بون: كانت الانتخابات الفيدرالية الألمانية يوم 26 سبتمبر 2021 تختلف عن سابقاتها، تشير إلى نهاية 16 عامًا من وجود أنجيلا ميركل في السلطة، ومع صعوبة تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في الانتخابات السابقة عام 2017، تعد نتائج الانتخابات هذه تغييرا كبيرا في شكل الحكومة القادمة.
وبعد مرور ساعات قليلة على افتتاح مراكز الاقتراع في ألمانيا لاختيار البرلمان الجديد في البلاد بدأ الإعلان عن نسب المشاركة المسجلة حتى منتصف اليوم في مختلف الولايات الألمانية والتي سجلت في مجملها ارتفاعاً مقارنة بما سجلته في نفس التوقيت في انتخابات 2017. ففي ولاية سكسونيا السفلى أدلى 14.3 في المائة من الناخبين بأصواتهم في الساعتين الأوليين من افتتاح مراكز الاقتراع حسب متحدث باسم رئيس الانتخابات بالولاية.
كذلك كان الأمر في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا، حيث أدلى حوالي 60 في المائة من الناخبين بأصواتهم حتى الساعة 11 صباحا ولم تسجل مثل هذه النسبة إلا عند الساعة الثانية ظهرا في انتخابات 2017. وفي ولاية بادن فورتمبرغ وبالتحديد في مدينة شتوتغارت سجلت نسبة المشاركة ارتفاعا كبيرا جعل المشرفين على الانتخابات يتوقعون أن تصل هذه النسبة إلى 79.7 في المائة بما في ذلك الاقتراع البريدي نهاية اليوم.
وكشفت النتائج الرسمية الأولية عن فوز بفارق ضئيل للحزب الاشتراكي الديمقراطي على المحافظين بزعامة أنجيلا ميركل، والذين تراجعوا إلى مستوى منخفض تاريخيا، هذا فيما حل حزب الخضر في المركز الثالث.
وفاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات البرلمانيّة في ألمانيا، واضعاً نهاية عهد أنجيلا ميركل، وذلك بحصوله على 25.7 في المائة من الأصوات، متقدّمًا بفارق ضئيل على المحافظين، بحسب نتائج رسميّة أوّلية أعلنتها اللجنة الانتخابيّة الفيدرالية الاثنين. وحصل المعسكر المحافظ على 24.1 في المائة من الأصوات، وهي النتيجة الأسوأ في تاريخه، بينما حلّ حزب الخضر ثالثًا مع 14.8 في المائة، يليه الحزب الديمقراطي الحرّ بنسبة 11.5.
وعلى أساس هذه النسب، فإن الاشتراكيين سيحصلون على ما يتراوح بين 197 و215 مقعدا داخل البرلمان فيما سيحصل التحالف على ما يتراوح بين 198 و200 مقعد، والخضر على ما يتراوح بين 119 و120 مقعدا والحزب الديمقراطي الحر على ما يتراوح بين 87 و99 مقعدا والبديل على ما يتراوح بين 83 و87 مقعدا واليسار على ما يتراوح بين 39 و41 مقعدا.
وقال مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، أولاف شولتس، الذي يطمح في أن يصبح المستشار الألماني المقبل، إنه يهدف إلى إتمام المحادثات الائتلافية المحتملة بحلول عيد الميلاد (الكريسماس).
وأكد مرشح المحافظين الألمان لمنصب المستشارية أرمين لاشيت أن الاتحاد المسيحي الديمقراطي يريد تشكيل الحكومة المقبلة رغم تراجع نتائجه في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، علما أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي اعلن بدوره حصوله على تفويض لقيادة مفاوضات التشكيل. وقال لاشيت «سنبذل ما في وسعنا لتشكيل حكومة بقيادة الاتحاد» المسيحي الديمقراطي وحليفه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي، لكنه أكد أن المعسكر المحافظ «لا يمكن أن يكون راضيا» عن التراجع الذي تجلى في حصوله على ما بين 24.2 و24.7 في المائة من الأصوات.
