ميشيل أوباما وفستان الخروج من البيت الأبيض

ميشيل أوباما وفستان الخروج من البيت الأبيض

M Obama

نصّ: منصف المزغنّي ريشة: علي المندلاوي

1 -




كان الحظ السعيد واقفا بالمرصاد قرب بنت سمراء من برج الجدي، ولدت سنة 1964 في شيكاغو، وقد قرر الحظ أن يأخذها إلى مكان لم تجرؤ أن تحلم به سيدة أميركية سمراء.
ميشيل روبنسون هي هذه البنت الأميركية ذات الأصول الأفريقية من أسرة متواضعة جدا، درست الحقوق، وتخصصت في التسويق والملكية الفكرية، قادتها خطواتها الأولى إلى العمل في مكتب المحامي سيدلاي أوسان.
وستكون السمراء الوحيدة في هذا المكتب، وسيكون في المكتب نفسه شاب وحيد أسمر اللون اسمه باراك أوباما،
وسوف يتبادل باراك وميشيل الإعجاب الذي ينتهي بالزواج، فإنجاب بنتيْن.
وتجري الرياح بالزوجيْن على الموجات الإيجابية، وترسو السفينة على شاطئ الرئاسة، فتكون بذلك ميشيل أوباما السيدة الأولى التي تحمل رقم الحظ: 44.
- لقد جاء دورها بعد 43 سيدة أولى بيضاء سبِقْنَها في الدخول إلى البيت الأبيض الأميركي.


2 -




وكان من حظ زوجها باراك أن يكون قادرا على التفوق في مجتمع يؤمن بالتميّز الذهني والتحدّي والتنافس، فصار عليه أن يخوض حملته الرئاسية، وكان على ميشيل أن تقف إلى جانب زوجها، وتظهر لتخطف الأنظار.
وإذا كان لا بد أن يكون هذا الرجل عظيما، ويتمّ «تفويزه» بجائزة نوبل للسلام 2009 قبل أن يقضي تسعة أشهر في البيت الأبيض، فإن هذه المرأة تريد أن تكون عظيمة أيضا، وأقوى سيدة في العالم من حيث التأثير في الرأي العام. وهذا ما كان لها، أو هذا ما أريد لها أن تكون، فقد اختيرت لتكون أقوى سيدة في العالم، لا بمقياس الثروة أو الجاه، ولكن في مستوى التأثير في الرأي العام، فلم تتحول إلى السيدة الأولى في أميركا وحسب، ولكن في العالم أجمع.
وكان لها هذا من خلال مجلة «فوربس» سنة 2010. ولكن...
تدحرجت في الترتيب حتى صارت في المرتبة العاشرة سنة 2015، وما لبثت أن خرجت نهائيا من القائمة سنة 2016.


3 -




لقد فرح جزء كبير من العالم بوصول السيدة ميشيل أوباما إلى البيت الأبيض.
لا لشيء إلا لكونها السيدة الأولى ذات الأصول الأفريقية التي تدخل هذا البيت الأبيض الأميركي، وللمرة الأولى.
ميشيل سيدة أفريقمْريكية
- إنها المرة الأولى التي يحتفل فيها العالم بما يمكن تسميته نهاية العصر العنصري
- في البيت الأبيض على الأقل،
- ولقد تم هذا في بداية عام 2009، سيدة سمراء تدخل وتنام في البيت الأبيض.
- إنه مشهد شاعري وساحر.


4 -




- في المناسبات الكبرى عندما كان باراك أوباما يخطب، كان أغلب الشعب الأميركي والعالم ينتظر بأذنين مفتوحتين، أن يسمع الرئيس يحكي عن الآفاق الجديدة وعن خطط وبرامج وإصلاحات، ووعود انتخابية، ويبحث عن أجوبة عن الخطوط السياسية المعتمدة في معالجة هذه القضية أو تلك؟
- أمّا قسم من النساء، في أميركا والعالم، فكنّ بعيون مفتوحات ينتظرن إطلالة ميشيل، لينظرن في مسألة ذات قيمة ورونق واعتبار: ما هو فستان السيدة الأولى؟ من المصمم العالمي الذي يقف وراء السيدة الأولى الواقفة وراء السيد الرئيس الذي ينام في بيت فيه الزرّ النووي؟


5 -




قد يكون الصعود إلى القمة سهلا، ولكن الصعب هو البقاء في القمة.
بعد فترتين انتخابيتين كان لا بد للحظ السعيد أن يجلس بعيدا عن الزوجين أوباما.
وفي 2010، وبعد مرور عام على وجودها في البيت الأبيض باعتبارها سيدة أولى للولايات المتحدة الأميركية أطلقت حملتها لمحاربة السمنة لدى الأطفال،
في العام نفسه وضعتها «فوربس» على رأس الجميع، وعلى مرأى من الجميع، كانت ميشيل تتقدم نساء العالم: «وتحتل المرتبة الأولى بين عشر نساء أوليات».
ميشيل أوباما تؤمن بالنضال ضد السمنة لدى الأطفال منذ سنة 2010، وعملت على أن تكون رشيقة، واعتمدت نظاما غذائيا صارما.
تقول الألسنة الخبيثة:
حتى تتمكن من ارتداء ملابسها وفساتينها المفصلة على مقاسها أيام السلطة والمجد،


6 -




- لم تحافظ ميشيل أوباما على الرتبة الأولى بعد أن كانت الأقوى في عام 2010؟
فهل تحافظ على رشاقتها، وتنضبط في نظامها الغذائي حتى تستطيع أن تستمتع بفساتينها التي ستجرّ ذيولها ساعة الخروج النهائي من البيت الأبيض؟
- وميشيل تعرف أن وراء كل قطعة ثياب قصة، ونزوات ذوق، وآراء متبادلة مع المصممين،
- وعلى كل فستان قلوب ملايين النساء المشويّة على نار الغيرة والحسد،
هكذا، تحمل ميشيل كل فساتينها، ولا تنسى أي قطعة سوى.. الفستان الذي تلبسه ساعة الخروج من البيت الأبيض
ولن تنسى إلا ما لبسته من الذكريات المبللة بالدموع والمطرزة بالحنين.




font change