بيروت: لم تكن تعرف الشابة اللبنانية وطالبة الحقوق آية الهاشم (19 عاماً)، أنّ «وجودها في المكان الخطأ وفي الوقت الخطأ» في رمضان الماضي سيسلب منها حياتها؛ وهي التي هربت مع عائلتها من لبنان بحثاً عن الأمان.
في 17 مايو (أيار) من العام الماضي، قُتلت آية، التي كانت تقيم مع والديها سمر وإسماعيل، وإخوتها الأصغر سناً، إبراهيم وأسيل وأمير، في بلدة بلاكبيرن الصناعية، بمقاطعة لانكشاير، التي تبعد حوالي 290 كيلومتراً عن لندن.
في تفاصيل الحادثة، أنّه خلال مرورها عن طريق الصدفة بجانب محل لبيع الإطارات، لدى عودتها من السوبرماركت، حصل شجار بين أصحاب شركات لبيع الإطارات، تطوّر إلى إطلاق نار، فأُصيبت الشابة، عن طريق الخطأ، واخترقت الرصاصات المتطايرة جسدها اليافع لتنهي حياتها.
وحصل إطلاق النار بسبب المنافسة بين تاجر الإطارات فيروز سليمان (40 عاماً)، (باكستاني الجنسية) ومنافسه الذي يحمل الجنسية نفسها، السيد خان.
الحكم بالسجن المؤبد للقتلة
وفي آخر التطوّرات، صدر الحكم البريطاني الخميس على قتلتها السبعة بالسجن المؤبد، لما يصل إلى 34 عامًا، بسبب إطلاق نار «فاشل» من سيارة مسرعة.
وقيل إن آية هاشم كانت في «المكان الخطأ في الوقت الخطأ» عندما توفيت في المستشفى، حيث كان فيروز سليمان قد رتّب لقتل صاحب متجر إطارات منافس له، لكن المسلّح المكلّف بالقتل، أطلق النارعلى الفتاة عن طريق الخطأ.
وكان على متن السيارة التي أطلقت النار، أنتوني إنيس (31 عامًا)، والقاتل زامير رجا (33 عامًا)، الذي أطلق طلقته الأولى على النافذة الأمامية للمحل التجاري، فيما أصابت الطلقة الثانية هاشم.
يوم الخميس وفي محكمة بريستون كراون، حُكم على سليمان- الذي خطط لإطلاق النار- بالسجن لمدة لا تقل عن 34 عامًا، وكذلك القاتل رجا، كما صدر الحكم بحق السائق إنيس بالسجن 33 عامًا على الأقل.
وحُكم على الشركاء أياز حسين (36 عاما)، وأبو بكر ساتيا (32 عاما)، وأخيه عثمان ساتيا (29 عاما)، وكاشف منصور (26 عامًا)، بفترات لا تقل عن 32 عامًا و28 عامًا و28 عامًا و27 عامًا على التوالي. أمّا حسين، المعروف بأنّه «اليد اليمنى» لسليمان، فقد عمل كوسيط بين المسلّح رجا وإنيس- اللذين كانا مقيمين في مانشستر. فيما قاد عثمان ساتيا وصديقته جودي تشابمان القتلة بعيدًا عن مكان الحادث.
وتم الحكم على المجموعة، بعد إدانتهم في وقت سابق من هذا الأسبوع، بقتل هاشم ومحاولة قتل السيد خان.
أمّا تشابمان (26 عامًا)، فقد وجد أنه غير مذنب بارتكاب جريمة القتل ومحاولة القتل، ولكنّه اعتبر مذنباً بالقتل غير العمد.
إفادة عائلة هاشم الهاربة من العنف في بلادها
كانت عائلة هاشم قد تركت لبنان هرباً من العنف، وبحثاً عن بلد آمن ومستقر، إلاّ أنّها فجعت بوفاة آية بسبب أعمال العنف أيضاً، لكن في بريطانيا هذه المرة.
وقال إبراهيم هاشم، شقيق آية، إنّه لا يتمنى ألم موت شقيقته على ألد أعدائه، لكنه يأمل في أن «يتعفّن من قتلها في السجن». وتابع: «بغض النظر عن الحكم الصادر بحقهم، ذهبت آية ولن يعيدها شيء. لكنني سعيد لأن الكثير من الناس سيكونون في مأمن من هؤلاء البلطجية؛ فهذا يضمن أنّهم لن يؤذوا أي شخص آخر».
وقالت والدتها إنّ أعمال العنف «قتلت عائلتها بأكملها، وأخذت جزءًا من روحي».
* شقيق آية: «بغض النظر عن الحكم الصادر بحق القتلة، ذهبت آية ولن يعيدها شيء. لكنني سعيد لأن الكثير من الناس سيكونون في مأمن من هؤلاء البلطجية؛ فهذا يضمن أنّهم لن يؤذوا أي شخص آخر».
وتابعت سمر سلامة: «حلم آية هو مساعدة الضحايا والمضطهدين. لقد حلمنا جميعًا بيوم تخرجها. لقد كانت تدرس القانون في جامعة سالفورد؛ أكملت عامها الأول وشاركت في مجلس إدارة جمعية الأطفال، وقد تم تعيينها كأحد الأمناء في الجمعية. كما شاركت في حدث استضافه أحد أعضاء البرلمان حول آثار التنمر عبر الإنترنت على المراهقين».
وأضافت والدة آية: «يوم قُتلت أرسلتها لشراء البقالة خلال شهر رمضان. فكيف أعيش مع الذنب الذي أشعر به؟ لم أكن أعلم في ذلك اليوم أنني لن أرى ابتسامتها الجميلة أو أسمع ضحكاتها الدافئة مرة أخرى. كيف يمكننا أن نواصل الحياة غير الكاملة المليئة بالفراغ والخسارة والألم؟».
وفي المقابل، لفتت رئيسة المباحث زوي روسو إلى أنّ القضية كانت «واحدة من أكثر التحقيقات تعقيدًا وانتشارًا» التي أجرتها شرطة لانكشاير على الإطلاق.
وقالت: «حاولت هذه المجموعة تغطية مساراتها بعدة طرق مختلفة، سواء من ناحية التخلّص من الهواتف المحمولة أو الفرار إلى أوروبا كما فعل اثنان من المجموعة».
وأعربت رئيسة المباحث عن أملها في أن تشعر أسرة هاشم بتحقيق العدالة، وأن يتمكنوا من البدء في إعادة بناء حياتهم.