القاهرة: قال الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية بالقاهرة، إن السعودية ومصر تبنتا حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، انعكست على توفير البيئة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، ودفع عجلة النمو وتعزيز ثقافة الشمول المالي، ما أهلهما لتخطي جائحة فيروس كورنا التي أضرت بالاقتصاد العالمي بأسره. وإلى نص الحوار:
* سجلت الاستثمارات المصرية في المملكة قفزة كبيرة لتصبح في المركز الثاني من حيث المشروعات الجديدة في السعودية، وفق بيانات رسمية مصرية... ما الأسباب؟
- تبنت الحكومة السعودية سلسلة الإصلاحات الضخمة فيما يتعلق بالتشريعات وتهيئة المناخ العام للاستثمار، وفتحت المجال أمام الاستثمار الأجنبي، بحيث تتيح التملّك بنسبة 100 في المائة، مع حوافز كبيرة أخرى تشمل فترة إعفاء ضريبي لعقود، والإعفاء من «السعودة»فيما يتعلق باحتياجات التوظيف الخاصة بها، وهي عناصر جذب للمستثمرين من جميع دول العالم خاصة في ظل وجود «رؤية 2030»الرامية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على القطاع النفطي.
* كيف انعكست الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها المملكة في السنوات الأخيرة على مجال الاستثمار داخلها؟
- بلغة الأرقام، ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بالسعودية، بنسبة 11.3 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، ليبلغ 1.8 مليار دولار، بزيادة 200 مليون دولار عن الربع ذاته من 2020، كما تضاعف الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفاعًا بمقدار 3 مليارات دولار في 2018، ما يعني أن المملكة تجني حاليًا ثمار توفير البيئة الجاذبة والحوافز، ومن المتوقع أن تواصل معدلات الاستثمار النمو في ظل انفتاحها الكبير على الاستثمار الأجنبي وتذليل العقبات في طريقه.
* تحتل مصر حاليًا تقييمًا جيدًا في التقارير الدولية.. هل يعني ذلك أنها تمتلك عناصر جذب الاستثمارات؟
- مصر أصبحت الأولى في جذب الاستثمارات في أفريقيا والثانية عربيًا، بعد برنامج الإصلاح المالي والنقدي والهيكلي، الذي تبنته، والتعديلات التشريعية التي تبنتها خلال السنوات الأخيرة التي كان لها مردود إيجابي، في ضخ الاستثمارات الأجنبية سواء المباشرة أو غير المباشرة وتهيئة بيئة الأعمال.
* ما زال القطاع العقاري جاذبا للاستثمارات الخليجية في مصر.. لماذا؟
- القطاع العقاري استثمار ثابت وطويل الأجل، ولديه جذور في الثقافة العربية تعتبره أكثر أنواع الاستثمارات أمانًا خاصة في أوقات الأزمات. ومصر حاليًا تشهد قفزة غير مسبوقة في القطاع العقاري مع خطط حكومية واعدة لرفع مساحة الرقعة المعمورة من 7 إلى 14 في المائة، بجانب تدشين نحو 12 مدينة جديدة في التوقيت ذاته، كثير منها ينتمي لمدن الجيل الرابع الذكية، لكن العقار يمثل أحد عناصر الاستثمارات السعودية التي تتسم بتنوع المجالات والأنشطة في مصر، ولا تمثل العقارات المكون الرئيسي لها.
* ما الذي يجعل مصر نقطة استقطاب جاذبة للمستثمرين أو بمعنى آخر ما الذي يميز الاستثمار داخلها؟
- بجانب العلاقات الممتدة، تمنح السوق المصرية أعلى عائد في الاستثمار عالميًا خاصة مع استقرار الجنيه المصري وتوافر العملات الأجنبية، وأصبحت أدوات الدين من أفضل الاختيارات بالنسبة للمستثمرين الأجانب الذين يستهدفون الاستثمار في الأسواق الناشئة، حتى إن الحيازات الأجنبية بها في أعلى مستوى لها على الإطلاق عند مستوى 28.5 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي، حتى إن مصر سجلت أعلى عائد حقيقي على مستوى العالم في يونيو (حزيران) 2021 وفقاً لوكالة «بلومبرغ»الأميركية.
* هل توافرت تلك العناصر في الاقتصادين المصري والسعودي، خاصة بعدما مرا باختبار صعب يتمثل في جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي؟
- بالنسبة للاقتصاد المصري، فقد استمر في تحقيق معدل نمو موجب رغم أزمة كورونا بنمو 2.8 في المائة لعام 2020/2021 مقارنة بـ 3.6 في المائة عام 2019/2020 واستهداف نمو يصل إلى 5.4 في المائة خلال العام المالي الجاري 2021/2022، وتراجع معدل البطالة لتسجل 7.9 في المائة عامي 2019 و2020، مقارنة بـ 12.5 في المائة عام 2016، كما هبط دين أجهزة الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 89.8 في المائة في 2020/2021 مقارنة بـ 108 في المائة عام 2016/ 2017.
وبالنسبة للاقتصاد السعودي توقع صندوق النقد، أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الكلي بنسبة 2.4 في المائة. بجانب إشادات بإصلاحات سوق العمل التي تعزز تنافسية وجاذبية السوق، مع نجاح المملكة في خفض معدل البطالة إلى 11.6 في المائة بالربع الأول من 2021، وتسجيل التضخم نسبة 5.8 في المائة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رغم جائحة كورونا.
* شهدت مصر ثباتا في تصنيفها الائتماني خلال عام الجائحة.. ما السبب؟
- مؤسسات التصنيف الدولية «موديز»، و«فيتش»، و«ستاندرد آند بورز»قررت تثبيت التصنيف الائتماني لمصر مع نظرة مستقبلية مستقرة، وأشادت كلها بخفض الدين بنسبة 20 في المائة خلال 3 سنوات، رغم جائحة كورونا، بسبب قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية، فضلًا عن الإدارة الفعالة للدين العام، ووجود قاعدة تمويل محلي عريضة واحتياطي قوي من النقد الأجنبي يناهز 40.5 مليار دولار.
* وماذا عن السعودية؟
- أكدت وكالة التصنيف الائتماني«ستاندرد آند بورز»تصنيفها الائتماني للسعودية عند «A-»مع نظرة مستقبلية مستقرة، بعد الانكماش في عام 2020، بجانب وجود أصول احتياطية سعودية بنحو 453.6 مليار دولار بنهاية 2020، تمثل 68 في المائة من الأصول الاحتياطية لدول مجلس التعاون الخليجي، بجانب تراجع عجز الموازنة إلى 141 مليار ريال، وكلها مؤشرات إيجابية على تعافي الاقتصاد السعودي من كورونا وانطلاق النمو الاقتصادي مجددًا.