بلير ودي أنطونيو قضيا أعوامًا في البحث والكتابة عن حياته ويعتزمان التصويت ضده

بلير ودي أنطونيو قضيا أعوامًا في البحث والكتابة عن حياته ويعتزمان التصويت ضده

[caption id="attachment_55253668" align="aligncenter" width="620"]لمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب وزوجته ميلانيا لمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب وزوجته ميلانيا [/caption]


[blockquote]* كيف كان يدير ترامب عائلته كزوج لثلاث زوجات وأب لخمسة أبناء وكيف تعامل مع الفشل في تجربتي طلاق صاحبتهما أخبار عن الخيانة والفضيحة
* رشح ذاته للرئاسة لأول مرة على سبيل الدعابة في الثمانينات في مجلة «سباي» الساخرة بنيويورك.. وتطرق علنا لفكرة الترشح خمس مرات
* ميلانيا زوجة ترامب الحالية عارضة الأزياء سلوفينية المولد ظهرت في صورة شبه عارية عام 2000.. وظهرت مرتدية بكيني عاريًا على سجادة تحمل شعار الولايات المتحدة
* بمجرد أن نشر ترامب تدوينة معلقا على هجمات بروكسل مذكرا بدعوته إلى فرض حظر مؤقت على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة تحولت التغطية إلى «ما هو رأي ترامب في أحداث بلجيكا»؟
* لفهم ترامب وكيف سيكون البيت الأبيض في حال فوزه يستدعي ذلك دراسة جادة لجذوره وتكوينه النفسي وتاريخ سفره وعلاقاته الخارجية
* اشتهر والد ترامب بالدخول في اللحظة الأخيرة قبل إبرام صفقة عقارية إذ تكون العقود على الطاولة
* عاش ترامب على مدار عقود كرجل مستهتر في نيويورك وفي الوقت ذاته أدى دور الثري الأرستقراطي الملتزم بإقامة مؤسسة تحكمها العائلة
* لا يدير ترامب شركاته أو عائلته بنظام ديمقراطي.. بل يبدو أن نزعته لأن يكون صاحب تركة جعلته يقترب بدرجة ما من شخصية قيادات الدول التي تحكمها عائلات ملكية في الخارج
* يتفق مؤلفا الكتابين عن حياته على أن المنطق الذي يسود في خطب ترامب يتعلق بجمهوره المحلي وليس له صلة بأي توجه أو رؤية خاصة
* سياسة ترامب العائلية أشبه بتجربة مسبقة للرؤى السياسية في المجتمع الدولي[/blockquote]



رغم أن التغطية العالمية لظاهرة دونالد ترامب تتسم بالإسهاب، فإنه يصعب الاستيعاب الكامل لتحولها إلى قضية محورية تستهلك الوقت والجهد في النقاش العام الأميركي إلا إذا كنت عشت في هذه البلاد طوال الشهور القليلة الماضية. في هذا الموسم الانتخابي، حقق ترامب انتصارات كبيرة، في ولاية بعد الأخرى. وفي المدن التي يزورها لعقد تجمعات سياسية، يؤجر أكبر مركز مؤتمرات أو ملعب كرة قدم متاح - وفي حين ينتشر رجال الشرطة حول المكان في محاولة عابثة لمنع حدوث اضطرابات مدنية، يتدفق المؤيدون بالآلاف وأحيانا بعشرات الآلاف ليحتلوا كل المقاعد. وينتظر مئات أو آلاف آخرون في صفوف خارج الإستاد أملا في أن يخرج البعض مبكرا تاركين مكانا لغيرهم. كذلك في أماكن العمل والحرم الجامعي وحتى في المدارس الابتدائية، أصبح ترامب موضوعا لنقاش يومي ساخن.

