كوارتينغ عضو حزب المحافظين: الخوف من أزمة المهاجرين أهم أسباب الخروج من الاتحاد الأوروبي

كوارتينغ عضو حزب المحافظين: الخوف من أزمة المهاجرين أهم أسباب الخروج من الاتحاد الأوروبي

[caption id="attachment_55255006" align="aligncenter" width="947"]البرلماني كواسي كوارتينغ يجلس أسفل صورة رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كاميرون (فورن أفيرز) البرلماني كواسي كوارتينغ يجلس أسفل صورة رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كاميرون (فورن أفيرز)[/caption]

لندن: ستيوارت ريد*

[blockquote]وصفت «بي بي سي» كواسي كوارتينغ الذي فاز في انتخابات البرلمان البريطاني عام 2010 عضوا عن الحزب المحافظ بأنه «نجم يميني صاعد». تلقى كوارتينغ، وهو ابن مهاجرين من غانا، درجة الدكتوراه في التاريخ الاقتصادي من جامعة كامبريدج وعمل مصرفيا في البنوك الاستثمارية قبل أن يدخل مجال العمل السياسي. تحدث العضو البرلماني والمؤرخ الاقتصادي كوارتينغ عن مغادرة بريطانيا وأسبابه، وهو مؤيد لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وفيما يلي نص الحوار..[/blockquote]


* لماذا صوّت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

- من الواضح أن القضية الأولى كانت تتمحور حول الهجرة، والهجرة هنا كما تراها المناطق الجنوبية والمناطق الزراعية وليس أهل لندن والجنوب الشرقي. وذلك حيث يشعر الناس بأن دخول نحو 150 ألفا من الأوروبيين الشرقيين كل عام، والذين يدخلون فقط لمجرد أنهم مواطنون في الاتحاد الأوروبي، قد أدى إلى انخفاض الأجور؛ إذ إنهم أصبحوا يتلقون رواتب أقل. فدائما ما كنت أفكر لماذا سيصوتون للبقاء في نظام يجبرهم على المنافسة مع 150 ألف عامل إضافي كل عام، وهو ما كان يؤدي إلى تراجع الأجور ويؤثر في مستوى المعيشة للكثير من الأشخاص؟.. تلك هي الرؤية الرئيسية. فرغم أن الكثير من الأشخاص الأذكياء يتحدثون حول «مغالطة ثباث سوق العمل» وما إلى ذلك، فهناك الكثير من النظريات الاقتصادية الأخرى، ولكن تلك الرؤية كانت تتعلق بما يحرك السياسة وليس النظرية الاقتصادية. ففي أجزاء كبيرة من إنجلترا الريفية – مدينة مثل بوسطن التي تحمل مدينتك نفس اسمها - كانت القضية تتعلق بأن الأمور تتغير، ولم تتحسن حياة المواطنين المحليين ومن ثم فقد صوتوا ضد تلك الأوضاع.

والأمر الثاني هو أنه توجد روح قومية لدى الكثير من الأشخاص في إنجلترا. فقد كانوا يشعرون بأنهم يرغبون في استعادة بلدهم، واستعادة السيطرة عليها. وكانت تلك هي العبارة التي استخدمتها حملة «التصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي» وكانت عبارة فاعلة للغاية. فهم لا يحبون أن يدير شؤونهم هؤلاء الأجانب في بروكسل. فهم لديهم إحساس بالتميز البريطاني الذي ينبع من تاريخهم والحرب العالمية الثانية وهذه الأشياء كافة.
وثالثا، كان هناك إحساس بأنهم يريدون أن يوجهوا ضربة للمؤسسة السياسية. ويمكنك أن ترى ذلك من خلال ترشيح دونالد ترامب في الانتخابات التمهيدية. فهم يرغبون في إرسال رسالة إلى نخبتهم السياسية بأنهم لا يمكن أن يساقوا كما يرغبون. فقد اكتفوا.

إذا كان المصوتون قد أخطأوا فيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي، فهل على السياسيين أن يصححوا لهم تلك المفاهيم؟

إن ذلك أحد أكثر التطورات الاستثنائية في ذلك الجدال. فنحن لدينا ديمقراطية. وفي كل ديمقراطية في تاريخ العالم، هناك من خسروا الانتخابات قائلين: «لقد تم تضليل الناس، والناس كانوا جهلاء ولا يعلمون شيئا بشأن (س) أو (ص) أو غيرها». فذلك ما يحدث دائما. فذلك هو ما يشعر به من خسروا الانتخابات. فلا يمكن لمن خسر الانتخابات أبدا أن يقول: «لقد كان الناس واعين تماما ومحقين تماما واختاروا اختيارا صائبا لأنهم لم يصوتوا لنا». نحن لدينا نظام ديمقراطي. وإذا لم يكن يعجبنا ذلك، يمكن أن نستعين بفرق من الخبراء والاقتصاديين والأذكياء الحاصلين على درجات الدكتوراه، ولكننا لم نفعل ذلك.
إن جانبا من ذلك مجرد مضيعة للوقت. فالناس غاضبون لأنهم خسروا، ومن ثم فإنهم يقولون: إن الناس تم تضليلها والكذب عليها، وأن الناس حمقى. ولكنني في الحقيقة أشعر بأن الناس لديها وعي قوي بمصالحها، وأنهم صوتوا بناء على ذلك.

