الجمهوريون يتهمون البيت الأبيض بالدعوة إلى احتجاز الرهائن

الجمهوريون يتهمون البيت الأبيض بالدعوة إلى احتجاز الرهائن

[caption id="attachment_55253532" align="aligncenter" width="620"]وزير الخارجية الاميريكي ونظيره الإيراني وزير الخارجية الاميريكي ونظيره الإيراني[/caption]

[blockquote]
المرشح الرئاسي تيد كروز: تبادل الرهائن الأميركيين بالمجرمين سابقة خطيرة للغاية..وكأنك تقول لأي جهة شريرة في العالم اذهب واحتجز شخصا أميركيا. إذا كنت تريد إخراج إرهابيين من السجون[/blockquote]


واشنطن: المحرر السياسي


بدأ الانفتاح الدبلوماسي بين واشنطن وطهران أثناء أعوام من المفاوضات المكثفة بين دبلوماسيين رفيعي المستوى والتي أثمرت اتفاقا نوويا أبرم العام الماضي، وافقت فيه إيران على وقف مشروعها النووي في مقابل رفع العقوبات.
قد تكون أوثق صلة هي تلك التي نشأت بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني جواد ظريف. لطالما أكدت إدارة أوباما على أن الاتفاق مع طهران ينحصر في برنامجها النووي ولم ينه الخلافات طويلة الأمد بين البلدين حول قضايا مثل دعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد. ولكن أظهر الاتفاق الذي تم تنفيذه في الشهر الماضي، بإطلاق سراح أميركيين من بينهم مراسل «واشنطن بوست» جاسون رضيان وأمير حكمتي عنصر المارينز الأميركي السابق مقابل إفراج الولايات المتحدة عن سبعة إيرانيين أن ما هو قادم قد يكون أكثر ريبة،حيث أعلن هذا الاتفاق بعد يومين فقط من محادثة تمت بين كيري وظريف أدت إلى الإفراج عن 10 بحارة أميركيين قبل مرور 24 ساعة على انجرافهم إلى المياه الإيرانية.

أجرى وزير خارجية أميركا ودبلوماسيها الأول مقابلات شخصية مع ظريف، أو جواد كما يطلق عليه، أكثر من أي وزير خارجية آخر. كان ظريف، الذي أمضى أعواما للدراسة في الولايات المتحدة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة، ووتربطه علاقة صداقة بكيري منذ سنوات، قد تدخلا شخصيا عندما وصلت المفاوضات حول الاتفاق النووي – وبعد ذلك تبادل المحتجزين – إلى طريق مسدود، وفقا لما ورد في تقارير عن تلك الاتفاقات.
النتيجة أنه رغم عدم وجود سفارة لأي من الولايات المتحدة أو إيران في عاصمة الأخرى، فإنهما تقيمان في الوقت الحالي علاقات دبلوماسية وثيقة ظهرت بكامل صورتها في الفترة الماضية.

[caption id="attachment_55253533" align="alignleft" width="300"]المرشح الرئاسي تيد كروز المرشح الرئاسي تيد كروز[/caption]


كانت قناة الاتصال بين الرجلين مفيدة عندما ألقي القبض على 10 بحارة أميركيين بعد أن دخلت زوارقهم النهرية في المياه المقابلة للساحل الإيراني. جاء الحادث في لحظة مشحونة، حيث كانت القوى العالمية تستعد للإعلان عن رفع العقوبات الدولية عن طهران – وكان مسؤولون أميركيون على وشك إتمام اتفاق يضمن الإفراج عن الأميركيين المحتجزين في إيران.
في غضون دقائق، كان كيري يتحدث هاتفيا مع ظريف، وبعد إجراء خمسة اتصالات هاتفية على الأقل في ذلك اليوم، استطاع الاثنان حل الموقف قبل أن يخرج عن السيطرة. وأطلق سراح البحارة قبل مرور يوم، وأعرب كيري عن «امتنانه» للتعاون الذي أبداه المسؤولون الإيرانيون، وهي الكلمة التي أثار اختيارها انتقادات فورية من عدة مرشحين للرئاسة في الحزب الجمهوري.


