة من الأصوات لكي يجتاز المرحلة الأولى من الإنتخابات، وهذه أول مرة في تاريخ الجمهورية الإيراني يكون فيها منافسة حقيقة مع رئيس جمهورية له مجموعات مؤيدة في القرى والمدن، ولهذا خطتنا تقوم على أن لا نسمح لأحمدي نجاد أن يجتاز المرحلة الأولى من الإنتخابات لذلك لدينا مرشحين اثنين أقوياء فكروبي يأخذ أصوات الإصلاحيين الراديكاليين إضافة إلى أصوات الأقليات العرقية والمذاهب وسكان الأرياف في حين سيحصل موسوي على أصوات المدن الكبرى ومجموعه الناخبين التقليديين، فهذا الجهد على كتل هذين المرشحين، هدفه من الأساس إقصاء أحمدي نجاد من الدورة الأولى وهكذا نضمن أن ندخل الدورة الثانية بمرشحين من الإصلاحيين، أما في استفسارك عن وجودي إلى جانب الشيخ كروبي فإننا كراديكاليين إصلاحيين نعتبر الشيخ مهدي كروبي إصلاحي أكثر من  السيد مير حسين موسوي.

المجلة:  هل تعتقد أن الشارع الإيراني سيكرر إنتفاضة الانتخابات سنة 97 ويستنهض قواه لإقصاء أحمدي نجاد والمحافظين وإعادة الإصلاحيين إلى السلطة؟

ابطحي: أنا أمل أن يعود الإصلاحيين إلى السلطة ولكن إلى الآن لا أرى إمكانية الوصول إلى مستوى سنة 97 حين استطاع الرئيس خاتمي الوصول إلى سدة الرئاسة،  وخاصة أن الرئيس أحمدي نجاد إستفاد من الثروات الإيرانية ومن نمو الإقتصاد الإيراني، فهو استلم الحكم والبلاد في أفضل حالاتها الاقتصادية، وسخَر السياسة الخارجية لمصلحته وأطلق وعود كبيرة في داخل إيران أغلبها مالية حيث أصبح الناس بإنتظار هذه الوعود، وهذا يؤثر في القرى والأرياف والمدن الصغيرة، إضافة إلى أن المؤسسات الإعلامية الحكومية تقف إلى جانبه وتدعمه علنا، لهذا أتمنى أن تحدث مفاجئة كبير كما حصل في السابق وأنا أمل ذلك في داخل نفسي ولكن لنكن واقعيين، يمكن لنا الفوز بالإنتخابات ولكن ليس بذلك المستوى حينما اكتسح الرئيس خاتمي الإنتخابات بنسبة 78% من الأصوات.

المجلة:هل تعتقد أن مؤسسة الدولة والنظام التي يسيطر عليها المحافظين تسمح بسقوط أحمدي نجاد؟

ابطحي: من الممكن أنهم لا يريدون لنا العودة إلى السلطة ولكن إذا شارك الشعب بمستوى كبير أعتقد أننا سننجح بالإنتخابات والشعب لا ينفذ ما تريده الحكومة فقط.

المجلة: ماذا فعل أحمدي نجاد بإيران خلال السنوات الأربعة الماضية؟

ابطحي: أعتقد أنه في القضايا الإقتصادية، المواطنون كانوا يتوقعون منه أكثر من ذلك حيث أنه في خلال أربع سنوات من حكمة صدر ثلاث قرارات إقتصادية ضد إيران، وهذه أثرت كثيراً بشكل سلبي على إقتصاد إيران، أما في القضايا السياسية الخارجية فهو يفكر بقضايا بلدان أخرى أكثر من قضايا بلده، وهذه أمور أثرت كثيراً بشكل سلبي على أحمدي نجاد في الداخل الإيراني.

المجلة: هل تعتقد أن إيران تتجه نحو العسكرتارية؟

ابطحي: مشكلتنا الأكبر الآن هي تدخل العسكر في قمة القضايا الإقتصادية، وأعتقد أن سيطرته على الإقتصاد أخطر من تدخله في المجتمع، وهنا يأتي دور الإصلاحيين بمن فيهم الشيخ كروبي الذين سيعملون على إنقاذ البلاد من تدخل العسكر في الإقتصاد وإبعاده عن هذه القضايا، وأعتقد أن الشيخ كروبي رجل شجاع  ويعرف النظام والدولة فهو من البيت السياسي الإيراني، وتاريخه يؤكد على أنه رجل يفعل ما يقول، هذا ما يدفعني إلى الإعتقاد أنه إذا فاز في سباق الرئاسة سيكون من أهم أولوياته أن يعيد البلد إلى الاقتصاد الحر ويخلق روح المنافسة داخل المجتمع، وتطوير دورة رأس المال الوطني، حيث أن القطاع الخاص الآن لا يستطيع المنافسة مع الحكومة التي يسيطر فيها العسكر على الإقتصاد.

