بيروت: يؤمن الوزير السابق بطرس حرب أنّ العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعوديّة أكبر من مجرّد أزمة دبلوماسيّة، ويقول إنّها علاقة راسخة في التاريخ، يوم وقفت المملكة سداً منيعاً في وجه كل الأزمات التي كانت تعصف بالبلد.
ويتمنّى أن تثمر الوساطات العربيّة عن حلول، ويرى أنّ عودة لبنان إلى الحضن العربي مطلب كل اللبنانيين، وأنّ ما يجري حالياً من انهيار على كافّة الصّعد سببه قيادة لبنان إلى المحور الإيراني.
وينتقد في حواره مع «المجلة»تقاعس الوزير جورج قرداحي عن اتخاذ موقف وطني يبرز حسن نيّته، ويرى أن حزب الله يتصرّف وكأنّه يريد قطعاً دائماً للعلاقات مع السعودية.
* أزمة تصريحات الوزير جورج قرداحي لا تزال تتفاعل، مع رفض حزب الله استقالته، كيف ترى دعم الحزب لقرداحي؟
- رغم تبيّن أنّ جورج قرداحي هو جزء من محور إيران وسوريا، إلا أنّ تدخّل حزب الله لمنعه من الاستقالة غير مقبول، كما أنّ امتناع قرداحي عن أخذ مبادرة حسن نية مستنكر، خاصة مع دولة عزيزة على لبنان كالسعودية التي وقفت إلى جانبه وجانب شعبه في أصعب الظروف، وساعدت لبنان واللبنانيين على مرّ الأزمات التي تعرّض لها على الصعيد الدولي السياسي الاقتصادي والإنمائي. موقف حزب الله وحلفاؤه في لبنان المعادي للسعودية يدل على لامبالاتهم بوضع لبنان الداخلي المتأزّم، تنفيذاً للتوجيهات الصادرة من إيران ومن سوريا لحزب الله. السلطات السعودية لم تحمّل الشعب اللبناني المسؤولية وتتمنى أن لا يكونوا طرفاً داعماً لخصومها في صراعات المنطقة. المشكلة اليوم هي أنّ الحكومة تشكّلت لحل المشاكل فباتت سبباً في مشاكل جديدة.
* تنشط الوساطة العربيّة لحل الأزمة الدبلوماسيّة بين لبنان ودول الخليج، هل برأيك ستثمر هذه الوساطة حلولاً قريبة؟
- ينبغي أن تتكثّف المساعي العربية لحلّ هذه الأزمة، وعلينا أن نتأمّل خيراً في هذه القضيّة وأن لا نقطع الأمل. وفي النهاية علينا حل مشكلتنا مع السعودية لأنّه من غير الطبيعي أن يكون هناك مشاكل بين الدولتين، فهذا أمرٌ منافٍ للعلاقات التاريخيّة بين لبنان والسعودية. تدخل جامعة الدول العربية أمر إيجابي، لكن لا أستطيع الإجابة عمّا إذا كانت ستثمر نتيجة أم لا، في جو استمرار قرداحي وحلفائه وحزب الله في التعنّت، فهذا الأخير يقفل أي أفق للحل وكأنّه يريد قطع العلاقات مع السّعوديّة.
* منع الصادرات من لبنان إلى السعودية وبعض دول الخليج، وطرد السفراء، شكّل صفعة كبيرة، كيف تقرأون هذه الخطوة؟
- العلاقة بين لبنان والسعوديّة ليست محصورة في قطاع الزراعة وباقي قطاعات الاقتصاد والمصالح المالية، بل هي أعمق من ذلك. كل لبناني يدرك متانة العلاقات السعودية اللبنانية تاريخياً، ودور السعودية بالذات في قيام الدولة وفي مواجهة سوريا يوم اعترضت على قيام دولة مستقلّة في لبنان. «القصة مش مزحة»لذا أرى أنّه ليس لدينا خيار آخر إلا إيجاد حل للمشكلة يراعي مصلحة السعودية ويحفظ كرامة لبنان وينقذ الروابط الأخوية بين البلدين. فلبنان لا طاقة له على تحمل المزيد من الأعباء، خاصّة أن اللبنانيين اليوم في أسوأ حالة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً، نتيجة إلحاق البلد بالمحور الإيراني المعادي للعرب، الذي انتهجه هذا «العهد العظيم»الذي لا تهمه لا حكومات ولا مصالح دولية، بل مصالحه الشخصية على حساب شعب بأكمله.
* كيف تقرأون صمت رئيس الجمهورية ميشال عون إزاء الأزمة الدبلوماسيّة الأخطر في عهده؟
- فخامة الرئيس غطّى بسكوته سلاح حزب الله، وغطّى بسكوته على تصويب البندقية من العدو الإسرائيلي إلى اللبنانيين وبعض الدول العربية الشقيقة، وعليه اليوم أن يتحمّل مسؤولية الحالة التي وصل إليها البلد.
* ما هي برأيكم خارطة طريق عودة لبنان إلى الحضن العربي؟
- ليس بيد اللبنانيين وحدهم إمكانيّة الخروج من الهيمنة الإيرانية في مثل هذا الوضع، وليس من مصلحة أي فريق لبناني أو عربي صديق أن يصطدم بحزب الله والمنظومة الإيرانية عسكرياً، الأمور تحتاج إلى أجواء دولية تساعد على الحل عبر إرغام ايران على التخلي عن سياسة تصدير الثورة الإسلامية إلى العالم، وأن لا مصلحة لها بأن يبقى سلاح حزب الله مسيطراً على لبنان وموجها ضد بعض اللبنانيين. في الماضي أطلقنا حواراً مع حزب الله، وقد باء بالفشل لعدم اقتناع الحزب بالموضوع وأعتقد أن حل هذا الموضوع هو حل دولي، وسنعاني من الموضوع ولكن كان علينا المحاولة.
* أين تقف حدود مسؤوليّة الحكومة في إيجاد حلٍ لهذه الأزمة؟
- هذه الحكومة غير مؤهلة إطلاقاً لحكم البلاد، وغير مؤهلة لإيجاد الحلول وستبوء بالفشل.
* بدأت حملات الانتخابات النيابيّة المقرر إجراؤها في الربيع المقبل، برأيك هل ستجرى الانتخابات في موعدها؟
- يفترض أن تحصل في موعدها وخاصة في الجو الدولي الضاغط، ولكن لا أستبعد بروز بعض المفاجآت التي قد تعطل موضوع الانتخابات.
* لماذا لم ترشّح نفسك للانتخابات؟
- لأني فقدت الرغبة في أن أكون منخرطاً في البيئة السياسية الفاشلة بإدارة البلد، والحمد لله ضميري مرتاح وقمت بواجباتي تجاه وطني وشعبي، وآن الأوان ليتولى جيل جديد من الشباب المسؤولية ويستفيد من التجارب المرّة التي عشناها.
* هل تتوقّعون تغيّرات جذريّة في الوجوه التي ستدخل البرلمان في الانتخابات المقبلة؟
- آمل أن يحصل التغيير، ومن الطبيعي أن يكون الدور للشباب على أمل أن يقوموا هم بالتغيير.