الدبلوماسية الناشئة




تتلاقى المصالح الأميركية والإيرانية بدرجة ما في العراق، حيث يساعد كلا البلدين الحكومة الشيعية في بغداد على محاربة تنظيم داعش، وفي سوريا، حيث تعملان على ضمان عدم وصول «داعش» إلى الحكم بدلا من حكومة الأسد.
من المبكر للغاية معرفة إذا ما كانت العلاقات الدبلوماسية الناشئة بين الولايات المتحدة وإيران تمثل عهدا جديدا من الوفاق الذي سيستمر بعد رحيل الرئيسين الحاليين في كلا البلدين، أو إذا جاء خلفا لكيري وظريف مسؤولان تربطهما علاقات شخصية مماثلة.
ولكن وسط كل هذا العمل الدبلوماسي والاتفاقات، نفذ أوباما تهديدا بفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب إجرائها تجربتين للصواريخ الباليستية. في خطاب ألقاه للتأكيد على الإفراج عن الأميركيين المحتجزين في إيران، أعلن أوباما فرض العقوبات قائلا إنه لا تزال هناك «خلافات عميقة» مع إيران. ويشار إلى أن تجارب الصواريخ الباليستية تنتهك قرارا للأمم المتحدة – بعيدا عن الاتفاق النووي - وقد تعرضت إدارة أوباما للهجوم بسبب عدم فرضها عقوبات فورية على طهران في هذا الصدد.
سوف تكشف نزاعات أخرى في الشرق الأوسط عما إذا كان الحوار المتنامي بين واشنطن وطهران سيتمكن من تجاوز الخصومات والصراعات الطائفية الراسخة. وليس واضحا إذا ما كانت الولايات المتحدة ستستطيع إقناع إيران بأن تأمر وكلاءها في لبنان (ميليشيات حزب الله) بالتراجع عن مواجهة إسرائيل. وفي اليمن، حيث يشن التحالف الذي تقوده السعودية حربا ضد المتمردين الحوثيين الذين يحصلون على دعم من إيران.
يؤكد البيت الأبيض على أنه لا يفترض حدوث تحول داخل إيران أو نهاية لعقود من العداء نتيجة للاتفاق النووي.



وكلاء طهران




أثارت اتصالات إدارة أوباما المتكررة مع دبلوماسيين إيرانيين قلقا بالغا لدى العرب السنة. كذلك لم تُخفِ إسرائيل سرا بشأن معارضتها القوية للاتفاق النووي، محذرة من أن رفع العقوبات سوف يسمح لإيران بإنفاق مزيد من المال على وكلائها في لبنان وسوريا وغيرها من المناطق.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد رفع العقوبات الدولية رسميا عن إيران: «الأمر الواضح أن إيران سوف تملك من الآن فصاعدا مزيدا من الموارد لاستخدامها في ممارسة الإرهاب والعدوان في المنطقة والعالم، وإسرائيل مستعدة للتعامل مع أي تهديد».
في واشنطن، اتهم الجمهوريون البيت الأبيض بالدعوة إلى احتجاز الرهائن بموافقته على مبادلة الأميركيين المعتقلين دون أسباب بالإيرانيين المدانين بانتهاك العقوبات الاقتصادية.

قال المرشح الرئاسي الجمهوري السيناتور تيد كروز لشبكة «فوكس»: «أعتقد أنها سابقة خطيرة للغاية. وكأنك تقول لأي جهة شريرة في العالم اذهب واحتجز شخصا أميركيا. إذا كنت تريد إخراج إرهابيين من السجون، احتجز مواطنا أميركيا والرئيس أوباما سوف يبرم معك صفقة».
كانت هناك محاولات سابقة لكسر الجمود بين إيران والولايات المتحدة، ولكنها منيت جميعا بالفشل وضياع الفرص. بعد ثورة 1979 التي أطاحت بشاه إيران الذي دعمته أميركا، وما حدث بعدها من احتجاز أميركيين في السفارة الأميركية في طهران، انهارت العلاقات بين واشنطن وإيران. ثم كان على الولايات المتحدة أن تعتمد على سويسرا أو عمان للتواصل مع طهران.
في خطاب تنصيبه عام 1989، قدم الرئيس جورج بوش الأب في ذلك الحين غصن زيتون إلى إيران بتشجيع حكومتها على ترتيب الإفراج عن أميركيين تحتجزهم ميليشيات حزب الله اللبنانية قائلا: «النيات الحسنة تولد نيات حسنة. وحسن النية يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية».
ولكن أصيبت الولايات المتحدة بالإحباط بسبب عدم حدوث نتائج، وعندما ساعدت إيران على الإفراج عن الأميركيين المحتجزين لدى حزب الله في لبنان عام 1991، رأت واشنطن أن ذلك عمل ضئيل ومتأخر جدا.

في أثناء فترة رئاسة بيل كلينتون، كانت هناك مفاتحات مع طهران لتهدئة التوترات. ولكن دعم إيران للمسلحين في المنطقة والشكوك حول وقوف وكلائها خلف تفجير أبراج الخُبَر في السعودية عام 1996، والذي أسفر عن مقتل 19 طيارا أميركيا، أحبط تلك المحاولة.
بدا الرئيس الإيراني محمد خاتمي مستعدا لإعادة العلاقات بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، نظرا لأن طهران تجد طالبان في أفغانستان عدوا لها. ولكن وصف الرئيس الأميركي في ذلك الوقت جورج بوش الابن إيران بأنها جزء من «محور الشر»، وكانت إدارته حذرة تجاه خطوات إيران الأولية. كذلك انهارت العلاقات بين واشنطن وطهران ووصلت إلى أدنى مستوياتها في عقود بسبب النزاع حول برنامج إيران النووي ودعمها للميليشيات الشيعية التي حاربت القوات الأميركية في جميع أنحاء العراق.
خرج مصطلح «انفراج» إلى النور أثناء الحرب الباردة لوصف محاولة الرئيس ريتشارد نيكسون لتهدئة التوترات مع الاتحاد السوفياتي. وكانت إدارة نيكسون قد عقدت مفاوضات حول اتفاقيات الرقابة على الأسلحة مع السوفيات وفتحت الباب أمام بعض الروابط التجارية من بينها صفقة لتجارة الحبوب.


البيت الأبيض




واجه انفراج العلاقات مهاجمون في ذلك الوقت، ومن بينهم محافظون في حزب نيكسون الجمهوري، الذين رأوا فيه أسلوبا ساذجا سيصب في صالح موسكو. وبعد أن أقدم السوفيات على غزو أفغانستان، أعلنت نهاية ذلك الانفراج.
قال رونالد ريغان بعد دخوله البيت الأبيض في عام 1981 بفترة وجيزة: «حتى الآن كان الانفراج طريقا ذا اتجاه واحد استغله الاتحاد السوفياتي لتحقيق أهدافه الخاصة».

ولكن حتى ريغان المعارض للانفراج سعى في وقت لاحق دبلوماسيا مع موسكو من أجل الحد من السلاح النووي وتجنب الوقوع في حرب كبرى محتملة.
يُشَبِّه بعض معارضي النظام في طهران القيادة كبيرة السن هناك بالحكام الشيوعيين المتحجرين في الكتلة السوفياتية السابقة. ويدفعون بأن فتح الباب أمام التجارة مع إيران وتعزيز صلاتها بالغرب سوف يقوض قبضة النظام على السلطة وسيجبره على التكيُف أو الانهيار.
ولكن في الوقت الحالي، يُروج البيت الأبيض للمميزات العملية للعلاقات الدبلوماسية دون الوعد بحدوث تقدم كبير أو إعادة ترتيب لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

ومع ذلك وجه أوباما دعوة مباشرة إلى الشعب الإيراني عندما أعلن عن إطلاق سراح الأميركيين المحتجزين في إيران، مشيرا إلى التقارب وإلى «طريق جديد».
«بعد الاتفاق النووي بات أمامكم، خاصة الشباب الإيراني، الفرصة لإقامة علاقات جديدة مع العالم. لدينا فرصة نادرة لسلوك طريق جديد، إلى مستقبل أفضل ومختلف يحقق التقدم لكلا الشعبين وللعالم أجمع».
font change