توجه رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، صباح الأحد الماضي، على رأس وفد حكومي رفيع، إلى دولة الكويت، في زيارة رسمية، مؤكداً أهمية الزيارة في رسم خريطة طريق إقليمية.
ووفقاً لبيان أصدره مكتبه الإعلامي، فإن «الكاظمي قبيل مغادرته، أكد أن الزيارة تأتي ضمن مساعي الحكومة لتعزيز التعاون والعلاقات الثنائية مع مختلف الدول، ومنها دولة الكويت، وأنه سيبحث في الزيارة العديد من الملفات الاقتصادية، والسياسية، والطاقة، والاستثمار، وغيرها من الملفات، وتعزيزها بما يخدم مصلحة الشعبين». مضيفاً أن «التباحث مع الكويت ضروري لرسم خريطة طريق إقليمية».
ولفت الكاظمي إلى أن العراق على موعد مع انتخابات مبكرة، وأن الحكومة ملتزمة وعازمة على إجرائها في موعدها المقرر في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وقد هيأت جميع الإجراءات اللازمة من أجل انتخابات نزيهة، وأجواء ملائمة لتكون من أفضل الممارسات الديمقراطية التي يشهدها البلد.
العراق يتطلع لإنشاء منطقة صناعية وتجارية مشتركة مع الكويت
ومن جهته، رحّب أمير دولة الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والوفد المرافق له في الكويت، معربًا عن «تمنياته بتعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين»، وأكد أن «الكويت ستظل مساندًا للعراق وحكومته في مواجهة الكثير من التحديات، والمشاركة في تذليل العقبات؛ من أجل تعزيز أفضل العلاقات، وبما يضمن مصالح شعبي البلدين».
وكان في مقدمة مستقبلي الكاظمي على أرض مطار الكويت الدولي، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء، حيث أُجريت لرئيس الوزراء العراقي مراسم استقبال رسمية، بحضور عدد من مسؤولي البلدين.
الأهمية الاقتصادية للزيارة
ومنذ إعلان العراق انتصاره في معركته ضد تنظيم داعش، أعلنت الكويت تنظيم مؤتمر لإعادة إعمار العراق انتهى بتعهدات قدرها 30 مليار دولار لهذا الغرض.
وكانت الكويت استضافت في عام 2018، مؤتمراً دولياً لتوفير الدعم المالي للعراق تحت ما يسمى «الدول المانحة»، بغية المساعدة في تسريع إعادة إعمار المناطق المحررة.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية العراقية أهمية الزيارة في المجالات الاستثمارية والتعاون التجاري والصناعي المشترك.
وقالت الوزارة في بيان إن «سفير العراق في دولة الكويت المنهل الصافي التقى رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر، وجرى خلال اللقاء التطرق إلى عدد من المواضيع، منها زيارة الكاظمي للكويت».
وبيّن أن «اللقاء عُقد مع رجال الأعمال الكويتيين بغية دخول المستثمرين الكويتيين إلى السوق التجارية العراقية ولعب دور فعال في التنمية المستدامة والاستثمار الصناعي والتجاري، وكذلك مناقشة سبل تنمية التجارة البينية بين البلدين الشقيقين، في ظل وجود رغبة حقيقية في تنمية التعاون الثنائي على مختلف الأصعدة والمجالات».
وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز كلوذا للدراسات باسل حسين في حديث لـ«المجلة» إن «هذه الزيارة تأتي في سياق الانفتاح العراقي على دول الجوار، ومنها الكويت. فقد كانت هناك عدة زيارات للكاظمي تهدف إلى الخروج من العزلة التي حصلت في السنوات الماضية». وأضاف: «هذا الانفتاح العراقي على دول الجوار العربي مهم جداً لكي لا يكون العراق جزيرة معزولة لإيران». وتابع «كما أن الزيارة تأتي في إطار الدعوة للمؤتمر المزمع عقده لدول الجوار».
ولفت حسين إلى أن «خطوة الكاظمي مهمة ولكن يبقى هناك خلل بعدم وجود استدامة، لذا ينبغي أن تكون هذه العلاقة مع الجوار العربي مبنية على أساس مؤسساتي، بمعنى أنه مهما تغيّرت الحكومات العراقية تكون هذه العلاقة متينة، ويمكن إنشاء شبكة مصالح اقتصادية لتعزيزها أكثر».
