أزمة الدولار وراء التكالب على شراء الوحدات السكنية.. السوق العقارية المصرية تقاوم «الفقاعة»

أزمة الدولار وراء التكالب على شراء الوحدات السكنية.. السوق العقارية المصرية تقاوم «الفقاعة»

[caption id="attachment_55255209" align="aligncenter" width="1024"]وكالة مصرية لبيع واستئجار العقارات بمدينة الأقصر تعتمد على السياحة، تعاني من الركود بسبب تراجع السياحة في مصر وفقًا لوزارة السياحة بنسبة تصل إلى 80 % في عام 2016 جراء تعليق الرحلات بعد إسقاط الطائرة الروسية في أكتوبر 2015 (غيتي) وكالة مصرية لبيع واستئجار العقارات بمدينة الأقصر تعتمد على السياحة، تعاني من الركود بسبب تراجع السياحة في مصر وفقًا لوزارة السياحة بنسبة تصل إلى 80 % في عام 2016 جراء تعليق الرحلات بعد إسقاط الطائرة الروسية في أكتوبر 2015 (غيتي)[/caption]


القاهرة: (المجلة) حسين البطراوي

* الذهب يفقد بريقه كملاذ آمن.. والعقارات البديل رغم جنون الأسعار
* الديون وأقساط التمويل العقاري تحددان موعد بداية الفقاعة العقارية
* الشركات تتوسع في الأقساط.. وتعثر في السداد يدفع للبيع الثاني




نمو كبير شهده القطاع العقاري في مصر.. غير أن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين مع زيادة أسعار العقارات وانخفاض قدرة الشركات على تصريف منتجاتها من الوحدات العقارية الفاخرة تنذر بانفجار الفقاعة العقارية في أي لحظة. فالأسعار «مفتعلة» بحسب تقديرات خبراء التسويق العقاري.
وتشهد السوق العقارية في مصر، واقعا مشابها لحالة الارتفاع الجنوني، قبل أن تنتهي بحالة ركود، وذلك خلال الفترة ما بين 2004 و2008؛ إذ تسببت الأزمة المالية في انفجار فقاعة عقارية.
اتجاه الشركات العقارية إلى بناء العقارات الفاخرة دون أن يقابله ارتفاع في معدل النمو الاقتصادي سيعرض السوق العقارية لـ«زلزال» أو انفجار الفقاعة العقارية، كما حدث في الولايات المتحدة الأميركية في أزمة الرهن العقاري 2007 – 2008؛ فقطاع التشييد حقق أعلى معدل نمو خلال النصف الأول من العام المالي الماضي ليسجل 10.5 في المائة، في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة المصرية تراجع النمو الاقتصادي من 5.5 في المائة إلى 4.5 في المائة.
أسعار العقارات في مصر تتجه دائما إلى الارتفاع منذ عام 2004، خصوصا بعد إجراءات البنك المركزي المصري بتخفيض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأخرى بنسبة 14 في المائة، وتوقعات بتخفيض جديد للجنيه، بحسب تصريحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي، فضلا عن ارتفاع التضخم الذي لامس حدود 15 في المائة؛ مما جعل الإقبال على شراء العقارات كونه ملاذا آمنا بديلا للذهب الذي اعتاد المصريون الاحتفاظ به في الأزمات.
خبراء العقارات يرصدون ارتفاعا في أسعار العقارات جاوز ضعف معدلات التضخم في مصر، نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي، وأشاروا إلى أن 80 في المائة من أرباح العملية العقارية يتركز في بيع الأرض؛ فسعر المتر في الوحدات العقارية لامس 10 آلاف جنيه.



