بيروت:فرضت العملات الرقمية أو المشفرة نفسها في الاقتصاد العالمي مؤخرا، فعلى الرغم من أنها عملات افتراضية لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ولا يمكن الاحتفاظ بها في المحفظة أو الأيدي؛ إلا أنها أحدثت طفرة في الاقتصاد الرقمي حول العالم.
وعلى الرغم من تحذير المدارس الاقتصادية «الكلاسيكية» من الاستثمار في «النقود الإلكترونية» باعتبار أنها تحقق الربح السريع إلا أنها غير مضمونة، لكن من جهة ثانية يبدو أن العالم يسير اليوم نحو اقتصاد افتراضي جديد، إذ ثمة توجه لدى الكثير من المصارف المركزية حول العالم بربط عملتها الوطنية بالعملات الرقمية المستقرة، في محاولة من هذه المصارف من أجل مواكبة رياح التغيير والتطور في عالم المدفوعات عبر الإنترنت.
وللاستيضاح عن أداء العملات الرقمية خلال 2021 مقارنة بالأعوام السابقة، ومصيرها في المستقبل، كان لمجلة «المجلة» مقابلة مع الاستشاري في العملات الرقمية ومؤسّس Buy bitcoin Lebanonنادر الديراني.
* كيف كان أداء العملات المشفرة عام 2021؟
- مقارنة بالسنوات الأخيرة هناك تحسن ولا يوجد تراجع بأداء العملاء الرقمية، فانخفاض الأسعار ببعض الفترات لا يعني ان هناك تراجعا بحجم الاستثمار أو بحجم القيمة السوقية.
فعلى سبيل المثال، يوجد اليوم نحو 15929 عملة رقمية مختلفة، ويوجد نحو 447 منصة تداول كـ«Binance»، و«Bifinex»، و«Coinbase»، وغيرها. وبالنسبة لحجم سوق العملات الرقمية فهو يبلغ اليوم تقريبا تريليونين و300 مليار دولار، أما من يسيطر على هذا المبلغ، فإن عملة الـ«Bitcoin» العملة الأساسية (العملة الأم) تسيطر دائما بنسبة 40-50 في المائة على حجم السوق أي بما يقدر بتريليون أو أقل قليلا..
وفي المرتبة الثانية بعد الـ«البيتكوين» هناك الـ«إيثريوم» (Ethereum)، تبلغ حصته السوقية ما يقارب الـ21 في المائة بما يقدر بنحو 480 مليار دولار، ويبقى للخمسة عشر ألفا من العملة الباقية نحو 920 مليار دولار.
ولإثبات أن السوق يتقدم ولا يتراجع، فإن حجم التداول خلال الـ24 ساعة الماضية (الثلاثاء) يبلغ 80 مليار دولار، كما أن تقدم سعر الـ«بيتكوين» خلال الأعوام الستة الماضية يثبت تطور هذه السوق، فمن 45 دولار في عام 2015 إلى 19500 دولار في 2017، وصولا إلى 50000 دولار عام 2021 (علما أنه وصل في شهر أغسطس (آب) الفائت إلى أعلى مستوى 69 ألف دولار).
ومن جهة أخرى هناك عملات رقمية لا قيمة لها فعليا من حيث الاستخدام، لكنها فقاعات يستثمر البعض فيها الأموال على أمل أن يحققوا أرباحا كعملة الـ«شيبا»، فخلال عام ظهرت العديد من العملات مثل «كوكوس»، و«لولا»، حققت أرباحا كثيرة وهو ما يفسر توجه العديد من المواطنين للاستثمار فيها، علما أنه في المقارنة بين الاستثمار في العملات المشفرة وبين أرباح الاستثمار في الذهب الأخير يعد «قزما» صغيرا لا يحقق واحدا في المائة في العام، بينما «البيتكوين» حقق خلال هذا العام (103 في المائة أرباحا).
* ما هو مستقبل العملات الرقمية وهل ممكن ان تحل مكان العملات النقدية؟
- من المؤكد أنها ليست إلى زوال، ولكن في الحقيقة هناك عملة أساسية وحيدة على الساحة من أصل 16 ألف عملة، وهي البيتكوين، وهي العملة الأم التي أطلقت عام 2009 من قبل شخص أو مجموعة مجهولة تحت اسم «ساتوشي ناكاموتو»، ومميزاتها أنها عملة لامركزية لا يتمكن أحد من التحكم فيها، لا يوجد لها قيادة مركزية أو خوادم مركزية، هي موجودة على خوادم جميع الناس التي تستخدم تطبيق البيتكوين، هي أيضا عملة نادرة سيتم إنشاء 21 مليون حبة عبر العالم وكل أربع سنوات الكمية التي يتم إنتاجها ستنخفض إلى النصف أي إنها ستصبح نادرة أكثر وأكثر عكس العملات الرقمية الأخرى، أما قدرة الشبكة التي تستخدمها فهي قوية جدا بما يفوق 11-12 تريليون جهاز كومبيوتر شخصي يؤمن عمل هذه العملة.
وبالتالي ما يخص مستقبل العملات الرقمية وبالأخص بيتكوين، فهي اليوم يتم استخدامها من أجل أن تكون عملة نقدية وأيضا يتم استخدامها لحفظ القيمة وحتى تحقيق استثمار وأرباح أيضا. أما باقي العملات فهي موجودة إما لتقليد البيتكوين ولكن لا يتوقع لها النجاح، إما لاستخدامات أخرى مثل «إيثريوم» كمنصة لبناء عملات أخرى مختلفة الاستخدامات. لذلك من سينجح أن يصبح عملة نقدية هو فقط البيتكوين.
* لماذا ترفض العديد من الدول في الشرق الأوسط قوننة العملات الرقمية؟
- العملات الرقمية تمت قوننتها في العديد من الدول بداية في الولايات المتحدة الأميركية من 2010 وأوروبا وفي آسيا ككوريا الجنوبية واليابان، أما بعض الدول كالشرق الأوسط وأفريقيا هي دائما متأخرة حيث تبقى تحت رحمة المصارف.
علما أن استخدام البيتكوين، هو استخدام حر ولا يمكن تقييده كما أن البيتكوين يحرر الناس الذين يمتلكون أو لا يمتلكون حسابات مصرفية من أدوات النظام الرأسمالي الحالي، ولهذا السبب نرى هذا الهجوم من قبل الديناصورات البائدة من المصارف التي تهاجم العملات الرقمية لأنها تهدد وجودها واستمراريتها وقدرتها على السيطرة على الناس لا سيما أن النظام المالي العالمي أثبت فشله في العديد من الدول كاليونان وأميركا الجنوبية ولبنان مؤخرا.
* كيف تعلق حول مخاوف البعض من خوض غمار الاستثمارات الرقمية؟
- نعم، هذه العملات افتراضية مثلها مثل الأسهم وغيرها، وثمة العديد من الدول ترفض قوننتها بحجة أن هذه العملات لا يوجد لها ضامن لجهة قيمتها، فهذا أمر صحيح. المخاطر والمخاوف موجود في أي استثمار نجهله ولا نملك المهارة بشأنه وهو ما سيعرض المستثمر للخسارة والفشل بالطبع وليس فقط بالعملات الرقمية التي تحتاج المعرفة من خلال القراءة والتدريب وأيضا امتلاك المهارة. لذلك البداية يجب أن تكون بمبلغ صغير من الـ«extra cash» للتجربة. علما أن المتداولين يفضلون حركة الصعود والنزول في السوق كي يتمكنوا من تحقيق الأرباح.