 

حماس مؤيديه

 

 


إذا أدرت التلفزيون على أي قناة إخبارية، من المرجح أن تجد تغطية متتابعة لترامب وحماس مؤيديه وكثافة المسيرات التي تجوب الشوارع معارضة له، وأحدث محاولات النخبة الجمهورية وكذلك الديمقراطية لعرقلة حملته الانتخابية. أوقفت الشبكات بصفة مؤقتة حوارات المشاهير المعتادة أو الأخبار الإنسانية العامة التي عادة ما تحتل أغلب برامجها: وقد كشفت بيانات مسح لجمهور المشاهدين أن التغطية الإخبارية المتعلقة بترامب أصبحت كل ما تحتاج إليه الشبكات للحفاظ على نسب مشاهدتها. عندما قام الرئيس أوباما بزيارته التاريخية إلى كوبا في شهر مارس (آذار)، وهزت التفجيرات الإرهابية الدموية أرجاء بروكسل، بدا أن هناك بعض اللحظات التي ستعود فيها أخبار متنوعة إلى دورة الأخبار. ولكن بمجرد أن نشر ترامب تدوينة علق فيها على هجمات بروكسل، مذكرا بدعوته إلى فرض حظر مؤقت على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة «حتى نعرف ما هي المشكلة» - تحولت التغطية إلى «ما هو رأي ترامب في هجمات بروكسل؟»، ومنها عودة إلى ما هي آراء ترامب عامة، وما هو رأي الأميركيين فيه، وماذا يعني ذلك بالنسبة لأميركا ذاتها؟
كانت تلك نجاحات يومية لمقدم برنامج تلفزيون الواقع الناجح الذي يتصف ببراعة هائلة في التعامل مع الإعلام الأميركي؛ وهو أيضا مطور عقاري مزدهر يملك حسا قويا بكيفية السيطرة على الساحة العامة؛ وفوق كل ذلك هو أميركي ذكي لديه جذور راسخة في تاريخ مجتمع البروتستانت الأنجلوساكسون ذوي البشرة البيضاء، يعرف جيدا «ما الذي يؤثر في الشعب الأميركي» وكيف يستخدم الروح الأميركية لتحقيق مصلحته.
ماذا سيعني فوز ترامب بالرئاسة للولايات المتحدة والعالم؟
قالت غويندا بلير، مؤلفة سيرة ذاتية لعائلة ترامب مكونة من 592 صفحة في كتاب بعنوان «عائلة ترامب: ثلاثة أجيال من البنّائين ومرشح رئاسي»: «إنه ترشح للرئاسة كقوة معطلة سوف تقلب كل شيء. ولا يهم من سيصاب على طول الطريق».

[caption id="attachment_55253669" align="alignright" width="150"]غويندا بلير غويندا بلير[/caption]



وقال مايكل دي أنطونيو، مؤلف كتاب آخر عن حياة ترامب بعنوان «لا يكفي مطلقا: ترامب والبحث عن النجاح»: «ترامب خطير ونقي وبسيط».
من خلال حوارات شاملة مع هذين الكاتبين البارزين بشأن حياة ترامب وزمنه، يمكن الشعور ببعض المرارة تجاه ترامب، والتي يشعر بها كثيرون من النخبة في الإعلام الأميركي، الذين يشنون، ومعهم الطبقة السياسية، حملة شعواء تبدو بلا طائل لنزع الثقة عنه. تشهد مشاعرهم على وجود جانب آخر في ظاهرة ترامب: وهي أن النخبة الأميركية تجد ذاتها على خلاف كبير مع قطاع عريض من الجمهور الأميركي المنتمي إلى الطبقة العاملة، وأغلبهم من أصحاب البشرة البيضاء والذين يشعرون بأنهم على هامش «الحلم الأميركي». ولكن هذا أيضا أصبح ميزة إضافية لترامب. عندما أعلن المرشح الرئاسي الجمهوري السابق ميت رومني، الذي خسر أمام أوباما في انتخابات عام 2008، تصميمه على تدمير ترامب، كان رد المرشح الجمهوري المتصدر بأن وصف رومني بـ«الفاشل» و«الخانق»، مؤكدا على أن عداء رومني سوف يساعده بالفعل في استطلاعات الرأي. وحتى الآن يبدو أنه على صواب.
يتفق كلا الكاتبين، في حديثهما عن آرائهما بشأن ترامب إلى «المجلة»، على أنه بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة، الوقت الحالي هو الأنسب لفهم ترامب وكيف سيكون البيت الأبيض في المستقبل في حالة فوزه. من وجهة نظر السياسة الخارجية، يستدعي ذلك دراسة جادة لجذوره وتكوينه النفسي وتاريخ سفره وعلاقاته الخارجية، للتعرف على تكوين السياسات التي من المرجح أن يتبناها هذا الرجل إذا تحول من أنجح رجال الأعمال في البلاد إلى أقوى رجل في العالم. يحفز ذلك أيضا على البحث في دوره كأب وزوج - إلى درجة اعتبار سياسته العائلية أشبه بتجربة مسبقة للرؤى السياسية في المجتمع الدولي.
وبغض النظر عما إذا كان ترامب سينجح أو يخسر في الانتخابات المقبلة، يبدو أن التعرف على ترامب مكون أساسي لتشخيص نبض وطبيعة الولايات المتحدة الأميركية.

