14 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تحرّكات لأنصار حزب الله وحركة أمل كانت تجري يومها، اعتراضاً على تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، ثالث أكبر انفجار في تاريخ العالم، الذي لم يهز قلب اللبنانيين والعالم فحسب، بل هزّ وأرعب حزب الله التنظيم العسكري الأكبر في بلاد الشام.
تحوّلت ساحة الحراك إلى معركة حقيقيّة، قتل سبعة مواطنين وجرح العشرات وأصبح ملفّ الطيّونة حيث وقعت المعركة مقابل ملف المرفأ، بعد أن طالت الشكاوى رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، مما أدّى إلى احتجاجات لمناصريه، وتدخّلات وتسويات سياسية من البطريرك الماروني ورئيس مجلس النوّاب نبيه بري.
مواقف عدة اتخذتها القوات اللبنانية طرحناها خلال لقاء مع عضو كتلة الجمهورية القوية التابعة للقوات اللبنانية النائب زياد الحواط.
* ما رأيك في استدعاء الدكتور سمير جعجع في ملف أحداث الطيونة، وهل سيحضر التحقيق؟
- اليوم يتم استدعاء المعتدى عليهم قبل أن يتمّ التحقّق من مئات الصور التي توزّعت عن أشخاص يحملون أسلحة، وكما أكّد رئيس الحكومة، كان هناك أشخاص قد نصبوا صواريخ على الطرقات من أجل إطلاقها. كما كان ثمّة رسائل صوتيّة من قبل شبان عبر «الواتساب»، يطلبون من مناصريهم البقاء في بيروت وعدم الذهاب إلى قراهم، لأنّ ثمّة مهمّة عليهم أن يقوموا بها يوم الخميس، وكان قبلها وزير الثقافة التابع للثنائي قد هدّد في مجلس الوزراء قائلاً: «انتظروا نهار الخميس إذا ما حتطيروا القاضي بيطار». اليوم يتمّ تصوير الأمر وكأن سكان عين الرمانة هم من ذهبوا واعتدوا على منطقة أخرى وكسروا الأملاك الخاصة والعامة، وكسروا السيارات والمحلات وأطلقوا شعارات طائفية ومذهبية. لذا أقول إنّ هناك استنسابية لا مثيل لها في تاريخ القضاء اللبناني.
أما موضوع حضور الدكتور جعجع من عدمه، فثمّة فريق من المحامين محاط به، يدرس التصوّر والمسلك القانوني للقضيّة. حزب الله أراد من غزوة عين الرمانة ضرب الجيش اللبناني، وما تبقّى من القضاء الحر والمستقل والقوات اللبنانية، عبر ثلاثة أمور، الضغط على المحكمة العسكرية لتحويل المعركة وتصويرها على أنّها «كمين». رغم أنّ وزير الداخلية ووزير الدفاع أكّدا أنّه ليس كميناً، بل ما حدث هو أن هناك مجموعة من الناس هجموا على منطقة أخرى، والآن يضغط الحزب على المحكمة العسكرية لاستدعاء الدكتور سمير جعجع واعتبار أنّ من قام بإطلاق النار هم القوات اللبنانية. من التحقيق يتبيّن أنّ الذين أطلقوا النار هم الأهالي الذين تم الاعتداء على أرزاقهم وأملاكهم وسياراتهم، وبالتالي لم يذهب أحد من عين الرمانة وفرن الشباك إلى منطقة مجاورة للاعتداء على الناس. ثمّة من هجم بصورة همجية على المنطقة، وكل الأفلام تؤكّد همجية المتظاهرين والطريقة غير الأخلاقية وغير المنطقية التي لا تشبه أي مكوّن لبناني، لا تشبه شركاءنا في الوطن أهلنا الشيعة، هذا تنظيم حزبي لا يشبه أي مكون طائفي في البلد، ومن المعيب تصوير أنّ الشيعة هجموا على عين الرمانة. بل حزب الله بتكليف إيراني ومن أجل مصلحة إيرانية يعملون عليها، هجموا على عين الرمانة كي يورّطوا أهلها، ويضربوا التحقيق ويحوّلوا الصورة عن المحقق العدلي وتفجير العصر الذي حصل في بيروت.
