في الآونة الأخيرة، أثارالنظام الإيراني وعملاؤه ومرتزقته في لبنان جدلًا كبيرًا وزوبعة حول نقل الوقود إلى لبنان.
من ناحية أخرى، وعلی الصعید الداخلي، أعلن وزير النفط الجديد للنظام: «إننا قلقون من تزويد الناس بوقود في شتاء هذا العام». وبدلاً من الحلول العملية لهذه المشكلة، دعا الوزير إلى أقصى تعاون من الأصدقاء. عندما يتحدث الوزير عن تعاون الناس، فهو يقصد أن الناس لا ينبغي أن يستهلكوا الكهرباء. وهکذا يمهد الطريق لانقطاع التيار الكهربائي في فصل الشتاء کل هذا یحدث في حین یدعي حکم الملالي حل مشكلة الوقود في لبنان وبناء محطة كهرباء هناك.
قال محمد جواد فيروزنيا، سفير الملالي في لبنان، في مقابلة صحافیة: «الجمهورية الإسلامية مستعدة لبناء محطة كهرباء في لبنان».
إقرأ لنفس الكاتب:
طهران تسرّع مع رئيسي سباقها النووي
وهذا یعني إهدار ثروات البلد علی حساب الشعب الإيراني، بينما في الوضع الحالي تسبب انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في مشاكل خطيرة لحياة وأعمال الشعب الإيراني، وبدلاً من حل مشكلة الكهرباء وبناء محطة كهرباء في إيران، فإن وزارة الطاقة توفر جداول انقطاع التيار الكهربائي.
إذا ما دققنا في التصرف الأخرق والمشبوه الذي أقدم عليه النظام الإيراني بإرسال شاحنات الوقود إلى لبنان وسوريا، فإنه ومن جانب يعتبر تأکيدا على تمادي هذا النظام في الإيغال بمعاداة شعبه، ومن جانب آخر يعتبر بمثابة تدخل في الشأن اللبناني، حيث قال رئيس وزراء لبنان، نجيب ميقاتي، إن شحنات الوقود الإيرانية التي أدخلها حزب الله إلى البلاد «انتهاك لسيادة لبنان»، وذلك وفق تصريحات نشرها مكتبه على «تويتر». ونقل المكتب عن رئيس الوزراء قوله في مقابلة مع شبكة أخبار «سي إن إن» إنه حزين على انتهاك سيادة لبنان. لكنه أضاف: «ليس لدي خوف من عقوبات عليه، لأن العملية تمت في معزل عن الحكومة اللبنانية».
بالعودة إلی إیران يعطل انقطاع التيار الكهربائي المستمر حياة الناس اليومية ويزيد من عدد ضحايا فيروس كورونا، حيث تتوقف آلات الأكسجين عن العمل حیث تصل الإحصائیة الرسمیة لعدد وفيات کورونا ما یقارب 120 ألفا، والعدد المعلن من قبل مجاهدي خلق یتجاوز عدد الضحایا 435 ألفا.
أقرت صحيفة «جهان صنعت» الحكومية مؤخراً: «وفقًا لتصريحات الدكتور حميد عمادي، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى الخميني هذه الأيام، فإن انقطاع التيار الكهربائي أصاب المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بفيروس كورونا بمشاكل رئوية حادة. هذا لأن أحد العلاجات الأساسية لهؤلاء المرضى هو استخدام جهاز الأكسجين».
بالإضافة إلى تفشي فيروس كورونا، واجه الناس أوقاتًا صعبة خلال الصيف بسبب شدة الحرارة. يعود انقطاع التيار الكهربائي المستمر في إيران إلى عدة عوامل:
يستهلك النظام الكثير من كهرباء إيران لاستخراج العملات المشفرة.
يقوم النظام بتصدير الكهرباء للخارج للحصول على الأموال.
يدعي النظام أنه لا يوجد لديه وقود كاف لمحطات الطاقة، لذلك يجب أن يستخدم زيت الوقود، وهو مادة شديدة التلويث للبيئة، أو يجب أن يتحمل الناس انقطاع التيار الكهربائي.
يشحن نظام الملالي الوقود إلى لبنان مع اقتراب فصلي الخريف والشتاء، مما يترك الشعب الإيراني يعاني من البرد مثل الشتاء الماضي، کما حدث في يناير (كانون الثاني) الماضي، حیث شهدت ثماني محافظات انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع ومتكرر. وامتد انقطاع التيار الكهربائي إلى سبع محافظات أخرى، هي كيلان، والبرز، وخراسان رضوي، ومَركَزي، وسمنان، وقُم، وأردبيل.
هذه الخطوة المثيرة للشبهة تذکرنا مرة أخرى بما دأب عليه هذا النظام من جعل مقدرات وإمکانيات الشعب الايراني في خدمة حلفائه من جبهة التطرف والإرهاب، ولعل قيام هذا النظام بإرسال أکثر من 10 مليارات دولار إلى حزب الله بعد حرب صيف 2006، مع إسرائيل والتي تسبب في اندلاعها هذا الحزب العميل، علما بأن الشعب الإيراني وفي ذلك الوقت کان أحوج ما يکون لذلك المبلغ، هذا ناهيك عن مساعداته السخية المشبوهة الأخرى لنظام الجزار بشار الأسد ولعصابة الحوثيين في اليمن وأذرعه العميلة في العراق.
هذا السخاء المفتعل والمتصنع للنظام الإيراني والذي يقوم به في عز الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الشعب الإيراني فإنه ليس کرما من جانب هذا النظام إطلاقا، بل إنه على حساب أوضاع الشعب الإيراني وعلى أوضاعه المعيشية الوخيمة، واللافت للنظر أن هذه الخطوة تأتي بعد کل تلك الوعود المعسولة التي قدمها إبراهيم رئيسي عشية فوزه المشبوه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي قام خامنئي نفسه بهندستها وهو ما يثبت کذب وخواء تلك الوعود من الأساس، إذ إن هذا النظام قد تعوّد على ممارسة الکذب والخداع مع الشعب الإيراني والمجازفة والمغامرة على حساب أوضاعه المعيشية.
النظام الإيراني الذي يواجه الکثير من المشاکل والأزمات فإنه وبإقدامه على هذه الخطوة التي لا يمکن أن تفسر بشيء سوى أنها خطوة لا يمکن أبدا أن تصب في خدمة شعبي لبنان وسوريا. وقبل ذلك فإنها ليست إطلاقا في خدمة الشعب الإيراني، بل وحتى إنها تلحق به الضرر أکثر فأکثر، وأن هذا النظام لو کان حقا يريد أن يکون سخيا ويمد يد المساعدة والعون للآخرين فليفعل ذلك من المال الذي نهبه قادته ومسٶولون من ثروات الشعب الإيراني، ولا يعودون مرة أخرى لتقديم مساعدات على حساب الشعب الإيراني وأن الأخير أولى بالمساعدات، خصوصا وقد أوصله هذا النظام إلى أسوأ الحال!
فلذا عندما يشهد الشعب الإيراني كيف ينهب النظام ثروته الوطنية ویصرف لعملائه ويتركه في حالة من الفقر وغيرها من الأزمات الأخرى، تزداد كراهيتهم للنظام، وهذا هو أحد الأسباب التي یؤکد الشعب الإيراني خلال الاحتجاجات، مرات عديدة أنه «لا غزة ولا لبنان، حياتي فقط من أجل إيران»، متحدياً سياسات النظام لإثارة الحرب.
* عضو في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانیة