بيروت: في كل دول العالم يُنظر إلى قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات كواحد من القطاعات الجاذبة للاستثمارات والتي تسهم في خلق فرص العمل، وقد تحوّل هذا القطاع إلى واحد من البنى التحتية الأساسية للمجتمع الرقمي. أما في لبنان، فيُنظر إلى هذا القطاع كمرتع للمحاسيب والأزلام وكمصدر مالي يغذّي الخزينة، إذ شكّل عام 2017 نسبة 12 في المائة من إيرادات الدولة، أي رابع أعلى نسبة من الإيرادات، بعدما كانت هذه الإيرادات تشكّل 16 في المائة قبل 2012، وقد استمرت بالتراجع خلال السنوات الأخيرة، من 1107 ملايين دولار عام 2011 إلى 650 مليوناً عام 2019، في وقت يمكن رفعها إلى 4 مليارات دولار عام 2024، في حال تم إصلاح القطاع بشكل جذري ووقف الهدر والسمسرة، حسب رأي لجنة الإعلام والاتصالات النيابية.
وشهد هذا القطاع عدداً كبيراً من فضائح الفساد قيمتها ملايين الدولارات، إلّا أنّ القضاء اللبناني وعلى الرغم من متابعته لكثير منها واستدعائه وزراء سابقين وموظفين، لم يصل إلى أي نتيجة حاسمة، بسبب التدخّلات السياسيّة، كما أنّ الشركات المشغّلة لقطاع الخليوي، كانت تشكو من ضغوط سياسية عدّة، منها التوظيفات المسيّسة وصولاً إلى ارتباط اختيار مواقع نشر الأبراج بـ«العلاقات» و«الواسطة»، وليس بالاستناد إلى الضرورات التقنية.
قبل الأزمة التي حصلت إثر أحداث الطيونة وعين الرمانة، ثم التصريحات غير المسؤولة التي صدرت عن وزير الإعلام وما تلاها من أزمة دبلوماسيّة بين لبنان ودول خليجية، أعرب وزير الاتصالات الجديد جوني القرم، عن تفاؤله بالجوّ العام في البلد رغم أن لدى الوزارة مشكلة مع المورّدين، وكذلك مع الموظفين الذين تركوا القطاع وهاجروا الى الخارج، أو توجهوا للعمل في وظائف تؤمّن لهم «الدولار الفريش». وأكّد أنّه سيسعى إلى تدريب عدد من الموظفين بالتعاون مع جامعات ومؤسسات متخصصة في قطاع الاتصالات، بهدف تأهيلهم وتمكينهم من إستلام الوظائف التي شغرت في الوزارة والقطاع بشكل عام.
«المجلة» التقت الوزير جوني القرم للاطلاع منه على آخر المستجدات التي حصلت في القطاع بعد الشلل الحكومي واستهلت الحوار بسؤاله عن نظرته للوزارة بعد مرور أكثر من شهرين على تسلمه إياها بما يثار حولها الكثير من علامات الاستفهام.
يقول: «يعدّ قطاع الاتصالات ثالث أكبر قطاع مساهم للدولة اللبنانية، إلا أنّ وضع القطاع في الوقت الحالي غير سليم. ما يحصل حالياً هو انقطاعات مرحلية أو جزئية للاتصالات في بعض المناطق وفي بعض الأوقات، ولكن لكل مشكلة حل، ومن أبرز هذه المشاكل تأمين السيولة وهي متوفرة بالليرة اللبنانية لكن المشكلة في عدم وجود آلية للصرف بحيث لا يمكن شراء الدولار الأميركي، وبعد تواصل مع حاكم مصرف لبنان تأمّن الحل وحُلّت المشكلة في الوقت الحاضر.
* معروف أنّ الدّولة اللبنانيّة تنظر إلى القطاع كمنجم ذهب لزيادة الواردات المالية من دون النظر إلى مشاريع التطوير. فما هي نظرتكم وهل توافقون على هذه النظرية؟
- بالتأكيد اليوم قطاع الاتصالات ليس منجماً للذهب، لا سيما مع الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية التي نمرّ بها، بسبب انهيار الليرة أمام الدولار. بالتالي، القطاع يعاني كما سائر القطاعات، فهو ليس جزيرة معزولة والمشاكل التي نعاني منها سواء النقدية أو الاقتصادية أو على صعيد الموظفين قطاع الاتصالات ليس بمعزل عنها.