بنك الاستثمار الإماراتي




ويشير تقرير لبنك الاستثمار الإماراتي «أرقام كابيتال» عن الاقتصاد المصري، إلى أن السوق العقارية المصرية شهدت ارتفاعات في أسعار العقارات خلال العام الماضي زادت على 20 في المائة، متفوقة على معدلات التضخم، غير أنه توقع هدوء موجة الصعود في الأسعار خلال السنتين المقبلتين.
وبحسب بيانات التقرير، بلغ متوسط سعر متر الوحدة السكنية في القاهرة الجديدة ما يعادل 1394 دولارا حتى الربع الثالث من 2015 (10.7 ألف جنيه)، فيما وصل متوسط سعر المتر في مدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول) ما يعادل 1094 دولارا (8.4 ألف جنيه).
أما عن سوق محال التجزئة، فيقول التقرير: إن «الطلب على شرائها ينتقل من وسط القاهرة إلى القاهرة الجديدة، مع جودة البنية الأساسية وتوافر أماكن لانتظار السيارات».
ولا تزال معدلات انتشار المحال التجارية في مصر محدودة مقارنة بعدد السكان، حيث يقدر التقرير أن كل مواطن في مصر يقابله 0.33 متر مربع من مساحة محال التجزئة، وهو المعدل الذي يقل 60 في المائة عن المناطق المنافسة إقليميا.
أما شركة «بالم هيلز للتعمير»، ثاني أكبر شركة عقارية مدرجة في البورصة المصرية، فقد حققت مبيعات تصل إلى 2.2 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام الحالي 2016. وقالت الشركة في بيان أرسلته للبورصة، إن مبيعاتها «زادت بنحو 62 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي». وبحسب البيان، فإن نحو 68 في المائة من مبيعات الشركة تركزت في وحدات سكنية تراوح أسعارها ما بين 1.5 مليون جنيه و7 ملايين جنيه.



أرقام قياسية




وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية من منطقة إلى أخرى، حيث سجل سعر المتر أرقاما قياسية، خصوصا في المدن الجديدة والمنتجعات، وبلغ سعر المتر في الوحدة السكنية أو الفيلات نحو 18 ألف جنيه.
واحتلت التجمعات من الأول وحتى الخامس في قائمة المناطق الأعلى سعرا في القاهرة، حيث سجل سعر المتر في الوحدات السكنية ما بين 7 و12 ألف جنيه، أما في مدينة الشيخ زايد، التي تقع غرب القاهرة، فيراوح سعر المتر للوحدات السكنية بها ما بين 10 و6 آلاف جنيه، وفي مدينة 6 أكتوبر يراوح سعر المتر في هذه المنتجعات ما بين 14 و6 آلاف جنيه، وتبدأ أسعار الفيلات من 750 ألف جنيه إلى 4 ملايين جنيه بناءً على المساحة والموقع. وفي مدينة الشروق، بلغ سعر متر التجاري 5150 جنيها بحسب آخر مزايدة للأنشطة التجارية في المدينة بزيادة تمثل 5 في المائة عن العام الماضي.
في حين راوح سعر المتر التجاري في شارع التسعين بالتجمع الخامس بالقاهرة بين 20 ألف جنيه و35 ألف جنيه، نتيجة للإقبال على هذه النوعية يتم تأجيرها بدلا من بيعها، ويصل سعر متر الأراضي التجارية في القاهرة الجديدة إلى 9200 جنيه. أما سعر المتر في العين السخنة فيراوح ما بين 6000 جنيه و10 آلاف جنيه، ويصل سعر الشاليه من 300 ألف جنيه إلى مليون جنيه بناءً على الموقع والمساحة.
أما في القاهرة، وبخاصة في المناطق الراقية، فسعر المتر من الوحدات السكنية يراوح ما بين 8 و14 ألف جنيه، بحسب درجة التشطيب ومساحة الوحدة السكنية، خصوصا في مناطق المهندسين وشارع جامعة الدول العربية والمعادي وجاردن سيتي.



