عرب يقعون في فخاخ المحتالين ويتسببون بارتفاع أسعار العقارات

عرب يقعون في فخاخ المحتالين ويتسببون بارتفاع أسعار العقارات

[caption id="attachment_55253540" align="aligncenter" width="620"]سوق العقار في اسطنبول سوق العقار في اسطنبول[/caption]

[blockquote]كان شهر من عام 2012 نقطة تحول مفصلية في سوق العقارات التركية، إذ شهد هذا العام إلغاء الحكومة لقانون المعاملة بالمثل، والذي كان يحظر على مواطني بعض الدول التملك على الأراضي التركية، وسمح إلغاء هذا القانون لمواطني الدول العربية كافة شراء وبيع العقارات في تركيا بنسبة 100 في المائة.[/blockquote]



هذا الانفتاح للسوق العقارية التركية جاء متزامنًا مع اشتعال الحروب والنزاعات المسلحة في بعض الدول العربية والتي هرب الكثير من مستثمريها إلى الأراضي التركية، ليجدوا في العقار التركي ملجأ آمنا لأموالهم في بداية الأمر.
لكن ارتفاع عوائد الاستثمار العقاري في تركيا سواء كان بالبيع أو التأجير دفع بمستثمرين عرب من دول خليجية غنية إلى التوجه للسوق العقارية التركية.

وهذا ما يؤكده المستثمر العربي السوري ماهر الكبير الذي يرى أن «العائد السنوي للعقار في تركيا يعتبر عنصر جذب كبيرا للعرب الراغبين بالتملك في المدن التركية»، إذ يرى ماهر أن «بعض الشركات العربية تأتي إلى تركيا في سبيل مضاعفة أرباحها لما تتمتع به السوق العقارية التركية من نمو متسارع إذا ما قورن بدول جوار تركيا، إضافة للطلب المتزايد خلال السنوات الماضية».
ويضيف ماهر في حديثه لـ«المجلة»، أن «منع دول خليجية عدة لمستثمرين عرب من التملك على أراضيها دفع بالمستثمرين سواء الشركات أو الأفراد للتوجه إلى السوق التركية كبديل جيد خلال الأزمات السياسية التي تمر بها المنطقة، كما أن سهولة حصول المواطن العربي على الإقامة المؤقتة في تركيا يدفع المزيد منهم للحصول على عقار هنا».




قطاع العقارات التركي




وتشير الأرقام الرسمية إلى أن قطاع العقارات، ولا سيما قطاع مبيعات المنازل التركي حقق خلال شهر من العام الماضي مبيعات بلغت مائة وستة آلاف منزل بارتفاع نسبته (1.8 في المائة) مقارنة بذات الشهر من العام الماضي، وكانت حصة الأجانب من هذه المبيعات عشرين ألفا وسبعمائة منزل.
أما مبيعات المنازل في عموم تركيا خلال العام الماضي فقد وصلت إلى مليون ومائة وخمسين ألف منزل احتلت مدينة إسطنبول المرتبة الأولى فيما قبعت مدينة هكاري (جنوب شرقي البلاد) في المرتبة الأخيرة، وهو ما يشير بحسب خبراء إلى تأثر السوق في تلك المنطقة بالصدامات العسكرية بين الجيش التركي والفصائل الكردية منذ عام تقريبًا، وهو ما يراه حامد دمير مدير المبيعات في شركة للإنشاءات، إذ يقول، إن «السوق العقارية كان تحت ضغوطات سياسية عدة العام الماضي، ومنها الصراع العسكري في جنوب شرقي البلاد وعزوف الكثير من المواطنين والأجانب عن التوجه للشراء هناك»، مضيفًا أن «الانتخابات العامة التي أجريت مرتين العام الماضي كان لها أثر سلبي واضح على تخوف المستثمر الأجنبي، وبالأخص العربي من ضخ أموال إضافية للاستثمار العقاري الفردي في تركيا»، لكن مدير يرى أيضًا أن «هذا التخوف زال بشكل شبه كامل بعد فوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية نيابية أهّلته لتشكيل الحكومة منفردًا وأرسلت برسائل جيدة إلى المستثمرين العرب».


