واشنطن: أشارت تقارير نشرت مؤخرا في الولايات المتحدة، إلى الانفجار السكّاني في العاصمة السودانية الخرطوم، كمثال للانفجار السكاني في القارة الأفريقية، وللتقديرات المستقبلية بأنّ الأفارقة سيصبحون ثلث سكان العالم بحلول عام 2100.
التقارير وصفت المهاجرين إلى الخرطوم بأنهم «سكان نازحون داخلياً»، وسمتهم تقارير أخرى «المهمّشون»، في إشارة إلى احتجاجات سكان مناطق الحرب في أقاليم دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق.
وقال تقرير أصدرته «هيومانيتيريان ريسبوس» (التلبية الإنسانية) التابعة للأمم المتحدة: «يقع حي السلامة على مسافة سبعة كيلومترات جنوب الخرطوم. ويشمل السلامة، وسوبا الأراضي. ويحيط بهما من ناحية الغرب حي سيره، ومن الشرق، حي العودة، ومن الشمال حي الأزهري. وأكثر السكان في هذه الأحياء من دارفور وجنوب كردفان».
وقال تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» إنّ حي سوبا، جنوب الخرطوم: «صار موطنا للذين هربوا من الحرب في دارفور. وتعتبرهم حكومة السودان عشوائيين، ولم توفر لهم الكهرباء ومياه المواسير».
وأضافت الصحيفة أنّ أسماء بعض هذه اللأحياء تصور حالتهم. مثل: «جبرونا»، و«طردونا». وسميت أحياء حسب مناظرها، مثل «العشش». وتسمى كل المنطقة «الحزام الأسود»، وهذا اسم فيه ازدراء، وذلك لأن المهاجرين جاءوا من مناطق الحرب في دارفور، وأيضاً، من جنوب السودان، حيث يميل لون الناس إلى الأسود الدّاكن.
منذ نصف قرن، صار النزوح بسبب الحروب هو المحرّك الرئيسي لزيادة سكان الخرطوم، التي أصبحت عضوا في نادي المضطهدين في المدن الأفريقية الكبيرة، حيث يعيش الناس على عربات تجرها الحمير، أو في شاحنات متهالكة.
وقال تقرير نشرته دورية «World population» (سكان العالم) إنّ سكان الخرطوم يزيدون بمعدل اثنين في المائة كل سنة، ولهذا تضاعف عددهم منذ سنة 2000.
وكتبت إليزابيتا برومات، خبيرة في مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: «قد يكون وضع النازحين داخليا في المناطق العشوائية في الخرطوم أسوأ من الوضع في معسكرات النازحين داخليا في دارفور، غير أنّ المساعدات الإنسانية ليست كافية، مع الزيادة المستمرة في عدد السكان، وفي الحاجة لمساعدات إلى مواجهة تحدّيات النّزوح الحضري، والفقر في الخرطوم».
مؤخّراً، توقّعت الكثير من الدراسات، أنّه بحلول نهاية القرن الحالي، ستكون أفريقيا القارة الوحيدة التي ستشهد زيادة في السكان. وسيقل عدد سكان القارات الأخرى. وسيبقى عدد سكان قارة آسيا كما هو حالياً.
وستكون 13 مدينة أفريقية في قائمة أكبر 20 مدينة تعج بالسكان في كل العالم. في الوقت الحاضر، توجد فقط مدينتان أفريقيتان في هذه القائمة.
وحسب هذه الدراسات، سيشكل الأفارقة ثلث سكان العالم بحلول نهاية هذا القرن.
تقدّر الأمم المتحدة أنّ ربع سكان الخرطوم في الوقت الحاضر هم من النازحين من مناطق الحرب. وأنّ عددهم وصل إلى مليون ونصف المليون نسمة. إلا أنّ تقارير أخرى أشارت إلى أنّ النّسبة الحقيقيّة هي أكثر من نصف السكّان الذين يبلغ عددهم ستة ملايين شخص.
وحسب تقرير «واشنطن بوست»: «تنهار الدول غير المستقرة، مثل السودان، أولاً، في مناطقها البعيدة والهامشية. وتصبح المدن المركزيّة منارات للأمان والسلام. ويهرع إليها النازحون. ويبنون هويات جديدة، ويؤسسون منظمات اجتماعية، ثم منظمات سياسية. ويخططون لثورات، وحكومات جديدة، قد تعيدهم إلى الأماكن التي جاءوا منها».
وأضاف التقرير: «تمتلئ الخرطوم ذات اللون الرملي، وهي في جزء من الصحراء الأفريقية، بمشاهد تتكرر ميلا بعد ميل. مثل أغنية شعبية حزينة: منازل من الطين الجاف تمتد إلى الأفق. وأحياناً، تظهر هياكل عالية من الحديد والخرسانة لمنازل لم تكتمل. هذه منازل بين حلم يتحقق وركام وحطام».
في عام 2011. انتهت واحدة من حروب السودان الكثيرة بانفصال جنوب السودان. وصارت الخرطوم نقطة جذب لجنوبيين هاربين من وطنهم الجديد. أيضا، صارت جوبا، عاصمة جنوب السودان نفسها نقطة جذب لمواطنيها.
وقد تحدث تقرير جديد للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن نازحين من نوع آخر من خارج السودان.
جاء في التقرير أنّه «في عام 2020. استمر الوضع الإنساني في السودان في التفاقم بسبب الاضطرابات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية. وشهدت دول مجاورة نفس الوضع. وأدّى هذا الوضع الذي لا يمكن التنبؤ به إلى تدفّق مزيد من اللاجئين نحو السودان. وتدفق أكثرهم من جنوب السودان. ومع نهاية العام، تدفق لاجئون من منطقة تيغراي الإثيوبية، عبر الحدود، بحثا عن الأمان والحماية».
وأضاف التقرير: «مع نهاية العام، استضاف السودان أكثر من 3.6 مليون نازح، منهم نحو مليون لاجئ، ومليونان ونصف المليون نازح داخلي. وجاء لاجئون من جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإريتريا، والصومال، وسوريا، واليمن».