وأصبح لدى حزب الخضر فرصة قوية ليكون جزءا من الحكومة المقبلة. وبموجب قواعد الحزب، سيضطر هابيك وبيربوك إلى التخلي عن منصبيهما كزعيمين للحزب إذا قبلا مناصب في الحكومة. واعترفت بيربوك بأن النتيجة المتوقعة وهي 14 في المائة أقل بما يتراوح بين 5 و10 نقاط مئوية مما كان متوقعا في وقت سابق من العام. وقالت: «كنا نريد المزيد». وربما شهد الخضر ارتفاع نسبة التأييد لهم من 8.9 في المائة في عام 2017، إلا أن الآمال كانت أعلى بكثير في ضوء المخاوف الواسعة النطاق بشأن القضايا البيئية، وتغير المناخ بشكل خاص.
نهاية حقبة ميركل
علقت صحيفة «التايمز» البريطانية في عددها الصادر يوم 25 سبتمبر (أيلول) 2021 على قرب نهاية حقبة ميركل. واستهلت الصحيفة تعليقها قائلة إن «أفضل ما يمكن قوله عن أسلوب ميركل في الحكم هو أنها ساعدت في قيادة أوروبا عبر سلسلة من الأزمات، ولا سيما من خلال إسهامها على نحو أساسي في إعداد سلسلة من حزم إنقاذ الاتحاد الأوروبي». وأضافت الصحيفة أن ميركل «رغم كل نقاط ضعفها، ستترك مهام منصبها بعد 16 عاماً وهي تتمتع بمعدل قبول يحسدها عليه أي رئيس حكومة في العالم، وسيفتقد الكثيرون برغماتيتها العقلانية، العنيدة، وخاصة لدى اندلاع أقرب أزمة». ورأت الصحيفة أن «أكبر إرث ستتركه ميركل هو أنها قادت صعود ألمانيا بعد إعادة توحيد شطريها لتتحول إلى سيادة بلا منازع في أوروبا»، لكن الصحيفة نوهت في الوقت نفسه إلى أن «شركاء ألمانيا في أنحاء العالم كانوا يتمنون قيادة ألمانية أقوى للعالم». واختتمت الصحيفة تعليقها قائلة: «للأسف ليست هناك مؤشرات على أن خليفتها سيفعل ذلك».
مفاوضات تشكيل الحكومة
أكثر المسائل صعوبة بعد انتهاء الانتخابات هي مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي. ولا ينص القانون على سقف زمني محدد لها. تجري المفاوضات على كل تفاصيل توزيع السلطة. وتتعلق المسألة هنا بأهداف الأحزب وأسماء الوزراء وعقد الائتلاف الحكومي. ويفتتح مفاوضات تشكيل الحكومة مرشح الحزب الذي حاز أكبر عدد من الأصوات لمنصب المستشار. يمكن لذلك المرشح اختيار الأحزاب التي يريد تشكيل الحكومة معها. وعلى عكس بريطانيا والولايات المتحدة حيث يكون لحزب معين في الغالب أغلبية واضحة، يحتاج الحزب الحاصل على أكبر عدد ممكن من الأصوات لشريك في الحكم، وهذه المرة ربما لشريكين.
وستكون هناك حاجة إلى تحالف من ثلاثة أحزاب لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو أمر غير مسبوق منذ الخمسينات. ونظريا حتى بعدما حلوا في المرتبة الثانية، يحتفظ المحافظون بإمكانية تشكيل تحالف مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر. وفي حين تجمع قواسم مشتركة كثيرة حزب الخضر والاشتراكيين الديمقراطيين، أشار الليبراليون بوضوح إلى أنهم يفضلون التحالف مع المحافظين بدلاً من يسار الوسط. وقد تستغرق المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة أسابيع عدة، بل أشهراً.
الاشتراكي الديمقراطي يفوز بانتخابات ألمانيا ويتفوّق على حزب ميركل
رغم أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي بات القوة السياسية الأولى وفقًا للنتائج الرسمية الأولية للانتخابات التشريعية في ألمانيا، فإن السباق على منصب المستشارية لا يزال مفتوحًا على عدة سيناريوهات. ويستعد الحزبان الديمقراطي الحر (FDP)، والخضر (Grünen) للمشاورات الأولى لتشكيل ائتلاف حزبي يقود أول حكومة في عهد ما بعد ميركل. وقد أعلن كل من أولاف شولتس (الحزب الاشتراكي) وأرمين لاشيت (التكتل المحافظ) أنهما يرغبان في إجراء محادثات مع هذين الحزبين من أجل تحالف حكومي محتمل. ويريد حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (ليبرالي)، اللذان برزا كثالث ورابع قوة في هذه الانتخابات، إجراء مباحثات ثنائية بينهما في البداية.
