الحركات الإسلامية...وإختزال الإسلام..!!

الحركات الإسلامية...وإختزال الإسلام..!!

[escenic_image id="556472"]

"الإسلام" و"الحركات الإسلامية"...قضية إختلط فيها الكثير ودار حولها جدال واسع منذ مطلع الثمانينات حول مدى تمثيل الحركات الإسلامية للإسلام _ بشتى أنواعها_ والآراء اختلفت ما بين من أعترف منها بأنها ليست متحدثة بإسم الإسلام وما بين جلها التي تعتبر نفسها هي الإسلام والمتحدثة عنه وأن كل ما يصدر عنها يمثل صحيح الدين، وما غيرها يعتبر خارج عنها أو عن "الفهم الصحيح للإسلام"، لا يقتصر الأمر على الحركات السلفية ورؤيتها عن "نقاء العقيدة"، أو حديث الإخوان المسلمين عن "شمولية الإسلام.. دين ودولة.. عقيدة وشريعة" ولا حتى عن مفهوم "القاعدة" للإسلام وتكفير الجميع ومناصبتها العداء للحكام والأنظمة ومن رضي بهم، مروراً بجماعات التكفير والهجرة وحتى "التبليغ".

لقد اختلط الأمر وغالت بعض الحركات الإسلامية في تمثيلها للإسلام أو تمثلها للدين في مفهومها ومناهجها وخطابها الديني وجاء مقال الشيخ "سلمان بن فهد العودة" الداعية والمفكر السعودي عن "الإسلام والحركات لإسلامية" ليحرر بعض هذا الإلتباس وليؤكد أن الإسلام أكبر وأشمل من مفهوم الحركات والجماعات الإسلامية، ليثير نقاشاً واسعاً دارت رحاه بين رموز هذه الجماعات، فمنهم من إتفق مع الشيخ سلمان ومنهم من إتهمه بالإنتكاسة وأنه حاول "ترضية" الأنظمة على حساب الجماعات الإسلامية.

مجلة "المجلة" فتحت نقاشاً حول "الإسلام والحركات الإسلامية" في هذا الملف الذي إستضافت فيه أصحاب رؤى مختلفة، فماذا يقولون؟

----------------------------------------------------------------------

القرنى : يوجد جانب فيها يُمثل الإسلام يقيناً

موقف ومذهب ورأي المسلمين هو حكم الإسلام الذي لا يجوز مخالفته ولا العمل بسواه لا من حاكم ولا من محكوم.

هناك فئة ترى أن الدين _أي دين بما في ذلك الإسلام_ شعائر تعبدية وعلاقة روحية وأن محاولة إقامة أفكار أو مشاريع أو برامج حياتية سواءاً كانت فكرية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية هو تحميل للدين ما لا يحتمل، وإقحام له في غير ميدانه، وأن ذلك لا يتم إلا بقدر من التضليل والمغالطة في سبيل البحث عن المشروعية لدى الجماهير حتى لو لم تكن حقيقية. ولاشك أن هذه الآراء متأثرة بالفلسفة والفكر الغربي في تحديد موقع ووظيفة الدين في منظومة الحياة.

لقد كثر الحديث والنقاش حول مدى تمثيل الحركات والجماعات الإسلامية للإسلام، وهل ذلك أمر صائغ صحيح، وقد إنقسم الناس في ذلك إلى مذاهب شتى يمكن إجمالها في الآتي:

1. أناس لا يرون جواز أن يتحدث أحد باسم الإسلام، أو أن يدّعي تمثيله، وأن جميع الناس مهما كانت مذاهبهم الفكرية وبرامجهم السياسية فهم على مسافة واحدة من الإسلام، وليس لأحد منهم خصوصية في تمثيله أو التحدث باسمه دون الآخرين، وهم ينقسمون في دوافعهم إلى فئتين.

* فئة ترى أن الإسلام المعصوم المقدّس لا يجوز أن يلوّث بإجتهادات البشر أو أخطاءهم أو أهواءهم وأن الإسلام لابد أن يبقى بعيداً عن التجاذبات والإختلافات، وهم بهذا من حيث لا يشعرون أولوا الإسلام إلى مثاليات ومطلقات ليس لها قدر من الواقعية والتطبيق.

