أعلن وزير العدل والشؤون الإسلامية البحريني، الشيخ خالد بن علي آل خليفة، أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية بلغت 52.6 في المائة، بينما بلغت نسبة المقاطعة 16 في المائة، مؤكدا أن هذه النسبة من المشاركة عكست موقفا وطنيا مشرفا، لأن البحرينيين توجهوا إلى صناديق الانتخاب ليقرروا بوصلة العمل السياسي في المرحلة المقبلة، أما الذين أرهبوهم فهم أناس فقدوا بوصلتهم.
وشدد على أن كل عمليات الترهيب بالقوة وبالفتاوى واستغلال الدين لم تؤثر على الانتخابات إلا بمقدار 15.4 في المائة فقط، هي الفارق بين المشاركة في انتخابات 2010 التي بلغت 67.5 في المائة وانتخابات 2014، هذا هو حجم دعوات المقاطعة والترهيب، من تيار أثبت أنه بعد 4 سنوات غير قادر على فهم الشارع السياسي أو قيادته، وأنه كان وما زال يحاول استخدام الناس كأداة في يده، وهذا ما رفضه البحرينيون عندما تحدوا دعوات المقاطعة وقرروا المشاركة في الانتخابات.
وأكد زير العدل كذلك ما ورد في تصريح سابق لوزير الديوان الملكي مفاده أن «عمليات ترهيب وفتاوى دينية بعضها من خارج الحدود فشلت في تصفير صناديق الاقتراع»، واصفا دعوات المقاطعة بأنها كانت دافعا للتصويت. ولفت إلى أن مشاركة النساء والشباب غالبا تكون إيجابية وأن لهم دورا كبيرا جدا في العملية الانتخابية وفي الشأن السياسي في البحرين، مضيفا: «إننا نعول كثيرا على الشباب، فهناك محك رئيسي والبحرين تواجه تحديا كبيرا، وشباب البحرين ونساؤها يفهمون هذا الأمر جيدا».
وقامت السلطات البحرينية بإجراءات تنظيمية ولوجيستية على غاية كبيرة من الفاعلية لمنع التشويش على الانتخابات، في ظل سعي ما سمي بالمعارضة إلى بث البلبلة على البحرينيين في استحقاقهم الانتخابي.
تراجع المعارضة
ويرى متابعون أن البحرين كسبت معركة الانتخابات ضد المعارضة الشيعية التي راهنت على إفشالها من خلال إعلان مقاطعتها، ولجأت إلى أعمال عنف محدودة لثني بعض الشخصيات عن الترشح للانتخابات من خلال الاعتداء على ممتلكاتها وتهديدها في أمنها وسلامتها الجسدية.
وأكد هؤلاء أن الإقبال الشعبي على الاقتراع يعطي مؤشرا واضحا بالأرقام عن الحجم الحقيقي للمعارضة ومقدار شعبيتها الضعيفة، وسيكون بمثابة منعرج حاسم في مسارها، الأمر الذي جعل الحكومة تنقل الحراك الشعبي من الشارع إلى ساحة البرلمان المقبل، خصوصا أن صلاحياته تمتد إلى الموافقة على تشكيل الحكومة وموازنة الدولة.
ووقفت جمعية «الوفاق» الشيعية المتهمة بموالاة إيران والعمل لحسابها وراء الدعوة إلى استفتاء مواز حثت الهيئات الأممية والدولية، بما في ذلك مجلس الأمن، على رعايته يومي 21 و22 من شهر نوفمبر في محاولة للتشويش على الانتخابات، الذي جاء الإعلان عنه بعد أن لاحت علامات قوية على فشل الدعوة التي أصدرتها من قبل لمقاطعة الانتخابات من خلال إقبال كثيف على الترشح لها حتى من داخل الأوساط التي كانت الجمعية تراهن عليها في إنجاح المقاطعة.