* لكنّ مناصري القوات اللبنانية لجأوا للأسلوب الذي يعتمده الحزب عادة واستخدموا الرصاص الحي؟
- دخلوا و أطلقوا عليهم النار، ماذا يفعلون في المقابل؟! يرمونهم بوردة او بالقلم؟ أنا لم أدافع عن أحد. لكن إذا هاجمك أحدهم وهو يحمل صاروخاً يريد أن يقتلك ماذا تقولين له؟!
* لماذا برأيك أعلن حزب الله عن وجود 100 ألف مقاتل في هذا التوقيت بالذات، وهل يهدّد إعلانه السلم الأهلي والعيش المشترك؟
- اليوم حزب الله يتخبّط في كمٍّ من المشاكل، يضع نفسه بمظهر القوة التي تورّطه، هو بسلوكه ورّط نفسه بتفجير بيروت، إذ إنّ سلوكه وضعه موضع الشك والريبة. إعلانه اليوم يأتي ليظهر أنّ لديه فائض قوّة، وأنّه يستطيع أن يفعل ما يريد، وفي هذه الحالات عليه تحمّل العواقب. لا يستطيع حزب الله بتكليف شرعي من إيران أن يضبط سلطته على كامل مقومات الدولة اللبنانية التي انتهت نتيجة ارتهان الحزب إلى المحور الإيراني وتغطيته الفاسدين مقابل تغطية السلاح. انتهت كل مقومات الدولة من التعليم إلى المصارف والمستشفيات، واليوم يريد ضرب الجيش وما تبقى من المقاومة الحقيقية ضد مشروع إيران والتي هي القوات اللبنانية.
* هذه الضجّة اليوم لماذا لم نرها بعد ثبوت تورّط الحزب في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
- لأن تفجير بيروت أكبر تفجير غير نووي في تاريخ العالم. هل من السهل أن يموت أكثر من 200 مواطن ويجرح أكثر من 6 آلاف وتتدمر عاصمة بكاملها؟ أي كارثة أكبر من كارثة انفجار المرفأ؟
* جسم الحزب بات لبيساً فيما يتعلّق بالاغتيالات السياسية، واليوم ثمّة شبهات تتعلّق بدور محتمل له في اغتيال لقمان سليم وجو بجاني وجو أبو رجيلي، هل لديكم معطيات في هذا الخصوص؟
- أنا لم أتهم أحداً، ودوري كنائب ليس اتهام أحد، كل ما أستطيع قوله إنّ لدي ريبة وشكوكا حول رفض حزب الله التحقيق في تفجير المرفأ، ورفضه أي تحقيق دولي وتنحيته القاضي صوان، واليوم يريد تنحية القاضي بيطار. لماذا لا يريد التحقيق؟! ولا ننسى يوم رأى السيد حسن نصر الله بعد شهرين من تفجير المرفأ أن على الملف أن يقفل، وأن تعتبر حادثة، وتدفع تعويضات للعائلات. هو لا يريد تحقيقا من اللحظة الأولى.
* نصر الله أعلن أن حزبه لم يرد على إشكالات الطيونة كما أنه لم يرد على إشكالات خلدة وشويا للحفاظ على السلم الأهلي. برأيك لماذا أحجم الحزب عن الرّد؟
- وهل شباب عين الرمانة هم من دخلوا إلى الضاحية؟ بماذا سيردّون أكثر مما فعلوا؟ أطلقوا قذائف وصواريخ ورشاشات، ماذا بعد؟ كان عليهم احتلال المنطقة؟
* هل طريق القدس اليوم تمر بعين الرمانة؟
- كل شيء وارد. الحزب لديه 100 ألف مقاتل، همه الوحيد ضرب الاستقرار اللبناني وعدم إطلاق رصاصة واحدة على إسرائيل من 2006 لليوم. هؤلاء المقاتلون يجب أن يكونوا على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ويحرروا كفرشوبا والمنطقة هناك ويحرروا ما أخذه الإسرائيلي في البحر. الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المياه الإقليمية اللبنانية في موضوع التنقيب والخط 69.