وختم حسين مشيراً إلى أن «العلاقات مع الكويت هي علاقات مهمة وتاريخية وهناك مصالح مشترك للجانبين».
الانفتاح على المحيط العربي
وبذلك تكون الكويت ثالث دولة خليجية يزورها الكاظمي، بعد أن أجرى، في أبريل (نيسان) الماضي، زيارتين إلى السعودية والإمارات، مما يُشير إلى اهتمامه بتمتين ارتباط العراق بالخليج.
ولا شك أن هذه العلاقات قد ساهمت في تعزيز الموقع الاقتصادي للعراق حيث أُعلن اتفاق سعودي عراقي لتأسيس صندوق مشترك يقدر رأس ماله بثلاثة مليارات دولار.
وذكر بيان سعودي أن «الصندوق يأتي إسهاماً من المملكة لتعزيز الاستثمار في المجالات الاقتصادية في جمهورية العراق بما يعود بالنفع على الاقتصادين السعودي والعراقي، وبمشاركة القطاع الخاص من الجانبين».
واتفق الجانبان على التعاون في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة وتفعيل وتسريع خطة العمل المشتركة، تحت مظلة مجلس التنسيق السعودي العراقي.
موسكو تبدي رغبتها في مراقبة الانتخابات العراقية المبكرة
وفي الإمارات حيث استقبله ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، أعلن عن استثمار مبلغ ثلاثة مليارات دولار في العراق، في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية وخلق فرص جديدة للتعاون والشراكة.
وقال المحلل السياسي رمضان البدران في حديث لـ«المجلة» إن «معظم الجهود التي بذلها الكاظمي تندرج ضمن الجهود الدبلوماسية وليست جهودا سياسية». وأضاف: «الكاظمي لا يتعاطى مع العراق على أنه يعيش أزمة حقيقية ناجمة عن تدخلات إيرانية، وبالتالي اعتبار العراق دولة لا تُعاني من أزمة وتصلح للعب دور دبلوماسي مع الجميع هو مغالطة للواقع». وتابع البدران: «زيارته للكويت ودعوته لعقد مؤتمر حوار لدول الجوار في العراق، هي تحل للجميع أزماته ما عدا العراق إذ إنها تُخفي أزمة وتهديدا في داخل العراق يهدد مستقبله».
وأشار البدران إلى أن «هذا الخطر متمثل بالتدخل الايراني ودعم ميليشيات متمردة على الدولة أثبتت في أكثر من مرة أنها قادرة على تهديد أمن الدولة، وبالتالي تحتاج هذه المليشيات أن يكبح جماحها وإلا ستحول العراق لمصدر تهديد للمنطقة بأكملها». ولفت إلى أن «الانفتاح على الجوار العربي أمر مطلوب جداً ويجب أن ترافقه خطابات سياسية عراقية تُظهر أهميته».
ومن ناحيته، قال الباحث في شؤون العراق والشرق الأوسط أحمد الياسري في حديث لـ«المجلة» إن «الكاظمي يُحاول من خلال هذه الزيارة أن يبني قاعدة استراتيجية، أي أن يبدأ في إنتاج الحلول الداخلية من الخارج، لذلك يحاول دائماً أن ينظم علاقته مع الإقليم ويبني علاقات اقتصادية مع الدول العربية ويُعيد تنظيم العلاقة مع إيران».
وأضاف: «كما أن هذه الزيارة متعلقة بالمؤتمر الإقليمي المرتقب، إذ إن الكويت هي بوابة العراق للدعم الخليجي، فبغداد تحتاج إلى الدعم الخليجي على المستوى الداخلي والخارجي». وأشار الياسري إلى أن «العراق يُحاول أن يكسر الكماشة الإيرانية- التركية باللجوء إلى المحيط العربي».
ويمكن القول إن زيارة الكاظمي للكويت تُشكل جزءا من محاولات التأسيس لعلاقات عراقية جديدة مع المحيط العربي وتعزيز الروابط الاقتصادية مع دول الخليج العربي. وهذا من شأنه أن يقدم الكاظمي بصورة رجل الوفاق القادر على تمتين علاقات بغداد مع الدول العربية.