صناع السياسة الأميركية لـ «المجلة»: سجل حافل من الإسهامات السعودية في الصراع ضد الإرهاب بعد 11سبتمبر

صناع السياسة الأميركية لـ «المجلة»: سجل حافل من الإسهامات السعودية في الصراع ضد الإرهاب بعد 11سبتمبر

[caption id="attachment_55255326" align="aligncenter" width="1024"]صورة أرشيفية لبرجي مركز التجارة العالمي بعد الهجوم الإرهابي في 11 سبتمبر 2001 (غيتي) صورة أرشيفية لبرجي مركز التجارة العالمي بعد الهجوم الإرهابي في 11 سبتمبر 2001 (غيتي)[/caption]

 

بعد عقد ونصف من وقوعها.. سياسيون و استخباريون أميركيون يرفعون الستار عن أحداث 11سبتمبر
ما الإرث الذي خلفته المأساة فيما يتعلق بالتحالف السعودي - الأميركي؟

 

 


[blockquote]•أبرز المستجدات.. برأءة السعودية من وهم ضلوعها في الأحداث .. وثبوت تورط إيران وحزب الله
•دفعت الاستراتيجية السعودية الحيوية للتقارب مع الولايات المتحدة من خلال إطار «رؤية 2030»
•ضرورة لاستعادة جبهة موحدة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجميع حلفائهم في مواجهة العدوان الإيراني.
•شهود عيان يؤكدون تورط الحكومة الإيرانية وحزب الله في تدريب وتمويل ودعم تنظيم القاعدة لشن الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون وواشنطن العاصمة وتفجير السفارات الأميركية في كينيا وتنزانيا وعملية التفجير الانتحاري للمدمرة الأميركية «يو إس إس كول» وتفجير أبراج «الخبر» في الرياض
•سياسيون: تقود المملكة صراعا عربيا ضد التنظيمات المتطرفة التابعة لإيران في اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان، بالإضافة إلى تنظيم داعش.. كما تعمل على حماية الاستقرار في مصر والدول غير البترولية
•تأتي الذكرى الخامسة عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أيضًا بعد عام واحد من الاتفاقية النووية الإيرانية
•روبرت جوزيف: إيران حصلت على «علاوات نقدية» من توقيع الاتفاق النووي تستطيع أن تستخدمها في تمويل الإرهاب[/blockquote]



نيويورك - جوزيف براودي:

شهد العقد ونصف العقد الماضيان كثيرًا من النتائج الواقعية التي تتعلق بالحادي عشر من سبتمبر بالإضافة إلى الهجمات الأخرى لتنظيم القاعدة سواء قبلها أو بعدها وهو ما يظهر الإخلاص الجيوسياسي للقيادة السعودية تجاه الولايات المتحدة، وخطأ بعض الاتهامات التي تم توجيهها في البداية للمملكة. كما أظهر الزمن أيضًا أنه في الوقت الذي تكرس فيه المملكة العربية السعودية قواتها المسلحة وآلاتها الأمنية والاستخباراتية للحفاظ على النظام الأمني الإقليمي الذي كانت السياسة الخارجية الأميركية تعتمد عليه طوال الوقت، يصر النظام الإيراني على أجندته التوسعية في العالم العربي ويدير خلايا إرهابية على الصعيد العالمي. ومن ثم، أدلى كثير من صناع السياسة الأميركيين خلال الشهور الماضية بتصريحات قوية يطالبون من خلالها بإحياء وتعزيز التحالف السعودي - الأميركي التاريخي.

[caption id="attachment_55255328" align="alignright" width="300"]صورة أرشيفية لوزير الدفاع الأميركي الأسبق وليام بيري خلال تفقده حطام أبراج الخبر في الظهران بالمملكة العربية السعودية 29 يونيو 1996 (غيتي) صورة أرشيفية لوزير الدفاع الأميركي الأسبق وليام بيري خلال تفقده حطام أبراج الخبر في الظهران بالمملكة العربية السعودية 29 يونيو 1996 (غيتي)[/caption]