المجلة: إلى أين وصل مستوى الحريات وحق التعبير في ظل حكومة أحمدي نجاد؟

ابطحي: المشكلة أن الحريات وأدبيات حقوق الإنسان ليست مطروحة الآن، لأن الأجواء كانت سابقاً أجواء مجتمع مدني والناس كانوا يشاركون في قضاياهم، والآن أصلا عنوان المجتمع المدني مفقود وقضايا حقوق الإنسان ليست مطروحة وليست على الطاولة، والأجواء غير مهيأة لقضايا حقوق الإنسان، وإن شاء الله ستعود هذه الأجواء إلى الواجهة في حال عاد الإصلاحيين إلى السلطة، وفي هذه القضية نرى أن تصريحات الشيخ كروبي يركز فيها دائماً على قضايا حقوق الإنسان والأقليات، وهذا ما دفع مجموعة المقاطعين للإنتخابات كطلاب الجامعات مثلاً  إلى إعادة التفكير بقرار المقاطعة للإنتخاب، وإتخاذ قرار المشاركة من أجل الحصول على هذه الحريات.

المجلة: سيد ابطحي، أنت رفيق الدرب للرئيس خاتمي ونائب له في ولايته الثانية، فبينما نرى السيد خاتمي يقوم بالدعم المباشر للسيد مير حسين موسوي، نراكم تدعمون الشيخ كروبي، هل لديك تفسير؟

ابطحي: لا يوجد شيء غريب، أنا مازلت على علاقة قوية بالسيد خاتمي ومرتبط معه كما كنت في السابق، وهو له محاذيره وله تقديراته ونحن كإصلاحيين لنا حق الإختيار والتفضيل وأنا رأيت أن الشيخ كروبي إصلاحي أكثر من السيد مير حسين موسوي.

المجلة: لماذا انسحب السيد خاتمي من سباق الإنتخابات ؟

ابطحي:  لأنه عندما  طرح نفسه مرشحاً للرئاسة كان قد سبقه الشيخ كروبي ثم دخل بعده السيد مير حسين موسوي السباق، هنا رأى السيد خاتمي أن وجوده يؤثر سلبياً على نجاح الإصلاحيين ولذلك انسحب.

المجلة: ألم يتعرض السيد خاتمي لضغوط من المؤسستين الأمنية العسكرية؟

ابطحي: لا يوجد لدي معومات عن هذا الأمر.

المجلة: بالإنتقال إلى ملف السياسة الخارجية، إلى أين وصل حواركم مع الولايات المتحدة؟

ابطحي: أعتقد أن الحوار مع أمريكا مسألة يتناولها كل المرشحين، وهذا يعني أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تؤثر بالقضايا الإيرانية الداخلية، خاصة بعد مجيء أوباما ودعوته للتغيير، ونحن رأينا أن كل المرشحين يتحدثون عن هذا الموضوع، لكن العقدة و عقبة لدى الأصوليين والمحافظين في الحديث عن الحوار مع الولايات المتحدة فالكتلة الناخبة لدى هذا التيار معتادة إن تسمع منه  شعارات العداء لأميركا، ودعمهم للمحافظين يأتي من أنهم ضد أمريكا، وهنا تكمن الصعوبة لديهم في تغير نهجهم جدياً وعملياً تجاه الولايات المتحدة ، وإن شاء الله إذا انتخب رئيس إصلاحي أعتقد أن مسألة السياسة الخارجية وخاصة الأمريكية ستكون على رأس جدول أعمال الإصلاحيين لان اوباما فرصة مغتنمة كبيرة لإيران ويمكن أن يصبح خطراً أكبر من خطر بوش على إيران، لأن أوباما قادر على تحصيل إجماع دولي ضد إيران، بينما بوش لم يكن قادر على أن يحصل على التأييد الدولي ضد إيران.