* هل تعتقد أن العنصرية لعبت أي دور في التصويت؟

- أعتقد قليلا. فسيكون من السخف أن نقول إنها لم تلعب أي دور على الإطلاق. ولكنك يمكن أن تفهم الوضع على نحو أفضل في إطار الهوية القومية والثقافة والإحساس بالكبرياء الوطني. فلا يمكن أن نحصل على كليهما. ففي خلال السنوات القليلة الماضية، كان لدينا اليوبيل الماسي وزفاف ملكي والعيد التسعون للملكة، وأولمبياد لندن. فقد كان هذا العقد يحمل الكثير من المشاعر القومية في بريطانيا. وأصبح لدينا طفلان في الأسرة المالكة، ومن ثم تم تأمين استمرارها. وكل ذلك كان يغذي الحالة.

* ماذا كان منطقك في التصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي؟

- أعتقد أن الاتحاد الأوروبي فاسد إلى حد بعيد، وأعتقد أنه غير خاضع للمساءلة، ولا أعتقد أن هناك شفافية ديمقراطية حقيقية. وهناك هؤلاء الأشخاص الذين يطلق عليهم الرؤساء الخمس، الذين لا أحد يعرف أين كانوا أو ماذا فعلوا، وكان هناك إحساس عام بأنهم اختاروا مسار التكامل، ذلك من دون استشارة الشعوب. ومن ثم كان شيء ما يجب أن يحدث. وأعتقد أن تصويت بريطانيا دفع بعض الدول الأوروبية الأخرى إلى أن تفحص حقيقة توجهاتها الاستراتيجية.
فقبل شهرين، قال لي أحد الأصدقاء الهولنديين المؤيدين للاتحاد الأوروبي: «حسنا، إذا ما صوت البريطانيون لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي سيكون علينا أن نفكر عن كثب عما نريده من الاتحاد الأوروبي». فعلى نحو ما، دفعناهم إلى دخول ذلك الجدال. وسواء تمكنوا من حل تلك القضية وإجراء الإصلاحات أم لا، فعلى الأرجح كان قرارنا بالمغادرة صحيحا؟ وهو ما عبر عنه أحد ناخبي الذي تحدثت إليه في أحد الملاهي الليلية على نحو فج للغاية، فقد قال: «أرغب في ضربهم على مؤخراتهم». إن ذلك إلى حد كبير هو إحساس الكثير من المصوتين العاديين.


* هل توقعت الأزمة المالية التي تلت ذلك؟

- دعنا نتحدث حول الأزمة المالية. لقد شهدت أزمة مالية: فقد انخفض مؤشر فاينانشيال تايمز للأوراق المالية 100 من 6900 في نهاية 1999 إلى 3300 في بداية 2003، وكنت أعمل في «سيتي» عندما فقد «مؤشر فاينانشيال تايمز للأوراق المالية» نحو 52 في المائة في نحو ثلاث سنوات، وشهدت أزمة الأسواق الهابطة.
دعونا ننظر في تبعات ذلك؛ ستكون هناك بعد التغييرات، وسيكون من السهل أن تستحوذ على الناس تلك التكهنات المروعة والخرافات. أجل، سيكون هناك قدر من الغموض، ولكن الأمر بات محسوما. حيث إن فكرة إجراء استفتاء ثانٍ أو تأجيل المادة 50 (المادة في اتفاقية لشبونة التي تقضي بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي) نهائيا - لن تتحقق. فقد اتخذنا قرارنا، ولا مجال للرجوع إلى الأوضاع السابقة.

* ما الخطوة التالية؟

- من بداية 2017 سنبدأ العد التنازلي لمدة عامين، ثم سنكون قد خرجنا فعليا من الاتحاد الأوروبي في 2019.

* ما الذي يعنيه خروج البريطانيين من الاتحاد الأوروبي بالنسبة للعلاقات الأميركية البريطانية؟

- لا أعتقد أنه يعني أي شيء؛ فقد كنا في الاتحاد الأوروبي لمدة 43 عاما، حيث انضممنا إلى الاتحاد الأوروبي في 1973، ثم صوتنا لصالح الخروج منه في 2016، وربما نخرج منه في 2019، أي أن هذه المدة تصل إلى 46 عاما، وأنا أبلغ 41 عاما، وهذه مدة طويلة للغاية. وهذه العلاقة الخاصة تطورت عبر عقود كثيرة إن لم يكن عبر قرنين من الزمان. متى غادرت سفينة «ماي فلاور» إلى العالم الجديد - 1620؟ وبالتالي فالقول بأن إنهاء الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي يمتد لـ43 عاما سيغير جذريا هذه العلاقة العميقة بين البلدين هو قول لا يعتمد على التاريخ على الإطلاق.

