الجزائر: النيران التي اشتعلت في غابة عين ميمون في ولاية خنشلة، شمال شرقي الجزائر في الرابع من يوليو (تموز) المنقضي، ألهبت قلوب ملايين الجزائريين والعالم بأكمله جرّاء المشاهد المؤلمة التي تناقلتها حشود مواقع التواصل الاجتماعي تضامنا مع الشعب الجزائري.
الحرائق التي شبهها البعض «وكأنها مشهد من فيلم هوليوودي يتحدث عن نهاية العالم»، ما تزال حتى هذه اللحظة تنتشر دون رأفة لتحصد الأخضر واليابس؛ وتنتشر رائحة الموت في مختلف ربوع الجزائر التي تحولت لصورة تضيئها النيران الملتهبة تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة من قبل في منطقة شمال أفريقيا لتصل حتى حدود البلاد؟
فما السر وراء انتشار اللهيب في مختلف المناطق الجزائرية؟ وهل حقا أن الحرائق مفتعلة؟
اندلعت عشرات الحرائق في أنحاء مناطق الغابات بشمال الجزائر منذ مساء الاثنين، وقالت الحكومة الجزائرية إن حرائق الغابات المستعرة بالبلاد أودت بحياة 42 شخصا، بينهم 25 جنديا تم نشرهم للمساعدة في إخمادها، في حين غطت سحب الدخان الكثيف معظم جبال منطقة القبائل شرقي العاصمة.
وقد نشر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تغريدة على صفحته على «تويتر» نعى فيها عناصر الجيش الذين قضوا خلال عمليات مكافحة الحرائق.
وقال تبون: «ببالغ الحزن والأسى، بلغني نبأ استشهاد 25 فردا من أفراد الجيش الوطني الشعبي، بعد أن نجحوا في إنقاذ أكثر من مائة مواطن من النيران الملتهبة، بجبال بجاية وتيزي وزو. أمام هذا الخطب الجلل، ننحني بخشوع أمام أرواح أبناء الوطن البررة. تعازيّ لكل أسر الشهداء، إنا لله وإنا إليه راجعون».
وقال وزير الداخلية كامل بلجود إن الحرائق متعمدة، دون أن يذكر تفاصيل.
ارتفاع أعداد الضحايا والمتضررين في الساعات الأخيرة بينهم عسكريون ورجال إطفاء ومتطوعون
قالت الحكومة الجزائرية إن حرائق الغابات المستعرة بالبلاد أودت بحياة 68 شخصا، بينهم 28 جنديا، تم نشرهم للمساعدة في إخمادها، في حين غطت سحب الدخان الكثيف معظم جبال منطقة القبائل شرقي العاصمة.
هذا ما أكدته الصحافية الجزائرية زينب زيطة الموجودة بالقرب من منطقة الحريق، لـ«المجلة»، مشيرة إلى أنّه وبالرّغم من تمكن فرق الإطفاء والجيش وآلاف المتطوعين الذين سارعوا من عدة ولايات مجاورة لمساعدة المتضررين في منطقة القبائل لإخماد الحرائق، لكن ما يشاهدونه في أعالي الجبال- كما وصفت زينب- أن النيران تنتقل من مكان لآخر بسرعة رهيبة، وأن النيران تشتعل بشكل سريع باتجاه القرى والبيوت وقد التهمت آلاف الهكتارات من الغابات ومن أشجار الزيتون، وحصدت أرواح ضحايا، منهم من مات حرقا ومن بينهم من لقوا حدفهم اختناقا ومنهم أيضا عدد كبير من المتطوعين ومن رجال الإطفاء والجيش.
وسط الحرائق والفيضانات العالم يترقّب تقرير خبراء المناخ في الأمم المتّحدة
وتؤكد الحصيلة الأولية وفقا لوزارة الداخلية الجزائرية أن 68 ضحية راحوا حتى الآن، من بينهم 28 عسكريا. كما قالت زينب أيضا إن هناك عددا كبيرا من الذين أصيبوا بحروق متفاوتة الخطورة ويتلقون العلاج داخل المستشفيات، من بينهم 16 جنديا أصيبوا بحروق متفاوتة.
كما ذكرت زيطة أن ما تتم مشاهدته حتى الآن من سيارات إسعاف، لا يعلمون حقيقة ما إذا كانت تنقل جثث قتلى أم جرحى إلى المستشفيات المجاورة للغابات المشتعلة.
