بيروت: قبل أقل من أسبوعين على انطلاق الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، كشفت مفوضية الانتخابات عن تفاصيل المراقبين الدوليين والمحليين المقرّر أن يشاركوا فيها في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأعلنت المتحدثة باسم المفوضية جمانة غلاي أنه تم اعتماد 291 إعلامياً دولياً، كما أن عدد المراقبين الدوليين الذين جرى اعتمادهم وصل إلى 509 مراقبين، من بينهم بعثة الاتحاد الأوروبي التي تضم 274 مراقباً، فضلاً عن 130 مراقباً تابعين للأمم المتحدة.
ولفتت غلاي إلى أن مفوضية الانتخابات ستسمح بإجراءات المراقبة الدولية في أي مركز انتخابي، لافتة إلى وجود تنسيق مع عدد من السفارات العربية والأجنبية والمنظمات الدولية من خلال وزارة الخارجية، من أجل تسهيل مهمة المراقبة الدولية.
كما أشارت غلاي إلى أن عدد 509 مراقبين هو رقم متحرك قابل للزيادة مع الاقتراب من الانتخابات، إذ «ما زالت عملية الاعتماد مستمرة ولم تتوقف». وأضافت أن «مفوضية الانتخابات تزود هؤلاء المراقبين بخارطة انتشار وتوزيع مراكز ومحطات اقتراع في عموم أرجاء العراق، مع توفير الحماية الأمنية لهم في أي مركز أو محطة انتخابية يودون المراقبة فيها».
الرقابة على الانتخابات العراقية
وأكدت أن «هناك 5000 مراقب محلي تم تسجيلهم حتى الآن، ووكلاء الأحزاب والمرشحين وصل عددهم إلى 70 ألف وكيل حزب سياسي، ووجود هؤلاء سيكون في كل مراكز ومحطات الانتخابات وفي عموم العراق، لغرض مراقبة العملية الانتخابية»، مشيرة إلى أن «وجود المراقبين الدوليين، هو لرصد الانتخابات وتقييمها وإضفاء الشفافية عليها».
ولفتت إلى أن «قدوم المراقبين الدوليين يُعدّ ضرورة، لأن هذا ورد في قانون مفوضية الانتخابات»، مبينة أن إحدى مواد القانون تؤكد اعتماد المراقبين الدوليين والمحليين، ووكلاء الأحزاب والإعلاميين».
وفي هذا الصدد، قال رئيس مفوضية الانتخابات الأسبق عادل اللامي لـ«المجلة» أنه «في انتخابات سابقة وصل عدد المراقبين الدوليين إلى أكثر من 900 مراقب، إلا أن ما يميز هذه الانتخابات هو دخول مجلس الأمن على خط الرقابة، من خلال طلب العراق وصدور القرار رقم 2576 من مجلس الأمن، وهذا يعطي نوعا من الجدية والأهمية لعملية الرقابة. لذا قد تخرج الرقابة الدولية هذه المرة عن شكليتها وقد تكون أكثر موضوعية من تقارير الرقابة السابقة».
وأضاف: «وجود عامل جديد دخل على الانتخابات العراقية وهو تغير النظام الانتخابي من النسبي إلى نظام الصوت الواحد غير المتحول، وصغر الدوائر الانتخابية بحيث أصبحت 83 دائرة بعد أن كانت 18 دائرة، سهل عملية الرقابة وعملية السيطرة على مراكز الاقتراع بسبب صغر تلك الدوائر». وتابع: «كما أن وجود المراقبين الدولين يُساعد على اضفاء الشفافية على العملية الانتخابية ولكن ما أتخوف منه هو أن يشوب الانتخابات تزوير منظم أو أحداث دراماتيكية بسبب السلاح المنفلت، وأخشى أن يُصدر مجلس الأمن بناءً على قراره، قرارا جديدا قد يتضرر منه العراق أو قد يسمح بالتدخل بالشأن العراقي مستقبلاً».
