بيروت: على الرغم من قساوة الظروف التي يعيشها اللبنانيون منذ بداية الأزمة، إلاّ أنّها وصلت في الأسبوع الأخير إلى ذروتها، فاللبناني الذي كان يعتقد أنّها أزمة وستمر عاجلا أم آجلا، أو أن شيئا ما سيحدث ويعيد الأمور إلى طريقها الصحيح لتعود الحياة إلى طبيعتها، بات اليوم في قمّة يأسه ونقمته وخوفه من مستقبل قاتم لن تكون خواتيمه سعيدة.
القطاع الصحي يواجه تهديدات خطيرة
اللبناني يعيش اليوم من «قلّة الموت» بكل ما للكلمة من معنى، فإضافة إلى الغلاء الفاحش، غالبية السلع الأساسية لتأمين حياة خالية من الرفاهية باتت مفقودة من الأسواق، أهمّها الدواء، فالصيدليات التي تستمر بفتح أبوابها أصبحت شبيهة «بدكان» يبيع مستلزمات كمالية، أمّا الأساس أي الدواء بات منتشرا على منصات التواصل الاجتماعي إما كتبرع من مغتربين أو من مواطنين فتحوا صيدلياتهم المنزلية وعرضوا ما تبقى لديهم من أدوية لم يعودوا بحاجة إليها للتبرع بها للأكثر حاجة، وباتت الطريقة الأسهل لأي مريض يحتاج إلى دواء هو طلب النجدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتأمينه. هذا بالنسبة للدواء أمّا في المستشفيات فالوضع مأساوي أكثر، أطباء يهاجرون، ممرضين باتت رواتبهم لا تكفيهم للوصول إلى مكان عملهم، أدوية مفقودة، مولدات بلا مادة المازوت، مناشدات لإنقاذ مرضى على آلات الأوكسيجين، مواطنون على أبواب المستشفيات لا يستطيعون تأمين مبالغ طائلة لتغطية تكلفة استشفائهم، ليتحول لبنان من «مستشفى الشرق الأوسط» إلى مقبرة لأبنائه.
وفي السياق أعربت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي عن «قلقها البالغ» إزاء تأثير أزمة الوقود على خدمات الرعاية الصحية وإمدادات المياه، مشيرة إلى الحاجة الماسة لتجنب وقوع كارثة.
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن «آلاف الأسر معرضة لخطر الوقوع في كارثة إنسانية وذلك لأن نقص الوقود يهدد توفير الخدمات الصحية والمياه في جميع أنحاء البلاد».
وقالت رشدي: «لا يمكن للوضع السيء إلا أن يزداد سوءا ما لم يتم إيجاد حل فوري لهذه الأزمة». وحذرت من أن «المخاطر كبيرة للغاية»، مضيفة أنه «يتعين على جميع الجهات المعنية العمل معا بهدف إيجاد حل».
وتابعت رشدي بالقول إنه «نتيجة لتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، يواجه النظام الصحي تهديدات ملحوظة، تتمثل في محدودية السيولة، ونقص الأدوية، وهجرة الطاقم الطبي».
ودعت رشدي إلى إعطاء الأولوية لإعادة تشغيل محطات إنتاج الطاقة من قبل شركة كهرباء لبنان، واصفة ذلك بالأمر «بالغ الأهمية» لضمان توفر الخدمات الأساسية الضرورية لحياة الناس، على غرار الصحة والمياه. وحذرت من أن نقص الوقود سيعطل عمليات إيصال المساعدات الإنسانية أيضا.
تفاقم الأزمة الغذائية
أمّا بالنسبة للمواد الغذائية فقد استغنى العديد من اللبنانيين على سلع كثيرة كانت أساسية في سفرته اليومية كاللحم والدجاج والأسماك، فبحسب تقرير نشرته الدولية للمعلومات وصلت نسبة الارتفاع في أسعار جميع السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية إلى نسبة 455% منذ نهاية شهر تشرين الثاني 2019 وحتى نهاية شهر تموز الماضي.
وهذا ما رفع من كلفة السلة الغذائية والاستهلاكية لأسرة مؤلفة من 5 أفراد من 450 ألف ليرة شهرياً الى 2.5 مليون ليرة.
وهذا الارتفاع مرده إلى عدة أسباب من أبرزها:
- إرتفاع سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية إزاء الليرة اللبنانية خاصة وأن 85%-90% من السلع الاستهلاكية مستوردة من الخارج.
- ارتفاع أسعار بعض السلع في الخارج نظراً لقلة الإنتاج بسبب الإغلاق نتيجة تفشي كورونا.
- الاحتكار ورغبة التجار بتحقيق المزيد من الأرباح في ظل انعدام الرقابة الحكومية.
وقد اختلفت نسبة الارتفاع بين سلعة وأخرى، وأعددنا اللائحة التالية التي تبين معدلات نسبة الارتفاع:الخبز: 184%، زيت الزيتون: 500%، الزيت النباتي: 131%، السكر: 500%، الأرز: 575%، العدس:475%، الحمص: 600%، الفول: 500%، الطون: 520%، الأسماك: 1,150%، اللحوم: 800%، الدجاج: 566%، البيض: 775%، الألبان والأجبان: 500%، المنظفات: 420%، الكلينكس: 300%.
وهذه السلع والمواد الغذائية جميعها تعتبر من الأساسيات التي يصعب الاستغناء عنها، إلاّ أنّ حدّة الأزمة دفعت بالعديد من المواطنين إلى تغيير عاداتهم الغذائية لتتماشى مع الظروف الضيقة التي يمرون بها.
ووفق الدراسة «يقدر عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان بـ4.3 مليون نسمة فيما تقدر نسبة الفقر بـ55 في المئة من المقيمين أي نحو 2.3 مليون لبناني، منهم نسبة 25 في المئة دون خط الفقر أي 1.075 مليون و30 في المئة فوق خط الفقر أي 1.290 مليون وهؤلاء يكفي دخلهم لتوفير الغداء لكنهم يعانون ظروفاً معيشية صعبة».