 

 

 

 

 

من هو دونالد ترامب؟

 

 


أوضحت غويندا بلير: «إنه متفوق على جميع رجال الأعمال الموهوبين الذين يدركون ما تريده السوق. ففي صناعة العقارات بمدينة نيويورك في الثمانينات، وجد أنه إلى جانب فكرة الأثرياء عن العقارات الأرستقراطية الأنيقة المميزة التي تبدو أقل من قيمتها، كانت هناك مجموعة أخرى من أصحاب الملايين والمليارات الذين لم يريدوا أيا من ذلك ويرغبون في التفاخر. كانت تلك سوقا لم يطرقها أحد من قبل، حيث الأثرياء الذين يريدون منازل مبهرة للغاية، وقد بناها لهم ونجح في ذلك. وفي مجال الكازينوهات، وجد سوقا مشابهة للأشخاص الذين يرغبون في المقامرة في أماكن كبيرة وبراقة تزخر بالبهرجة - في أتلانتك سيتي ولاس فيغاس - فقرر الدخول فيها مباشرة».
في مرحلة مبكرة من عمله في مجال الأعمال، اتفق ميل ترامب إلى البهرجة مع شخصية متوهجة تسعى إلى تصدر عناوين الأخبار والتأثير على الخيال الشعبي. كان المليونير الثري الذي يستطيع التحدث والتفكير كجامع قمامة يحظى باحترام منافسيه الأثرياء وبحب رجل الشارع. وفي الوقت الذي يتوخى فيه الحذر داخل قاعة الاجتماعات بشركته، أدخل «فن الصفقات» في الثقافة الشعبية وذلك في البداية عن طريق كتاب يحمل الاسم ذاته محققا أفضل مبيعات، ثم بعد ذلك أصدر لعبة تم تسويقها بين الشباب والتي حملت ببساطة اسم «لعبة ترامب».

 

 

 

 

 

 

والد ترامب

 

 


قد ترجع السرعة التي صعد بها ترامب سلم الثروة والشهرة مع الاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع عقلية الرجل العادي إلى نشأته: من جهة، لم تكن قصة ترامب تتعلق برجل تحول من الفقر إلى الثراء، حيث كان والده فريد ترامب أيضا ثريا، وإن لم يكن بحجم الثراء الذي حققه ابنه. من جهة أخرى، كان ترامب بالفعل جديدا على غرف الاجتماعات الداخلية في ناطحات السحاب في مانهاتن. وذلك لأن والد ترامب لم يكون ثروته عن طريق بناء ناطحات السحاب الفاخرة، بل بإنشاء إمبراطورية من الوحدات السكنية الخاصة بالطبقة الوسطى في مناطق نيويورك الخارجية مثل بروكلين وكوينز. ومن أجل السيطرة على هذا القطاع، لا يمكن للمرء أن ينأى بذاته عن احتياجات وأسواق الطبقة العاملة. وكانت نتيجة النشأة في ثقافة الشركات الواقعة على أطراف نيويورك مثل كوني آيلاند في بروكلين أن اكتسب ترامب لكنة وحس يمتلكه قطاع كبير للغاية من سكان نيويورك البالغ عددهم 8 ملايين شخص.

