بيروت: في زيارة «تضامنية» للبنان الغارق بأزماته بدأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد زيارته إلى بيروت التي ستستمر لأربعة أيام، وكان غوتيريش استبق الزيارة بدعوة المسؤولين السياسيين الى توحيد صفوفهم من أجل إيجاد حلول للأزمات التي تعصف بالبلاد.
وأكد غوتيريش أنه «لا يحق للقادة اللبنانيين أن يكونوا منقسمين في ظل أزمة خطيرة كهذه» مضيفا أن «اللبنانيين وحدهم يمكنهم بالطبع أن يقودوا هذه العملية».
وأعلن مكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة، في بيان، أن غوتيريش، وفور وصوله إلى مطار بيروت، قال «عندما كنت المفوض السامي لشؤون اللاجئين، جئت إلى لبنان مرات عدة، ولمست وقتها تضامن شعب لبنان مع عديد من اللاجئين. أعتقد أن الوقت حان لنا جميعاً، في العالم، للتعبير عن التضامن نفسه مع شعب لبنان. لذلك، إذا أردت وصف زيارتي إلى لبنان بكلمة واحدة ستكون كلمة: تضامن».
وقالت الأمم المتحدة في بيان الخميس إن الزيارة «في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان، ستكون ذات طابع تضامني سيُعيد خلالها الأمين العام التأكيد على دعم أسرة الأمم المتحدة برمّتها – البعثة السياسية وقوات حفظ السلام والعاملين في مجالات الدعم الإنساني والاغاثي – للبنان وشعبه».
اهتمام دولي بلبنان
ولكن على الرغم من أهمية الزيارة التي تؤكّد الاهتمام الدولي بلبنان، لكنها لا تتجاوز اعتبارها «تضامنية»، إذ إنها بلا طابع تقريري ولن تخرج بمقررات واضحة. لكن المؤشرات الأساسية، التي يمكن قراءتها منها، هي أن لبنان لا يزال يحظى بالاهتمام الدولي، وخصوصاً شرائح الشعب اللبناني واللاجئين.
وفي المقابل وقبل وصول غوتيريش إلى بيروت، استبقت الولايات المتحدة الأميركية الزيارة بموقف متجدد حول التحذير من فرض العقوبات على المصارف، إذا كانت متورطة في عمليات تبييض أموال أو تهريبها إلى الخارج. هذا الموقف الأميركي يحمل الكثير من المؤشرات للمرحلة المقبلة، وهو أن واشنطن لن تتراجع عن سياستها الضاغطة تجاه لبنان، وخصوصاً ما يتعلق بفرض المزيد من العقوبات على شخصيات سياسية متورطة بعمليات فساد أو غسل أموال، أو بالتعاون مع «حزب الله».
مثل هذا القرار الأميركي يؤشر إلى فرض المزيد من الضغوط على المصارف لتزويد الخزانة الأميركية بأي معلومات عن حركة الأموال، التي ستكون مشبوهة بالنسبة إلى واشنطن.
الموقف الأميركي يؤكد انخراط الولايات المتحدة في التفاصيل اللبنانية، وتحديدا إلى حين موعد الانتخابات النيابية. حيث أنّ التحذيرات الأميركية واضحة إلى جمعية المصارف: في حال تخلّف أحد المصارف عن تقديم المعطيات المطلوبة، يكون عرضة للعقوبات. أي أن الضغوط الأميركية ستشمل غالبية الشخصيات السياسية.
فهل سيتحمل القطاع المصرفي أي هزة أو ضغوطات خارجية جديدة، أم أنّ هذه الضغوطات ستؤدي إلى إنهاء القطاع المصرفي في شكله الحالي، وإعادة انتاج قطاع جديد يلتزم بالضوابط.
إذا ثمة ضغوطات واضحة تمارسها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على السلطة السياسية علّها تضع حدا للانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ عام 2019، إذ صنّف البنك الدولي الأزمة التي تشهدها البلاد من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. وترافقت الأزمة مع شلل سياسي حال دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحد من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين بات أكثر من 50 % منهم تحت خط الفقر.