وهناك حزبان سياسيان آخران سيساهمان في تحديد القائد الجديد للحكومة، وهما الخضر والليبراليون، بعد أن حصل الأولى على 8.14 في المائة من الأصوات والثاني على 5.11 في المائة من الأصوات. وفي حال قرر طرفا الائتلاف الحاكم الحالي؛ التحالف المسيحي والاشتراكيون، عدم مواصلة ائتلافهما، سيتعين على كل منهما إقناع حزبي الخضر والأحرار اللذين لهما أجندات سياسية مختلفة تماما، بالانضمام إليهما لتشكيل ائتلاف حاكم ثلاثي. وستكون الحكومة المقبلة هي الأولى منذ 16 عاما التي لا تقودها ميركل. ويعتبر هذا التحول في تشكيل الحكومة الجديدة، الذي قد يستغرق أسابيع أو حتى شهورا، تاريخيا.
متى سيتم تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة؟
يجب أن يجتمع البوندستاغ المنتخب حديثًا في موعد لا يتجاوز 30 يومًا بعد الانتخابات. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه ستكون هناك حكومة جديدة بحلول ذلك الوقت. بعد الانتخابات، ستبدأ الأحزاب الكبرى محادثات ومفاوضات ائتلافية- وهي عملية مطولة قد تستغرق عدة أشهر. ستحتاج الأحزاب إلى تشكيل ائتلاف يضم أغلبية مقاعد البوندستاغ البالغ عددها 598 مقعدًا. بمجرد تشكيل الائتلاف، سيختارون المستشار الذي يحتاج بعد ذلك إلى موافقة البوندستاغ بأغلبية مطلقة تزيد على 50 في المائة قبل أن يتمكنوا من تسمية الوزراء. عندما يتم تعيين جميع الوزراء الجدد رسميًا من قبل الرئيس وأداء اليمين، ستتولى الحكومة الجديدة مهامها. حتى ذلك الحين، ستستمر أنجيلا ميركل في شغل منصب المستشارة بصفة مؤقتة.
بعد انتهاء الانتخابات في ألمانيا لا تزال أنجيلا ميركل هي المستشارة، وستستمر في منصبها إلى حين تشكيل ائتلاف حكومي جديد. لا مدة زمنية محددة لهذه المرحلة. ومن الناحية النظرية يمكن أن تبقى ميركل مستشارة حتى عيد الميلاد القادم. وإذا حدث وبقيت مستشارة إلى ما بعد 17 ديسمبر (كانون الأول) 2021، فتكون بذلك قد تجاوزت الرقم القياسي المسجل باسم المستشار الأسبق هيلموت كول والبالغ 5869 يوماً. ينظر رئيس الدولة بصفته صاحب أعلى منصب في ألمانيا إلى عدد المقاعد التي يمتلكها كل حزب في البرلمان المنتخب ومن ثم يقترح اسم صاحب الحظ الأوفر في انتخابه مستشاراً من قبل النواب.
لا توجد سابقة تاريخية كبيرة لبناء تحالف ثلاثي، وإذا استمرت الانتخابات الحالية، يمكن لكل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي دعوة الأحزاب الأخرى بشكل منفصل إلى المفاوضات المسبقة في الأسابيع التي تلي الانتخابات مباشرة، مما يجعل من خمسة إلى ستة سيناريوهات ائتلافية.
تنقسم معظم هذه المجموعات ثلاثية الاتجاهات إلى معسكرين على طول خطوط السياسة الاقتصادية والاجتماعية، أحدهما ذو اتجاه يمين الوسط لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الحرية والعدالة، والآخر به أغلبية يسار الوسط من الحزب الديمقراطي الاشتراكي والخضر. لم يتم اختبار أي منها على المستوى الفيدرالي، على الرغم من بقاء العديد منها في ولايات ألمانية مختلفة. حتى عندما يختتم أحد الثلاثة المفاوضات، فمن المرجح أن يتم طرح النتيجة للتصويت من قبل قاعدة حزبية واحدة أو أكثر، قد تكون العملية طويلة.