ومن ناحيته، قال الخبير الانتخابي عباس الشريفي لـ«المجلة» أن «الرقابة الدولية كانت إحدى مطالب المحتجين في «مظاهرات تشرين»2019 وما بعدها، إلى جانب مطالب أخرى متعلقة بالعملية الانتخابية مثل تغيير مجلس المفوضين وتغيير القانون الانتخابي. ولكن كتقييم حقيقي لعمل المراقبين الدوليين فهم لا يتدخلون في صلب العملية الانتخابية مثل المراقبين المحليين، ورغم ذلك فإن مشاركتهم تعطي إحساسا باطمئنان نسبي إلى بعض المترددين في موضوع المشاركة الانتخابية، وفي ذات الوقت لا يشكل عامل تحفيز أو عامل دفع للمقاطعين بشكل كامل».
ولفت الشريفي إلى أن «هناك نوعين من المراقبة يحتاجها العراق، المراقبة على العملية الإلكترونية في داخل المفوضية والتي أحيطت بشكوك كثيرة في هذا الموضوع. وإذا كانت الرقابة الدولية تتعلق بهذا الشق فيكون ذلك عامل اطمئنان. أما إذا كانت تتعلق بمراقبة مراكز الاقتراع فستكون مراقبة شكلية إذ لا يشكل المراقبون نسبة واحد في الألف من المراكز التي يذهبون إليها».
استبعاد مرشحين
وفي سياق متصل، أعلنت مفوضية الانتخابات عن استبعاد 6 مرشحين، بسبب مخالفة لوائح وضوابط الدعايات الانتخابية.
وكان آخر المستبعدين هو القيادي في تحالف «تقدم»، المرشح عن محافظة صلاح الدين شعلان الكريم، بسبب استغلال أموال الدولة في الدعاية الانتخابية.
ووفقاً للمفوضية، فإن الكريم «خالف أحكام المادتين (10، 11) من نظام الحملات الانتخابية، والذي حظر الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام، واستغلال موارد الدولة، أو وسائلها، أو أجهزتها، لصالح المرشحين».
ورد الكريم على قرار الاستبعاد ببيان قال فيه إن «القرار المجحف الذي صدر من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والقابل للطعن لدى القضاء العراقي العادل، استند إلى أدلة وبراهين مفبركة وغير صحيحة، تم تمريرها على مفوضية الانتخابات بصيغ يشوبها الشك والريبة»، مضيفاً أن «الكلمة الفصل للقضاء العراقي العادل خلال الساعات المقبلة».
مخاوف من التزوير
وفي محاولة لطمأنة العراقيين حيال مخاوف التزوير، أكدّت المفوضية أن «ورقة الاقتراع مشفّرة بالكامل، ولا يمكن استنساخها». وأشارت إلى أنَّ «الشركة التي طبعت ورقة الاقتراع هي الشركة ذاتها التي طبعت العملة العراقية النقدية»، مؤكدة أن «الورقة تضم شيفرات ومواصفات أمنية عالية جداً».
ويرى اللامي أن «الإجراءات الجديدة والقانون الجديد وحجم الدوائر، خصوصا الاهتمام والدعم الحكومي، كل ذلك قطع الطريق على كثير من محاولات التزوير». وأضاف: «كما شهدنا اتخاذ المفوضية قرارات جريئة باستبعاد بعض المرشحين، وعدم ترشح رئيس الوزراء أو تكوين حزب له يعتبرعاملا إضافيا قد يضفي المزيد من الشفافية والمزيد من الاحترام على الانتخابات القادمة كون الحكومة ليس لها يد في التدخل في الانتخابات».
ومن ناحيته، يرى الشريفي أن «عملية التزوير واردة في كل المراحل الانتخابية، ولكن أعتقد أن نسبة التزوير ستكون أقل، إذ إن إجراءات المفوضية في هذا الشأن ممتازة، منها إتلاف البطاقات الإلكترونية التي لم يراجع أصحابها عليها، ومنها سحب البطاقات الإلكترونية لأصحاب التصويت الخاص، ومنها ربط جهاز قارئ البصمات مع جهاز العداد الآلي بكايبل».