* ما المقترحات أو المشاريع التي وضعتها لزيادة الواردات، من دون تحميل المواطنين أعباء جديدة؟
- السياسة التي أتبعها في الوزارة تكمن في عدم جعل القطاع يخسر وينهار لا سيما في الخدمات التي تقدمها الوزارة وتدفع في نتيجتها بالـ fresh dollars ما حملها على رفع تسعيرة خدمة الـ international roaming وكذلك الاتصالات الدولية.
نعمل على موضوع الـPPP أي الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يجب أن نتعاون سوياً في الكثير من الخطوات والملفات، ودائماً ثمّة مسعى لتوفير أفضل الخدمات للمواطنين. وفي برنامج الوزارة، العمل على خلق خدمات جديدة بهدف زيادة الإيرادات وفق مبدأ B2B ، كما نعمل مع هيئة أوجيرو على خلق منصة للمدارس من أجل البرامج التعليمية، ونعمل على خلق برنامج صيانة واضح ومحدّد بالإضافة إلى تحديد تصوّر وآلية لبيع قطع غير صالحة تابعة للوزارة من شأنها زيادة الإيرادات.
الوزارة عملت على إنشاء لجنة بين شركتي «ألفا»، و«تاتش» مهمتها التعاون بينهما من ناحية الـ national roaming ، على سبيل المثال إذا تعطل إرسال «ألفا» في منطقة ما ينتقل الإرسال إلى تاتش والعكس صحيح وهذه يمكن تطبيقها تقنياً في المناطق الجبلية أو الريفية. وقد طلبنا من شركتي الخليوي تقصير مهلة البطاقات المسبقة الدفع منعا للاحتكار والتخزين.
* ما أسباب الضجّة التي أثيرت حول بيع البيانات الشخصية لبعض الشركات؟
- أنا لم أبع ولم أشتر، ولم أتطرق في الأساس إلى موضوع البيانات الشخصية، بل ما تطرقت إليه هو بيع بيانات مناطقية وجماعية وإحصائية، ولكن حديثي فسّر بغير إطاره الوارد في المقابلة التلفزيونية التي أجريتها حول كيفية زيادة الواردات وتخفيف المصاريف.
*هل صحيح أنه بعد انهيار العملة الوطنية هناك العديد من الموظفين الفنيين تركوا العمل؟
- تعاني وزارة الاتصالات وشركتا الخليوي منذ بدء الأزمة من نقص حاد، خصوصاً في الموظفين من إداريين وفنيين ذوي الكفاءة العالية، الأمر الذي ينسحب على القطاع عموماً. من هذا المنطلق، نعمل على تطوير الكادر الموجود في شركتي الخليوي وهيئة أوجيرو والوزارة عبر تطوير كفاءاتهم وقد تواصلنا مع جامعات NDU وLAU وUSJ ليتمكن موظفو الوزارة من تنمية قدراتهم عبر دورات خاصة من المرتقب أن تبدأ قريباً.
* من المعروف أنّ الفوترة في قطاع الخليوي تتم بالدولار والدفع بالليرة، في حال تم تحرير سعر الصرف، كيف ستكون القاعدة؟
- بالنسبة لأسعار الاتصالات، الأمر متعلق بمنهجية ورؤية الحكومة.
* لماذا لم يطبق القانون 431- 2002 حتى اليوم، هل لأنّ الوزير يعتبر أنّ هذا القانون يحدّ من صلاحيته وهل لديك النيّة لتطبيق هذا القانون؟
- هذا القانون قائم وأُقرّ في مجلس النواب لكنّه لم يطبّق بعد، وإذا تمكّنت من تطبيقه سيكون إنجازاً كبيراً ويقوم هذا القانون على خلق الهيئة الناظمة للاتصالات وإنشاء شركة LibanTelecom. أنا أسير قدماً به وسأفعّل دور الهيئة الناظمة للاتصالات وشركة libantelecom من خلال تعيين مجالس الإدارة وتطبيق القانون 431.
* هل تعتقد أنّ استعادة الدولة قطاع الخليوي أمرٌ صائبٌ، في وقت نرى فيه مطالبة بتطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟
- استرداد إدارة القطاع تم منذ زمن من قبل الحكومات السابقة.
* ما مصير شركات الإنترنت غير الشرعية وهل الدولة قادرة على إقفالها في ظل هذه الظروف السياسية المعقدة؟
- نعمل بكل جدية لإيجاد حلول لكل المشاكل.