صعوبات محتملة في تشكيل الائتلاف الحكومي القادم
من المرجح أن يتصادم برنامج FDP والخضر بشأن الإصلاح الضريبي، ومجموعة من القضايا المتعلقة بالمناخ- من آليات أسعار الطاقة وثاني أكسيد الكربون إلى الأساليب التقنية مقابل الأساليب التنظيمية- والسياسات المالية، مثل الإعفاء من الديون ومنطقة اليورو. حتى لو توصلا إلى حل وسط في المفاوضات، فقد ينحصر كلاهما في معركة مستمرة في الحكومة. ومن المرجح أن يدفع الحزب الديمقراطي الاشتراكي والخضر من أجل قواعد ديون أكثر مرونة ويدعم كلاهما تحويل صندوق «أجيال أوروبا القادمة» إلى آلية أكثر ديمومة.
سياسات ألمانيا الخارجية بعد ميركل
وفيما يتعلق بالسياسة التجارية للاتحاد الأوروبي، سوف تهدأ القيادة الألمانية تحت تأثير الحزب الديمقراطي الاشتراكي- الأخضر، ومن غير المرجح أن يختار الحزب الديمقراطي الحر ذلك باعتباره معركته. وسيظل الثلاثة داعمين على نطاق واسع للشراكة القوية عبر الأطلسي في الخطاب. من الناحية الجوهرية، قد يثير الموقف اللين للحزب الاشتراكي الديمقراطي وتذبذب الحزب الديمقراطي الحر في بعض الأحيان تجاه روسيا- وكذلك أسئلة الحزب الديمقراطي الاشتراكي والأخضر حول المشاركة النووية داخل الناتو- مخاوف في واشنطن. ومع ذلك، تشير برامج الأطراف الثلاثة إلى مواقف أكثر تشددًا بشأن الصين.
ومن المرجح أن تشهد بروكسل المزيد مما حدث في سنوات ميركل باستثناء سياسات المناخ، من غير المرجح أن يدفع الخضر من خلال مبادرات أو إصلاحات رئيسية على مستوى الاتحاد الأوروبي ضد ثقل شريكين في الوضع الراهن. بالنسبة لواشنطن، يمكن أن يكون تحالف «جامايكا» (المسيحي الديمقراطيCDU أسود، الخضر، أخضر، والحزب الديمقراطي FDP اللون الأصفر). حيث يجلب الخضر موقفًا متشددًا مرحبًا به تجاه روسيا والصين، بينما من المرجح أن يتم تجاوز مواقفهم الحاسمة بشأن الإنفاق الدفاعي من قبل الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر.
يعتقد بعض المراقبين، عندما يتم تحديد خليفة أنجيلا ميركل في أعقاب نتائج انتخابات يوم 26 سبتمبر 2021 والتي أشارت فيها النتائج الأولية إلى تقدم شولتز من الحزب الاشتراكي، سيكون هذا الشخص أول شخص جديد يشغل أقوى منصب منتخب في أوروبا منذ 16 عامًا.
تنافس تاريخي على خلافة أنجيلا ميركل في الانتخابات الأكثر إثارة منذ 2005
ألمانيا هي القوة الاقتصادية الأولى في الاتحاد الأوروبي
إن مجرد تغيير القيادة سيكون بمثابة صدمة للقارة بأكملها، كون ألمانيا هي القوة الاقتصادية الأولى في الاتحاد الأوروبي على الرغم من أن فرنسا تعتبر نفسها على قدم المساواة من الناحية السياسية. وتم استخدام هذه القوة بشكل عام مع مراعاة المصالح الأوروبية الأوسع، أو بالأحرى، تم الخلط بين المصلحتين. لقد جعلت ثقافة التكفير عن الماضي الألماني، أن تلتزم ألمانيا بشكل خاص بالمهمة التأسيسية للاتحاد الأوروبي- السلام والازدهار من خلال التكامل عبر الحدود. بالنسبة للأعضاء الأصغر حجمًا في القارة، كان هذا يبدو أحيانًا وكأنه تكامل وفقًا لشروط تمليها برلين، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتقشف الميزانية. التضامن الأوروبي هو مفتاح السياسة الخارجية الألمانية، لكن النفور من الدين العام هو عقيدتها الاقتصادية المقدسة وقد أدى ذلك إلى دبلوماسية غير مريحة داخل منطقة اليورو.
وقد شهد العقد الماضي تضرر الاتحاد الأوروبي من منطقة اليورو وأزمات الهجرة، بالإضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورئاسة ترامب. ويشير كتاب حديث للأكاديميين ينس شتيفيك وليوني هولثوس، بعنوان «البروسيون والنازيون والسلام»، إلى معضلة ألمانيا المتمثلة في دفعها إلى «دور قيادي دولي» بينما لا تسعى بنشاط إلى دور.