ارتفاع الدولار





يؤكد خبراء العقارات، أن ارتفاع سعر الدولار له تأثير في أسعار الأراضي بشكل كبير، وعلى حركة البناء في السوق المحلية، ويشير الخبراء إلى أن متاجرة الدولة في الأراضي ساهمت أيضا في ارتفاع أسعارها بشكل جنوني؛ فالدولة سبب رئيسي في استمرار أسعار الأراضي لغياب المنافس مع الدولة؛ لذا طالبوا بضرورة دخول القطاع الخاص بصفته مطورا رئيسيا يقوم بتخطيط الأراضي وإدخال المرافق. كما طالبوا بعودة شركات مصر الجديدة والمقطم ومدينة نصر مرة أخرى لمنافسة الدولة في طرح الأراضي، مؤكدين أن المنافسة مع الدولة ستساهم في تخفض الأسعار لتصل إلى سعرها الحقيقي؛ لأنها المحتكر الوحيد في طرح الأراضي، فالدولة تمتلك الأرض وتستطيع التحكم في أسعارها، بينما القطاع الخاص لا يمتلك هذه الأراضي، ويعتمد على المزايدات في الحصول عليها؛ مما أدى إلى ارتفاع أسعارها نتيجة المضاربة.



أرباح خيالية





خلال العام الماضي، سجلت أرباح شركات القطاع العقاري المدرجة في البورصة المصرية أداءً قويا خلال الربع الأول من العام الحالي، وحققت طفرة كبيرة، حيث حققت شركات القطاع المدرجة أرباحا بقيمة 1.3 مليار جنيه في الربع الأول من العام الماضي، مقابل 759 مليون جنيه في الربع الأول من عام 2014، مسجلة نموا بلغ 75 في المائة.



فقاعة في الطريق





لكن يتوقع عدد من الخبراء أن تتعرض سوق العقارات في مصر لفقاعة عقارية قريبا.. يتوقعون أيضا استقرار السوق العقارية خلال العام الجديد دون ارتفاع أو انخفاض، أو على الأقل فيما تبقى من هذا العام، لتراجع القدرة المالية للراغبين في امتلاك وحدات عقارية أسعارها مرتفعة.
وتدرك الشركات العقارية الأزمة في السوق؛ لذا اتجهت بعض الشركات إلى بناء وحدات أصغر، وبيعها بسعر أقل، ومد فترات السداد من خلال الأقساط السنوية أو الشهرية، لتصبح خمسة أعوام أو ستة، بدلا من عامين، بل وصلت في بعض الحالات إلى عشر سنوات.
ويشير الخبراء إلى أنه خلال الفترة من 2004 إلى 2008، شهدت السوق ارتفاعات كبيرة كانت في البداية منطقية مع التوسع في المدن السكنية الجديدة في ضواحي القاهرة، لكنها بعد ذلك تسارعت وزادت حدتها لمستويات مبالغ فيها، ومع اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، التي ألقت بظلالها على مصر انفجرت الفقاعة العقارية، لكن ذلك لم يؤد لانهيار السوق؛ نظرا لمحدودية الديون المستحقة على ملاك العقارات في مصر، وهو ما أدى إلى فترة من التباطؤ في السوق وثبات الأسعار.

ويقول الخبراء: إن «حجم الديون على ملاك العقارات محدود في مصر؛ نظرا لانخفاض نشاط التمويل العقاري في البلاد خلال السنوات الماضية. وبالتالي فإن انفجار الفقاعة على الأرجح سيؤدي إلى فترة من التباطؤ وثبات الأسعار لسنوات عدة بعدها كما حدث عام 2008»، لكن الخبراء يتوقعون أن يكون التباطؤ هذه المرة أطول لضخامة حجم الاستثمارات المتدفقة على القطاع.
إلا أن الموقف قد يزداد حدة عند اعتماد شريحة من مقتنيي الوحدات على القروض الشخصية أو التمويل العقاري في شراء هذه الوحدات بغرض الاستثمار أو السكن الثاني، حيث سيضطرون إلى البيع السريع بأسعار أكثر انخفاضا لتفادي تعرضهم لأزمة مالية، وهنا تبدأ عملية البيع الثانية والثالثة للعقارات بأسعار منخفضة لسداد الديون.
ولتفادي هذه الأزمة بدأت الشركات العقارية في التوسع في الأقساط كونه وسيلة بديلة عن التمويل العقاري في مصر، ولكن بدأت بالفعل أزمة في السداد ناتجة من عجز مقتني الوحدات عن بيعها.
font change