القاهرة: ألقت القمة المصرية اليونانية القبرصية في جولتها التاسعة، بظلالها على كافة المستويات الإقليمية (سياسية- اقتصادية- عسكرية) خاصة فيما يتعلق بمواجهة الدور التركي المتنامي، ومسألة أمن الطاقة وغاز المتوسط، والأزمة الليبية، والقضية الفلسطينية، وغيرها من القضايا التي تهم البلدان الثلاثة، والتي تستدعي التنسيق المشترك بينها، كما بعثت هذه القمة برسائل مهمة، إضافة إلى مواجهة التحديات، وتحقيق المكاسب المشتركة. وكان لـ«المجلة»هذا الحوار مع الكاتب والمفكر السياسي المصري الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور بشير عبد الفتاح، لتسليط الضوء على جميع هذه المحاور.
وإلى نص الحوار:
* ما رؤيتكم للقمة المصرية اليونانية القبرصية في جولتها التاسعة في إطار آلية التعاون الثلاثي التي انطلقت عام 2014؟
- القمة تأتي في سياق التعاون الثلاثي المشترك منذ عام 2014، تطلعا إلى الارتقاء بمستوى التعاون بين الدول الثلاث على كافة الأصعدة (الاقتصادية، والعسكرية، والسياسية)، وأيضا على مستوى تنسيق المواقف بشأن القضايا الإقليمية خاصة المسألة الليبية، ومسألة الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب، والقضية الفلسطينية، كما أن الموقف من التهديدات التركية يعكس تطابقا في المواقف بين الأطراف الثلاثة، وأيضا تعميق التعاون في المجال الاقتصادي، وفي مجال أمن الطاقة، كما تعزز هذه القمة التوجه المتوسطي للسياسة الخارجية المصرية، وهذا البعد، أو هذا التوجه، كان مجملا فيما مضى، واكتسب الآن زخما مهماً، وأصبح له عائد مهم للغاية على المصالح المصرية على كافة المستويات.
* ما الرسائل التي بعثت بها القمة الثلاثية بشكل عام؟ وما الرسائل التي بعث بها الرئيس المصري بشكل خاص من خلال هذه القمة؟
- الرسائل المصرية التي بعث بها الرئيس عبد الفتاح السيسي كانت مهمة وواضحة، وهي ضرورة إنهاء وجود المرتزقة على الأراضي الليبية، ورحيل القوات الأجنبية، وإجراء الانتخابات في موعدها، وتعزيز المسار السياسي، وإنهاء الأعمال العسكرية وهذا بشكل أساسي، وفيما يتعلق بتركيا والتهديدات التركية، انضمت مصر إلى اليونان وقبرص في رفض التهديدات والخروقات التي تنتهك القانون الدولي في هذا الإطار، كما بعثت القمة أيضا رسائل فيما يخص القضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين. وفي مسألة أمن الطاقة والتعاون بين الدول الثلاث فيما يتعلق بتصدير الغاز من الدول الثلاث إلى أوروبا عن طريق مصر بعد تسييله، وكانت كل هذه الأشياء بمثابة رسائل مهمة (سياسية، واقتصادية، وعسكرية).
* ما المكاسب التي حققتها القمة في إطار التعاون الثلاثي، والعمل الدؤوب المشترك، الذي استمر لتسع جولات؟
- يأتي التعاون في مجال أمن الطاقة وعلى مستوى عال جدا من المكاسب التي حققها التعاون الثلاثي بين مصر، واليونان، وقبرص، كما ارتفع مستوى التبادل التجاري بين الدول الثلاث، إضافة إلى إجراء المناورات العسكرية المشتركة، والتي تتم بشكل دوري بين هذه الدول، إضافة إلى التفاهمات التي أوصلت رسائل ردع لتركيا ومنعتها من المضي قدما في خروقاتها في شرق المتوسط، كل هذه الأشياء تعتبر مكاسب حتى الآن، وأيضا التوافق الدولي والإقليمي حول ضرورة إخراج المرتزقة من ليبيا، وإنهاء الأعمال العسكرية، والانتقال إلى المسار السياسي، كل هذه الإنجازات مهمة للغاية، والنقلة في مجال أمن الطاقة أيضا هي مهمة للغاية.
* كيف يمكن أن يحجم مثل هذا التعاون بين الدول الثلاث من الدور التركي في شرق المتوسط، خاصة فيما يتصل بملف الغاز؟
- تقف تركيا وحدها في مواجهة الأطراف الثلاثة، مصر كأكبر قوة بحرية في شرق البحر المتوسط، وكذلك اليونان، العضو في الاتحاد الأوروبي، والعضو في حلف الناتو، وكذلك قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي، كما أن سعي اليونان وقبرص لتطوير مستوى التسليح بدعم أميركي وغربي، كل ذلك يبعث برسائل مهمة، أهمها تمسك الدول الثلاث بالمرجعيات القانونية لتقاسم الموارد في شرق المتوسط، وكل ذلك يوجه رسائل ردع وكبح جماح لتركيا، لأنها لا تستطيع الوقوف في مواجهة الدول الثلاث.
* ما التحديات التي تواجه الدول الثلاث والتي تستدعي التنسيق على مستوى القمة الثلاثية؟
- الدول الثلاث تواجه تحديات أهمها مسألة مواجهة المطامع التركية، ومواجهة انتشار خطر الإرهاب، ومواجهة الهجرة غير النظامية/ غير الشرعية، وعدم ترسيم الحدود البحرية بين كافة دول شرق المتوسط، والتنافس الروسي على الغاز، لأن الدول الثلاث تنتج نفس الغاز الروسي بدرجة أو بأخرى، وكل هذه التحديات مهمة جدا، ولكن الدول الثلاث تحاول التعامل معها ومواجهتها، من خلال التنسيق المشترك.
* ما المكاسب المستقبلية التي قد يحققها التعاون والتنسيق المشترك بين الدول الثلاث؟
- تسعى الدول الثلاث من خلال التعاون المشترك بينها إلى زيادة المكاسب الحالية، وزيادة التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، وزيادة التنسيق الأمني والعسكري، وستكون مجالات وفرص التعاون أوسع، وستظهرعوائد كل التحركات الحالية في المدى البعيد كالانتعاش الذي يحدث بين الدول، كما أن التنسيق في مجالات الهجرة، والإرهاب سوف يؤدي إلى إنهاء التهديدات، بالإضافة إلى أن نجاح الدول الثلاث في إنهاء التوترات الداخلية سيساعدهم كثيرا في إنهاء التوترات الإقليمية.