بالنسبة لفرنسا، تهدف خطة التعافي التي تم الاتفاق عليها في عام 2020 إلى فتح حقبة جديدة للاستثمارات الاقتصادية والتضامن في الاتحاد الأوروبي. في حين أن جائحة الفيروس التاجي دفع الدول الأعضاء إلى تخفيف قواعد ميثاق الاستقرار والنمو والسماح باستثمارات عامة ضخمة من أجل تعزيز القدرة التنافسية، كانت فرنسا واضحة في أن التجربة لا ينبغي أن تكون «صفقة لمرة واحدة». لا يتفق الكثيرون في ألمانيا، خاصة بين الديمقراطيين الأحرار وأجزاء من الديمقراطيين المسيحيين. لذلك فإن تشكيل الائتلاف الحاكم المقبل سيؤثر بشكل مباشر على مستقبل هذا الإصلاح الاقتصادي.
تحدي الصين
التطلع إلى الاستثمار في الاتحاد الأوروبي وتحدي الصين على المدى القصير، يشعر فرنسا بالقلق في المقام الأول من أن الحكومة الألمانية الجديدة لن تتشكل بسرعة. من شأن المفاوضات التي استمرت لأشهر للوصول إلى تحالف، كما حدث في عام 2017، أن تعرقل جدول أعمال فرنسا الطموح لرئاستها المقبلة لمجلس الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، فإن وجود مستشار جديد في برلين بتفويض واضح بحلول شهر يناير (كانون الثاني) هو الأمل الأول للحكومة الفرنسية، والتي تهدف إلى إظهار أن الاتحاد الأوروبي يمكنه بدء وتنفيذ إصلاحات مهمة.
من منظور السياسة، سيؤثر تكوين الحكومة الألمانية المقبلة على معظم أولويات السياسة الخارجية والأوروبية لفرنسا. من تغير المناخ إلى التحول الرقمي والأمن والهجرة، تدرك باريس أن دعم برلين أو معارضة أجندتها يعد أحد أهم المتغيرات. قد يكون نفوذ ألمانيا حاسمًا بشكل خاص فيما يتعلق بخطة الاتحاد الأوروبي للتعافي وإعادة تحديد العلاقة بين أوروبا والصين.
من المحتمل أيضًا أن تكون ألمانيا أهم عامل لمستقبل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الصين، في حين أن فرنسا راضية حاليًا عن نهج الشريك- المنافس- الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي، فإن الاستجابة الأكثر قوة للإجراءات الاقتصادية والأمنية الصينية هي التحدي الاكبر.
ومن المرجح أن يدفع حزب الخضر الاتحاد الأوروبي لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في بكين وتأثيرها السياسي، ويسعى إلى التعاون مع فرنسا في هذا الصدد. الأطراف الأخرى التي قد تفضل نهجًا أكثر ليونة تجاه الصين ستجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لفرنسا لتحقيق مزيد من المواقع الاستراتيجية على مستوى الاتحاد الأوروبي.
بات متوقعا أن تكون نتيجة انتخابات 26 سبتمبر 2021، منعطفا تاريخيا في سجل المانيا، لكن تبقى المانيا تلك الدولة التي تعمل على تعزيز قوتها الأقتصادية، وزيادة صادراتها بالتوازي مع الحفاظ على انفاقها العسكري، رغم ضغوطات أميركا والناتو. فلا نتوقع الكثير من التغيرات في سياسة ألمانيا، رغم أن مرشح الحزب الاشتراكي شولتز، أكد على «التغيير» في سياسة ألمانيا.
أما على مستوى دور ألمانيا إقليميا ودوليا في مجالات النزاعات الدولية، فيبدو أن هناك تغيرا نسبيا قليلا جدا للمشاركة دوليا وإقليميا في حل النزاعات الدولية. ودون شك سوف لا تلعب ألمانيا دورا رئيسيا في تلك النزاعات رغم أن فرنسا والولايات المتحدة، تدفع ألمانيا بهذا الاتجاه، وستبقى ألمانيا مقيدة بدستورها دون اتخاذ سياسات جديدة أكثر جرأة. ستبقى ألمانيا هي قاطرة الاتحاد الأوروبي، حتى بعد مغادرة المستشارة الألمانية ميركل.