بيروت: على الرغم من الإيجابية التي يحاول الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي تعميمها خلال طلاته الإعلامية منذ تكليفه بتشكيل حكومة يوم الاثنين الفائت، إلاّ أنّ التسريبات الإعلامية التي تخرج عقب كلّ لقاء بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون تشي بأنّ شيئا لن يتغير، وأنّ ميقاتي سيلقى مصير أقرانه الذين اعتذروا بعد جولات وصولات مع رئيس الجمهورية الذي يصرّ على تحصيل أكبر قدر من «المكاسب»في الحكومة العتيدة، وكأن لبنان لا يمرّ بأسوأ أزمة اقتصادية جعلت الشعب اللبناني يصارع يوميا للحصول على أدنى مقومات الحياة الأساسية، ويفشل في الحصول عليها، من استشفاء ودواء وكهرباء ووقود وغذاء...
نجيب ميقاتي الرئيس المكلّف الثالث منذ استقالة رئيس الحكومة حسان دياب، عقب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب)، يؤكد أنّه سيحاول الإسراع بتشكيل الحكومة، ولكن لن تكون قبل الذكرى السنوية لانفجار المرفأ كما أشيع، لكن ما العقبات التي تنتظر ميقاتي؟
تحدّيات ميقاتي
حركة الرئيس ميقاتي ولقاءاته المتكررة مع رئيس الجمهورية تشير إلى حرصه، على التنسيق والتواصل مع الأخير. لكن المسائل العالقة بحسب المعلومات لا تزال على حالها: كيفية توزيع الحقائب، آلية التسمية، وزارتا العدل والداخلية. وفي مقابل الأجواء الإيجابية التي تذيعها القوى المختلفة، تؤكد مصادر متابعة أن الجميع يضع احتمال الفشل نصب عينيه.
ويبدو ميقاتي مستعداً لإجراء زيارة يومية إلى القصر الجمهوري، والاستمرار في التواصل على قاعدة النفس الطويل. وهو يعبّر عن تفاؤله واستعداده للتعاون.
فميقاتي يواجه مهمة صعبة باعترافه «لا أملك عصا سحرية». كما أكّد عقب إعلان تكليفه أن مهمة حكومته الأساسية هي تنفيذ المبادرة الفرنسية، و«بالتعاون مع الرئيس عون نستطيع تشكيل الحكومة التي من مهامها الأولية تنفيذ المبادرة الفرنسية والتي هي لمصلحة لبنان ولمصلحة الاقتصاد اللبناني».
ولكن إذا أراد أن يتماشى مع روحية المبادرة الفرنسية في التوصل إلى تأليف حكومة يدعمها المجتمع الدولي، فيجب أن تكون «حكومة مهمة»إنقاذية من اختصاصيين غير سياسيين. وكي تستطيع مثل تلك الحكومة النجاح يجب أن تتمتع بصلاحيات تشريعية استثنائية.
وماذا عن عقدة «الثلث المعطل»، وهي العقبة الرئيسية التي واجهت الحريري خلال مرحلة تكليفه؟ فالحريري الذي رفض أن تتضمن تشكيلته أي ثلث معطل لأي طرف، كان هناك إصرار من رئيس الجمهورية بالحصول على ثلث معطل على الرغم من نفيه هذا الأمر.
وأيضا من أبرز العقبات التي تواجه ميقاتي تسميته من قبل حزب الله، وهذا الأمر قد لا يخدم ميقاتي كثيراً، وأي تنازل غير محسوب قد يضعه بخانة «حكومة حزب الله». ذلك أن بعض الدول لا زالت على موقفها من الوضع اللبناني، وأي حكومة تتضمن ممثلين لحزب الله لن تحصل على دعم دولي وعربي لبنان بأمسّ الحاجة إليه اليوم.
ماذا بعد 4 أغسطس
أيام قليلة تفصل لبنان عن ذكرى انفجار مرفأ بيروت، الذي أودى بحياة أكثر من 200 ضحية وآلاف الجرحى، وخسائر مادية طالت شريحة واسعة من اللبنانيين الذين لم يستفيقوا حتى اليوم من هول الكارثة التي حلّت عليهم، حتى إنّهم يستجمعون غضبهم لصبه على السلطة الحاكمة في 4 أغسطس (آب) المقبل، في ظل عدم توصل التحقيقات حتى الساعة إلى حقائق يطالب بها اللبنانيون منذ اللحظة الأولى. وتشير المعلومات إلى أن بثّ الأجواء الإيجابية في ملف تشكيل الحكومة هو محاولة لامتصاص غضب اللبنانيين ونقمتهم خلال إحياء ذكرى 4 أغسطس. أمّا ميقاتي الذي يريد «ثقة الشعب»،فتنتظره ألغام كثيرة في الطريق للسراي الحكومي، وربما عليه أن يستفيد من الزخم الداعم المتوفر حالياً، لأن أي مماطلة قد تضعه بنفس النفق المظلم الذي مر به السفير مصطفى أديب، والرئيس السابق سعد الحريري.