[caption id="attachment_55253670" align="alignleft" width="150"]مايكل دي أنطونيومايكل دي أنطونيو مايكل دي أنطونيو[/caption]


من أجل التفاوض حول صفقة في كوني آيلاند، يجب التصرف مثل البلطجي. وكما أشارت غويندا بلير: «إحدى وسائل ذلك أن تدخل الغرفة وتبحث عن أقوى شخص بها وتسدد له لكمة». بدلا من ذلك، يمكنك أن تستخدم تكتيكات قديمة في المفاوضات شديدة التوتر والتي قد تكون مألوفة لدى رجال الأعمال في البلدان العربية أو أي مجتمع تقليدي: «اشتهر والد (ترامب) بالدخول في اللحظة الأخيرة قبل إبرام صفقة عقارية، إذ تكون العقود على الطاولة وتستعد الجرافات للعمل، عندما يبدأ في إعادة التفاوض، فيقلل المقابل ويقتطع قليلا من المال هنا وقليلا منه هناك. في الوقت ذاته، لا يجد الآخرون أي خيار سوى الموافقة على شروطه».
كانت قصص تلك الكسور الضئيلة الإضافية التي جمعها فريد ترامب لبناء إمبراطوريته لبناء منازل للطبقة المتوسطة مصدر إلهام للأشخاص الذين سكنوا تلك المنازل. يحب الجميع الشخص الفائز - وقد كان الفائز الذي ينتصر على حساب الراضين عن ذاتهم والقانعين.

 

 

 

 

 

 

شقيق ترامب سقط جراء إدمانه الكحوليات

 

 


في مانهاتن، القريبة ولكنها بعيدة في الوقت ذاته، لم تكن تلك التكتيكات منتشرة، ويبدو أن ترامب الابن فاجأ منافسيه الأرستقراطيين عندما طبقها معهم. كان دافع ترامب رغبة عازمة وواضحة على تحقيق ثراء فاحش من جهة، ومن جهة أخرى، كان يخشى الفشل المأسوي المُذل. كان شقيق ترامب الأكبر، فريدي الصغير طيارا محبا للمرح ويحبه الجميع. سقط فريدي، الذي كان وسيما ولطيفا واجتماعيا، ضحية لإدمان الكحوليات وتوفي في عمر 43 عاما. يعني ذلك أن ترامب وجد خياراته منحصرة ما بين إدمان الكحوليات وإدمان الثروة والشهرة.
بعد مرور عقود، استثمر صورته كرجل أعمال نفعي ماهر في نيويورك بالظهور على التلفزيون من خلال برنامج الواقع «المتدرب»، الذي تصدرت نسب مشاهدته في أوقات الذروة لفترة. كان المكان في غرفة الاجتماعات في شركته، وفي كل موسم تتابع الحلقات مجموعة صغيرة من الشباب الذين يحاولون جمع المال لصالح شركة ترامب بينما يدخلون في منافسة شرسة مع بعضهم البعض. وفي كل حلقة يواجه المتدرب الذي حقق أقل قدر من النجاح احتمالية فقدان وظيفته - ويتشوق المشاهدون لمتابعة ترامب وهو ينطق قراره الأسبوعي قائلا: «أنت مطرود».
ذكرت غويندا قائلة: «أحب المشاهدون متابعة الشباب الناشئ وهم يقومون بأعمال غير معقولة مثل بيع عصير الليمون في الشارع». كان الأمر أشبه بمشاهدتهم وهم يُطردون من الجنة.

 

 

 

 

 

 

رشح ذاته للرئاسة لأول مرة في الثمانينات

 


[caption id="attachment_55253671" align="alignright" width="300"]لقطة عائلية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب وزوجته ميلانيا ونجله من زوجة سابقة: دونالد ترامب الابن، وابنتاه تيفاني، وإيفانكا ترامب (غيتي) لقطة عائلية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب وزوجته ميلانيا ونجله من زوجة سابقة: دونالد ترامب الابن، وابنتاه تيفاني، وإيفانكا ترامب (غيتي)[/caption]