* وفئة ترى أن الدين أي دين بما في ذلك الإسلام شعائر تعبدية وعلاقة روحية وأن محاولة إقامة أفكار أو مشاريع أو برامج حياتية سواء كانت فكرية أو سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية هو تحميل للدين ما لا يحتمل وإقحام له في غير ميدانه، وأن ذلك لا يتم إلا بقدر من التضليل والمغالطة في سبيل البحث عن المشروعية لدى الجماهير حتى لو لم تكن حقيقية، ولاشك أن هذه الآراء متأثرة بالفلسفة والفكر الغربي في تحديد موقع ووظيفة الدين في منظومة الحياة.

2. وأناس يرون أن الحركات والجماعات الإسلامية بكل ما تمثله من برامج ومشاريع وأفكار ومناهج إنما هي الإسلام بعصمته وقداسته وقطعيته، وأن كل من يختلف معها إنما هو يرد ويرفض الإسلام، سواءاً كان يقر بمرجعية الإسلام أو        يرفض ذلك.

وكلا المذهبين ينطلق من جهل حقيقي للإسلام ودور العلماء والدعاة والمفكرين في التبشير به والدعوة إليه، وعلاقتهم بالإسلام، وكلا المذهبين يمثلون شريحتين متنافرتين محدودتين بتاريخ وواقع الأمة.

3. الرأي الثالث وهو رأي جمهور علماء ومفكري مذاهب وطوائف الأمة وهم الذين يفرقون بين الإسلام المعصوم وبين المسلم المعرّض للخطأ في فهمه أو علمه، وفي الوقت نفسه يفرقون بين من ينطلق في حركة الحياة ومرجعية الإسلام وفهمه للإسلام وفق المنهج العلمي الشرعي الصحيح الذي دل عليه الكتاب والسنة وعمل به العلماء الراسخون عبر التاريخ ومازالوا، وبين من ينطلق في حياته من مرجعية غير الإسلام أو يفهم الإسلام بأدوات غير علمية ولا شرعية، وكذلك يفرقون بين القطعيات والأصول والظنيات، وبين الأصول والفروع، وبين مسائل الإجماع ومسائل الخلاف ويعتقدون أن  القطعيات والأصول والمجمع عليه لا يحتمل الخلاف وأن موقف ومذهب ورأي المسلمين هو حكم الإسلام الذي لا يجوز مخالفته ولا العمل بسواه لا من حاكم ولا من محكوم.

وعليه فهذا الجانب من برامج الحركات الإسلامية هو الإسلام يقيناً، أما الفروع والظنيات ومسائل الخلاف المعتبر فتعدد الآراء فيها تمثل الإسلام، بل هو خلاف إجتهاد شرعي يصيب ويخطئ بشرط أن يكون ذلك الخلاف قائماً على مرجعية الوحي ووفق المنهج العلمي الشرعي الصحيح وممن يمتلك الأهلية العلمية والأدوات المنهجية والبحثية للإجتهاد.

وبهذا يظهر لنا الفرق بين الموقف الشرعي الصحيح والمواقف المجانبة للصواب، غلواً أو جفاءاً.

عوض القرني - داعية ومفكر إسلامي سعودي

-----------------------------------------------------------------------------------------

الضحيان: هي مثل أي حركة ثقافية لها أهدافها وأطروحاتها التي تختلف معها

وظفت الحركات الإسلامية ذلك التعاطف في إحتكار تمثيل الإسلام وتعميم نظرتها ومشروعها ليكون معبراً عن الإسلام ومشروعاً للإسلام لا للحركة الإسلامية

فالحركات الإسلامية في المحصلة النهائية مثلها مثل كل حركة ثقافية أو سياسية لها أهدافها، ورؤاها، وأطروحاتها التي قد نختلف معها أو نتفق ولكن نظل نحترمها بصفتها مكوناً من مكونات المجتمع والأمة، لا أنها المجتمع أو الأمة.