حضور نسائي
ويشكل المستقلون النسبة الغالبة من المرشحين للانتخابات، بينما خاض نحو 29 مرشحا فقط من بين 419 مرشحا الانتخابات ممثلين عن الجمعيات السياسة. ومن أبرز الجمعيات المشاركة في الانتخابات جمعية الأصالة التي تمثل التيار السلفي، والمنبر الإسلامي (إخوان مسلمون)، وتجمع الوحدة الوطنية، وشكلت النساء نسبة مقدرة وسط المرشحين.
هذا وقد شهدت الانتخابات الحالية تراجع شعبية الجمعيات السياسية التقليدية من خلال النتائج المعلنة وسقوط عدد من النواب السابقين، وقال المرشح النيابي يوسف الحمدان لـ«المجلة» إن الشارع البحريني ما عاد يثق في برامج الجمعيات التي احتكرت المشهد السياسي لسنوات كثيرة وفشلت في قيادته، الأمر الذي جعل كثيرا من المستقلين يتقدمون المشهد الانتخابي.
ورصدت «المجلة» تراجع وسائل الإعلان التقليدية والاستعاضة عنها بوسائل حديثة (وسائل التواصل الحديثة)، الأمر الذي جعل منها وسائل حاسمة في خروج الكثير من مرشحي الجمعيات التقليدية، خصوصا في ظل تقدم عدد من الوجوه الشابة وتقديم برامج انتخابية بعيدا عن التقليدية أو الوعود الانتخابية الزائفة.
وأسدلت اللجنة العليا للإشراف على سلامة الانتخابات الستار على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، معلنة فوز 6 مرشحين نيابيين، 4 منهم مستقلون واثنان تابعان لجمعية الأصالة الإسلامية السلفية.
سقوط وجوه قديمة
ولم تحصل جمعية المنبر الإسلامي ممثل تيار «الإخوان المسلمين» في البحرين على أي مقعد نيابي في الجولة الأولى، كما هي الحال مع جمعيات «ائتلاف الفاتح»، بينما يتجه المستقلون لحصد المزيد من المقاعد في الجولة الثانية.
ومن المقرر أن تجرى إعادة الانتخابات السبت التاسع والعشرين من فبراير (شباط) في 34 دائرة نيابية و31 دائرة بلدية. وفي الانتخابات البلدية تمكنت المرشحة بدور بن رجب في المحافظة الشمالية من الفوز بمقعد بلدي، إلى جانب 8 مرشحين من الرجال، بينما تنتظر 6 نساء جولة الإعادة.
إلى ذلك، أعلن رئيس هيئة التشريع والإفتاء القانوني المدير التنفيذي للانتخابات النيابية والبلدية، المستشار عبد الله البوعينين، أن إجمالي المشاركين في الانتخابات النيابية بلغ 183,936 ألف ناخب، أي بنسبة نهائية بلغت 52.6 في المائة، وأن نسبة المشاركة النهائية في الانتخابات البلدية بلغت 59.1 في المائة، وهي نسبة تعكس مشاركة 153,780 ألف ناخب. كما أشار إلى أن إجمالي نسبة الذكور من المشاركين في العملية الانتخابية قد بلغت 53.59 في المائة، وكانت نسبة مشاركة الإناث 46.41 في المائة.
وتابع: «بلغ عدد الناخبين الذين شاركوا في العملية الانتخابية لأول مرة إثر بلوغهم السن القانونية لمباشرة حقوقهم السياسية، أي 20 سنة، ما قدره 49,553 ألف ناخب، أي بنسبة 48.02 في المائة من أصل 349,713 ألف ناخب يشكلون في مجملهم الكتلة الناخبة لانتخابات 2014».
تاريخ برلماني
وقد شهد تاريخ البحرين 3 دورات انتخابية بدأت في 2002 ثم 2006 وانتهت في 2010، واختلفت نتائج التصويت من مرحلة إلى أخرى، بالإضافة إلى تغيير الوجوه المشاركة والكفاءات ومدى تجاوبها مع مشكلات الناس وحل مشكلاتهم، الأمر الذي يعكس مدى وعي الناخبين بكيفية التعامل مع الانتخابات وخبرة المرشحين في كيفية حصد أصوات الناخبين، بالإضافة إلى مدى براعة الجمعيات السياسية في تحالفاتها من أجل ضمان الأصوات لصالحها.