في ظل تطور السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط خلال الإدارات الرئاسية المتتالية، أسفر تغير منهجي من جانب البيت الأبيض في إدارة أوباما عن سياسات أميركية جديدة أثرت سلبًا على التحالف التاريخي بين البلدين.
وروجت وسائل الإعلام الموالية للإدارة لتلك السياسات، التي لم تكن تتمتع بالشعبية في المجتمع الأميركي، على نحو أضر بالعلاقة بين البلدين، فقد عملت المنابر الإعلامية الموالية للإدارة على تصوير الحكومة الإيرانية باعتبارها حكومة معتدلة فيما تم تصوير الحكومة السعودية باعتبارها تتجاهل أو تخفي وجود أدلة على العكس في كلتا الحالتين.
ولكن رغم هذين الاتجاهين المتناقضين، ووسط المعاناة غير المسبوقة التي ترزح تحت وطأتها كثير من الدول العربية، بدأت تفاهمات وتحالفات إقليمية جديدة في الظهور في الشرق الأوسط ترددت أصداؤها في الولايات المتحدة. وبإمكان تلك التحالفات إعادة وإصلاح التحالف السعودي الأميركي في السنوات المقبلة. ودفعت الاستراتيجية السعودية الحيوية للتقارب مع الولايات المتحدة من خلال إطار «رؤية 2030» تلك التطورات المبشرة. جدير بالذكر أن تلك الاستراتيجية يحتضنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي قام بجولة مكوكية ناجحة للغاية في المراكز السياسية والاقتصادية والثقافية والمالية الأميركية خلال الصيف الماضي. بالإضافة إلى أن ولي العهد محمد بن نايف استعاد سمعته كصديق قوي للمؤسسة الأمنية الأميركية من خلال قدرته على التواصل مع الشخصيات القيادية في إطار مساعي تحقيق المصالح الأمنية والاستخباراتية المشتركة.

 

 

 

 

 

 

الذكرى الخامسة عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر

 

 

 


تأتي الذكرى الخامسة عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أيضًا بعد عام واحد من الاتفاقية النووية الإيرانية. وتعرب حاليا كثير من الأصوات المهمة في السياسة الأميركية عن عدم رضاها عن الاتفاقية، ويدق كثير منهم جرس الإنذار بشأن تعزيز الاتفاقية لإيران وتقويتها، مشيرين إلى أن إيران أصبحت أكثر عنفا في دعمها للإرهاب الدولي. وفي الوقت ذاته، لم يرَ الأميركيون دليلا على تحقيق ذلك الاتفاق لمزايا اقتصادية أو أنه جعل إيران تصبح حليفا أميركيا. وبعدما أصبحت تلك الحقائق واضحة، تزايدت الأصوات التي تطالب الآن بإعادة النظر في الاتجاه المناهض للمملكة العربية السعودية في السياسية الخارجية الأميركية، والبحث عن فرص جديدة للشراكة معها.
وفي هذا التقرير الخاص، تفحص «المجلة» سجل الوقائع المتعلقة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، والعمليات التي نفذها تنظيم القاعدة في أعقاب الهجوم. كما تفحص تصريحات المسؤولين الحاليين والسابقين بالإدارة الأميركية والنواب المنتخبين فيما يتعلق بالعلاقات السعودية - الأميركية، بصفة عامة، وفي إطار هجمات الحادي عشر من سبتمبر بصفة خاصة، بما في ذلك كثير من التصريحات التي حصلت عليها «المجلة» حصريا. كما يراجع التقرير سجل الإسهامات السعودية في الصراع ضد الإرهاب، التي يقر بها كثير من صناع السياسة الأميركيين. ثم ينقل المخاوف التي أعرب عنها البعض بشأن تنامي الدعم الإيراني للإرهاب، وهو ما يجعل هناك ضرورة لاستعادة جبهة موحدة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجميع حلفائهم في مواجهة العدوان الإيراني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنظيم القاعدة.. هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. الدعم الإيراني المادي

 

 