نسبة المشاركة في الانتخابات
ووسط مخاوف من نسب مشاركة ضعيفة في الانتخابات البرلمانية العراقية، جرى الحديث عن اقتراح حكومي يتضمن تخصيص مكافآت مالية لكل مواطن يستلم بطاقته الانتخابية المحدثة، في محاولة لضمان أكبر عدد من المشاركين في التصويت.
ويلفت اللامي إلى أن «هذا الاقتراح لا يتسق مع المعايير الانتخابية الحقيقية، فلا يوجد دولة في العالم تدفع أموالا لكي يشارك المواطنون في الانتخابات، وهذه تعتبر رشوة للناخب العراقي». وأضاف: «وفقاً للدستور العراقي، فإن ممارسة العمل السياسي ومنه التصويت والترشح والانتخاب هو عمل طوعي وليس عملا إجباريا. كما أن ذلك يؤثر على الرأي العام».
وتابع اللامي: «كما أتحفظ على قرار المفوضية باحتساب نسبة المشاركة من خلال احتساب عدد الأصوات الصحيحة نسبةً إلى حاملي البطاقة الانتخابية، إذ إن ذلك يجافي المنطق وهو يحد من حق الشعب العراقي في التعبير الجماعي عن رأيه. فالمواطنون الذين لا يستلمون البطاقة الانتخابية ولا يشاركون في التسجيل ولا يشاركون في الانتخابات هم بذلك يعبرون عن موقف، وهذا الموقف قد يكون موقفا لامباليا بالانتخابات وقد يكون موقفا سياسيا رافضا للعملية السياسية. لذا لا يجوز للمفوضية أن تدعو الناخبين للمشاركة في العملية الانتخابية لأنها بذلك تكون قد اصطفت مع الجهة السياسية المؤيدة للعملية السياسية وخالفت مبدأ الحياد».
أما الشريفي فيؤكد أن «هذه الخطوة هي جزء من التحفيز على المشاركة، وهي تدل على أن ثمة تخوفا كبيرا من نسبة مقاطعة عالية. ونحن كشبكات مراقبة انتخابية نحفز على المشاركة الإيجابية والحصول على البطاقة الانتخابية وعلى أن يكون المواطن قادرا على ممارسة حقه، ثم في خطوة لاحقة هو يقرر أن يمارس حقه في الرفض أو المشاركة الإيجابية».
الاقتراع في الخارج
وكانت المفوضية قد قررت إلغاء تصويت المواطنين المقيمين في الخارج. وفي هذا السياق، يُشير اللامي إلى أنه «في عام 2005 كنا أول من أجرى الانتخابات في الخارج، وكان عدد الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات من خارج العراق أكثر من 3 ملايين ونصف المليون ناخب في حين شارك منهم فقط 275 ألف ناخب، وهذا يعني أن الناخب الواحد كلف المفوضية ما يقارب 200 دولار، وهذا مبلغ مبالغ فيه».
كما لفت إلى أن «العديد من دول العالم لا تسمح بالتصويت لمواطني الخارج لأنهم مواطنون مزدوجو الجنسية أو مقيمون بشكل نهائي في الخارج، وتقيمها فقط للبعثات الدبلوماسية. كما أن انتخابات الخارج لم تُضبط لغاية الآن وبالتالي أنا مع إلغائها».
وبدوره، رأى الشريفي أنه «من حيث المبدأ، يجب البحث فيما إذا كانت المفوضية قادرة على إقامة انتخابات نزيهة في الخارج، وأجزم أنه لا يمكنها ذلك من الناحية الفنية؛ إذ إنه في الوقت الضيق الذي أتيح لها للإعداد للعملية الانتخابية لا يمكن لها أن تقيم انتخابات في الخارج، بالإضافة إلى كلفتها العالية جداً مثل ما حصل في الانتخابات الأخيرة حيث كانت كلفتها عشرة أضعاف التصويت للناخب العراقي داخل البلاد».