كان ترامب، مثل كثير من رجال الأعمال الناجحين، يعطي ببذخ للحملات الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. خرج اقتراح بأن يرشح ذاته للرئاسة لأول مرة على سبيل الدعابة في الثمانينات في مجلة «سباي» الساخرة الشهيرة في نيويورك، والتي توقف إصدارها. ولكن تطرق ترامب علنا لفكرة الترشح خمس مرات قبل أن يتخذ الأمر بجدية أخيرا. على مدار عقود، بدا أنه يتبني آراء ليبرالية اجتماعيا في قضايا مثيرة للجدل داخل أميركا مثل حق الإجهاض، وفي حالات أخرى بدا أنه يتحدث من وجهة نظر جمهوري محافظ. وأخيرا في فترة رئاسة أوباما، تبنى ترامب خطاب نشطاء ينتمون إلى أقصى اليمين والذين يشككون في أن يكون أوباما قد ولد خارج الولايات المتحدة وبذلك ربما لا يُسمح له قانونا بتولي الرئاسة. يشار إلى أن الديمقراطيين والإعلام الليبرالي سخروا بلا رحمة من ترامب عندما أعلن عن ترشحه للرئاسة في العام الماضي، حتى أن موقع «هافنغتون بوست» أعلن أنه سينشر تقارير حملة ترامب الانتخابية في قسم أخبار الترفيه. وحتى الرئيس أوباما أساء إلى ترامب مرارا في وجهه أثناء حفل عشاء المراسلين السنوي في البيت الأبيض. ولكن كما اتضح مع مرور الوقت، استهانت تلك النخب الأميركية كثيرا بقدرات ترامب.

 

 

 

 

 

 

زوجة ترامب العارية

 

 


في تناول السؤال حول كيفية إدارة ترامب للبلاد إذا تم اختياره رئيسا، ربما يكون من المهم أن نسأل كيف كان يدير عائلته، كزوج لثلاث زوجات وأب لخمسة أبناء، وكيف تعامل مع الفشل في تجربتي طلاق صاحبتهما أخبار عن الخيانة والفضيحة.
زوجة ترامب الحالية هي ميلانيا، عارضة الأزياء السلوفينية المولد، التي ظهرت في صورة شبه عارية نشرتها مجلة «بريتش جي كيو» في عام 2000، كما ظهرت مرتدية بكيني عاريا على سجادة تحمل ختم الولايات المتحدة العظيم في صورة لصالح مجلة «توك» التي توقف إصدارها. وفي الفترة الأخيرة، تخلت عن عملها كعارضة أزياء من أجل حياتها الأسرية ورعاية أصغر أبناء ترامب، بارون الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام. وحتى في ظل اهتمام وسائل الإعلام المحموم أثناء حملة ترامب الرئاسية، تبتعد ميلانيا كثيرا عن الأضواء.
قال مايكل دي أنطونيو، كاتب سيرة ترامب الذاتية: «ميلانيا مهمة لدونالد ولكنها ليست من مستشاريه. لقد أخبرتني عندما تحاورت معها أن هدفها هو أن تكون زوجة تقليدية، وما يشغلها ليس ما يمكن أن يفعله دونالد لأجلها، ولكن ما يمكنها أن تفعله لأجل دونالد».


وفي هذا الصدد، تختلف ميلانيا عن زوجتي ترامب السابقتين، إيفانا ومارلا مابلز. أوضح دي أنطونيو: «يشترك ثلاثتهن في المجيء إلى نيويورك من مناطق أخرى، فإيفانا من جمهورية التشيك ومارلا من جورجيا وميلانيا من سلوفينيا. وأعتقد أنهن امتلكن فكرة مبهرة عن الحياة في مدينة نيويورك. ولكن في حين لم تمتلك ميلانيا طموحات شخصية خارج حياتها الزوجية، كانت الزوجتان السابقتان طموحتين للغاية، وكانت لديهما رغبة في تحقيق الشهرة والنفوذ. أرادت كل منهما إدارة شركة خاصة وتحقيق النجاح أمام الجمهور».
ولكن وجدت كل من إيفانا ومارلا أن الحياة تحت الأضواء مع ترامب قاسية ومؤلمة في النهاية. في منتصف الثمانينات، بينما كان ترامب متزوجا إيفانا بدأ علاقة مع المرأة التي ستصبح زوجته الثانية فيما بعد. وعلى مدار الأعوام الأربعة التالية، كانت حياة ترامب مزدوجة، حيث كان يحافظ على بيتين، أحدهما لأسرته والثاني لعشيقته. ولكن وصل كل ذلك إلى نهاية محطمة في عام 1990 عندما حاول ترامب اصطحاب كلا الطرفين في عطلة، بأن تقيم كل من السيدتين في فندق مختلف.