مشكلات وعقبات




ولا تخلو السوق العقارية التركية من مشكلات وعقبات تحد من نموه بالنسب المطلوبة وتجعل منه لبعض المستثمرين الأفراد العرب خريطة معقدة يصعب حل ألغازها.
ويعتقد المستثمر العربي الفلسطيني جمال كريم، أن «غياب المعلومة الواضحة في السوق وتوجه الكثير من العرب إلى شركات وأفراد يفتقدون للثقة والخبرة المطلوبة يكبد المشتري العربي خسائر مالية وذلك بشراء العقار عبر وسطاء عدة بسعر يفوق سعره الحقيقي أو يوقعه في شباك بعض المحتالين».
ويشجع كريم العرب على التوجه لشركات استشارات عقارية لتقيم السعر الحقيقي والحصول على المعلومة الصحيحة، كما يرى أن «الكثير من العرب لم يحسنوا استغلال انخفاض سعر الليرة التركية أمام الدولار نتيجة توجههم لشراء العقارات بالعملة الأميركية في حين كان بإمكانهم الشراء من خلال شركات استشارات قانونية بالليرة التركية والاستفادة من انخفاض سعرها أمام الدولار بأكثر من ثلاثين في المائة العام الماضي»، ويتفق ظفر يورت مدير المبيعات والتسويق في شركة «يابي» العقارية مع ما ذهب إليه كريم. ويضيف في حديثه إلى «المجلة»، أن «ارتفاع نسب الفائدة على القروض في تركيا قلل من قدرة الشركات الاستثمارية العربية العاملة في المجال العقاري والتي تقيم شراكات مع مؤسسات تركية على الاقتراض من البنوك المحلية مما أثر بشكل جزئي على أرباح تلك الشركات، وهذا ما يراه يورت بأنه عقبة قد تمنع تطور القطاع بالشكل المطلوب».


[inset_right]
الطلب المتزايد الذي شهدته العقارات في تركيا من مواطني دول الربيع العربي دفع الأسعار في المدن التركية للارتفاع بنسبة وصلت إلى 150 في المائة[/inset_right]


الطلب المتزايد الذي شهدته العقارات في تركيا في الأعوام الماضية، وخصوصًا من مواطني دول الربيع العربي دفع الأسعار في المدن التركية للارتفاع بنسبة وصلت إلى 150 في المائة في بعض الأحيان، حيث يطلب مواطنو تلك الدول على المنازل الصغيرة في المناطق الشعبية وهي ذات المناطق التي يرغب بها المواطنون الأتراك من ذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة.
هذا الارتفاع الكبير في الأسعار دفع الكثير من المواطنين الأتراك إلى التذمر وهو ما لا تخفيه المواطنة التركية عائشة إلتون البالغة من العمر 28 عاما، والتي حاولت جاهدة منذ تخرجها في الجامعة وحصولها على أول عمل شراء منزل صغير في مدينة إسطنبول وجمعت الأموال خلال الأعوام الماضية لهذا الغرض.

لكن الإقبال الكبير من المشترين العرب دفع بالأسعار للارتفاع بشكل «جنوني»، كما تقول، وحرمها من فرصة شراء «منزل الأحلام» بسعر معقول. وتضيف إلتون في حديثها لـ«المجلة»، أن «الملاك والشركات العقارية استغلت فرصة وجود مشترين عرب ورفعت الأسعار بشكل كبير، وأن هذه الأسعار لن تعود إلى سابق عهدها حتى لو رجع الكثير من العرب إلى بلادهم أو حتى توقفوا عن شراء العقارات في البلاد.
font change