حرائق تيزي وزو مفتعلة
نتائج التحقيقات والنيابة العامة لم تتحدث حتى اللحظة ولم تتطرق إلى الموضوع، وأن حيثيات الحرائق ما تزال طور التحقيق ولكن ما أكده اليوم رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن صباح اليوم في تيزي وزو أكّد أنّ الحرائق تقف وراءها أيادٍ إجرامية، هذا ما أفادتنا به الصحافية زينب خلال الحوار الذي أجريناه معها.
مقتل الفنان جمال بن إسماعيل جراء الاشتباه فيه وهو يحاول مساعدة الأهالي المتضررين
واضافت زينب أن مقتل الشاب والفنان المعروف جمال بن إسماعيل حدث إثر محاولته مساعدة أهل المنطقة المتضررة من الحرائق، وقد تم إيقافه من طرف قوات الأمن إثر الاشتباه فيه على حد ما صرحت به حتى الآن مديرية الشرطة في تيزي وزو، ولكن الجموع التي كانت غاضبة عندما علمت بخبر توقيف شخص يشتبه فيه قامت باقتحام مركز الشرطة وافتكاك جمال من يد الأمن وإخراجه إلى الساحة العمومية وضربه وإضرام النار في جسده؛ وقد لفظ الفنان الشاب أنفاسه وسط الحشود الغاضبة.
والآن صدر بيان عن قوات العدل الجزائرية أكدت فيه أن ما حدث هو كارثة وجريمة مؤسفة جدا وأن المجرمين الذين قاموا بقتل جمال سوف يلقون عقابهم.
وقالت النيابة إنها قد فتحت تحقيقا جنائيا فيما حدث ليلة أمس وإن هذه الحداثة التي كان ينتظرها العديد لإضرام الفتنة بين منطقة القبائل ومنطقة العرب المحاذية إليهم وإن اصوات العقل تتحدث من داخل مدينة تيزي وزو وتطالب بتسليط أشد العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة الشنعاء.
حرائق تندلع أيضا في الشمال التونسي
اندلع منذ الاثنين الماضى 28 حريقاً ولا يزال 8 منها نشطة حتى الخميس في مناطق جبلية من محافظة جندوبة، في شمال غرب البلاد، وقال المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني معز تريعة لوسائل إعلام تونسية: «بعض جيوب النيران نشطة ولكن غالبية الحرائق تحت السيطرة».
وكان الدفاع المدني التونسي، أكد اليوم الخميس، أن ارتفاع درجات الحرارة أدى لاندلاع حوالي 30 حريقًا في مناطق جبلية متفرقة بشمال وغرب ووسط تونس، حيث تم إجلاء العديد من العائلات.
لكن لا وجود لخسائر بشرية حتى اللحظة، هذا ما أكده لنا معز الدبابي رئيس جمعية الأمن والمواطنة (الحماية المدنية) خلال حوار هاتف مسجل.
تركيا تعلن 5 ولايات تركية مناطق منكوبة جراء حرائق الغابات
رئيس الجمهورية: بعض الحرائق قد تكون مفتعلة
قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، إن بعض الحرائق في تونس مفتعلة، ومن يشعل النيران سيحترق بها، متابعا القول: «البعض يريد حرق الغابات والحقول وقواتنا ستتصدى لهم»، جاء ذلك في خبر عاجل عرضته قناة «سكاى نيوز عربية».
ويقول الدبابي في حواره لـ«المجلة» إن المعطيات التي لديهم والتي يحاولون من خلالها الوصول إلى الطرف الذي كان وراء اندلاع هذه الحرائق التي تزامنت مع عوامل طبيعية قد تكون سببا من الأسباب التي نتجت عنها حرائق تونس، لكن بعض المعطيات تفيد بأن بعض الحرائق اشتعلت في وقت متأخر من الليل فيها تأكيد على أن إمكانية اشتعال اللهيب في المناطق المتضررة لا يرجع لعوامل طبيعة مثل الشمس وفقا لقوله، وتفتح باب الشكوك أمام الجهات المختصة بالتحقيقات في هذا الإطار.
فنلندا تواجه أسوأ حريق غابات منذ خمسين عاماً
حرائق تونس لها علاقة بحرائق الجزائر
ووفقا لمعز الدبابي، فإنه يؤكد أن الحرائق المندلعة في تونس لها علاقة بحرائق الجزائر. انتشار الحرائق كان على الشريط الحدودي بين الجزائر وتونس ولا يخفى أن تونس والجزائر تتشارك نفس الظروف بحكم القرب الحدودي والجغرافي وفقا لتعبيره، والجزائر كانت لديها معلومات شبه مؤكدة على ضلوع أطراف في الحرائق الأخيرة وخاصة بعد المواقف السياسية التي صدرت على الشقيقة الجزائر في ما يخص مساندتها للمسار الثوري في تونس وفقا لتعبيره.