في بداية القرن العشرين كانت الخلافة العثمانية تطرح نفسها حامية للدين ومعبرة عنه، وحينما تكالبت القوى الأوربية على الدولة العثمانية في مرحلة وصفها  بـ (الرجل المريض) طرح الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد فكرة (الجامعة الإسلامية)، لخلق محتوى ديني يعبر عن الرابطة الجامعة للشعوب المسلمة تحت مظلة الخلافة، ولكن ما لبثت الدولة العثمانية أن سقطت ثم ألغيت الخلافة العثمانية، وقامت على أنقاضها دول وطنية قطرية تحت مظلة الإستعمار الغربي، مع إستبعاد المحتوى الديني للدولة وهنا شعرت النخب المتدينة بفراغ هائل، فلأول مرة في التاريخ الإسلامي يخلو الفضاء الإسلامي من أمرين؛ الأمر الأول: وجود سلطة سياسية جامعة ينضوي تحتها المسلمون؛ إذ لم يخل التاريخ الإسلامي منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم من خليفة شرعي حتى ولو كان بشكل رمزي كما كان أيام المماليك، والأمر الثاني: غياب المشروعية الدينية للسلطات الناشئة، ووقوع الإستعمار الغربي، ومحصل هذين الأمرين غياب إجاكمية الخلافة الجامعة وغياب حاكميه الدين، ومن هنا برزت محاولات إعادة هاتين الحاكمتين.

ومن تلك المحاولات قيام حسن البنا بتأسيس جماعة (الإخوان المسلمون) _وهي الجماعة الأم لمجمل الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي_ ومن أبرز أهداف جماعة (الإخوان المسلمون) إعادة الخلافة الإسلامية؛ وإعادة سلطة الدين على المجتمع ولا يمكن أن تفهم حركة الإخوان والحركات الإسلامية التي خرجت من عباءتها بمعزل عن هذين الهدفين، ومن هنا  اصطبغت كثير من أدبيات الحركات بالشعارات والتعاليم التي تعبر عن هذين الهدفين، وطرحت أدبياتها المعبرة عن تمثيلها للأمة سياسياً ودينياً _إذ هي الوريث الشرعي للخلافة الإسلامية بعد سقوطها_ وساهم في ترسيخ هذا الشعور لدى أتباع تلك الحركات تبني السلطات السياسية في معظم البلدان العربية للمشروع العلماني وإضعاف المؤسسات الدينية التقليدية، مما أدى لغيابها عن قيادة الرأي العام، وهنا طرحت الحركات الإسلامية نفسها بديلاً دينياً عن تلك المؤسسات في الوقت الذي ترى نفسها أنها  بديل سياسي إسلامي عن السلطات العلمانية الحاكمة.

هذا الواقع الذي صنعته ظروف نشأة الدولة الوطنية في عالمنا العربي جعل الخطاب الإسلامي في نظرته للواقع والتاريخ والأحداث يقع أسيراً للأدبيات الحركية، ويتمثل برؤيتها لنفسها من حيث لا يشعر، خاصة بعد أن وقعت الحركات الإسلامية ضحية لعنف السلطات العلمانية الحاكمة مما ولد تعاطفاً جماهيرياً مع تلك الحركات التي _ بدورها_ وظفت ذلك التعاطف في إحتكار تمثيل الإسلام وتعميم نظرتها ومشروعها ليكون معبراً عن الإسلام ومشروعاً للإسلام لا للحركة الإسلامية، ومن هنا  يجب إعادة النظر بهذا التلازم بين الإسلام والحركات الإسلامية، وتفكيك تلك الرؤية التي تخلط بينهما، فالحركات الإسلامية تعبر عن مشروع ديني أو سياسي، له أخطاؤه، ورؤاه، وأهدافه، وذلك كله ليس بالضرورة معبراً عن الإسلام، فقد يلتقي مع الإسلام في جانب من جوانبه أو يتفق مع إجتهاد ديني لأحد المذاهب الإسلامية لكنه بالضرورة ليس هو الإسلام؛ فالخصام مع الحركة الإسلامية ليس خصاماً مع الإسلام والإشتباك معها ليس إشتباكاً مع الإسلام، والتضييق عليها من السلطات الحاكمة _مع شناعته_ ليس تضييقاً على الإسلام.

فالحركات الإسلامية في المحصلة النهائية مثلها مثل كل حركة ثقافية أو سياسية لها أهدافها، ورؤاها، وأطروحاتها التي قد نختلف معها أو نتفق ولكن نظل نحترمها بصفتها مكوناً من مكونات المجتمع والأمة، لا أنها المجتمع أو الأمة.