لم يتم تداول قصة الحكم القضائي المستعجل ضد حكومة إيران، نظرا لتقديمها دعمًا ماديًا لتنظيم القاعدة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، على نحو واسع في وسائل الإعلام الأميركية. ففي قضية رفعها ضحايا الحادي عشر من سبتمبر وشركات التأمين ضد إيران، أيد القاضي، جورج دانيالز، من المنطقة الجنوبية بنيويورك شهادات شهود العيان بأن الحكومة الإيرانية وحزب الله كانا يقدمان التدريب والتمويل والدعم اللوجيستي لتنظيم القاعدة، مما مكنهم من شن الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون وواشنطن العاصمة (شانكفيل ببنسلفانيا) - بالإضافة إلى هجمات أخرى، بما في ذلك تفجير السفارات الأميركية في كينيا وتنزانيا في 1998، وعملية التفجير الانتحاري للمدمرة الأميركية «يو إس إس كول» على مقربة من اليمن في 2000 وتفجير أبراج «الخبر» في الرياض.
وبالإضافة إلى النتائج النهائية التي توصل إليها ضد نظام طهران وتنظيم حزب الله التابع له، توصل القاضي دانيالز أيضًا إلى أن المرشد الأعلى آية الله خامنئي نفسه، ضمن عدد آخر من كبار المسؤولين الإيرانيين والمسؤولين بحزب الله يتحمل مسؤولية مباشرة عن عملية الحادي عشر من سبتمبر.


[caption id="attachment_55255329" align="alignleft" width="200"]روبرت جوزيف روبرت جوزيف[/caption]

وعلى الرغم من وجود بعض الأسئلة المشروعة حول بعض تلك الاتهامات، لا يوجد سوى عدد محدود من الخبراء بمجتمع السياسة بواشنطن حاليا ينفي أن إيران قدمت، على الأقل، درجة معقولة من الدعم المادي للتنظيم.
وتوجد كثير من الأمثلة التي تؤكد التعاون القوي بين إيران وتنظيم القاعدة، التي يرجع تاريخها إلى 1993 عندما كان أسامة بن لادن يقيم في الخرطوم.
ففي السنوات التالية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، ظهر دليل مطول وثقته صفحات «المجلة» يثبت أن إيران استمرت في مساعدة تنظيم القاعدة في صراعه ضد الولايات المتحدة وحلفائها مرارًا وتكرارًا. فقد كانت إيران تساعد تنظيم القاعدة في العراق في حملته ضد القوات الأميركية والعراقية وغيرها من قوات التحالف في أعقاب خلع صدام حسين في 2003. فقد رأت إيران أن المتطرفين الأجانب لديهم ممر حر للحركة عبر سوريا يمكنهم من دخول العراق، ومن ثم فبإمكانهم الانضمام للصراع. كما ساعدت إيران أفراد تنظيم القاعدة على الفرار من أفغانستان بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على البلاد، كما اتضح أنها كانت تساعد تنظيم القاعدة وحركة طالبان في مساعيهم المستمرة للقضاء على القوات الأميركية في البلاد.
وأخيرا، في بداية شهر يونيو (حزيران) 2016، أكد موقع إيراني محافظ أن زعيم طالبان السابق، أختر منصور، كان يقيم في إيران لمدة شهرين، وأنه وقع خلال تلك الفترة اتفاقًا لتأمين المساعدات من المسؤولين الإيرانيين بعد مباحثات مكثفة، رغم إنكار وزارة الخارجية الإيرانية المتكرر لمجرد وجوده بالبلاد.
وكما قال أسامة بن لادن نفسه في مراسلات خاصة تم الاستيلاء عليها من مسكنه بأبوت بباكستان، فإن إيران «هي الشريان الرئيسي للتمويل والأفراد والاتصالات». كما أوصى أتباعه بوضوح بأن «يحجموا عن شن هجمات على إيران ويكرسوا إمكاناتهم الكاملة.. لقتال الصليبيين والمرتدين».
وفي تقرير غير سري، قدمت مكتبة الكونغرس عرضا مفصلا للمساعدات التي قدمتها وزارة الاستخبارات الإيرانية للجماعات المتطرفة في العراق. ويشير التقرير إلى «التعاون» المكثف بين إيران وتنظيم القاعدة نظرا لـ«اشتراكهم في معارضة الهيمنة الأميركية في المنطقة».

وقد شاركت وزارة الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري في الهجمات الإرهابية من الأرجنتين إلى لبنان.
كما رصدت «المجلة» أيضًا وجود أدلة مهمة إضافية في انتظار الإدارة الأميركية المقبلة، حيث لم يتم إطلاق سراح الغالبية العظمى من وثائق بن لادن التي تبلغ نحو مليون وثيقة، تتضمن ملفات وبيانات ومقاطع فيديو، سواء بالنسبة للإعلام أو حتى بالنسبة للباحثين بوكالة استخبارات الدفاع، الذين كانوا يرغبون في فحص فهمهم لطبيعة تنظيم القاعدة. وكما أخبر بعض هؤلاء المسؤولين «المجلة»، فإنهم يعتقدون أنهم منعوا من الاطلاع على تلك الوثائق لأسباب سياسية: ففي ظل مساعي البيت الأبيض لترويج الاتفاقية النووية الإيرانية إلى الجمهور المتشكك، ربما أراد كبار المسؤولين أن يتجنبوا إطلاق سراح بعض المعلومات التي يمكنها أن تشير إلى تورط إيران في أكبر المآسي التي تعرضت لها أميركا منذ هجمات «بيرل هاربور» التي تزامنت مع دخول أميركا الحرب العالمية الثانية.
ويقول المسؤول السابق باستخبارات الدفاع الأميركية، مايكل برجنت، إن ذلك الأرشيف لن يطلق سراحه في عهد إدارة أوباما «لأنها تفعل كل شيء يمكنها فعله لكي تتأكد من ألا تنهار الصفقة الإيرانية قبل أن يترك الرئيس مكتبه».

 

 

 

 

 

 

 

 

 


إطلاق سراح الـ«28 صفحة» وتصريحات قياديين أميركيين حول معناها

 

 


كانت وثيقة الـ«28 صفحة» سيئة السمعة، التي تتضمن معلومات سرية، عالقة كسحابة سوداء فوق العلاقات السعودية الأميركية منذ السنوات الأولى التي تلت مأساة هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكان يتم دفع الجمهور لأن يعتقد بأنها تشير إلى دور الحكومة السعودية المزعوم في ذلك الهجوم الدموي.
وفي يونيو من هذا العام، وقبل فترة وجيزة من إطلاق سراح وثائق الحادي عشر من سبتمبر، صرح رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، جون برينان، في حوار حصري مع «العربية»: «لم يكن هناك دليل يشير إلى أن الحكومة السعودية كمؤسسة، أو أن كبار المسؤولين السعوديين كأفراد، قدموا الدعم لهجمات الحادي عشر من سبتمبر.. وقد فحصت لجنة الحادي عشر من سبتمبر بعمق تلك المزاعم المتعلقة بتورط الحكومة السعودية وتوصلت إلى أنه لا يوجد دليل على أن الحكومة السعودية كمؤسسة أو أن أيًا من كبار المسؤولين السعوديين كأفراد قد قدموا الدعم لهجمات الحادي عشر من سبتمبر». وأضاف رئيس الاستخبارات أنه «من المفيد» أن يتم «إطلاق سراح» تقرير الـ«28 صفحة».
وبعد عدة أسابيع من حوار برينان، وتحديدا في 15 يوليو (تموز)، أصدر كل من الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي، توم كيان، والنيابي السابق، لي هاميلتون، الذي كان يعمل رئيسًا ونائبًا لرئيس لجنة الحادي عشر من سبتمبر تصريحات فيما يتعلق بالـ«28 صفحة». في البداية، وضعت تصريحاتهما الوثيقة في سياقها، مشيرين إلى إساءة فهم محتواها: «اعتمدت كل من وثيقة الـ(28 صفحة) من عام 2002، وخطة العمل في يونيو 2003 تماما على مواد خام لم يتم تنقيحها أتت إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي. وقد تم تدوين تلك المواد في ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي باعتبارها وثائق أساسية بحاجة إلى تحقيقات إضافية. وبحلول يونيو 2003، لم تكن أي من تلك الوثائق قد خضعت للتحقيق. ومن ثم فإن تلك الوثائق هي أقرب إلى الملاحظات الأولية لقوات إنفاذ القانون».