* أنت مؤرخ اقتصادي، كيف تنظر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من منطلق تخصصك؟

- إذا نظرت إلى أنماط التجارة البريطانية قبل «المجتمع الاقتصادي الأوروبي» وقبل الحرب العالمية الثانية بالطبع، كانت المملكة المتحدة دائما تمثل قوة بحرية، وكانت المسارات التجارية حول العالم مسارات نشطة للغاية. لقد كانت التجارة البريطانية عالمية قبل أي دولة أخرى من خلال التصنيع والإمبراطورية. وقد أفسد «المجتمع الاقتصادي الأوروبي» تلك العلاقة الطبيعية التي كانت لدينا مع قارات العالم كافة. وأوضح الرئيس الفرنسي تشارلز دي غول تلك النقطة في عام 1963 عندما صوت لصالح عضوية بريطانيا بالمجتمع الاقتصادي الأوروبي. فقد قال: «حسنا، إن البريطانيين يمثلون قوة بحرية. كما أن لديهم مسارات تجارية شديدة التعقيد وعلاقات تجارية وخطوط توريد في جميع أنحاء العالم. وربما لا يتطابق ذلك بالضرورة مع رؤيتنا القارية فيما يتعلق بالسوق الواحدة التي نرغب في إنشائها. وأعتقد أن المؤرخين بالمستقبل ربما ينظرون إلى فترة المجتمع الاقتصادي الأوروبي- الاتحاد الأوروبي باعتبارها انحرافا على نحو ما فيما يتعلق بمسار التاريخ الاقتصادي.

* في رأيك، أي اتجاه ستسلك أوروبا بعد ذلك؟ المزيد من التكامل والمركزية أم العكس؟

- هذا سؤال رئيسي، وأعتقد أنه لكي أجيب عن هذا السؤال يحب أن ننظر إلى ما سيحدث للعملة الحقيقية؛ لأنني أعتقد أن هناك أوضاعا اقتصادية سيئة للغاية، خصوصا في اليونان وإيطاليا وربما إسبانيا والبرتغال، حيث تعاني هذه الدول إلى حد كبير إثر عضويتها بمنطقة اليورو.
أعتقد أن منطقة اليورو يمكن أن تذهب في أحد اتجاهين، فيمكن أن تصبح هناك عملة مشتركة وهو ما لديهم بالفعل، ثم يمكنهم أن يفكروا في نوع ما من السياسة المالية المنسقة؛ لأن إخفاق السياسات المالية هو ما أدى إلى الأزمة، وبخاصة في اليونان. وستتطلب السياسة المالية المنسقة أكثر من مجرد الدمج. ثم سيتم استبعاد البلدان التي ليست موجودة في منطقة اليورو؛ ولذلك أعتقد أن أوروبا يجب تجري إصلاحات بطريقة أو بأخرى أو سيكون البديل هو اتحاد هش، وربما تنفصل منطقة اليورو إلى مناطق عملة مختلفة - لا أدري.

* كيف ترى مستقبل المحافظين؟

- أعتقد أن المحافظين سيحتشدون. فمن الواضح أننا نحتاج إلى قائد جديد. وأعتقد أن تيريزا ماي تلائم المنصب، وإذا حصلنا على حكومة قوية، فإنه يمكن أن تستقر الأوضاع ونسير قدما على طريق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

* هل هناك ما تحب أن تضيفه؟

- نحن نشهد لحظات تحول. يمكنك أن ترى ذلك في جميع أنحاء العالم، ولكن ذلك لا يعني أن المكان الذي ستنتقل إليه سيكون الأسوأ. ففي بعض الحالات، يمكن أن يكون الأسوأ ولكنه في معظم الحالات يكون الأفضل. ولذلك أندهش عندما يعرب الأميركيون عن قلقهم. لقد خضتم حرب الاستقلال التي امتدت لست سنوات. وعانيتم من التضخم وحدثت أشياء كثيرة سيئة ولكنكم في النهاية أصبح لديكم دولة مستقلة.
ولكن ذلك لا يعني أنني أقول إن المجتمع الاقتصادي الأوروبي أو الاتحاد الأوروبي سيئين مثل جورج الثالث، ولكنني أعني أن الناس يمكنهم النظر إلى البدائل، ويقولون: «سنمر بفترة من الارتباك حتى نحصل على شيء أفضل في النهاية». هذه هي قصة النجاح البشري.

[caption id="attachment_55255007" align="aligncenter" width="1024"]مهاجرون يلتفون حول علم انجلترا داخل مخيم "الغابة" للاجئين في كاليه بعد يوم واحد من التصويت البريطاني لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي (غيتي) مهاجرون يلتفون حول علم انجلترا داخل مخيم "الغابة" للاجئين في كاليه بعد يوم واحد من التصويت البريطاني لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي (غيتي)[/caption]


*نائب مدير تحرير «فورين أفيرز»

font change