د.سليمان الضحيان - أكاديمي وكاتب سعودي

---------------------------------------------------------------------

البداية فى الدعوة إلى الإسلام والنهاية فى الدعوة إلى نفسها

فيما بين الحركات والإسلام من إتصال وإنفصال

لا يفهم الجدل المحتدم حول ما بين الحركات الإسلامية وبين الإسلام من إتصال أو إنفصال إلا في سياق الصراع بين هذه الحركات وبين الأنظمة الحاكمة الذي كان في معظمه صراع على أصل الشرعية وأساسها.

كانت أنظمة دولة ما بعد الإستقلال في عالمنا العربي على إستعداد للتنازل عن أي شيء من الميراث التاريخي الإسلامي إلا ما كانت تتمتع به السلطة من شرعية دينية _أقله في مواجهة خصومها_ وأصرت تلك الأنظمة على التمسك بها رغم أنها كانت في مجملها علمانية ذات مشروعات حداثية تقطع مع الخبرة التاريخية الإسلامية أو تصادمها خاصة في جمهوريات ما بعد الثورة والإستقلال.

وفي مواجهة حالة ثورية متصاعدة وطوفان أيدلوجي جارف فزع الإسلاميون _أو معظمهم  لأجل الدقة_ إلى الأيديولوجيا الثورية يتقوون منها بما يحفظهم من الإقتلاع والضياع في مواجهة الأيديولوجيات الثورية ومشروعات التحديث الشمولية والقسرية، فحدث التحول الأخطر في الحالة الإسلامية التي تحول القطاع الأكبر فيها من "الدعوة" العامة إلى "الحركة" الأيديولوجية، وانتقلت أطرها من "الجمعيات" المفتوحة إلى "التنظيمات" المغلقة.

قرر الإسلاميون إذاً مواجهة الأيديولوجيا بنظيرتها، فقابلوا شموليتها وإطلاقيتها بشمولية مماثلة وإطلاقية أشد، وكانت الخطورة أن الأيديولوجية الجديدة كانت دينية، لا تحتاج بأحاديتها ونزوعها للمواجهة والتحدي لكثير من الجهد كي تتجذر وتتقوى. لقد تحولت الإسلامية إلى أيديولوجية ولم يعد يرى الإسلاميون إلا من ثقب التنظيم الحامل لها والمعبر عنها، وضاق ما كان من قبل واسعاً.

وكلما إرتفعت أيديولوجيا الأنظمة الثورية الجديدة كلما خطف بريقها أبصار الإسلاميين فسعوا إلى البناء على منوالها، وكلما تشددت هذه الأيديولوجيا وأوغلت في الإطلاق والشمولية كلما نافستها الأيديولوجيا الإسلامية الناهضة والتي كانت تحمل بداخلها من القوة الذاتية وإمكانات الإنتشار ما لا تحمله غيرها من أيديولوجيات استنبت معظمها في غير أرضه.

لن نفهم سيد قطب ومشروعه إلا كثورة مضادة على الثورة الناصرية التي ملئت الدنيا وشغلت الناس، فالحاكمية كانت المطلق الديني المقابل للمطلق الثوري، وشعاره "وطن المسلم عقيدته" هو الرد الإسلامي على الثورة العربية التي يجب أن تتجاوز الحدود، بالضبط كما كانت الخلافة الإسلامية الطرح المواجهة للوحدة العربية والأكثر بريقاً وإيغالاً في اليوتوبيا!

لكن المشكلة أن الحركات الإسلامية التي بدأت بالدعوة إلى الإسلام إنتهت  _أو معظمها_ إلى الدعوة إلى نفسها؛ لأنها بإختصار صارت الإسلام نفسه ولم تعد تفرق بين الإسلام وبين ما تتصوره عن الإسلام.

أفضل ما يلخص مشكلة العلاقة بين الحركات الإسلامية وبين الإسلام هو ما طرحه المفكر الراحل العظيم عبد الوهاب المسيري عن "الحلولية" والتي تعني بإختصار غياب المسافة بين المقدس وبين غير المقدس بحيث ينتهي الأمر بحلول المقدس في غير المقدس، طرح المسيري _رحمه الله_ قضية الحلولية في مواطن كثيرة ومنها في موضوع التفسيرات الحرفية للقرآن الكريم.