[caption id="attachment_55255330" align="alignright" width="184"]القاضي جورج دانيالز القاضي جورج دانيالز[/caption]

وأخذا في الاعتبار مجمل تصريح هاميلتون - كيان، أصبح من الممكن الإقرار بأن المملكة السعودية كانت تعتبر نفسها من المقاتلين الأشداء في مواجهة التنظيمات الإرهابية على الساحة العالمية. ويجب أيضًا الإقرار بذلك على الصعيد الدولي. كما أصبح من الممكن إظهار أن بعض خصوم المملكة العربية السعودية (خصوصًا إيران) ما زالوا يمثلون قوة لزعزعة استقرار المنطقة العربية وراعيًا للإرهاب في خمس قارات. ويؤكد أيضًا تصريح كيان - هاميلتون - ورسالته المركبة - أن «المملكة العربية السعودية كانت حليفا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، حيث قتل كثير من الموظفين السعوديين في معاركهم مع عملاء تنظيم القاعدة».

 

 

 

 

 

 

 

 


المساهمات السعودية في الحرب العالمية ضد الإرهاب

 

 


في وقت من التخبط الدولي بشأن الحرائق والمآسي في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، حشدت المملكة العربية السعودية، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مواردها: ففي ظل تزايد الحضور الإيراني ودخول البيت الأبيض في حالة نكران للواقع، تقود المملكة صراعا عربيا ضد التنظيمات المتطرفة التابعة لإيران في اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان، بالإضافة إلى تنظيم داعش. كما تعمل على حماية الاستقرار في مصر والدول غير البترولية، فيما تدعم دفاعات جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي. وتشن المملكة تلك المناورات المكلفة في ظل انخفاض سعر البترول إلى مستوى تاريخي، وبينما تتحمل الانتقادات من قطاع بالطبقة السياسية في واشنطن.
وعلى الرغم من تزايد وتيرة جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب منذ تفاقم الهجمات الإرهابية في أعقاب اضطرابات 2011 - 2012، فإن التزامها بمجابهة جماعات مثل «القاعدة» ليس بالأمر الجديد. ففي حرب المملكة العربية السعودية ضد تنظيم القاعدة خلال الفترة من 2003 إلى 2006، كان رئيس الاستخبارات الأميركية في ذلك الوقت، جورج تينيت، دائما ما يطلب المساعدة من وزير الداخلية في ذلك الوقت، الأمير محمد بن نايف.
ويتذكر المسؤول السابق بالاستخبارات الأميركية، الذي يعمل حاليا بمعهد بروكنغز، بروس ريدل، تلك الفترة قائلاً: «أصدرت وزارة الداخلية قوائم بأبرز إرهابيي تنظيم القاعدة المطلوبين، ثم بدأت ملاحقتهم. وعندما كان يتم القاء القبض على الأسماء الموجودة في القائمة في الكمائن أو المعارك، كانت الوزارة تحدّث القائمة بأسماء المجموعة التالية من مقاتلي (القاعدة) المطلوبين.. وعلى الرغم من أن استراتيجية الأمير بن نايف كانت فعالة ، فإنه كان حريصا على عدم الخول في عمليات مزعجة يمكنها أن تتضمن أضرارًا جانبية. فقد كانت المطاردات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية محددة ومنتقاة، وكانت تتجنب إصابات المدنيين والعنف الذي ميز عمليات مكافحة الإرهاب في الجزائر في التسعينات وفي العراق حاليا. ومن ثم، تمكنت قيادات وزارة الداخلية من مطاردة الإرهابيين دون إثارة انتقادات ، فقد كان الأمير يقدر الحاجة إلى التناسب والحذر في قتال الإرهاب تحت الأرض».
وفي الوقت الراهن، هناك قدر كبير من الاهتمام والتنبُّه يتم إيلاؤه لـ«التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب» الذي يقوده ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويُنظر لمقاربته متعددة الأطراف، التي تجمع العشرات من الدول الإسلامية في جبهة موحدة ضد الكارثة العابرة للقوميات، باعتبارها إطارا محتملا للتنسيق بين العواصم العربية والإسلامية الرئيسية والحلفاء الغربيين. وكان تقدم التحالف الإسلامي موضوعًا للاهتمام المكثف في يوليو بـ«قاعدة أندروز الجوية»، عندما انضم الأمير محمد بن سلمان لوزراء دفاع 30 دولة أخرى في اللقاء السنوي الثاني لـ«التحالف الدولي ضد (داعش)».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التهديد الإيراني يمتد

 

 


