بيروت: ينتهي عام 2021 على وقع استمرار مسلسل تهريب المخدرات عبر لبنان، وفي جديد عمليات تهريب المخدرات والممنوعات من لبنان إلى الدول العربية، إحباط شحنة تحوي 9 مليون حبة كبتاغون معدّة للتهريب إلى الكويت. فقد أعلنت شعبة مكافحة المخدرات في المديرية العامة للجمارك أنه «في إطار متابعتها الحثيثة لمكافحة تهريب المخدرات من لبنان، ومن خلال الرقابة والتشدد بالإجراءات المتخذة من قبل المديرية العامة للجمارك، ومن خلال الرصد وبإشراف القضاء، تم العمل على مراقبة وتوقيف عدد من الأشخاص المشتبه بقيامهم بتهريب حبوب كبتاغون إلى دول الخليج، ورصد شحنة من الحمضيات كانت في صدد التحضير لشحنها من مرفأ بيروت».
وأضافت المديرية في بيان صادر عنها إلى أنه بعد «تحرّي هذه الشحنة تم ضبط كمية كبيرة من حبوب كبتاغون مخبأة ضمن فواكه اصطناعية من لدائن مخبأة ضمن صناديق حمضيات بهدف التمويه. العمل جار لاستخراج المخدرات والتحقيقات مستمرة بإشراف القضاء لتوقيف باقي المتورطين».
وفي السياق، أكد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي أنّ «السلطات اللبنانية جدية في مكافحة تهريب المخدرات وحبوب الكبتاغون وتصدير الشرّ والجريمة إلى الدول العربية خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي. وقال مولوي في حديث صحافي إنّ العملية الأخيرة "حصلت في مرفأ بيروت وتجسّد دليلاً على جدية وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بمكافحة التهريب، وهذا واجبنا". وأضاف أنّ «رسالتنا إلى الكويت وحكومة الكويت وشعب الكويت الشقيق رسالة محبة وحرص ووحدة انتماء. فمجتمع الكويت هو مجتمعنا ونحرص عليه ونتحمل المسؤولية. وسنكافح الجريمة التي تؤذي الشعب الشقيق وسنقطع دابر الأشرار».
وأشار مولولي إلى وجود «موقوفين في هذا الملف»، مضيفاً أنّ «التحقيقات ستستمر بسرية للوصول إلى كل تفاصيل الشحنة، تصنيعاً وتوضيباً ونقلاً». وشدد على «أننا بدأنا مسار مكافحة هذه الآفة وهذا الشر منذ نحو شهرين ونحن مستمرون في القيام بما يلزم لإبعاد الشر عن اخوتنا العرب». وأقر وزير الداخلية بأن «الشحنة التي تم ضبطها في دبي داخل شحنة من الحامض قبل أيام كان مصدرها لبنان»، لافتاً إلى أننا «تابعنا الموضوع، ونعرف من أين انطلقت الشحنة وأين ذهبت، ونتابع الشركة المصدرة لمعرفة كيفية نقل الشحنة الى دبي، وهناك موقوفون».
مجلس التعاون يدعو لبنان إلى تشديد الرقابة على الحدود
وفي نيسان/أبريل، أعلنت المملكة العربية السعودية تعليق استيراد الفواكه والخضراوات من لبنان أو السماح بمرورها عبر أراضيه ابعد ضبط أكثر من 5.3 ملايين حبة كبتاغون مُخبأة ضمن شحنة من الرمان.
وانتقدت الكويت في تشرين الأول/أكتوبر الحكومة اللبنانية لـ «عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة لردع عمليات التهريب المستمرة والمتزايدة لآفة المخدرات».
وفي سبتمبر/أيلول الماضي أعلنت السعودية عن «إحباط محاولة إحدى الشبكات المرتبطة بتنظيم حزب الله اللبناني، لتهريب 451.807 من أقراص إمفيتامين إلى المملكة، بحرا من لبنان إلى جمهورية نيجيريا الاتحادية، مخبأة داخل معدات ميكانيكية، حيث تم بالتنسيق مع الجهات النظيرة بجمهورية نيجيريا ضبطها قبل شحنها إلى دولة أخرى وإرسالها إلى المملكة»، حسب المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية.