شهدت البحرين الانتخابات التشريعية الأولى، منذ أكثر من 28 عاما في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2002، إقبالا شديدا في مختلف دوائر المحافظات الجنوبية والوسطى والمحرق، بينما كان التصويت بشكل هادئ في المحافظة الشمالية ومحدود، وفي العاصمة كان متوسطا، حيث رفعت المعارضة شعارات «مقاطعة لغد أفضل».
وتميزت الانتخابات بتطبيق التصويت الإلكتروني للمرة الأولى في الانتخابات والتي أثارت الجدل عند البعض في البداية، وقد بدت المنافسة قوية بين المشاركين الآخرين وتحالفات المعارضة بعد أن قاطعتها في 2002، وخصوصا أن بعض المرشحين السابقين في البرلمان لم يجدوا صدى بين الناس لإخفاقهم مدة 4 سنوات.
وقد تميزت التشكيلة البرلمانية للمجلس بأن غلب عليها الفكر الديني وغياب الليبراليين، بينما حصدت المرأة في انتخابات 2006 مقعدا نيابيا كأول امرأة خليجية تدخل المجلس النيابي ولكن بالتزكية بعد أن انسحب المنافسون لها في الدائرة في اللحظات الأخيرة، وقد اعتبر كثير من الناس أن ذلك يعتبر إجحافا في حق المرأة وطالبوا باستخدام الكوتا لأنه تقدم كثير من السيدات ذوات الكفاءة للترشح في الانتخابات النيابية ولكن لم تحصد المقعد سوى واحدة بالتزكية، وأرجع البعض ذلك إلى عدم ثقة المجتمع بقدرات المرأة وحصولها على الدعم الكافي.
أسفرت نتائج الانتخابات النيابية والبلدية في 23 أكتوبر لعام 2010 عن مجموعة من المفاجآت، ومنها ترشيح كثير من أعضاء المجالس البلدية أنفسهم في النيابية، بالإضافة إلى انسحابات من بعض الدوائر لبعض المرشحين المستقلين في اليوم الأخير لصالح مرشحي الجمعيات مما جعل فوز بعض المرشحين بالتزكية في 5 دوائر مثل فوز المرشح الوفاقي عبد الجليل خليل في رابعة العاصمة ولطيفة القعود في السادسة الجنوبية.
ولقد لوحظ قلة المرشحات السيدات في انتخابات 2010 اللاتي وصلن إلى 9 مرشحات فقط مقارنة بـ2006 واللاتي كان عددهن 18 مرشحة، وأرجع البعض ذلك إلى قلة الدعم للمرأة ماديا ومعنويا من الجمعيات السياسية، وقلة فرص فوزها.
وشهدت الانتخابات النيابية 2010 إقبالا كبيرا وبلغت نسبة المشاركة 67,7 في المائة وسقوط نواب بارزين وصعود آخرين جدد.
صعود المستقلين:
وحصد المستقلون 17 مقعدا نيابيا وهي نتيجة غير متوقعهة مقارنة بـ9 مقاعد في الدورة البرلمانية السابقة، حيث كانت 22 في المائة من قوة المجلس ولكنها ارتفعت إلى 42,5 في المائة من إجمالي المجلس، بنسبة زيادة 95 في المائة عن الدورة السابقة كما تمكنت الوفاق حسم 18 مقعدا من الجلسة الأولى، حيث إنها سحبت 8 من أبرز نوابها السابقين ودفعتهم لمساندة الوجوه الجديدة الشابة رغم تذمر النواب السابقين وترفع الشيخ علي سلمان عن المنصب لرفع الحرج عن الجميع، ولكن في النهاية فإن إرادة الجمعية تم تنفيذها على الجميع.
وفازت جمعية أصالة بـ3 مقاعد، وجمعية المنبر الإسلامي بمقعدين فقط، ليكتمل نصاب المجلس بـ40 مقعدا.