 

 

 

 

 

 

 

خيانة وفضيحة

 

 


ولكن تحولت الفضيحة إلى خبر رئيسي في صحف التابلويد. حصلت إيفانا على تسوية نقدية قدرت بـ20 مليون دولار، وممتلكات بقيمة 14 مليون دولار في كونيتيكت، ونفقة طلاق سنوية قدرها 350 ألف دولار، بالإضافة إلى أصول أخرى. ولكن كان زواجه مارلا أقصر أجلا. في الظاهر، بدا أن ترامب أصبح أكثر سعادة في زواجه، وهو تناقض ربما يكشف دور علاقته التقليدية الحالية بميلانيا.
لم يكن الأمر سهلا بالطبع على أي من أبناء ترامب من زوجتيه السابقتين. بالنسبة لأبنائه من إيفانا: دونالد الابن وإيفانكا وإيريك، يقول دي أنطونيو: «إنهم قريبون للغاية من والدتهم، وأعتقد أنهم يشعرون بأنها هي التي ربتهم بالفعل وحاولت حمايتهم من الصعوبات التي يواجهها أبناء الأثرياء، رغم أنهم الآن أصبحوا بالغين وأصبح لكل منهم أسرته، وكذلك أصبح لوالدتهم حياتها التي تبعدها عن نيويورك في كثير من الأحيان». وأشار دي أنطونيو إلى أنه رغم قرب الأبناء من والدتهم، فإن ذلك لم يمنعهم من شعورهم بالولاء الكبير لوالدهم. وهم الثلاثة الآن جزء لا يتجزأ من إمبراطورية شركات ترامب، التي يقول ترامب إنه سيسلمها لهم كاملة إذا تم انتخابه رئيسا.
وهكذا عاش ترامب على مدار عقود كرجل مستهتر في نيويورك. وفي الوقت ذاته، أدى دور الثري الأرستقراطي الملتزم بإقامة مؤسسة تحكمها العائلة. علق دي أنطونيو قائلا: «والأبناء هم أمراء تلك المملكة».
لا يدير ترامب شركاته أو عائلته بنظام ديمقراطي، بل يبدو أن نزعته لأن يكون صاحب تركة جعلته يقترب بدرجة ما من شخصية قيادات الدول التي تحكمها عائلات ملكية في الخارج. عندما رحب ترامب في بداية العام الحالي بتعليقات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي أثنى فيها مواهبه - وأجاب عنها بالمثل - شعر بعض المراقبين بأن احترامه للرئيس الروسي يرجع إلى إحساسه أكثر من تعلقه بشؤون السياسة الخارجية.

 

 

 

 

 

 

 

ترامب والبيت الأبيض

 

 


في الحشود الانتخابية، يمدح ترامب جمال ونجاح أبنائه، ويطمئن أنصاره بأنه خبرته في عقد الصفقات سوف تتحول إلى تحقيق التميز في البيت الأبيض. ودعا إلى إقامة جدار بطول 100 قدم يمتد لمسافة ألف ميل لمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور الحدود الأميركية مع المكسيك، كما دعا إلى ترحيل نحو 11 مليون مهاجر غير شرعي من بلاده بأقصى سرعة.
وفي الوقت ذاته، يثني كثير على المهاجرين المكسيكيين الذين يوظفهم ويؤكد على أن الأميركيين من أصل أفريقي سوف يكونون أفضل حالا في ظل رئاسته من وضعهم في عهد أوباما. وردا على استفزازات الجهاديين في سوريا والعراق والغرب، كما أشرنا سابقا، كرر ترامب دعوته لفرض حظر مؤقت على دخول المسلمين إلى بلاده حتى يتم إجراء إصلاح شامل للسياسات الأمنية، وشن هجوم عسكري شرس على «داعش». وفي المقابل، عبر عن ميله إلى سياسة عدم التدخل، مؤكدا على أن حرب العراق كانت خطأ شنيعا، كما اقترح أن تترك الولايات المتحدة «بوتين يقاتل (داعش)»، فيما يبدو أنه لا يبالي بما إذا كان بوتين وحليفه الروسي يهمهما محاربة (داعش) بقدر ما يهمهما القضاء على أي معارضة شرعية ومعتدلة ضد حكم الأسد. وتؤيد سياساته التجارية الإجراءات الحمائية، حيث دعا إلى فرض تعريفات كبيرة على الصين والمكسيك، بينما أصر على أنه يناصر «التجارة الحرة». ويقول إنه أكثر تأييدا لإسرائيل من منافسيه، ولكن في الوقت ذاته يتعهد بأن يكون وسيطا «محايدا» في مباحثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

