القاهرة: أكد الخبير الاقتصادي والباحث بالمركز القومي للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتور محمد شادي، في حوار خاص لـ«المجلة»، أن مصر وبرغم جائحة كورونا نجحت في خفض معدل البطالة بمقدار 5.2 نقطة مئوية ليسجل 7.3 في المائة في الربع الثاني من العام 2021، مقارنة بـ12.5 في المائة، في الربع الثاني من العام 2016، وذلك بفضل المشروعات القومية التي أطلقتها مصر، إضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة جائحة كورونا.
وإلى نص الحوار:
* كيف تأثرت البطالة في مصر بالمشروعات القومية التي أطلقتها مصر في الفترة الأخيرة برغم جائحة كورونا؟
- مصر اتخذت خطا للموازنة والمواءمة بين الاقتصاد والصحة، في الوقت الذي أخذت فيه بقية دول العالم إحدى مقاربتين في موضوع معالجة آثار جائحة كورنا: إما أنها فتحت الاقتصاد تماما كما فعلت الهند وهو ما ترتب عليه تفشٍ وبائي ضخم للغاية جعل الهند ثاني أكبر دولة في العالم بها إصابات كورونا، وإما أنها قامت بإغلاق كامل تماما كما فعل الاتحاد الأوروبي»، وهو ما جعل معدلات النمو الاقتصادي تتأثر وتتحول إلى جائحة. ولكن مصر قامت بعمل مقاربة وسط بين الحالتين، حيث اتخذت قرار الإغلاق الجزئي مع الحفاظ على الاقتصاد (رانينج) مع الحفاظ على زخم الاقتصاد، ولذلك لم تظهر لدينا حالات تفشٍ وبائي، كما حدث في الهند، ولم يحدث لدينا تراجع اقتصادي كما حدث في أوروبا، وبالتالي استطعنا الحفاظ على معدلات النمو، وهو ما يعني تحقيق الشركات لأرباح، وهذه الشركات التي تربح تقوم بتشغيل عمال جدد، ومع تشغيل عمال جدد يقل معدل البطالة وهو ما حدث بالضبط. في نفس الوقت الذي ترتفع فيه معدلات البطالة والانكماش في دول أخرى كثيرة، تقل عندنا معدلات البطالة، وهو ما جاء على خلفية اتخاذ مصر خطا وسطا، وهو خيط رفيع جدا بين الإغلاق، والمحافظة على نمو النشاط الاقتصادي، والدولة لا تزال تكمل في نفس الوقت، فمنذ أيام صدر قرار بتحويل مواعيد فتح وإغلاق المحال التجارية إلى المواعيد الشتوية، ومعنى ذلك أننا سوف نبدأ في تقليل عدد ساعات الفتح، تزامنا مع الموجة الرابعة لجائحة كورونا، وبمجرد بدء الموجة الرابعة سوف نشهد إجراءات خفض الوجود في الشارع، وخفض الوجود في المدارس، والجامعات، وغيرها، وتزامنا مع ذلك لدينا حملة ستبدأ الدولة في تنفيذها لتلقيح أكبر عدد من المواطنين، وطلاب المدارس والجامعات، وهكذا. ومعنى ذلك أننا سنكمل نفس الخط وبالأدوات المتاحة لدينا، وتوفير اللقاحات.
عودة الروس تحيي القطاع السياحي المصري وتنعش البورصة
* كيف تأثرت البطالة سلبا بإطلاق المشروعات القومية؟
- المفترض أنه كالمعتاد كان يجب التوقف عن العمل في جميع المشروعات القومية كلها، وهو ما كان سيوقف العمل في الاقتصاد كله، ولكن ما حدث أن مصر استعملت قوتها، وقدرتها على استكمال المشروعات القومية القائمة، والتي استثمرتها استثمارا جيدا في استكمال تشغيلها، لأنه لو تم إيقاف العمل بهذه المشروعات لزادت أعداد العمال المتعطلين عن العمل، ولحدثت عرقلة ضخمة للنمو الاقتصادي، وانكماش واضح، وعمليات تجارية أقل يترتب عليها انكماش في الاقتصاد، وهذا معناه أن الأعمال ستقل، وتخسر، وبالتالي زيادة في معدلات البطالة.
* ما أهم الأنشطة التي جذبت أكبر عدد من المشتغلين، وساهمت في تقليل حجم البطالة؟
- أكبر أنشطة لدينا يمكنهما جذب وتشغيل أكبر عدد من العمال، هما القطاع الزراعي، وقطاع التشييد والبناء، يليهما قطاع السياحة الذي كان متوقفا بشكل إجباري، لكن الدولة حافظت على وجوده بتنشيط السياحة الداخلية، عن طريق منح بعض المؤسسات شهادت الإجراءات الاحترازية في مواجهة كورونا، والمقاربات بالإشراف الصحي وتقليل عدد العاملين، والعزل الداخلي في بعض الفنادق، هذه الإجراءات حققت نتائج كبيرة، وساهمت في عودة الرحلات الروسية لمصر، خاصة مدينتي الغردقة، وشرم الشيخ، إضافة لقيام بريطانيا برفع مصر من القائمة الحمراء، وهو ما ساهم فورا في ارتفاع معدلات الحجز السياحي إلى أكثر من 200 في المائى عن الشهور السابقة.
* ما أهم القطاعات التي ساهمت الدولة في دعمها؟ وما أسباب تعافي مؤشرات سوق العمل رغم الجائحة؟
- الدولة لم تترك قطاعا واحدا دون دعم، ليس فقط عن طريق المساعدات المباشرة، ولكن عن طريق التمويل، فالدولة أعلنت عن مبادرة للبنك المركزي بـ100 مليار دولار لدعم القطاع العقاري، لأن هذا القطاع عندما يكمل بوتيرته الطبيعية فهذا معناه تشغيل قطاع التشييد والبناء، كما أعلنت الدولة عن مبادرة أخرى لدعم المشروعات السياحية التي لا تستطيع دفع أجور ورواتب موظفيها، وأتاحت لهم الحصول على قروض جارية دون فائدة، مع تأخير في السداد لحين انتهاء الجائحة، وفي قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة فقد فتحت الدولة بابا واسعا جدا وأتاحت لهم الحصول على تمويلات بشروط ميسرة، واتجهت الدولة كذلك لجميع القطاعات بما فيها قطاع الزراعة حيث قامت بعمل مبادرتين، هما مبادرتا تبطين الترع والمصارف، لزيادة كمية المحاصيل، ومبادرة التحول من الري بالغمر للري بالتنقيط، بدعم من القطاع المصرفي.