دور هؤلاء المقاتلين ليس مواجهة القوات اللبنانية والذهاب إلى معقلها هاتفين «شيعة شيعة»؛ فالإمام الحسين لا يقبل هذا الكلام. تخيلي أحدهم يهتف «ماروني ماروني» في حي السلم، ويشتم جميع المقدسات، ماذا ستكون ردّة الفعل، مع يقيني أن إخوتنا الشيعة براء من هذه التصرّفات.
* رغم الحديث عن 100 ألف مقاتل، برأيك هل أشرف مشروع حزب الله على نهايته؟
- برأيي بدأت نهايته.
* هل قدّم حزب الله للقوات اللبنانية دعاية انتخابية، وهل شد عصب المسيحيين حولها؟
- نحن لم نطلب منه هذا الأمر، نحن لا نريد أن نشد عصباً طائفياً مذهبياً، نحن نريد العيش في دولة تحمي الدولة اللبنانية ومؤسساتها، تحمي الشعب اللبناني. القوات اللبنانية من عام 2005 لم تعد تريد أن تحمي شريحة في المجتمع، بل نحن نريد دولة لبنانية تحمي كل الناس. القوات لها حضور كبير في الشارع المسيحي، وعندما يتمّ الهجوم على عين الرمانة ستتضامن معها كل المناطق.
* اليوم برأيك لماذا ثمّة غضب من القاضي بيطار مقابل صمت عن القاضي الذي أفرج عن العميل عامر فاخوري؟
- لأنّ فاخوري خرج بصفقة، هل تتخيّلين أن يفرج عن فاخوري دون موافقة حزب الله؟
* اليوم النظام السوري يتهم الدكتور سمير جعجع بأنه يحرّض على قمع السوريين، وطالب الإنتربول بالقبض عليه ومحاكمته بسبب العنف الذي تعرّض له ناخبون سوريون في لبنان خلال الانتخابات السورية، ما موقف القوات من هذه القضية؟
- لم يعد هناك غير القوات اللبنانية لمواجهة محور الممانعة، هدف الجميع ضرب هذا المحور السيادي الأخير في البلد. حزب الله ربط نزاعا مع تيار المستقبل والحزب الاشتراكي، ولم يبق أي قوى سيادية لها حضور تستطيع مواجهة هيمنة إيران على القرار اللبناني إلا القوات اللبنانية، وهمها ضرب هذا المحور وضرب هذا المشروع.
* هل تعتقد أننا تحت الوصاية السورية؟
- تحت الاحتلال الإيراني، في البلد السوريون بالكاد يقومون بأنفسهم كان الله بعونهم.
* من يحمي اليوم القاضي طارق بيطار في ظل هذه الحملة الشرسة والتخوين الذي يتعرّض له؟
- القوانين تحميه، الجسم القضائي وضع القاضي بيطار في مكانه ولا أحد يستطيع إزاحته سوى هذا الجسم القضائي ومجلس القضاء الأعلى، ثمّة أمور في القانون لا يمكن لأي قوى سياسيّة تخطّيها.
* هل سيكمل القاضي بيطار مهمته؟ هل هناك خطر على حياته؟
- يجب أن يكمل، وإلا سيكون حزب الله قد سيطر على كل ما تبقى من القضاء الحر في البلد. أما بخصوص الخطر على حياته، فأعتقد أنّ هناك خطرا على حياة كل الوطنيين الذين هم ضد مشروع حزب الله. كلنا مهددون.