المجلة: لماذا لا تُحسن إيران علاقاتها الإقليمية مع جيرانها وخاصة العرب؟ 

ابطحي:  العلاقات الإقليمية ليست بقرار يتخذ بأننا نريد تحسين العلاقات أو تخريب العلاقات، المهم كيفية وآلية العمل والشعارات بين الدول التي قد تهيئ أو لا تهيئ لتحسين العلاقات بين الدول، أنا اعتقد أن مشكلة إيران والعرب هي انعدام الثقة بينهم، وبرأيي إنعدام الثقة يعتبر من أهم معوقات تحسين العلاقات مع العرب، ونحن نريد إعادة بناء الثقة كما كانت في عهد الرئيس خاتمي والتي كانت مبنية على الثقة مع البلاد العربية خاصة دول الجوار، والتي تعتمد على التعامل المباشر مع بعضنا البعض، ومع الأسف نحن جداً آسفون على العلاقات السيئة مع جيراننا العرب لأنه لو كان هناك تعاون فيما بيننا لإستطعنا حل وربح الكثير من مشاكل المنطقة والعالم.

المجلة: هل تعتقد أن التدخل الإيراني في لبنان يزيد من سوء العلاقات الإيرانية مع العرب؟

ابطحي: لا يمكن لنا أن ننكر العلاقات والارتباطات التاريخية بين إيران وحزب الله، وأعتقد أن العلاقات الإيرانية مع حزب الله ليست مانع أمام تحسين العلاقات بين إيران والدول العربية، لكن بعض القضايا التي قد تؤثر بشكل سلبي هي قضايا لبنانية وليست قضايا إيرانية، ويمكن أن تعالج في داخل لبنان،  ونحن في إيران نرى أن على الحكومة الإيرانية أن تكون مرتبطة مع كل الطوائف اللبنانية، لأن لبنان محترم  بكل طوائفه ولا يجب أن تتعامل إيران مع طائفة خاصة في لبنان، لبنان دولة موحدة تعيش فيها طوائف المختلفة، ولهذا وأعتقد أن السياسة الخارجية لإيران يجب أن تكون حيادية مع كل طوائفه، لكن كما قلت لا يمكن لنا أن ننكر العلاقات التاريخية بين حزب الله وإيران وكذلك لا يمكن لنا أن ننكر دور حزب الله في الدفاع عن لبنان وعن كل الطوائف فيه وبالنيابة عنهم في كثير من المواقف. 

المجلة: العلاقات مع مصر،  إلى أين؟

ابطحي:  أنا أعتقد أن قضية العلاقات الإيرانية المصرية هي أعقد وأهم مما يقال في العَلن، أما في الكواليس أعتقد أن الأمنيين في السلطة المصرية لا يريدون علاقة طبيعية مع طهران، وأما الحجج التي يطلقونها والتي تعطل عودة العلاقات الطبيعية هي حجج غير كافية، كما أريد أن أُذكر أننا في عهد الرئيس محمد خاتمي عملنا جاهدا من أجل تحسين العلاقات الدبلوماسية  مع مصر ولكن لم تصل إلى المستوى المطلوب ، بالإضافة إلى أن الأزمة بين البلدين ليست أزمة جديدة، والأزمة الحالية هي ليست فقط أزمة إيرانية مصرية بل هي أيضا أزمة بين مصر والعرب أيضا، ولكن أعتقد يجب أن تكون لهجة الدبلوماسية الإيرانية لهجة متلائمة أكثر مع ما يجري الآن على الساحة.

المجلة: المشروع النووي الإيراني ؟ الفوائد والتنازلات؟

ابطحي: المرشحون الثلاثة أكدوا على ضرورة وحاجة إيران لامتلاك هذه التكنولوجيا للأغراض السلمية، ونحن نريد أن نبني ثقة مع العالم على أنه لن نصل إلى بناء قنبلة نووية أو سلاح، بل نحن نريد إستخدامها في الإغراض السلمية، وأعتقد لو أن النظام الحالي يستطيع الحديث أو التعاون مع العالم من أجل بناء ثقة على أن المشروع النووي الإيراني للأغراض السلمية فقط ولا يوجد طموحات عسكرية لحلت المشاكل مع إيران، ولذلك أعتقد في حال وصول رئيس إصلاحي سوف يستطيع إفهام العالم أن إيران ترغب بالتكنولوجيا النووية من أجل الأغراض السلمية وأن إيران بحاجة لهذه التكنولوجيا من أجل قوة إيران التكنولوجية، ولا نريد أن يؤدي الحصول على هذه التكنولوجيا إلى تخريب إيران من خلال الضغوط والحصار الدولي، لذلك يجب أن نبني الثقة بين إيران والعالم من أجل امتلاك التكنولوجيا النووية.

حوار: مصطفى فحص

font change