 

 

 

 

 

 

كل الخيارات متاحة

 

 


يعني ذلك أن تصريحات ترامب عن السياسات متناقضة وتصل إلى خطة «ترك كل الخيارات متاحة». ويتفق مؤلفا الكتابين عن حياته على أن المنطق الذي يسود في خطبه يتعلق بجمهوره المحلي وليس له صلة بأي توجه أو رؤية خاصة.
يقول مايكل دي أنطونيو: «أعتقد أن تلك انتهازية. وفي سياق الانتخابات، يشعر أنه إذا كانت هناك فرصة حقيقة بأن يكون معاديا للمسلمين، فسوف يفعل ذلك حتى يتم انتخابه وتقديمه كخيار جيد للناس الذي يحملون تحيزا أو يعانون من الخوف».
وتقول غويندا بلير: «إنه ببساطة ذكي للغاية في التعرف على ما يبحث عنه الناخبون. ليس ما يقولون إنهم يبحثون عنه، بل ما يبحثون عنه فعليا. وما يبحثون عنه فعليا هو بعض الأهداف التي يصبون عليها غضبهم، وقد قدم لهم كثيرا منها».

[caption id="attachment_55253672" align="alignleft" width="198"]كتاب «لا يكفي مطلقا: ترامب والبحث عن النجاح» للمؤلف مايكل دي أنطونيو كتاب «لا يكفي مطلقا: ترامب والبحث عن النجاح» للمؤلف مايكل دي أنطونيو[/caption]


أضافت بلير أن تصريحاته الرنانة تلقى قبولا لأسباب أخرى أيضا: «أولا تثير صراحته حماس الجمهور كما يثير العنف على التلفزيون حماسهم. فيبدو أنه يقول ويفعل ما يرغب آخرون في فعله وقوله حتى لو كان مروعا». على سبيل المثال، في إحدى لحظات الثقة الشديدة بالنفس، في حشد انتخابي في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، قال ترامب: «يمكنني أن أقف في منتصف أفينيو 5 وأطلق الرصاص على شخص ولن أخسر الناخبين». تلاحظ بلير أيضا أن ناخبي الطبقة العاملة المهمشين اقتصاديا من ذوي البشرة البيضاء الذين يشكلون القاعدة العريضة من مؤيديه معجبون باستقلاليته: «يظهر أنه دائما ما يفعل ما يريد ويقول ما يريد. وهكذا يبدو صادقا، بل وأيضا يمثل ذلك جزءا من التأكيد على أنه سيحكم باستقلالية فلا يلتزم بمصالح خاصة يمكنها أن تشتري المرشحين الآخرين أو تؤثر عليهم». (يشار إلى أن ترامب رفض قبول مساهمات لحملته ويقول إنه يمول حملة ترشحه بنفسه بالكامل).

 

 

 

 

 

 

التحيز والعنصرية نشأ من الخوف والقلق

 

 


ولكن هل تشير تلقائية ترامب الظاهرية، وتصريحاته «الصادقة» إلى ما يؤمن به بالفعل؟ لا يؤمن دي أنطونيو بنظرية أن ترامب متعصب، ويقول: «ينشأ التحيز والعنصرية من الخوف والقلق، وربما يكون أقل خوفا من تابعيه، نظرا لأنه شديد الثراء ويملك نوعا ما من النفوذ. لذلك لا أعتقد أن هذا التحيز حقيقي بقدر ما هو تشاؤم. ويرجع ذلك إلى هدفه الأكبر بتحقيق المنفعة والفوز في المنافسة».
من الطبيعي التساؤل ما إذا كانت تلك الميول، التي تجتذب الجمهور وتلعب على أوتار خوفهم، غير معتاد وجودها بالفعل لدى مرشح رئاسي. لعل تصريحات ترامب في الواقع مجرد نسخة غير منقحة من منهج سياسي سلكه آخرون قبله بطريقة أكثر براعة وأناقة. من الواضح أنه إذا كان ترامب صاحب آيديولوجية، وفقا لدي أنطونيو، ربما يكون ذلك بالفعل ميزة إضافية لترامب: «من الممكن أن يتغير، ويصبح إذا وصل إلى المنصب أقل عدوانية مما هو عليه الآن في السباق الانتخابي. الشيء الوحيد الذي لا يريده أن يحدث هو الفشل كرئيس. وسوف يرغب في الفوز في ذلك أيضا، لذلك ربما يستمع لمستشارين يوضحون له أنه لا يستطيع الوفاء بكل تلك الوعود التي قدمها. وهو على استعداد كبير لتغيير أسلوب تفكيره. وهكذا طالما أنه بعيد عن الآيديولوجية، ربما يكون ذلك أمرا جيدا، حيث يعني أنه يمكن أن يصبح مرنًا».

 

 

 

 

 

 

ترامب «نرجسي»

 

 

 


[caption id="attachment_55253673" align="alignright" width="198"]غلاف كتاب «عائلة ترامب: ثلاثة أجيال من البنّائين ومرشح رئاسي» للمؤلفة غويندا بلير غلاف كتاب «عائلة ترامب: ثلاثة أجيال من البنّائين ومرشح رئاسي» للمؤلفة غويندا بلير[/caption]

في الحوار، كرر دي أنطونيو استخدام كلمة «نرجسي» في وصفه لترامب. وعندما سألته عما إذا كانت تلك النزعة في رأيه قد تجعل ترامب أكثر عرضة للاستغلال كرئيس.
أجاب دي أنطونيو: «ربما يكون عرضة للاستغلال في تعاملاته مع أشخاص يملكون مهارات مذهلة تمكنه من استغلال غروره وشعوره بالعظمة. على سبيل المثال، أفكر كيف يمكن أن يكون جورج بوش الابن فعل على وجه التحديد ما رغب منفذو هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في أن يفعل: الهجوم واستخدام القوة الأميركية من دون تمييز، وبذلك أثبتوا للعالم أن صورة الولايات المتحدة كعملاق بلا عقل بها شيء من الصحة. إذا كنت شخصا يريد استغلال أميركا عن طريق استغلال ترامب، ربما استخدم استراتيجية استفزاز مشابهة».
أشار دي أنطونيو إلى أن نقطة ضعف ترامب التي أدركها ليست قاصرة على ترامب وحده: «أعتقد أن الأميركيين عامة يميلون إلى التقليل من شأن التعقيد النفسي للأشخاص الذين يتحدون الولايات المتحدة. وربما حتى لا يدركون ذلك. تقدم فيتنام مثالا جيدا. أعتقد أن الشعب الأميركي لم يكن يستوعب بالفعل عقلية هو تشي منه والفيتناميين الشماليين وشدة التزامهم بقضيتهم».
يضيف دي أنطونيو أنه في المقابل ربما تساعد صفة أخرى يتسم بها ترامب على إنقاذه من هذا الضعف وهي جنون العظمة. يوضح الكاتب أن «(ترامب) ذاته يتحدث عن اتصافه بجنون العظمة، وعن كونها صفة مفيدة. وأعتقد أن جنون العظمة يعد من الوسائل التي يدافع بها عن ذاته ضد الاستغلال. فهو متشكك وحذر بصورة لا تُصدق».
يبدو أن كلا المؤلفين، بعد أن قضيا أعواما في البحث والكتابة عن حياة ترامب، يعتزم التصويت ضده. ولكن عند التفكير في احتمالية فوزه بالرئاسة، تشير أكثر توقعات الكاتبين تفاؤلا إلى أن هذا الرجل المعقد والعدواني والذكي وفوق كل ذلك الناجح سوف يفضل تحقيق النجاح لأميركا بالتوازي مع نجاحه.

 

 

 

font change