* اقتربت الانتخابات، واليوم بدأنا نشهد أوّل مفاعيل الحملات الانتخابيّة، هل سنشهد تغييراً في النتائج؟ وماذا عن وضع منافسكم الأوّل «التيار الوطني الحر»؟
- إذا لم يحصل هذا فهناك شيء غريب في البلاد بعد كل الأداء السيئ والارتهان والفوقية والفساد في كافة مؤسسات الدولة، خصوصاً في الإدارات التي يتسلمها التيار الوطني الحر، فإذا جدّد الشعب اللبناني الثقة في التيار فهناك مشكلة كبيرة في البلاد. هناك ثنائية في البلد أوصلته إلى انهيار تام، ثنائية السلاح والفساد. وهذه الثنائية متمثلة في التيار الوطني الحر وحزب الله.
* وماذا عن وضع القوات اللبنانية؟ هل تتوقعون تغيّراً في النتائج أيضاً؟
- جهدنا ينصب على أن تحقق القوات اللبنانية أكبر كتلة نيابية لمواجهة هذا المشروع ولاسترداد الدولة والشرعية وإعادة لبنان إلى الحاضنة الدولية والعربية، وهذا يحتاج إلى أكثرية داخل مجلس النواب. معركتنا النيابية أمام خيارين، إما خيار أن تحصل ثنائية التيار الوطني الحر وشركائها في الدولة اللبنانية على الأكثرية، وإما أن ينتصر مشروع القوات اللبنانية، من يذهب ويصوت لخيار ثالث يحرق صوته.
* ماذا عن تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية؟ هل تتوقّعون أن تنالوا أكثرية من أصواتهم؟
- خضنا معركة داخل مجلس النواب كي يحق للمغتربين اللبنانيين- الذين هاجروا بسبب الأزمة الاقتصادية ويتجاوز عددهم 300 إلى 400 ألف- الانتخاب في دوائرهم، وأن يقرروا مصير ومستقبل وطنهم السياسي ويحرروا لبنان من هذه الثنائية المدمرة. لا نستطيع أن نختصر صوتهم فقط بأن ينتخبوا 6 نواب عبر القارات، هذه معركة أساسية وسيادية، هؤلاء من حقهم أن يحددوا مصير وطنهم.
* هل لا يزال للشباب بصيص أمل في لبنان؟ وهل تنصح المغتربين بأن يخطّطوا لعودة قريبة إلى الوطن؟
- قبل أن يعود أحد يجب أن ينتخبوا بشكل صحيح ليوصلوا طبقة سياسية نظيفة، وكي يعود لبنان جاهزا لاستقبالهم. نحن أمام مفصل تاريخي؛ إما أن يظل لبنان محتلا من إيران، ويظل في محور الممانعة الذي يقود لبنان إلى الفقر والدم والتعذيب والقتل، وإما أن تنتخبوا محوراً يعيد لبنان إلى الحاضنة الدولية.. الله يخلص لبنان من الاحتلال الإيراني، ويحرر القضاء من السلاح، ويحولها إلى محاسبة حقيقية وتدقيق، ونذهب إلى إعادة استقرار واستثمار في البلد، نحن أمام خيارين، وعلى الشعب اللبناني أن يحدد أي خيار يريد.
هل تعرفين لماذا فنزويلا التي لديها أكبر احتياطات النفط في العالم انهارت عملتها المحلية؟ لأنها تلحق بمحور الممناعة، وإذا بقينا كما نحن فقد يصل الدولار هنا إلى 100 ألف ليرة.
* اليوم البضاعة الإيرانية والنفط الإيراني يغزوان البلاد، أين تكمن خطورة هذا الأمر؟ وهل نتحدّث عن احتلال اقتصادي؟
- عندما قلنا أوقفوا التهريب وأغلقوا الحدود، لم يتحرّك أحد. قدّمت بلاغين للنيابة العامة المالية والتمييزية لوقف التهريب وقدمت أسماء المهربين وأسماء المعابر وأسماء الشركات التي تورد البضاعة المدعومة من مصرف لبنان. لم يتحرّك أحد لإيقاف هذا التهريب.