يبدأ المفسر الحرفي عمله كمفسر لكلام الله؛ فيتحول في أثناء ذلك متحدثاً باسم الله وعنه، ثم لا ينتهي إلا كما لو كان الله ذاته تعالى علواً كبيراً... تماماً كما يفعل مفسروا الإعجاز العلمي.

شيئاً من هذا يحدث مع الحركات الإسلامية، فهي تبدأ رحلتها بـ "الدعوة" إلى الله، وهو ما كان يقتضي إنحصار مهمتها في  "البلاغ" و"البيان" و"إقامة الحجة" و"الشهادة لله"، لكنها وما إن تبدأ في تجاوز ذلك حتى يتلبسها إحساس عميق ومتعاظم بأنها مبتعثة لمهمة إلهية إختصها الله وحدها بها وإنتدبها إليها، فتتآكل تدريجياً المسافة الفاصلة بين الدعوة التي تقوم بها وبين الإسلام نفسه، فتصير دعوتها هي الإسلام ومن ثم يصبح نجاحها نجاح للإسلام، ومصلحتها هي مصلحة الإسلام وعليه فمن يختلف معها مختلف مع الإسلام ومن يحاربها فهو يحارب الإسلام...وتبدأ متوالية "الحلولية" التي لا تنتهي إلا حين يقع الحلول التام للإسلام في الحركات التي كانت تدعو إليه فصارت هي نفسه!

مثلاً؛ من يتابع النقاش الواسع الذي شهدته مصر في الشهور الفائتة في الذكرى الثلاثين لمعاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني يمكن أن يقف على جانب من هذه الحلولية، فمن بين الجدل الذي إستدعته الذكرى المشئومة موقف الحركات الإسلامية من الرئيس الراحل أنور السادات الذي وقع الإتفاقية، وقد كان لافتاً فيه أن الحركة الإسلامية بأطيافها كانت الأقل نقداً والأخف وطأة في الموقف من الرئيس السادات، وكان الكلام يبدأ وينتهي بأن السادات يكفيه أن أطلق لهذه الحركات حرية العمل ولم يتعرض لها!

ليس المشكلة في أن تختلف الحركة الإسلامية في تقدير الرجل وتقييم سياساته فتراه أفضل من سابقه أو لاحقه، وليست المشكلة في أن تحفظ هذه الحركات للسادات أنها تمتعت في عهده بحرية الوجود والعمل، لكن مكمن الداء في أن يكون أساس التقييم ومعياره هو موقفه من الحركة الإسلامية؛ إن صلح صلح سائر عمله وإن فسد فسد سائر عمله!

ليس مهماً أي أخطاء وقع فيها السادات أو خطايا إرتكبها؛ ليس مهماً أن سياسة الإنفتاح الذي أحدث أخطر التحولات الإجتماعية في تاريخ مصر الحديث، وليس مهماً القضاء على المكتسبات الإجتماعية لثورة يوليو، كما أنه ليس مهماً إخراج مصر من قيادة العالم العربي أو ارتهانها بالسياسات الأمريكية وليس مهماً أي خطأ فعله السادات طالما إستقام أمره مع الحركة الإسلامية!

فللسادات أن يفعل أي شيء إذا رضيت عنه الحركة الإسلامية  تماماً كما لو كان من أهل بدر الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعل الله اطلع عليهم فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"!

المشكلة ليس في أن تغفر الحركة الإسلامية للرئيس السادات أو تعتبره شهيداً كما إنتهي إلى ذلك مؤخراً بعد أن قتلوه قادة الجماعة الإسلامية قبل أقل من ثلاثة عقود، بل المشكلة في أن الحركة الإسلامية حين تترحم عليه الآن تقول أنه كان خيراً للإسلام من سلفه تماماً كما كانت ترى فيه عدواً للإسلام حين تصدى بعض أبنائها لقتله!

لقد حلّ الإسلام في الحركة الإسلامية ولم تعد تفرّق بينها وبينه أو تسمح بمسافة يتحرك فيها من يخالفونها الرأي وما عاد بإمكانها أن ترى أن ثمة إنفصال بينها وبين الإسلام على الأقل فيما فيه خلاف!

حسام تمام - المشرف على موقع الإسلاميون

font change