تتزامن الذكرى الخامسة عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر مع مرور عام على توقيع الاتفاقية النووية الإيرانية التي احتفى بها مؤيدو اتخاذ خطوات درامية نحو شرق أوسط أفضل وأكثر أمنًا. وللأسف، أعرب كثير من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين عن مخاوفهم بشأن أن تكون الاتفاقية أتت بنتائج عكسية. ففي هذا التقرير الخاص، تحدثت «المجلة» مع روبرت جوزيف، الذي عمل مبعوثًا للولايات المتحدة لمنع الانتشار النووي بدرجة سفير. وقبل أن يصل إلى هذا المنصب، كان يعمل وكيلاً لوزارة الخارجية للأمن الدولي والحد من التسلح، وهو المنصب الذي كان يحتله حتى 24 يناير (كانون الثاني) 2007. وفي حوار سابق مع «المجلة» حذر جوزيف من أن إيران حصلت على «علاوات نقدية» من توقيع الاتفاق النووي تستطيع أن تستخدمها في تمويل الإرهاب. وفي حوارنا الثاني معه، ركز جوزيف على كيف تطور خطر الإرهاب الإيراني.

لقد بدأنا بسؤال جوزيف عما إذا كان يشعر بأن دول «خمسة زائد واحد» التي وقعت الاتفاقية النووية مع إيران أصبحت أكثر أمنًا من التعرض لهجمات إرهابية برعاية إيران على أراضيها. فقال: «لقد كان هناك تغير أساسي في سياسات إيران بصفة عامة، ولكن دعمها للإرهاب عميق ومكثف كما كان عليه دائمًا. فقد أوضح آية الله منذ توقيع الاتفاقية أن تلك الاتفاقية لن تغير السياسات الإيرانية ودعمها للمنظمات الإرهابية التي كانت تدعمها في الماضي. ولم أرَ أي دليل يشير إلى تراجع المخططات الإرهابية ضد الغرب خاصة، عبر المنظمات الإرهابية التي تمولها إيران. وأصبح لديهم قدرة أكبر على الوصول إلى المزيد من الموارد نظرًا للاتفاقية النووية. فقد حصلت إيران على عشرات المليارات من الدولارات التي تستطيع أن توزعها على حلفائها سواء كانوا دولاً أم لا. انظر إلى موقف إيران من الولايات المتحدة. هل تغير؟ لا، بل إنني أعتقد أنه أصبح أكثر عنفًا. فأخيرًا، كانت وحدات البحرية التابعة للحرس الثوري تتحرش بالسفن الأميركية. وما زلنا بالنسبة لهم «الشيطان الأعظم»، ومن ثم فلا أعرف لماذا يمكن لأحد أن يعتقد أنه سيحدث أي تغيير هناك. أعتقد العكس هو ما سيحدث».

وأكد جوزيف إيمانه بأن إيران ليس لديها أي تردد حيال تمويل تنظيمات مثل القاعدة: «أعتقد أن هناك عناصر واضحة - فيلق القدس، وغيرها من العناصر داخل المؤسسة الإيرانية - والنخبة الحاكمة - التي أظهرت استعدادها لتمويل وتقديم المساعدات التقنية للجماعات الإرهابية السنية».
وسألنا جوزيف عما إذا كان يرى خطرًا محتملاً يتعلق بأن تمنح إيران المواد النووية للتنظيمات الإرهابية. فأجاب بأنه رغم عدم وجود دليل على أن النظام فعل ذلك حتى الآن، فالسؤال هو «هل لديهم القدرة على تقديم المواد أو القنابل النووية لهذا النوع من المنظمات؟ بالطبع. ولكن هل سيفعلون ذلك؟ لا أعرف. وعلى الرغم من أنني لم أجد دليلا يشير إلى أنهم قد فعلوا ذلك بالفعل، أتخيل أن تكون هناك بعض العناصر داخل المؤسسة الإيرانية التي يمكن أن ترغب في عمل ذلك».

[caption id="attachment_55255327" align="aligncenter" width="1024"]صورة أرشيفية لبرجي مركز التجارة العالمي بعد الهجوم الإرهابي في 11 سبتمبر 2001 (غيتي) صورة أرشيفية لبرجي مركز التجارة العالمي بعد الهجوم الإرهابي في 11 سبتمبر 2001 (غيتي)[/caption]
[caption id="attachment_55255331" align="aligncenter" width="940"]علي خامنئي علي خامنئي[/caption]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

font change