وقالت شرطة دبي في الأسبوع الماضي إنها ضبطت ما قيمته نحو 15.8 مليون دولار من أقراص الكبتاغون كانت مخبأة أيضا في شحنة ليمون، وألقت القبض على أربعة مشتبه بهم، وأظهرت صور نشرتها الشرطة عبارة "صنع في لبنان" على الصناديق المحجوزة.
وخلال اجتماعهم هذا الشهر، دعا زعماء دول مجلس التعاون الخليجي لبنان إلى تشديد الرقابة على الحدود واتخاذ إجراءات لردع مهربي المخدرات عبر الصادرات إلى السعودية وغيرها من دول الخليج.
الحدود السائبة مصدر الأزمات
عرفت عمليات تهريب السلع بين سوريا ولبنان ارتفاعا كبيرا خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب غياب الرقابة عند الحدود وتعدد نقاط العبور غير الشرعية بين البلدي.
فمع انطلاقة الحرب في سوريا عام 2011 وما رافقها من «فلتان» أمني على طول الحدود اللبنانية السورية، دخلت صناعة حبوب الكبتاغون المُخدّرة على خريطة تجارة المخدرات على حدود البلدين، فجعلت لبنان المُنتج الأوّل لهذه المادة حتى العام نفسه، لاسيما بعد إنشاء مصانع أكبر في سوريا نظراً الى زيادة الطلب عليها.
وتنتشر صناعة حبوب الكبتاغون بشكل خاص في مناطق القصير وريف دمشق الخاضعة لسيطرة حزب الله ومجموعات تابعة للنظام السوري.
ويوجد في هذه المناطق حتى عام 2017، أكثر من 60 مصنعاً بين كبير وصغير لإنتاج حبوب الكبتاغون المنشّطة يتم تسويقها تحت سلطة الأمر الواقع التي تُحكم قبضتها على المعابر الشرعية وغير الشرعية بين البلدين وعلى المرافئ العامة.
ففي العام 2014، تم اكتشاف أكبر مصانع الكبتاغون في لبنان مُقام تحت حسينية الزهراء في مدينة بعلبك.
وفي مطلع العام الجاري 2021، دهمت القوى الأمنية اللبنانية مصنعاً صغيراً في بلدة يونين قرب مدينة بعلبك.
ونُقل عن أحد المتابعين لموضوع الكبتاغون في البقاع قوله "إن مصنع الكبتاغون عبارة عن مختبر كيميائي يدخل إلى الأراضي اللبنانية بطريقة شرعية وعلى أساس أنه لوازم طبّية وصيدلانية."
كما يحتاج تشغيله إلى دكتور في الكيمياء الحيوية، وتعتبر تلك الحبوب بمثابة منشّط ذهني تبقي مستخدمها 48 ساعة من دون نوم.
والتهريب عبر المعابر غير الشرعية ليس حديثا، ولكن تداعياته تجلّت في عام 2021 وباتت أكثر وضوحا، فهي ارتبطت باستنزاف ودائع اللبنانيين في المصارف، والتي أنفق جزء كبير منها على دعم المحروقات والأدوية وطحين الخبز. وقد تمسك الفريق السياسي المتهم بالاستفادة من عمليات التهريب وتجارة الحدود، بهذا الدعم حتى نفس اللبنانيين الأخير، فيما كان شطر كبير من هذا الدعم يتبدد على تهريب البضائع والإتجار بها في سوريا.
ويبقى موضوع ضبط الحدود وكافحة التهريب مقترن بالقرار السياسي أولاً، وبالغطاء الذي يجب أن يوفره هذا القرار للقوى العسكرية في إنجاز أوامرها بالحد من عمليات التهريب.